سورية: غموض مصير الهدنة وتعثر خطة مساعدات حلب

قالت روسيا والمرصد السّوريّ لحقوق الإنسان إنّ الجيش السّوريّ بدأ الانسحاب من طريق الكاستيلو المؤدّي إلى حلب، الخميس، وهو شرط أساسيّ لاستمرار جهود السّلام الدّوليّة، في حين تبادلت الحكومة والمعارضة الاتّهامات بانتهاك الهدنة.

سورية: غموض مصير الهدنة وتعثر خطة مساعدات حلب

قالت روسيا والمرصد السّوريّ لحقوق الإنسان إنّ الجيش السّوريّ بدأ الانسحاب من طريق الكاستيلو المؤدّي إلى حلب، الخميس، وهو شرط أساسيّ لاستمرار جهود السّلام الدّوليّة، في حين تبادلت الحكومة والمعارضة الاتّهامات بانتهاك الهدنة.

لكن جماعات المعارضة المتواجدة في حلب قالت إنّها لم تر أيّ مؤشّر على انسحاب الجيش، وأكّدت أنّها لن تنسحب من مواقعها قرب الطّريق حتّى تسحب الحكومة قوّاتها.

وقالت وزارة الدّفاع الأميركيّة (البنتاجون) إنّه لا يمكن تأكيد تقارير أفادت بانسحاب قوّات الحكومة، لكنّ المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة، مارك تونر، قال إنّ وقف إطلاق النّار صامد على وجه العموم، مضيفًا أنّ واشنطن وموسكو تعتقدان أنّ الأمر يستحقّ الاستمرار.

وتصاعدت حدّة الاتّهامات المتبادلة بين الطّرفين بوقوع انتهاكات، إذ قال مصدر عسكريّ سوريّ إنّ المعارضة مسؤولة عن العشرات من الانتهاكات، منها إطلاق نيران مدافع رشّاشة وصواريخ وقذائف مورتر في دمشق وحلب وحماة وحمص واللاذقيّة. وقالت المعارضة إنّ طائرات الجيش السّوريّ قصفت حماة وإدلب، وإنّ الجيش استخدم المدفعيّة قرب دمشق.

وقال المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان، إنّه رغم وقوع هجمات من كلا الجانبين، إلّا أنّ الهدوء النّسبيّ كان سائدًا في معظم المناطق وإنّه لم يسجّل وقوع قتلى مدنيّين في اليوم الثّالث على التّوالي.

وتسيطر القوّات الحكوميّة وقوّات المعارضة على طريق الكاستيلو، وأصبح جبهة رئيسيّة في الحرب المستعرّة منذ خمسة أعوام.

وقال رئيس المركز الرّوسيّ للمصالحة في سورية، اللفتنانت جنرال فلاديمير سافتشينكو، في تصريحات بثّت على التّلفزيون الرّسميّ 'إنّ الجيش السّوريّ، بدأ السّحب المرحليّ للمركبات والأفراد من طريق الكاستيلو لضمان وصول المساعدات إلى شرق حلب دون عوائق.'

وقال المرصد إنّ الجيش بدأ الانسحاب من مواقع على الطّريق، لكن الرّوس الذين ساعدوا دمشق بقوّتهم الجويّة في حصار حلب، حلّوا مكانهم.

وقال مسؤول في جماعة معارضة تتمركز في حلب، الخميس، إنّ الجيش لم ينسحب بعد. وقال زكريا ملاحفجي، القياديّ في تجمّع (فاستقم) في حلب، إنّه لم يشهد أيّ انسحاب 'للنظام' من طريق الكاستيلو.

الأمم المتّحدة تنتظر التّصاريح

وقال مبعوث الأمم المتّحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، إنّ من المتوقّع أن تشرف الولايات المتّحدة وروسيا على عمليّة إخلاء طريق الكاستيلو من القوّات، لكنّه انتقد دمشق لعدم إصدارها التّصاريح اللازمة لدخول المساعدات إلى مناطق أخرى.

وقال مستشار الشّؤون الإنسانيّة بالأمم المتّحدة، يان إيجلاند، إنّ القوّات الحكوميّة وقوّات المعارضة مسؤولة جميعها عن تأخير دخول المساعدات إلى حلب.

وقال إيجلاند 'سبب عدم وجودنا في شرق حلب هو النّقاشات الصّعبة والتّفصيليّة للغاية بشأن المراقبة الأمنيّة وعبور الحواجز التّابعة لكلّ من المعارضة والحكومة.'

وفي مناطق أخرى اتّهم دي ميستورا الحكومة السّوريّة بعدم تقديم التّصاريح اللازمة لعبور قوافل المساعدات. وقالت الحكومة السّوريّة إنّه ينبغي التّنسيق معها في تسليم كلّ المساعدات.

