حلب: تقدم قوات سورية الديمقراطية نحو منبج

وخلال ساعات عدّة، لا تتوقّف طائرات التّحالف الدّوليّ عن التّحليق في سماء المنطقة بحثًا عن مواقع الإرهابيّين ورصد تحرّكاتهم. وفوق أحد المباني في مزرعة تابعة لكابر صغير، على بعد كيلومتر واحد عن خطوط المواجهة الأماميّة

حلب: تقدم قوات سورية الديمقراطية نحو منبج

تحت شجرة زيتون في قرية صغيرة في محيط مدينة منبج السّوريّة، ترك إرهابيّو تنظيم الدّولة الاسلاميّة (داعش) خلفهم جثّة أحد عناصرهم، بعدما تمكنّت قوّات سورية الدّيموقراطيّة من قتله قبل أن يفجّر نفسه بحزام ناسف لا يزال يزنّر خصره.

وتشهد بلدة كابر صغير، التي تقع على بعد خمسة كيلومترات جنوبيّ منبج، وتبعد كيلومترًا واحدًا عن جبهة القتال، على عنف المعارك التي خاضتها قوّات سورية الدّيموقراطيّة ضدّ الإرهابيّين. وتمتلئ جدران منازلها بثقوب الرّصاص، في وقت لم تخل أجواؤها للحظة من طائرات التّحالف الدّوليّ بقيادة واشنطن.

في أزقّة القرية التّرابيّة التي شقّتها قوّات سورية الدّيموقراطيّة، تجوّل فريق لفرانس برس مستظّلًّا بأشجار الزّيتون لتجنّب رصاص قنّاصة مقاتلي داعش، ورافقهم مقاتل من عناصرها لتفادي الألغام التي زرعها الإرهابيّون في القرية.

ورغبة منه بحماية بيته المتواضع، اختار أحد سكّان القرية، قبل نزوحه هربًا من المعارك، ترك كرسيّ صغير أمام المنزل كتب عليه 'هذا المنزل ليس لداعش، الرّجاء عدم الاقتراب'.

وأطلقت قوّات سورية الدّيموقراطيّة التي تضمّ فصائل كرديّة وأخرى عربيّة في 31 أيّار/مايو، معركة بغطاء جويّ من التّحالف الدّوليّ لطرد داعش من مدينة منبج، أحد أبرز معاقله في محافظة حلب في شمال سورية. وتمكّنت من تطويق المدينة بالكامل وقطع طرق إمداد الإرهابيّين نحو الحدود التّركيّة شمالًا ومعاقلهم الأخرى غربًا.

وخلال ساعات عدّة، لا تتوقّف طائرات التّحالف الدّوليّ عن التّحليق في سماء المنطقة بحثًا عن مواقع الإرهابيّين ورصد تحرّكاتهم. وفوق أحد المباني في مزرعة تابعة لكابر صغير، على بعد كيلومتر واحد عن خطوط المواجهة الأماميّة، يصرخ أحد مقاتلي قوّات سورية الدّيموقراطيّة عبر جهاز اتّصالات لا سلكيّ 'انتبهوا الطّيران (التّحالف) سيقصف سيارة لداعش'. وما هي إلّا لحظات حتى علا دويّ ثلاث ضربات متتالية ليتصاعد الدّخان عند أطراف منبج.

'دعم' فرنسيّ

في تلك المزرعة، يخرج القائد العامّ لمجلس منبج العسكريّ، المنضوي تحت قوّات سورية الدّيموقراطيّة، عدنان أبو امجد من سيّارته المموّهة بالطّين خوفًا من استهدافها، متفقّدًا سير المعارك. ويقول لمراسل فرانس برس 'المعارك تسير حسب الخطّة، وقوّاتنا تتقدّم بحذر بسبب وجود المدنيّين، ولكننا كسرنا خطّ الدّفاع الأوّل لداعش'.

وتمكّنت قوّات سورية الدّيموقراطيّة منذ بدء العمليّة من السّيطرة على نحو 100 قرية ومزرعة في محيط منبج، وفق المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان. ولا يزال عشرات آلاف المدنيّين محاصرين داخل المدينة، ولم يتمكّن من الفرار سوى حوالي 1200 شخص بمساعدة قوّات سورية الدّيموقراطيّة.

ويقول أبو أمجد أنّ 'تنظيم داعش يستخدم المدنيّين دروعًا بشريّة، وهذا ما يعيق تقدّمنا باتّجاه منبج'، مضيفًا 'لم تدخل قوّاتنا إلى المدينة حتّى الآن، نحن على مقربة منها وفي محيطها'.

وفي هذه المعركة التي من المتوقّع أن تشكّل تحوّلًا كبيرًا في الحرب ضدّ تنظيم داعش والتي يساندها التّحالف الدّوليّ، تتلقّى قوّات سورية الدّيموقراطيّة 'الدّعم اللوجستيّ والتّقنيّ من القوّات الفرنسيّة'، وفق أبو أمجد.

وفي الطّريق المؤدّية من قرية كابر صغير إلى قرية كازية الطّيبة المجاورة، يطلب أحد مقاتلي قوّات سورية الدّيموقراطيّة من فريق فرانس برس، الإسراع في الخطى لتجنّب طلقات القنّاصة والصّواريخ الحراريّة التي يطلقها التّنظيم الإرهابيّ.

'داعش منهار'

وخاض تنظيم داعش بعد انسحابه من كابر صغير، معارك عنيفة على بعد 500 متر عنها، في قرية كازية الطّيبة، حيث لا تزال آثار القصف واضحة: خزّانات مازوت مدمّرة ومحترقة تمامًا ومنازل متضرّرة.

وعبر ثقوب خلّفتها طلقات الرّصاص في أحد الأبنية، يراقب مقاتلو قوّات سورية الدّيموقراطيّة تحرّكات خصومهم من الإرهابيّين.

ويقول المقاتل سلطان حسن، الذي يكسو الشّيب ذقنه 'منبج محاصرة من الاتّجاهات كافّة وسنكون فيها خلال أيّام'، خصوصًا أنّ 'طيران التّحالف يقصف نقاط داعش بشكل ممتاز'.

ويشرح مقاتل كرديّ آخر، فضّل عدم ذكر اسمه خوفًا على حياة أهله الموجودين داخل مدينة منبج، 'يشعل داعش إطارات السّيّارات للتمويه وتجنّب ضربات طيران التّحالف، كما يسحب بعض عناصره بشكل تدريجيّ إلى مدينة الباب' أبرز معاقله إلى الغرب من منبج.

ويضيف 'حسب ما نسمعه على جهاز اللاسلكي، فإنّ عناصر داعش منهارون وفقدوا الأمل من البقاء في المدينة'.

ولدى مغادرتهم المنطقة، يمرّ فريق فرانس برس في قرية أبو قلقل، الواقعة على بعد حوالى 18 كيلومترًا عن منبج، حيث يدفع أحد عناصر قوّات سورية الدّيموقراطيّة شخصًا معصوب العينين ويداه مقيّدتان إلى الخلف داخل سيّارة.

اقرأ أيضا: حلب: ضربات جوية تستهدف مناطق خاضعة للمعارضة
ويقول 'هذا أحد عناصر داعش، وصلتنا معلومات بأنّه كان يرسل المعلومات إلى التّنظيم عن طريق الإنترنت' مضيفًا باعتزاز 'قبضنا عليه'.

التعليقات