جنيف: المفاجأة المتوقعة لفشل المفاوضات وأفق ضبابي

أكّدت الأمم المتّحدة، الإثنين أنّ المعارضة السّوريّة أبلغتها تعليق "مشاركتها الرّسميّة" في المفاوضات غير المباشرة في جنيف، بينها وبين النّظام، احتجاجًا على تدهور الأوضاع الإنسانيّة وانتهاكات اتّفاق وقف إطلاق النّار

جنيف: المفاجأة المتوقعة لفشل المفاوضات وأفق ضبابي

أكّدت الأمم المتّحدة، الإثنين أنّ المعارضة السّوريّة أبلغتها تعليق "مشاركتها الرّسميّة" في المفاوضات غير المباشرة في جنيف، بينها وبين النّظام، احتجاجًا على تدهور الأوضاع الإنسانيّة وانتهاكات اتّفاق وقف إطلاق النّار، بينما جدّدت واشنطن وموسكو إصرارهما على تدعيم هذه الهدنة.

وقال الموفد الدّوليّ الخاصّ إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، الإثنين للصحافيين بعد استقباله وفدًا مصغّرًا من المعارضة "سمعت اليوم من وفد الهيئة العليا للمفاوضات عزمهم تأجيل مشاركتهم الرّسميّة في المقرّ (الأمم المتّحدة) تعبيرًا عن استيائهم وقلقهم من تدهور الأوضاع الإنسانيّة وما آل إليه وقف الأعمال القتاليّة" خصوصًا في محافظة حلب في شمال سورية.

وردًّا على سؤال حول ما إذا كان قرار وفد المعارضة هو "تأجيل أو تعليق" المشاركة، أجاب أنّه الأمر ذاته".

وأوضح دي ميستورا أنّ وفد المعارضة عازم على البقاء في جنيف "وربّما بناءً على اقتراحي، مواصلة النّقاشات التّقنيّة معي ومع فريقي خصوصًا حول المسائل المرتبطة بالقرار 2254 والانتقال السّياسيّ".

ويزيد موقف المعارضة من صعوبة مهمّة دي ميستورا الذي استأنف الأربعاء جولة صعبة من المحادثات غير المباشرة بين ممثّلين للحكومة والمعارضة تتركّز على بحث الانتقال السّياسيّ، لكنها تصطدم بتمسّك الطّرفين بمواقفهما حيال مستقبل الرّئيس السّوريّ، بشّار الأسد.

"إفشال" المحادثات

ومساء الإثنين أعلن المتحدّث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، سالم المسلط أنّ "التّقدّم في أعمال جنيف مرتبط بشكل مباشر بالواقع الذي يواجهه أبناء شعبنا في سورية".

وأضاف أنّه "إذا لم تتحسّن الأوضاع الميدانيّة على الأرض، فإنّها ستؤثّر على تقدّم العمليّة السّياسيّة. لا يمكن السّماح للمحادثات بأن تكون وسيلة يستغلّها النّظام لممارسة العنف".

كما دعا "الأمم المتّحدة والمجتمع الدّوليّ للضغط على نظام الأسد"، مؤكّدًا "نحن لا زلنا موجودين في جنيف وعلى استعداد للانخراط في محادثات جديّة".

بالمقابل، اتّهم رئيس الوفد الحكوميّ السّوريّ إلى محادثات جنيف، بشّار الجعفريّ، كلًّا من السّعوديّة وتركيا وقطر بـ"إفشال" المحادثات، مؤكّدًا في مقابلة تلفزيونيّة أنّ المعارضة "ليست مستقلّة في قرارها السّياسيّ بمعنى أنّ لديها مشغّلين في الخارج، مشغّلين معروفين هم السّعودية وتركيا وقطر".

وكان عضو مفاوض في وفد الهيئة أوضح أنّ "القرار بمطالبة دي ميستورا بتأجيل جولة المفاوضات تمّ اتّخاذه خلال اجتماع الهيئة برئاسة منسّقها العامّ، رياض حجاب ظهر الإثنين"، مشدّدًا على أنّ الطّلب ينصّ "على التّأجيل وليس التّعليق" إفساحًا في المجال لاستئناف المفاوضات لاحقًا "متى تحقّقت الإجراءات المطلوبة".

