مفاوضات لمنع تصعيد في إدلب "سيؤثر على سورية وخارجها"

تتواصل المفاوضات بين مختلف الأطراف، اليوم الخميس، حول مصير إدلب، آخر أبرز معاقل المعارضة السورية المسلحة والفصائل المقاتلة في سورية، في محاولة لتجنب هجوم واسع النطاق يحضر له النظام السوري لاستعادة السيطرة على المحافظة

مفاوضات لمنع تصعيد في إدلب

إدلب (أ ب)

تتواصل المفاوضات بين مختلف الأطراف، اليوم الخميس، حول مصير إدلب، آخر أبرز معاقل المعارضة السورية المسلحة والفصائل المقاتلة في سورية، في محاولة لتجنب هجوم واسع النطاق يحضر له النظام السوري لاستعادة السيطرة على المحافظة، فيما حذرت الأمم المتحدة من أنه قد يؤدي إلى كارثة إنسانية كبرى.

وفي ظل التداخل في العلاقات الخارجية والمحلية والتفاهمات الدولية التي يسعى النظام في سورية إلى التوصل إليها عبر حليفيه الروسي والإيراني على نحو متفاوت، والعلاقات الدولية المتداخلة غير المعلنة التي تجمع فصائل مسلحة في إدلب مع دول ذات نفوذ إقليمي متداخل في سورية، مثل تركيا، أشار مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية، ستافان دي ميستورا، إلى أن التصعيد العسكري في المنطقة قد يتعدى إدلب ويتجاوز سورية، ملمحًا إلى صراعات النفوذ الإقليمية التي تتهافت على سورية بتوافق مع نظام الأسد.

وحذّر دي ميستورا قوات نظام الأسد والفصائل المسلحة في إدلب من استخدام الأسلحة الكيميائية في المعارك التي قد تشتعل في أي لحظة ما قد يتسبب في كارثة إنسانية واسعة النطاق في ظل الكثافة السكانية العالية في المحافظة.

وتستعد قوات النظام السوري لما تعتبره "المعركة الأخيرة الكبرى" لاستعادة محافظة إدلب عقب سيطرتها على العديد من معاقل المعارضة المسلحة في مختلف أنحاء البلاد هذا العام.

وتحاول هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، وتركيا استخدام نفوذهما لتجنب هجوم واسع النطاق على إدلب.

وفي هذا السياق، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إن "المفاوضات إلى الآن لا تزال مستمرة بين المخابرات التركية وهيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة".

وترغب روسيا، التي ساعد تدخلها العسكري في 2015 لدعم نظام الأسد في سورية في استعادة سيطرة قوات لنظام للأراضي التي خسرتها، في تفكيك هيئة تحرير الشام، بحسب ما قال عبد الرحمن.

وأضاف "هذا هو الشرط الذي فرضته موسكو لتجنب عملية عسكرية واسعة النطاق (...) يبقى شنها أو تعليقها رهينة فشل أو نجاح المحادثات مع هيئة تحرير الشام".

"جرح متقيح"

في تصريحات نشرتها في وكالة "إباء" التابعة لهيئة تحرير الشام، يبدو أن الهيئة تترك الباب مفتوحًا لحل تفاوضي.

وقالت الهيئة إن "موضوع حل الهيئة، إن صح، فهو أمر داخلي يناقش داخل مجلس شورى الهيئة... وليس عبر إملاءات داخلية أو خارجية".

وأضافت "نحن في هيئة تحرير الشام نسعى جاهدين للوصول إلى حل ناجع في الشمال المحرر يحفظ أهلنا من عدوان محتمل للنظام المجرم وحلفائه".

وفيما تدعم تركيا فصائل مسلحة من المعارضة في إدلب، إلا أن نفوذها على الهيئة التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة، ليس واضحا، وحذر عبد الرحمن من أن فرص النجاح ضئيلة.

ونقلت "فرانس برس" عن المحللة إليزابيث تيومان من معهد دراسات الحرب "ستادي أوف وور"، قولها، إن "علاقة تركيا بهيئة تحرير الشام معقدة وأفضل وصف لها هي أنها عداوة تعاونية".

وتملك كل من تركيا وروسيا وإيران "نقاط مراقبة" في إدلب في إطار اتفاق إقامة مناطق "خفض التوتر" الذي تمت الموافقة عليه العام الماضي ويهدف إلى خفض العنف في المحافظة.

ولكن ومع اقتراب هجوم النظام يعزز الجيش التركي نقاط مراقبته الـ12 هناك.

وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، عادل الجبير، ألمح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن الهجوم ربما أصبح وشيكا.

وقال "من الضروري الفصل ما بين ما يسمى بالمعارضة المعتدلة وبين الإرهابيين، وفي الوقت ذاته تحضير عملية ضدهم مع تقليل المخاطر على المدنيين".

وأضاف "يجب تصفية هذا الجرح المتقيح".

كما أجرى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس الأربعاء، محادثات لم تعلن مسبقا مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة.

"كارثة إنسانية"

استمر الاجتماع بين جواد ظريف وإردوغان زهاء الساعة، إلا أنه لم يرشح أي شيء عما دار فيها.

وذكر الإعلام الروسي هذا الأسبوع أن موسكو تعزز تواجدها العسكري في المنطقة وأصبح لديها عشر سفن وغواصتين في المياه السورية.

وأثار احتمال شن هجوم واسع بدعم من روسيا لاستعادة المحافظة البالغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم من النازحين، المخاوف من وقوع مأساة إنسانية أخرى.

وأبدى مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا، اليوم، استعداده للتوجه الى إدلب من أجل المساهمة في "تأمين ممر إنساني".

وكان الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد حذر أمس الأربعاء من "الخطر المتنامي لحدوث كارثة إنسانية في حال حصول عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة إدلب في سورية".

ومن بين المخاوف الرئيسية أن يقوم النظام السوري باستخدام أسلحة كيميائية، بعد استخدام هذه الأسلحة العام الماضي في عملية ضد الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية.

كما أن محافظة إدلب شكلت وجهة لإرسال عناصر الفصائل المقاتلة والمدنيين الذين تم إجلاؤهم من جيوب معارضة بموجب "اتفاقات تسوية" في الأشهر الأخيرة.

والمقاتلون الذين يرفضون اتفاقات مماثلة في إدلب ليس أمامهم أي مكان للتوجه إليه، ما يزيد من فرص حصول معارك أكثر دموية في حال شن هجوم واسع النطاق.

وذكر معهد "صوفان غروب" أن إدلب "شكلت ملجأ للمقاتلين والمدنيين اليائسين، ولكن الآن لا توجد ‘إدلب‘ أخرى مكن أن يفروا إليها".

الأمم المتحدة ترسل 24 شاحنة مساعدات إلى "إدلب"

أرسلت الأمم المتحدة، اليوم الخميس، شاحنات مساعدات إنسانية إلى مدينة إدلب شمال غربي سورية.

وأشارت المصادر إلى أن 24 شاحنة محملة بمساعدات للأمم المتحدة دخلت الأراضي السورية من معبر "جيلوة غوزو" في قضاء "ريحانلي" التابع لولاية هطاي جنوبي تركيا.

وأوضح أن الشاحنات تحمل 480 طنًا من المساعدات الإنسانية، من المقرر أن يتم توزيعها على المحتاجين في مدينة إدلب وأريافها.

 

التعليقات