"معركة روسية فاشلة... داخل الجيش السوري"

رغم الدور الفاعل للجيش الروسي منذ التدخّل عسكريًا في سورية عام 2015 في حسم المعركة لصالح النظام السوري والمقاتلين معه، إلا أن إستراتيجيّته لإنشاء "أحزمة نفوذ" في سورية باءت بالفشل، خصوصًا داخل جيش النظام السوري نفسه.

الولاءات المحلية أقوى (أ ب)

رغم الدور الفاعل للجيش الروسي منذ التدخّل عسكريًا في سورية عام 2015 في حسم المعركة لصالح النظام السوري والمقاتلين معه، إلا أن إستراتيجيّته لإنشاء "أحزمة نفوذ" في سورية باءت بالفشل، خصوصًا داخل جيش النظام السوري نفسه، بحسب ما ذكر المحلّل العسكري لموقع "المونيتور"، أنطوان مارداسوف، اليوم، الخميس.

وتظهر المقالة شرخًا بين الدورين الروسي والإيراني الداعمين لنظام بشّار الأسد، وصل حدًا دفع روسيا إلى الشكّ في أن ميليشات إيرانيّة شنّت هجمات على قاعدة حميميم، التي تضمّ جنودًا روسيين، شماليّ البلاد.

وبحسب مارداسوف، الباحث أيضًا في مجلس الشؤون الدوليّة الروسيّة، ومقرّه موسكو، فإنّ جزءًا من منهجية الجيش الروسي في سعيه لإنشاء أحزمة نفوذ في سورية، هو إنشاء ميليشيات عسكريّة موالية ودعمها، "ورغم الجهود الظاهرة لروسيا في إعادة المركزيّة للجيش السوري، إلا أنها، فعليًا، تساهم في تفكيكها. بينما تحاول إيران، من جانبها، دمج الميليشيات في الهياكل العسكريّة الدائمة للجيش السوري".

وذكر مارداسوف أنّ روسيا ما تزال غير موفّقة في سعيها إلى إنشاء ميليشيا عسكريّة كرديّة في الشمال السوري، تدربّها "وحدات حماية الشعب" الكرديّة ويشرف عليها ضبّاط روس، والهدف من هذه الميليشيا، سيكون، في وقت لاحق، "إمّا الانضمام إلى الوحدات التي تحرس المنشآت العسكرية الروسية في عامودا وتل تمر (الحسكة) أو لمرافقة الدوريات العسكرية الروسية".

مقاتل كردي مع مدرعة روسية (أ ب)
مقاتل كردي مع مدرعة روسية (أ ب)

أما الهدف بعيد المدى لروسيا، "فهو توسيع النفوذ الروسي في شمال شرقي روسيا، وخلق سابقة تتكامل فيها الجماعات الكرديّة مع الميليشيات الموالية لروسيا وليس مع قوات سورية الديمقراطية فقط".

وأشار مارداسوف إلى أنّ روسيا فشلت، كذلك، في تكوين ميليشيات محليّة توفر الحماية لقواعدها العسكريّة في الشمال السوري، وبحسبه فهذا "مجرّد مثال واحد على للتجربة الروسية في تجنيد السوريين وتشكيل أحزمة نفوذ مختلطة".

وأضاف الباحث أنه "منذ بداية الحملة السورية، واجهت روسيا تحديًا مزدوجًا، (إذ) كان عليها تقوية القدرات العملياتية للجيش السوري الممزّق، وفي الوقت نفسه، تنظيم العديد من الميليشيات المحليّة، التي أنشأها الإيرانيّون و’حزب الله’، والتي أصبحت جيشًا موازيًا بحكم الأمر الواقع".

