مخلوف يحذر الأسد من "عقاب إلهي حتمي"

خرج رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، بفيديو جديد يؤكد فيه بأنه لن يمتثل لطلبات النظام منه، في نبرة أشبه بالتهديد للأسد وحاشيته.

مخلوف يحذر الأسد من

مخلوف (فيسبوك)

خرج أبرز رجل أعمال في سورية، رامي مخلوف، بفيديو آخر اليوم الأحد، عبر صفحته على "فيسبوك"، لـ"التظلم" على مطالبة النظام السوري له بدفع مبالغ طائلة يعتبرها مستحقة عليه من العام الماضي، في استمرار للتصدع الداخلي للنظام على ما يبدو.

ويأتي ذلك بعدما نشر مخلوف الأسبوع الماضي، فيديو آخر، صوّر نفسه كضحية أمام حليفه (السابق على ما يبدو)، نظام الرئيس بشّار الأسد، قريبه، ولكن المقطع الذي نشره اليوم يبرز تغيرا في توجه مخلوف من التوسل نحو ما يُشبه التهديد.

وقال مخلوف في الفيديو إن "الضغوطات قد بدأت اليوم بطريقة غير مقبولة وبشكل غير إنساني للأسف"، مشيرا إلى تصعيد النظام ضده، وذلك تباعا لتقارير صحافية أخرى رجحت أن النظام سيصّعد ضد مخلوف لأنه "لا يقبل مثل هذا التحدي المباشر" بعد صدور الفيديو الأول.

وادعى مخلوف أن أجهزة النظام الأمنية قد بدأت باعتقال موظفي شركاته ومدرائها، رغم أنه، وكما يزعم، كان "أكبر داعم لهذه الأجهزة، وأكبر خادم لهم، وأكبر راع لها أثناء الحرب".

وفي تحول من نبرة "مناشدة" الأسد لـ"التدخل" وحل الأزمة، صعّد مخلوف قائلا: "هذه ليست لعبة، هذه مخاطرة" مؤكدا على أنه لن يقبل أن يُقصى من مكانه أو مكانته، في نبرة أشبه بالتهديد للأسد وحاشيته. واعتبر ملاحقته بمثابة "استخدام سلطة بغير مكانه، فالسلطة ليست لخدمة أنفسنا، بل لنخدم الناس".

وحول الأموال التي يُطالبه النظام بها قال: "طلبت من الرئيس التدخل بإنصاف شركتنا بطلبات لم يكونوا محقين فيها" مضيفا أنه ما من مشكلة في دفع هذه الأموال لكن "الهدف بالدفع للمستحقين ولصرفها للمحتاجين وليس لجيوب آخرين، والمناشدة لوضع حد للتدخلات المحيطة حول صاحب القرار لأنها أصبحت لا تُطاق وغير محتملة... هذا اسمه تعدي على ملكيات خاصة"، في إشارة ربما، لزوجة الرئيس أسماء الأسد، والتي رجحت تقارير صحافية أنها تدفع باتجاه دخول أقربائها ليكونوا محل مخلوف في الاستثمارات والشركات.

وحذر مخلوف الأسد من أنه في حال استمر في نهجه فإن "أياما صعبة ستمر، بل وقد بدأت... لقد بدأت تتعدى على حريات ناسك ومواليك"، مضيفا "الوضع صعب، الوضع خطر... وضع البلد صعب جدا، وسيكون هناك عقاب إلهي حتمي".

وكان مخلوف قد نشر فيديو الأسبوع الماضي شرح فيه بعض الجوانب السطحية للخلاف بينه وبين النظام، واشتكى من زيادة "العبء المادي" الذي يفرضه النظام على شركاته، وأوضح أنّ النظام يطالبه بدفع ضرائب إضافية من شركة مشغل الخليوي "سيرتيل" التي يتولى رئاسة مجلس إدارتها، زاعمًا أنه قام بدفعها العام الماضي.

وأشار مخلوف إلى أن المطالبة بدفعات إضافية لا تتطابق مع بنود العقد بين الشركة والنظام، ولا تتناسب مع دخل ومصاريف الشركة، ورغم ذلك، أعرب عن "استعداده لدفع المبلغ الجديد رغم أنه مجحف"، لكنه طلب في الوقت ذاته جدولة حسابات وفرض الضريبة بحيث لا تنهار الشركة ولا يتضرر المشتركون.

وأقرّ مخلوف في الفيديو أنّه يتشارك "مع الدولة" الأرباح مناصفةً، قائلا إن شركته تقاسم عائداتها والأرباح مع الدولة بالمناصفة هذا بخلاف دفع الضرائب، وأضاف "كنّا منذ عدة سنوات وما زلنا ندفع وبشكل شهري مليار ونصف مليار ليرة سورية وكلها يذهب للعمل الخيري لدعم أهلنا وخدمة الجرحى ورعاية ذوي القتلى".

