ماذا فعل كورونا باللاجئين في تركيا؟

ثلاثة أشهر مضت، شلّ فيها فيروس كورونا المستجد الحركة الاقتصادية في تركيا، وأثّر بشكل مباشر وعميق على حياة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين والفلسطينيين السوريين والأفغان والعراقيين في البلاد، فيما يبدو الانفراج قريبًا، وفق خطط الحكومة التركية المعلنة حتى الآن.

ماذا فعل كورونا باللاجئين في تركيا؟

يعمل أغلب اللاجئين في المقاهي والمطاعم (أ ب)

ثلاثة أشهر مضت، شلّ فيها فيروس كورونا المستجد الحركة الاقتصادية في تركيا، وأثّر بشكل مباشر وعميق على حياة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين والفلسطينيين السوريين والأفغان والعراقيين في البلاد، فيما يبدو الانفراج قريبًا، وفق خطط الحكومة التركية المعلنة حتى الآن.


منذ الأسابيع الأولى لشبه الإغلاق العام، الذي أعلنت عنه أنقرة في نهاية آذار/مارس الماضي، كان أول المتأثرين المباشرين هم اللاجئون، الذين يعتمدون بشكل كامل على دخلهم المالي القليل، في تأمين أبسط احتياجات الحياة.

تقول وزارة الداخلية التركية إن عدد اللاجئين في البلاد يصل إلى خمسة ملايين ونصف مليون لاجئ، ثلاثة وملايين ونصف منهم سوريّون.

وأظهرت مواقع التواصل الاجتماعي مدى هشاشة الوضع الاقتصادي لآلاف من اللاجئين، وباتت الأعباء المالية التي لا تنتظر، هي الهمّ الأكبر لديهم، مثل بدل إيجارات المنازل، وفواتير الطاقة، ناهيك عن تكاليف الطعام والدواء.

أين يعمل اللاجئون؟

كما في معظم دول العالم، قررت الحكومة التركية إغلاق المطاعم والمقاهي، ووقف العمل في المعامل، بالإضافة لمنع بعض المهن التي لا تقوم دون احتكاك مباشر، مثل صالونات الحلاقة ومحالات الاتصالات وغيرها.

من إسطنبول (أ ب)
من إسطنبول (أ ب)

لم تصدر الحكومة التركية أي قرار يخص استمرار دفع الرواتب الشهرية لمن أُجبِروا على البقاء في منازلهم من عمال القطاع الخاص، خلال فترة الحد من انتشار الفيروس.

وأظهر مسح أجراه "عرب ٤٨"، أن أكثر من 80% من القوة العاملة بين اللاجئين، فقدت أعمالها بعد أن توقفت المعامل عن فتح أبوابها، بالذات في قطاع النسيج، الذي يؤمن فرص عمل لآلاف من اللاجئين السوريين.

في المقابل، فقدت نسبة تصل إلى 100% من العاملين في المطاعم والمقاهي العربي، مصدر دخلهم بعد الإغلاق، وباتت منطقة الفاتح التي تتمركز فيها المطاعم السورية والفلسطينية واليمنية، شبه مغلقة.

كما فقد من يملكون صالونات حلاقة من اللاجئين مصدر دخلهم، مثلهم مثل أقرانهم الأتراك حيث أجبروا على إغلاق صالوناتهم حتى منتصف أيار/مايو، حين سمح لهم من جديد بممارسة العمل وفق شروط خاصة.

كم هي التكاليف؟

ووفق ما رصد موقع "عرب ٤٨"، فإن كل عائلة مؤلفة من أربعة أفراد، تحتاج شهريًا لمبلغ يصل إلى 2400 ليرة تركية (360 دولار- مبلغ وسطي) لسدّ الاحتياجات الأساسية للحياة، والتي تتوزع على بدل آجار منزل (700 ليرة تركية) الغذاء والماء 1200 ليرة تركيّة، الكهرباء والماء والإنترنت (500 ليرة تركية).

ومع غياب أيّة مدخرات لدى اللاجئين، بات النقص في الدخل الشهري، بمثابة ضغط حقيقي على اللاجئين، فيما فقد بعضهم دخلهم لثلاثة أشهر حتى الآن.

