اللاجئون السوريون: الموت قتلا أو بردا

في مخيم قرية "خربة الجوز" السورية، قرب الحدود التركية، تتدفق مياه الأمطار إلى خيم مهترئة يتكدس فيها نازحون، يبلغ عددهم، أحيانًا، العشرين في الخيمة الواحدة.

اللاجئون السوريون: الموت قتلا أو بردا

(الأناضول)

في مخيم قرية 'خربة الجوز' السورية، قرب الحدود التركية، تتدفق مياه الأمطار إلى خيم مهترئة يتكدس فيها نازحون، يبلغ عددهم، أحيانًا، العشرين في الخيمة الواحدة.

ورغم مأساوية وضعهم، وغياب التدفئة في خيم غير مؤثثة، فإن هؤلاء النازحين محظوظون مقارنة بآخرين يواجهون البرد القارس في العراء، بلا خيم، حتى ولو كانت ممزقة.

آلاف الأشخاص، بينهم أطفال ومسنون ونساء، اضطروا إلى النزوح من مناطقهم السكنية في أرياف محافظات حلب واللاذقية وإدلب (شمال)، تحت وطأة غارات جوية وقصف صاروخي مكثف تشنه قوات نظام بشار الأسد والملشيات الموالية لها على مناطق سيطرة المعارضة؛ ما يوقع قتلى وجرحى بين المدنيين، فضلًا عن الدمار الهائل في الأحياء السكنية.

بعض هؤلاء السوريين فروا من مناطقهم القريبة من خط الجبهة مع قوات النظام إلى مناطق يعتقدون أنها أكثر أمنا داخل سورية، بينما فضّل البعض الآخر التوجه إلى مناطق قريبة من الحدود التركية.

ويحاول السوريون الفارين نحو الحدود التركية، العيش في مخيمات أقاموها على أراض سورية خالية، في مقابل بلدة يايلادغ التابعة لإقليم الإسكندرونة المحاذي.

ويكافح هؤلاء من أجل البقاء على قيد الحياة في مخيمات رديئة، لا تتوفر فيها أي بنية تحتية، ولا سيما الماء والكهرباء.

وفي الشتاء القارس، ولا سيما خارج التجمعات السكنية، لا يوجد في بعض هذه الخيم وسائل تدفئة ولا فرش على الأرض، فيما اضطر نازحون إلى العيش مع مواشيهم في خيمة واحدة.

ويجمع النازحون أغصان الشجر، وما يجدونه من حطب، لإشعالها وتدفئة خيمهم الممزقة.

من بين النازحين في 'مخيم الشهداء' بقرية خربة الجوز، مواطن من ريف إدلب، يدعى محمد حمرو، يعيش مع ثلاثة من أطفاله في خيمة مساحتها 6 أمتار مربعة.

وقال 'حمرو' خلال حديث لوكالة الأناضول للأنباء إن 'المياه تغمر الخيمة في كل مرة تهطل فيها الأمطار على المنطقة لكون الخيمة قديمة مهترئة'.

وبحسرة وألم، تساءل: 'لا ندري كيف سنقضي فصل الشتاء هنا.. فررنا من الموت تحت القنابل وإن شاء الله لا نموت من البرد هنا'.

ورغم الأوضاع المتردية، اعتبر حمرو أنه محظوظ بالنسبة لنازحين آخرين؛ لكونه يمتلك خيمة، ودعا 'الإنسانية جمعاء إلى إنقاذ النازحين السوريين خارج المخيمات من الموت بردا في العراء'.

وقال مسؤول 'مخيم الشهداء'، أحمد محمد حرا، إن 'المخيم يأوي نازحين من مدن سورية عديدة'، وأضاف أن 'المخيم يواجه مشاكل كبيرة مؤخرا، في ظل زيادة أعداد النازحين فيه، وانخفاض درجات الحرارة مع قدوم فصل الشتاء'.

ومضى قائلا إن 'العديد من مناطق أرياف مدينتي جسر الشغور وإدلب (شمال) تتعرض لهجمات ضارية منذ شهرين؛ ما أجبر العديد من سكانهما على النزوح إلى مخيمنا'.

وبحزن ناجم عن العجز، تابع 'لا نستطيع تقديم خيم ولا أشياء ضرورية لأولئك النازحين، ولم نتمكن من استقبال سوى 25 عائلة، فمن لديه قريب في المخيم يبيت في خيمته.. واضطراريًا يبيت ما بين 15 و20 نازحا في خيمة واحدة؛ لأن الطقس بارد جدا خارج المخيم'.

وأضاف أن 'النازحين القدامى في المخيم يعيشون بطريقة ما، لكن إدارة المخيم لا تستطيع تقديم أي شيء للنازحين الجدد'.

وزاد أن '250 أسرة تعيش في المخيم حاليا، لكن العدد مرشح للارتفاع بسبب استمرار غارات النظام وروسيا (الداعمة له) على المنطقة'.

ودعا مسؤول 'مخيم الشهداء' الجهات المعنية إلى 'اتخاذ التدابير اللازمة من الآن لمواجهة ذلك؛ فإدارة المخيم لا تمتلك أي شيء لتقدمه للنازحين مستقبلا'.

ويعيش في مخيمات النزوح المنتشرة في المناطق الريفية بمحافظة إدلب قرابة 50 ألف نازح، وهؤلاء من بين 4.3 مليون نازح تقول منظمة الأمم المتحدة إنهم بحاجة للإيواء، فيما يحتاج 13.5 مليون شخص، بينهم 5.8 مليون طفل، إلى مساعدات إنسانية.

التعليقات