"قسد" تتهم تركيا بشن هجوم واسع رغم وقف إطلاق النار

وزير الدفاع الأميركي يقول إن تركيا "تسير في الاتجاه الخاطئ" بتوغلها العسكري في سورية واتفاقها مع روسيا، و"تركيا تضعنا جميعًا في وضع رهيب" عبر عمليتها العسكرية، "وأعتقد أن لا مبرر للتوغل" التركي في سورية

قوات روسية تتجه نحو مدينة كوباني، أمس (أ.ب.)

اتهمت قوات سورية الديمقراطية (قسد)، التي يقودها الأكراد، تركيا وحلفاءها من مليشيات المعارضة السورية، بشن هجوم بري كبير استهدف ثلاث قرى، اليوم الخميس، على الرغم من وقف إطلاق النار، وحثت الولايات المتحدة على التدخل على الفور لوقف الهجوم.

وحسب بيان لـ"قسد"، فإن الهجوم التركي استهدف القرى الواقعة "خارج منطقة وقف إطلاق النار" وأجبر آلاف المدنيين على الفرار. وأضافت أن الاشتباكات ما زالت دائرة هناك.

وقالت "قسد" البيان، إنه "على الرغم من التزام قواتنا بقرار وقف إطلاق النار، وانسحاب قواتنا من كامل منطقة وقف إطلاق النار، إلا أن الدولة التركية والفصائل الإرهابية الموالية لها ما زالت تنتهك عملية وقف إطلاق النار وما زالت مستمرة في حرب الإبادة ضد شعبنا وقرانا".

وأضاف القيادي في "قسد"، مصطفى بالي، على "تويتر" إن قواته ستمارس حقها المشروع في الدفاع عن النفس.

من جانبه، حذّر وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، اليوم، من أن تركيا "تسير في الاتجاه الخاطئ" من خلال توغلها العسكري في سورية واتفاقها مع روسيا على تسيير دوريات مشتركة في "منطقة آمنة" هناك.

وقال إسبر خلال مؤتمر صحافي في بروكسل، قبيل اجتماع لوزراء دفاع حلف شمال الأطلسي، إن "تركيا تضعنا جميعًا في وضع رهيب" عبر عمليتها العسكرية في سورية، هذا الشهر، لمواجهة القوات الكردية التي تحالفت مع الولايات المتحدة في الحرب على تنظيم "داعش".

وأضاف "أعتقد أن لا مبرر للتوغل" التركي في سورية، وشدد أنه يقع على عاتق الحلف الأطلسي حاليًا "العمل معًا لتعزيز شراكتنا معهم وإعادتهم إلى الاتجاه (الصحيح) ليعودوا حليف الماضي القوي والذي يمكن الاعتماد عليه".

ويتوقع أن تهيمن العملية العسكرية التركية في سورية على اجتماع الحلف الأطلسي، الذي سيستمر ليومين، في وقت قال دبلوماسيون في المنظمة إنهم أجروا محادثات "صريحة" مع ممثلي أنقرة.

وأثار اتفاق تركيا مع روسيا، الذي أعقب العملية لإبعاد القوات الكردية - التي تعتبرها أنقرة فصائل "إرهابية" على صلة بحزب العمال الكردستاني عن أراضيها - القلق كذلك. لكن رغم عزلتها داخل الحلف الأطلسي، يرتدي موقع تركيا الإستراتيجي بين أوروبا والشرق الأوسط أهمية كبيرة، وهو ما دفع باقي أعضاء الحلف للاكتفاء بتوجيه انتقادات لأنقرة.

ودافع إسبر بدوره عن قرار الولايات المتحدة سحب القوات الأميركية من شمال سورية، ما ترك المجال مفتوحًا لتركيا لتنفيذ عمليتها. وقال إن "القرار الأميركي بسحب أقل من 50 جنديًا من منطقة الهجوم اتُّخذ بعدما بات جليًا بالنسبة لنا أن الرئيس (التركي رجب طيب) إردوغان قرر (تنفيذ العملية) عبر الحدود".

وأضاف " لم أكن لأضع أقل من 50 جنديًا أميركيًا وسط جيش تركي يضم أكثر من 15 ألف عنصر مسبوقين بميليشيا تركية وأعرّض حياة هؤلاء الجنود للخطر". وأكد كذلك أنه ما كان ليبدأ "معركة مع حليف في الحلف الأطلسي".

وأقر الوزير الأميركي "بوجود بعض الانتقادات" للانسحاب الأميركي، لكنه أشار إلى أن "لا أحد عرض بعد بديلاً أفضل لما قامت به الولايات المتحدة. نحاول الحفاظ على آفاق إستراتيجية للغاية".

وخلال جلسة الأسئلة والأجوبة، التي نظمها مركز أبحاث "صندوق مارشال الألماني"، شدد إسبر على التهديدات الروسية والإيرانية والصينية خصوصًا. وقال إن "على الحلفاء في الحلف الأطلسي أن يوجهوا أنظارهم شرقًا" إلى الصين، مشيراً إلى أن هيمنة بكين السياسية والعسكرية والاقتصادية باتت تتجاوز آسيا لتصل إلى أوروبا عبر مشروعها الضخم المتعلق بالبنى التحتية "حزام وطريق".

وحذّر من أن لجوء أعضاء الحلف الأطلسي لمجموعة "هواوي" الصينية، لتأسيس شبكات اتصالات الجيل الخامس من الإنترنت فائقة السرعة، سيشكل تهديداً على مشاركة المعلومات الاستخباراتية ضمن الحلف. وقال إسبر إنه "سأقدم نصيحة لحلفائنا - إذا اخترتم هواوي لتشغيل (الشبكات) فسيؤثر ذلك على قدرتنا على مشاركة المعلومات الاستخباراتية. لا يمكننا الوثوق بهذه الشبكات"، مضيفًا أن "علينا التعامل مع هذه التهديدات بيقظة".

وانتقدت تركيا الولايات المتحدة، اليوم،بادعاء معاملتها قائد "قسد"، مظلوم كوباني، "كشخصية سياسية شرعية"، مما يبرز استمرار التوتر مع واشنطن على الرغم من انتهاء العملية العسكرية التركية في سورية.

وحث أعضاء جمهوريون وديمقراطيون في مجلس الشيوخ وزارة الخارجية الأميركية، أمس، على إصدار تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة لمظلوم كوباني بسرعة حتى يتمكن من زيارة الولايات المتحدة لمناقشة الوضع في سورية.

وقال مدير الاتصالات بالرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، إنه "نشعر بقلق بالغ إزاء معاملته... هذا الشخص زعيم بارز في حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره الولايات المتحدة وآخرون منظمة إرهابية وهو هارب من العدالة".

التعليقات