وكتب الباحث السوري، حمزة مصطفى، تعليقا على فيديوهات مخلوف: نقاط عما يسمى خطأ "الصراع داخل العائلة"
• لا يوجد في سورية " صراعات ضمن النظام" أو "ضمن الطائفة" أو "ضمن العائلة الحاكمة". ثمة تباينات أو اختلافات وجهات نظر في حدود المعقول تحسم دائما لصالح الرئيس الذي يجمع في شخصه والنظام والدولة والمجمت، ويناط به بحكم الدستور صلاحيات تفوضه سلطة مطلقة لا ينافسه فيها أحد ولا تسمح بوجود أقران أو منافسين. كل من في النظام بحاجة لحماية الرئيس وليس بالضرورة أن يكون الأخير بحاجة لهم ما دام قادرا على استبدالهم.

• لم يكن رامي مخلوف أو عائلة مخلوف جزءا من الحلقة الضيقة للنظام في مرحلة حافظ الأسد رغم وجود بعضهم في مواقع قيادية في الجيش والقوات الأمنية. خرج رامي مع ولادة النظام الجديد بوجه النيوليبرالي المشوه القائم على تحالفات اقتصادية بين أبناء الضباط الفاسدين تجارا وطبقة التجار في المدن الطامحين لمداخل سلطوية تسهل أعمالهم.

• تقمص رامي مخلوف شخصية التاجر الشامي، ابن السوق وثقافته، وأتقنها أيضا حتى تلبسته فأنسته أصله الذي لم يكن له مكان في النظام الجديد إلا عند الازمات الاجتماعية. عقد صفاقته وتحالفاته بمنطق التاجر الذي يحكم السوق ولا يسمح للغريب (المستثمر الخارجي) بمنافسته حتى وإن اضطر إلى مشاركته مؤقتا. انظروا الى حديثه واستحضاره الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. هو لا يمثل على الاطلاق بل يعبر عن شخصيته الحقيقية حتى داخل مخبئه في جبال اللاذقية

• رامي وطبقته الجديدة وسياسات النظام النيوليبرالية كانت الرافعة التي سوقت بشار الأسد وحفرت قبره في ذات الوقت. التضحية به كانت مطروحة منذ بداية الثورة، لكن الحاجة إلى تمويل عمليات النظام ورعاية أسر قتلاه وأنسنة بعض نشاطاته ضمن الفضاء الاجتماعي للطائفة العلوية أوجدت مكانا له تحت مسمى " النشاط الخيري" الذي أتقنه أيضا.

• بعد 10 سنوات من الحرب، ظهرت طبقة رجال أعمال جديدة تضم مغامرين ترعرعوا في فضاء رامي ليخرجوا عنه مع حاجة النظام الى شخصيات لا تلاحقها العقوبات أو على الأقل قادرة على التهرب منها. أصبح رامي عبئا على بشار، لكن الأخير بحكم انشغاله بتثبت حكمه بعد التدخل الروسي لم يكن لديه الوقت اللازم لفتح الملفات بالكامل.

• التوقيت اليوم مناسب، رامي مكروه من الجميع داخل النظام وخارجه، والنظام بحاجة إلى بعض السيولة ومنح تجار الحرب الجدد بعض المكاسب على خدماتهم السابقة. الاستحواذ الذي أراده النظام هادئا، دون شوشرة، ربما لن يحصل كذلك، لكن لا سبيل لمقاومته. لا روسيا قادرة ولا أي أحد قادر أن يحميه إذا قرر بشار ذلك.

• قد تكون لأسماء الأخرس يد في ذلك، فهي تريد إعادة صياغة مفهوم وحدود العائلة الحاكمة بعد وفاة أنيسة وبلوغ نجلها الجهبذ الثامنة عشر. تحتاج الأخيرة إلى حصر السلطة الاقتصادية والسياسية داخل عائلة بشار الصغيرة بعد أن تعبت من الأدوار الإنسانية عن الطفولة والمرأة خلال العقدين الماضيين، والتي لم تؤت أوكلها. فرواية زهرة في الصحراء لم تعمر. لقد تحولت سيدة الياسمين إلى صبارة بور لا طيب فيها.

• قد ينفد رامي بجلده على صيغة رفعت، لكنه انتهى سياسيا واقتصاديا. هو لا ينتظر رحمة بشار بمقدار ما ينتظر جهة إقليمية او دولية تحرجه مع بعض الاستثمارات خارج المعركة التي خسرها بالكامل.

التعليقات