حلب ومحيطها: تكثيف الاقتتال يشل ما تبقى من حياة

ويدور حديث عن قصف "جنونيّ" بالبراميل المتفجّرة، لا سيّما على أحياء الكلاسة والسّكري وباب النّيرب، حيث سقط معظم القتلى، في وقت ألغت المساجد صلوات الجمعة وخلت الشّوارع من المارّة.

حلب ومحيطها: تكثيف الاقتتال يشل ما تبقى من حياة

حيث لا شيء سوى الخراب - مخلّفات القصف الجنونيّ للأحياء الشرقيّة بحلب

شهدت مدينة حلب ومحيطها، جولة جديدة من الغارات الكثيفة، شنّتها قوّات النّظام السّوريّ الحاكم، الجمعة، تسبّبت بمقتل 38 مدنيًّا على الأقلّ، قبل ساعات من جلسة طارئة يعقدها مجلس الأمن الدّوليّ لبحث إمكانيّة إلقاء مساعدات إنسانيّة جوًّا للمناطق السّوريّة المحاصرة.

وتزامنًا مع تصدّي الفصائل المعارضة في مدينة مارع، شماليّ حلب لهجوم عنيف شنّه تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) فجرًا، كشف وزير الدّفاع الأميركيّ، آشتون كارتر، أنّ إرهابيّي التّنظيم الذين يواجهون 'قوّات سورية الدّيموقراطيّة' في مدينة منبج شماليّ شرق حلب، 'يطمحون' إلى التّخطيط لشنّ هجمات إرهابيّة في الخارج.

وتعرّضت الأحياء الشّرقيّة التي تسيطر عليها الفصائل في مدينة حلب وطريق الكاستيلو، الذي يعدّ المنفذ الوحيد منها باتّجاه غرب المدينة، إلى غارات جويّة كثيفة، الجمعة.

وقال مصدر في الدّفاع المدنيّ في الأحياء الشّرقيّة إنّ 28 مدنيًّا على الأقلّ قتلوا جرّاء غارات كثيفة على أحياء عدّة في المدينة، بينما قتل 10 آخرون جرّاء غارة استهدفت حافلة نقل للركاب على طريق الكاستيلو.

وتمكّن المرصد من جهته من توثيق مقتل 25 شخصًا على الأقلّ بينهم ستّة أطفال.

ويدور حديث عن قصف 'جنونيّ' بالبراميل المتفجّرة، لا سيّما على أحياء الكلاسة والسّكري وباب النّيرب، حيث سقط معظم القتلى، في وقت ألغت المساجد صلوات الجمعة وخلت الشّوارع من المارّة.

وفي شريط فيديو من حي الكلاسة، ظهرت جرافة تعمل على رفع أنقاض مبنى سكنيّ مؤلّف من طبقات عدّة بعدما استهدفه القصف وتسبّب بمقتل 10 أشخاص من سكّانه.

ويقول خالد، وهو مسعف في حيّ الأنصاريّ 'فرق الدّفاع المدنيّ مستنفرة منذ ليل أمس (الخميس). هناك عالقون تحت الأنقاض والبحث جارٍ عن المفقودين'.

حركة معدومة

وانعدمت الحركة في شوارع الأحياء الشّرقيّة، وخصوصًا أنّ وتيرة الغارات هذه المرّة أعنف بكثير من جولة القصف الأخيرة قبل أقلّ من شهرين.

وكان اتّفاق هدنة تمّ التّوصّل إليه في مناطق عدّة من سورية، بينها حلب، في نهاية شباط/فبراير، انهار بعد نحو شهرين من دخوله حيّز التّنفيذ في المدينة وأوقع 300 قتيل، ما دفع رعاة الاتّفاق، الولايات المتّحدة وروسيا، إلى الضّغط من أجل فرض اتّفاقات تهدئة، ما لبثت أن سقطت بدورها.

وتتعرّض طريق الكاستيلو، المنفذ الوحيد المتبقّي لسكّان الأحياء الشّرقيّة باتّجاه غرب البلاد، لقصف جويّ متكرّر.

وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إنّ هذه الطّريق 'باتت بحكم المقطوعة، مع تكرار استهداف حركة المارّة والحافلات'، لافتًا إلى أنّ 'الأحياء الشّرقيّة باتت عمليًّا محاصرة'.