"مستمرون في المناقشات"

ورغم تصعيد المعارضة، قال دي ميستورا "ننوي في كل الأحوال أن نواصل المناقشات والمشاورات مع كلّ الأطراف في المقرّ (الأمم المتّحدة) أو أيّ مكان آخر" لافتًا إلى أنّ أسلوب المحادثات غير المباشرة يمنحه مرونة لمواصلة اللقاءات، على أن يجري الجمعة تقييمًا لحصيلة مشاوراته.

وتنصّ خارطة الطّريق التي تتّبعها الأمم المتّحدة في المفاوضات على انتقال سياسيّ خلال ستّة أشهر، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات خلال 18 شهرًا، من دون أن تحدّد شكل السّلطة التّنفيذيّة التي ستدير البلاد أو تتطرّق إلى مستقبل الأسد.

وقال دي ميستورا في هذا الصّدد "تعرفون أنّ الجدول الزّمنيّ يحدّد شهر آب/أغسطس لوضع الدّستور الجديد والانتقال السّياسيّ" مضيفًا "لدينا بعض الوقت لكن ليس الكثير".

وأقرّ الموفد الخاصّ بأنّ "كل طرف حتّى اللحظة يصرّ على مواقفه... لكنّ الأمر الجيّد هو أنّ كلًّا منهما يتحدّث عن الانتقال السّياسيّ".

وتتمسّك المعارضة بتشكيل هيئة حكم انتقاليّ كاملة الصّلاحيّات تضمّ ممثّلين للحكومة والمعارضة، مشترطة رحيل الرّئيس السّوريّ قبل بدء المرحلة الانتقاليّة، في حين تعتبر الحكومة أنّ مستقبل الأسد ليس موضع نقاش وتقترح تشكيل حكومة موسّعة.

والتقى دي ميستورا، الإثنين، الوفد الحكوميّ للمرّة الثّانية منذ انطلاق جولة المفاوضات هذه، وتسلّم منه ورقة جديدة تضمّ ملاحظاته على ورقة كان قد وزّعها في ختام الجولة الماضية.

ومساء الإثنين جدّد الجعفري التّأكيد على أنّ "الحكومة الموسّعة هي الهدف الذي نسعى له في جنيف"، مؤكّدًا أنّ مصير الرّئيس الأسد مسألة "لا علاقة لها بأنشطة الوفود، وليست من صلاحيّات جنيف. هذا موضوع سوريّ-سوريّ بحت".

اتصال بوتين أوباما

وشكّلت الانتهاكات المتكرّرة لاتّفاق وقف الأعمال القتاليّة في سورية الذي يستثني تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) وجبهة النّصرة والذي توصّلت إليه في 27 شباط/فبراير موسكو وواشنطن وترعاه الأمم المتّحدة، محور اتّصال بين الرّئيسين الرّوسيّ، فلاديمير بوتين، والأميركيّ، باراك أوباما.

وقال الكرملين أنّ بوتين وأوباما أكّدا خلال الاتّصال "عزمهما على المساعدة في تعزيز وقف إطلاق النّار، وكذلك إيصال المساعدات الإنسانيّة".

وردًّا على تكرار خرق الهدنة، أعلنت فصائل سوريّة مقاتلة، غالبيّتها إسلاميّة بينها "أحرار الشّام" و"جيش الإسلام"، بدء معركة أطلقت عليها اسم "ردّ المظالم".

وتشهد محافظة حلب منذ بداية الشّهر الحاليّ تصعيدًا عسكريًّا زادت حدّته الأسبوع الماضي، وتعدّدت أطرافه بين جهاديّين وقوّات نظام وفصائل مقاتلة وجبهة النّصرة.

وقال قياديّ في "حركة أحرار الشّام" رافضًا كشف اسمه أنّ "الهدنة ولدت ميّتة عند الحركة وغيرها من الفصائل".

التعليقات