على وقع العملية التركية: القوات الكردية توقف عملياتها ضد "داعش"

أوقفت مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، عملياتها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية، ردًا على العملية العسكرية التي بدأتها اليوم تركيا شمالي سورية، وفق ما نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر أميركية وكردية.

على وقع العملية التركية: القوات الكردية توقف عملياتها ضد

أوقفت مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، عملياتها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية، ردًا على العملية العسكرية التي بدأتها اليوم تركيا شمالي سورية، وفق ما نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر أميركية وكردية.

وقال مصدر عسكري كردي لم تسمه الوكالة "قوات سورية الديمقراطية، أوقفت العمليات ضد داعش لأنه يستحيل تنفيذ أي عملية في الوقت الذي تتعرض فيه للتهديد من قبل جيش كبير على الحدود الشمالية".

فيما قال أحد المسؤولين الأميركيين (طلب عدم نشر اسمه - وفقا لـ"رويترز")، إن تعليق العمليات أثر أيضا على التدريب الأميركي الخاص بقوات معنية بحفظ الاستقرار في سورية.

وفي وقت سابق، ناشدت مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" بإقامة "منطقة حظر طيران" لحمايتها من الهجمات التركية في شمال شرق سورية.

وقالت في بيان نقلته وكالة "رويترز" إنها أظهرت حسن النية تجاه اتفاق آلية الأمن بين الولايات المتحدة وتركيا، لكن "ذلك ترك الأكراد دون حماية".

وبدأت تركيا بعد ظهر اليوم، هجومًا على مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال شرق سورية، ما تسبب بنزوح آلاف المدنيين، في خطوة أتت بعد حصول أنقرة على ما بدا أشبه بضوء أخضر من الولايات المتحدة، التي سحبت قواتها من نقاط حدودية.

وبعد مواقف أميركية متناقضة إزاء الهجوم، اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء العملية التركية "فكرة سيئة". وقال إن واشنطن "لا توافق على هذا الهجوم" بعد سلسلة انتقادات اتهمته بالتخلي عن المقاتلين الأكراد، الذين شكلوا شريكًا رئيسيًا لبلاده في دحر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الإرهابي.

ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعًا طارئًا مغلقًا، يوم غد، الخميس، لبحث الهجوم التركي، بناء على طلب قدمته بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبولندا وبريطانيا.

وبعد أيام من حشد تركيا لقواتها وفصائل سورية موالية لها قرب الحدود، أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان، عبر تويتر، أن "القوات المسلحة التركية و‘الجيش الوطني السوري‘ باشرا عملية ‘نبع السلام‘ في شمال سورية".

وبدأ الهجوم التركي بغارات جوية استهدفت بلدة رأس العين ومحيطها، ثم طال قصف مدفعي مدنًا وقرى عدة على طول الشريط الحدودي، في المنطقة التي تأمل أنقرة إقامة "منطقة أمنة" فيها تعيد إليها اللاجئين السوريين لديها.

وطالت القصف، وفق قوات سورية الديموقراطية، "مواقع عسكرية ومدنية في قرى في تل أبيض وسري كانيه (رأس العين) والقامشلي وعين عيسى"، متسببة بمقتل مدنيين إثنين على الأقل.

ونقلت وسائل إعلام تركية أن ثمانية قذائف سقطت على مدن تركية محاذية للحدود. 

وذكر وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، مساء اليوم، أن العمليات العسكرية "ستستهدف فقط مخابئ الإرهابيين وملاجئهم وأسلحتهم"، مشددا على أن "المدنيين الأبرياء.. وكذلك الأصدقاء وعناصر الدول الحليفة في منطقة العمليات لن يتعرضون للأذى". 

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن نزوح آلاف المدنيين من منطقة رأس العين وريف تل أبيض باتجاه مناطق مجاورة لا يشملها القصف التركي.