وفي غرب حلب، أفاد المرصد عن سقوط عشرات القذائف منذ ليل الخميس على أحياء تحت سيطرة قوّات النّظام، مصدرها مواقع الفصائل المعارضة.

وأحصت وكالة الأنباء السّوريّة الرّسميّة 'سانا' مقتل طفلين وإصابة أربعة أشخاص بجروح 'جرّاء اعتداء المجموعات الإرهابيّة بالقذائف الصّاروخيّة على حيّ الحمدانيّة'.

وتشهد مدينة حلب معارك منذ العام 2012 بين شطريها الشّرقيّ والغربيّ وتبادل للقصف بين الطّرفين.

وفي ريف حلب الشّماليّ، صدّت الفصائل المقاتلة في مدينة مارع، فجر الجمعة، هجومًا عنيفًا لتنظيم داعش بعد ساعات من تسلّمها ذخائر ألقتها طائرات أميركيّة تابعة للتحالف الدّوليّ، وفق ما أكّد المرصد وناشط محليّ.

ولم يتمكّن مقاتلو التّنظيم، وفق المرصد، من تحقيق أيّ تقدّم، مشيرًا إلى مقتل ثمانية من مقاتلي الفصائل و12 إرهابيًّا خلال المعارك.

وأوضح النّاشط ومدير تحرير وكالة 'شهبا برس' القريبة من المعارضة، مأمون الخطيب، أنّ مقاتلي الفصائل 'تصدّوا لهجوم نفّذه نحو 500 عنصر من تنظيم داعش حاولوا اقتحام المدينة فجرًا'.

وتأتي هذه الاشتباكات بعد ساعات من تأكيد مسؤول في وزارة الدّفاع الأميركيّة إلقاء ذخائر للفصائل المقاتلة بالقرب من مارع.

وبحسب الخطيب، فإنّ الذّخائر التي تسلّمها 'لواء المعتصم' المقاتل هي عبارة عن 'ذخائر للرشّاشات الثّقيلة من عيار 23 وعيار 14 ونصف وذخائر للبنادق الرّوسيّة لكنّها بأعداد قليلة'.

ويحاول الإرهابيّون منذ السّبت، اقتحام مارع، ثاني أبرز معقل للفصائل في حلب، إثر تمكّنهم من قطع طريق الإمداد الوحيد الذي كان يصلها بمدينة أعزاز الحدوديّة مع تركيا، ما جعل عشرات آلاف المدنيّين عالقين بين جبهات القتال والحدود.

هجمات في الخارج

وفي شمال شرق حلب، تواصل 'قوّات سورية الدّيموقراطيّة'، التي تضمّ مقاتلين أكرادًا وعربًا، هجومًا بدأته مطلع الشّهر الحاليّ، بدعم من التّحالف الدّوليّ لطرد داعش من مدينة منبج، إحدى أبرز معاقله في شمال سورية.

وأفاد المرصد الجمعة عن تسجيل حركة نزوح لعائلات المقاتلين الأجانب في التّنظيم من منبج ومدينة جرابلس المجاورة باتّجاه الرّقّة، معقله الأبرز في سورية.

وفي سنغافورة، قال وزير الدّفاع الأميركيّ، آشتون كارتر، الجمعة على هامش مشاركته في قمّة إقليميّة حول الأمن 'ثمّة أشخاص هناك (منبج).. يطمحون لإعطاء أفكار أو حتّى للتخطيط لتنفيذ أعمال إرهابيّة خارج سورية'.

من جهة أخرى، يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة الجمعة، بهدف إيجاد سبل لمساعدة المناطق المحاصرة بعدما كانت حدّدت المجموعة الدّوليّة لدعم سورية والأمم المتّحدة الأوّل من حزيران/يونيو كمهلة لبدء اعتماد هذا المسار، في حال لم تتمكّن قوافل المساعدات من الوصول برًّا.

اقرأ أيضا: حلب: 34 قتيلا مدنيا بغارات النظام
وقال السّفير الفرنسيّ في الأمم المتّحدة، فرنسوا دولاتر، قبل مشاركته في الاجتماع 'الأولويّة المطلقة هي دفع الأطراف الذين لهم تأثير على دمشق، وفي مقدّمتهم روسيا، إلى ممارسة ضغط أقوى على النّظام'.

ويعيش في سورية 592 ألفًا و700 شخص في 19 منطقة يحاصرها الأطراف المتنازعون وفق الأمم المتّحدة.

التعليقات