أنقرة ودمشق: خصام بعد وئام

جاء الموقف التركي من الثورة السوريّة متأخرًا نسبيًا، على عكس موقفها من ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا، وهو الأمر الذي يعكس العلاقة المتينة بين القيادتين السوريّة والتركيّة، وحتى بعد اندلاع الثورة، أوفد إردوغان وزير خارجيّته.

أنقرة ودمشق: خصام بعد وئام

الأسد وإردوغان في إسطنبول (أ.ف.ب)

جاء الموقف التركي من الثورة السوريّة متأخرًا نسبيًا، على عكس موقفها من ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا، وهو الأمر الذي يعكس العلاقة المتينة بين القيادتين السوريّة والتركيّة، وحتى بعد اندلاع الثورة، أوفد إردوغان وزير خارجيّته حينها، أحمد داوود أوغلو، إلى دمشق من أجل إسداء النصائح للأسد ونظامه في كيفية 'تحقيق الإصلاح السياسي'.

وقبل الثورة، شهدت العلاقة بين البلدين تطورًا لافتًا، شهد أوجه في نقل رسالة مباشرة من رئيس الحكومة الإسرائيليّة  وقتها، إيهود أولمرت، إلى الرئيس السوريّ، بشّار الأسد، بوساطة تركية، ومن ثم احتضان إسطنبول لمفاوضات سوريّة – إسرائيليّة غير مباشرة، بالإضافة إلى عشرات الاتفاقات الاقتصادية بين أنقرة ودمشق، أهمها إلغاء تأشيرة الدخول بين البلدين.

وفي ما يلي المحطات الرئيسية للموقف التركي من النزاع السوري حتى الانخراط العسكري التركي الأخير، أمس الأول، شماليّ سورية.

- تركيا تتخلى عن الأسد

في أيلول/سبتمبر 2011، وبعد ستة أشهر من بداية تظاهرات سلمية ضد النظام في سورية قُمِعت بشكل دموي، قال  إردوغان الذي كان الأسد صديقًا له، قبل أشهر قليلة، إن 'الشعب السوري لم يعد يصدق الأسد وأنا، أيضًا'، معبرًا عن خشيته من أن يحوّل القمع الثورة إلى حربٍ أهلية.

بعدها، انحازت أنقرة إلى مطالب الشعب السوري وبدأت تصعيدًا كلاميًا ودبلوماسيا ضد جارتها سورية، قبل اتخاذ عقوبات بحقها.

الأسد وإردوغان في دمشق (أ.ف.ب)

- أنقرة تؤوي قادة المعارضة السورية

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2011، وبعد عدة اجتماعات على الأراضي التركية، أعلن معارضون سوريون تأسيس المجلس الوطني السوري، الذي ضم عدة تيارات سياسية معارضة للنظام.

وكان عقيد منشق عن الجيش السوري لجأ إلى تركيا، أسس في تموز/يوليو 'الجيش السوري الحر'، المكوّن من منشقين من الجيش ومدنيين حملوا السلاح لمحاربة قوات النظام.

وفي نهاية 2012، اعترفت تركيا بالائتلاف الجديد للمعارضة السورية باعتباره 'الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري'.

- اتهام أنقرة بمحاباة الجهاديين

وفي أيلول/سبتمبر 2014، هاجم مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مدينة عين العرب (كوباني) المحاذية لتركيا ودخلوها، وسط رفض تركي للتدخل عسكريًا لدعم القوات الكردية ضد داعش رغم ضغوط الحلفاء، حتى أنها اتهِمَتْ بِغَضِّ النظر عن مرور المسلحين الحهاديين إلى سورية.

وعبرت السلطات التركية مرارًا عن خشيتها من قيام منطقة حكم ذاتي عند حدودها الجنوبيّة يسيطر عليها الأكراد السوريون المقربون من حزب العمال الكردستاني التركي، الذي يخوض منذ 1984 نزاعًا مسلحًا مع أنقرة.

وفي نهاية كانون الثاني/يناير 2015، استعاد الأكراد السوريون السيطرة على مدينة عين العرب، بدعم من غارات التحالف الدولي.

- أنقرة تنضم إلى التحالف ضد داعش

وفي 20 تموز/يوليو 2015، امتدت تداعيات النزاع السوري إلى تركيا مع تسجيل اعتداء نسب إلى تنظيم الدولة الإسلامية في سوروتش قرب الحدود مع سورية خلّف 34 قتيلًا، أعلن إردوغان، على إثره، 'حربًا على الإرهاب' تستهدف حزب العمال الكردستاني وداعش.

وفي آب/أغسطس من العام ذاته، انضمت تركيا إلى التحالف الدولي ضد الجهاديين بقيادة واشنطن، ثم شدّدت مراقبتها لمطاراتها وحدودها. وتم تفكيك خلايا جهادية بعد عدة اعتداءات نسبت لتنظيم داعش، بينها هجوم استهدف في تشرين الأول/أكتوبر محطة النقل المركزية في أنقرة، أوقع عددًا كبيرًا من الضحايا، بلغ 103.

-المصالحة مع روسيا

وفي 9 آب/أغسطس 2016، زار إردوغان روسيا، حيث التقى الرئيس، فلاديمير بوتين، بعد تسعة أشهر من التوتر، إثر إسقاط سلاح الجو التركي في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 طائرة روسية عند الحدود السورية التركية.

وكان بوتين من أول القادة الأجانب الكبار الذين اتصلوا هاتفيًا بإردوغان، اثر محاولة الانقلاب عليه في 15 تموز/يوليو.

بعدها بأكثر من شهر، أي في 19 آب/أغسطس زار وزير الخارجية التركي إيران، التي تدعم النظام السوري وذلك بعد أسبوع من زيارة قام بها نظيره الإيراني لأنقرة.

وغداة ذلك، أكد رئيس الوزراء التركي أن بلاده ترغب في أن تقوم بدور 'أكثر نشاطًا' في الملف السوري، خلال الأشهر الستة القادمة.

وأكد 'سواء أحببنا أم كرهنا، فإن الأسد هو اليوم أحد الفاعلين' في النزاع.

-'درع الفرات'

وفي 24 آب/أغسطس 2016، شنت تركيا عملية عسكرية في سورية أطلقت عليها 'درع الفرات'، تستهدف، رسميًا، المليشيات الكردية والجهادية.

وبعد أقل من نهار واحد على انطلاق الحملة، سيطر مئات من المعارضين السوريين مدعومين بدبابات وطائرات تركية، على بلدة جرابلس السورية قرب الحدود التركية وطردوا المسلحين الجهاديين منها.

ونفت تركيا، التي جاءت عمليتها الأخيرة بعد أيام من اعتداء نسب لتنظيم الدولة الإسلامية في غازي عنتاب، جنوبيّ شرق تركيا (54 قتيلا مدنيًا)، قطعيا تركيز عملياتها على الأكراد السوريين.

التعليقات