ولفتت مصادر صحافية في رأس العين، إلى تصاعد سحب الدخان وفرار عشرات المدنيين من رجال ونساء وأطفال عبر سيارات وشاحنات صغيرة أو سيرًا على الأقدام مع أطفالهم وأمتعتهم، إثر بدء القصف.

وحذرت منظمة العفو الدولية، أطراف النزاع من استهداف المدنيين. وقالت مديرة بحوث الشرق الأوسط، لين معلوف، إن "تركيا ملزمة بموحب القانون الإنساني الدولي أن تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية".

ويهدف الهجوم، الذي عارضته دول الاتحاد الأوروبي، وندّد به النظام السوري وحليفته إيران، وفق إردوغان، إلى إقامة "منطقة آمنة"، بما يسمح بإعادة نحو 3.6 ملايين لاجئ سوري فروا إلى تركيا خلال السنوات الـ8 الماضية.

وهذا ثالث هجوم تشنّه تركيا مع فصائل سورية موالية لها في شمال سورية، بعد هجوم في العام 2016 سيطرت بموجبه على مدن حدودية عدّة، وثان عام 2018 سيطرت على إثره على منطقة عفرين في شمال سورية.

وتُعدّ أنقرة الوحدات الكردية "إرهابية"، وتعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض تمردًا ضدها على أراضيها منذ عقود.

وبدأت تركيا غاراتها، رغم إعلان مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، الإثنين الماضي، أن القوات الأميركية المتواجدة في المنطقة أغلقت الأجواء أمام الطائرات التركية. 

وقال "لا نية لنا في تغيير ذلك في الوقت القريب". إلا أن سحب واشنطن بين 50 ومئة جندي من الحدود الشمالية، أول من أمس، بدا أشبه بضوء أخضر لتركيا بشنّ هجومها، وأثار مخاوف الأكراد الذين دعوا إلى فرض منطقة حظر جوي في شمالي سورية.

واستبقت الإدارة الذاتية (الكردية)، بدء الهجوم بإعلانها صباح اليوم "النفير العام" في مناطق سيطرتها. وفي موقف لافت، دعت الأربعاء روسيا إلى تسهيل محادثات مع دمشق، بعد إعلان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إجراء بلاده اتصالات مع الأكراد والنظام السوري، و"حضهم على بدء الحوار لتسوية المشاكل في هذا الجزء من سورية".

ورحّبت الإدارة الذاتية بتصريحات لافروف. وأكدت تطلعها إلى أن "يكون لروسيا دور في هذا الجانب داعم وضامن، وأن تكون هناك نتائج عملية حقيقية".

ولم تثمر مفاوضات سابقة بين الطرفين، مع إصرار النظام السوري، على إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل العام 2011، وتمسّك الأكراد بإدارتهم الذاتية ومؤسساتها.

وأثار قرار ترامب سحب قواته من الحدود الشمالية انتقادات واسعة من سياسيين أميركيين وحتى كبار الجمهوريين، إذ اعتُبر بمثابة تخلٍ عن القوات الكردية التي شكلت حليفاً رئيسيًا لواشنطن في معركتها ضد "داعش". 

لكن ترامب نفى ذلك. وقال في تغريدة الثلاثاء "لم نتخل بأي شكل من الأشكال عن الأكراد".

وتوعّد السناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، المقرب من ترامب، بأن الكونغرس سيجعل تركيا "تدفع غاليًا" ثمن هجومها، متهما إدارة ترامب بـ"التخلي.. بشكل معيب" عن الأكراد. 

بالمقابلـ أكد إردوغان لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في اتصال هاتفي، أن العملية التركية "ستساهم في جلب السلام والاستقرار إلى سورية وستسّهل الوصول إلى حلّ سياسي". 

وأورد الكرملين من جهته أن بوتين دعا إردوغان إلى "التفكير مليًا" قبل شن الهجوم.

وأبدت دول أوروبية خشيتها من احتمال أن يُسهم الهجوم في انتعاش تنظيم "داعش" مجددَا، مع انصراف المقاتلين الأكراد إلى مواجهة تركيا.

 

التعليقات