وأسفرت المحاولات الروسية في بداية التدخل العسكري إلى إنشاء الفيلق الرابع، الذي كان من المفترض أن يشنّ عمليات عسكريّة في منطقة الساحل السوري، للحدّ من التأثير الإيراني في المنطقة. ومع ذلك، يرى الباحث أن الروس قد فشلوا في إنشاء أي حزام عسكري حول قاعدة حميميم، فلا زالت محاطة بنقاط تفتيش وحواجز طرق روسيّة، "فلا دور يُذكر للفرق العسكرية الموالية للنظام" التي تشتبه روسيا في أنّها "حاولت التستّر على هجمات على القاعدة، تثار شكوك إلى أنّ بعضها شنّه ميليشيات موالية لإيران" وليس فقط الفصائل الموالية للمعارضة السورية، كالاعتقاد السائد.

كما فشل الجيش الروسي، وفق "المونيتور" في إنشاء فيلق رابع من الفرقتين الثانية والسادسة اللتين أنشئتا حديثًا، وعزا الموقع ذلك إلى "عدم قدرة روسيا على فهم الحقائق المحليّة بالكامل"، موضحا أن معظم الميليشيات كانت تخشى من فقدان استقلاليّتها والخضوع لأفراد وقواعد جيش النظام السوري، ومن ثم دمجها داخل هذا الجيش عبر منح المقاتلين رُتَبًا عسكرية رسميّة.

أما المرحلة المقبلة التي تعمل عليها روسيا ويُنظر إليها على أنها مثال يُحتذى للجيش السوري مستقبلا، ويمكن خلالها جمع مقاتلين من المعارضة والنظام بعد انتهاء القتال، فتضمّنت إنشاء فيلق خامس، وهو تشكيلٌ عسكري سوري بالكامل، بغيةَ دمجه مع فرق شبه عسكرية مختلفة، مثل لواء "صقور الصحراء". ولا يزال هذا الفيلق في طور البناء والتوسّع.

وأنشِئ هذا الفيلق في العام 2018، بعد اتفاقات روسيّة – أميركيّة – أردنيّة وإسرائيليّة، شاركت فيها الإمارات سرًا.

لاحقًا، تبيّن أن هذين الفيلقين الجديدين ليسا مخلصين تماما للروس، فتسيطر إيران على الفيلق الرابع، بحسب ما نقلت صحيفة "كومرسانت" الروسية عن المعارض السوري، فاتح حسّون، بينما شارك "حزب الله" في إنشاء الفيلق الخامس، "وعمل، كما يبدو، على ربطه بالمصالح الإيرانيّة في الفيلق الرابع".

وأشار التقرير كذلك إلى أن محاولات روسيا لإبعاد "سرايا الدفاع الوطني" (ميليشيات شكّلها النظام بعد الثورة، وموالية لإيران) والفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، من جبهة إدلب، قد باءت بالفشل. وفي نهاية المطاف، لم تحافظ على القوات على مواقعها فقط، إنّما أصبحت جزءًا معترفًا به في المنطقة.

محاولات روسيا هذه لجمع أكبر عدد من الميليشيات ضمن الفيلق الخامس خلقت سرديّة مفادها أنّ إيران تحاول تفتيت قوات جيش النظام السوري، بينما تريد روسيا، على النقيض من ذلك، تنظيمها تحت مركز قيادة واحد.

إلا أن الباحث الروسي يرى أن هذا التصوّر خاطئ، لافتا إلى أنّ المستشارين العسكريين الروس تعلّموا من الإخفاقات السابقة وابتعدوا عن ترقيم الفيالق العسكرية بأرقام توحي بأنهم سيصبحون لاحقًا جزءًا من جيش النظام السوري.

ولاحظ الكاتب أنّ "لواء القدس" التابع لأحمد جبريل ويضمّ مقاتلين فلسطينيين، رغم أنه خاضع لإمرة الفيلق الخامس، إلا أنه لم يُدمج رسميًا فيه.

ونقل المقال عن الكاتبة الروسيّة، كيريل سيمينوف، قولها، إن إيران هي الوحيدة القادرة على توحيد الميليشيات بشكل فعّال مع هياكل الجيش النظامي، وخلق عوائق لمنع انشقاقها لاحقًا.

التعليقات