وأصبحت فرنسا التي تدعم المعارضة السّوريّة أوّل حليف للولايات المتّحدة يستفسر علنًا عن الاتّفاق مع روسيا، وحثّت واشنطن على إطلاعها على تفاصيل الاتّفاق، وقالت إنّه بدون دخول المساعدات إلى حلب فإنّ الاتّفاق لن يكون جديرًا بالثّقة.

ويعتقد أنّ نحو 300 ألف شخص يعيشون في شرق حلب، بينما يعيش أكثر من مليون في القطاع الغربيّ الخاضع للحكومة.

وتنتظر قافلتان من المساعدات، عبرتا الحدود التّركيّة، متّجهتين إلى سورية، في المنطقة الفاصلة بين حدود البلدين، للحصول على تصريح بالتّحرّك صوب حلب.

وقال متحدّث باسم مكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشّؤون الإنسانيّة، إنّه إذا حصلت على الضّوء الأخضر، فإنّ أول 20 شاحنة ستنتقل إلى حلب، وإذا وصلت للمدينة بسلام، فإنّ القافلة الثّانية ستتحرّك أيضًا. وقال إنّ القافلتين تحملان أغذية تكفي 80 ألف شخص لمدّة شهر.

وتدعم كلّ من الولايات المتّحدة وروسيا أطرافًا متعارضة في الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف وأجبرت 11 مليون شخص على النّزوح من منازلهم، وفجّرت أسوأ أزمة لاجئين في العالم منذ الحرب العالميّة الثّانية.

وباتت حلب التي كانت أكبر مدن سورية، قبل الحرب نقطة محوريّة في الصّراع هذا العام. ونجحت القوّات الحكوميّة بدعم مسلّحين من إيران والعراق ولبنان في تحقيق هدفها الذي تسعى إليه منذ فترة طويلة، بمحاصرة شرق حلب الخاضع للمعارضة.

موسكو تنتقد واشنطن

ومنح التّدخّل الرّوسيّ في سورية لدعم الأسد، قبل عام، موسكو نفوذًا كبيرًا في العمليّة الدّبلوماسيّة.

وازداد تعنّت حليفها الأسد عن أيّ وقت مضى. وتعهّد الأسد مجدّدًا، يوم الاثنين، باستعادة كامل أرجاء البلاد التي تفتّتت إلى مناطق تسيطر عليها الدّولة وفصائل المعارضة وتنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) ووحدات حماية الشّعب الكرديّة.

وتأمل واشنطن في أن يمهّد الاتّفاق لاستئناف الحوار السّياسيّ. لكنّ اتّفاق مشابه انهار في وقت سابق من العام الجاري ويواجه الاتّفاق الجاري تحدّيات كبيرة.

وقال نائب وزير الخارجيّة الرّوسيّ، جينادي جاتيلوف، الخميس، إنّ جولة جديدة من المحادثات بين المعارضة السّوريّة والحكومة، قد تجرى في نهاية أيلول/سبتمبر، لكن جورج صبرا، عضو الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثّل جماعات معارضة سوريّة، نفى تحديد أيّ موعد لاستئناف محادثات السّلام مع الحكومة.

وقال صبرا إنّ استئناف المحادثات يتوقّف على التّطوّرات على الأرض في سورية، والتي قال إنّها لا تتضمّن 'أيّ شيء إيجابيّ'.

ومن المقرّر أن تبدأ الولايات المتّحدة وروسيا في تنسيق شنّ ضربات جويّة ضدّ جبهة فتح الشّام وتنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) إذا سارت الأمور وفقًا للخطّة المنصوص عليها في الاتّفاق.

لكن روسيا قالت الخميس إنّ الولايات المتّحدة تستخدم 'ستارًا من التّصريحات' لإخفاء عدم رغبتها في الوفاء بالتزاماتها بموجب اتّفاق وقف إطلاق النّار في سورية، بما في ذلك الفصل بين جماعات المعارضة المعتدلة والجماعات الإرهابيّة.

وقالت الوزارة في بيان إنّه تبيّن بعد اليوم الثّالث من بدء سريان وقف إطلاق النّار، مساء الإثنين، أنّ قوّات الحكومة السّوريّة هي فقط الملتزمة بالهدنة وإنّ وحدات من المعارضة السّوريّة 'تسيطر عليها الولايات المتّحدة' كثّفت قصفها لمناطق سكنيّة مدنيّة.

وتقول جماعات المعارضة إنّ دمشق ارتكبت العديد من الانتهاكات.

اقرأ/ي أيضًا| الجيش الروسي يؤكد بدء انسحاب الجنود السوريين من الكاستيلو

ورغم إعلان الخطوط العامّة للاتّفاق، لم يكشف عن أجزاء أخرى منه، ممّا أثار القلق بين حلفاء الولايات المتّحدة، ومنها فرنسا المشاركة في التّحالف الذي يهاجم تنظيم داعش في العراق وسورية.

التعليقات