ووصل العجز في ميزانيات الأسر خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إلى قرابة 6 آلاف ليرة تركية، هي بمثابة ديون مؤجلة، لا يستطيع معظمهم سدادها في الوقت الحالي.

ورشات ومعامل تستغل كورونا

وفي مقابل الدعوة إلى الإغلاق، التي لم تأخذ شكل قرار رسمي إلا في مؤسسات القطاع العام، استمر العمل في بعض المعامل الخاصّة، منها معمل سوري ينتج السجاد في ولاية غازي عنتاب الجنوبية.

ويقول مصدر خاصّ لـ"عرب ٤٨" من المعمل إن إدارة المعمل لجأت إلى طريقة لمواجهة انتشار الفيروس، من دون أن يؤثر ذلك على خط الإنتاج والأرباح المستقبلية.

ويشرح المصدر، الذي فضّل عدم كشف اسمه، أن إدارة المعمل خفّضت عدد العمال إلى النصف، وخصّصت أيامًا محدّدة للعمل لكل عامل، بواقع يوم عمل ويوم عطلة غير مدفوعة، لكنها في المقابل، لم تخفّض الإنتاج، حيث زادت من مهام العمال المتواجدين في المعمل، محمّلة إياهم جهدًا إضافيًا وبنفس الراتب اليومي.

محلّ صرافة سوري في إسطنبول قبل الجائحة (أ ب)
محلّ صرافة سوري في إسطنبول قبل الجائحة (أ ب)

ويضيف "قالت لنا إدارة المعمل بإمكانكم العمل لثلاثة أيام في الأسبوع فقط، وحين وصلنا في اليوم الأول من هذا النظام، تفاجأنا أن المطلوب منا هو عملنا اليومي، بالإضافة إلى تغطية عمل زملائنا الغائبين، بدورهم يقمون بذات الشيء في اليوم الذي نكون فيه نحن في المنزل".

لجأت إدارة المعمل إلى حل لأيام الحظر الشامل الذي يُفرض في البلاد، في يومي السبت والأحد من كل أسبوع، حيث بات العمل لا يغادرون المعمل منذ مساء الجمعة، قبل دخول الحظر حيز التنفيذ، وحتى صباح الإثنين حين تعود الحركة إلى طبيعتها.

فلسطينيون في المواجهة

يصل عدد الفلسطينيين السوريين في تركيا إلى قرابة عشرة آلاف لاجئ، وفق ما تقول "رابطة فلسطيني سورية في تركيا" لـ"عرب ٤٨" ويؤكد ناطق باسمها إن المناشدات التي أُطلقت خلال الفترة الأخيرة، لم تلق أي ردود فعل حقيقية.

ويضيف "بعد مناشدات عدة وصلت بعض المساعدات المالية إلى بعض العائلات في ولايتي مرسين وبورصة، شملت قرابة 450 عائلة فلسطينية، بلغت بين 40 و75 دولارًا، إلا أن المناشدات استمرت، فتلك المساعدات لا تغطي النقص الحاد الذي يعاني منه اللاجئون".

ووفقًا للرابطة، لم تجد غالبية ساحقة من اللاجئين الفلسطينيين ما يكفيهم لتناول وجبة الإفطار في شهر رمضان المبارك، حيث اضطرت كثير من العائلات لتناول التمر فقط كوجبتي سحور وفطور.

مبادرات فردية

على مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا، تطوّع سوريون لجمع مساعدات ونقلها إلى أسرٍ محتاجة في إسطنبول التركية، حيث شاركت مجموعة من الناشطين في عمليات تغليف السلّات الغذائية وزيارة المنازل في أكثر من حي من المدينة التركية.

لاجئون سوريون يعملون في معمل للنسيج قبل الجائحة (رويترز)
لاجئون سوريون يعملون في معمل للنسيج قبل الجائحة (رويترز)

إلا أن ذلك لا يزال غير كافٍ أمام غياب القدرة الحقيقة والمنظمة، لسدّ الاحتياجات الأساسية، وفق ما يشرح بعض اللاجئين، حيث أن المشكلة ليس في تأمين الطعام فقط، بل في تأمين المال الكافي لإيجار المنازل والنفقات الأخرى وفق ما جمع "عرب ٤٨" من معلومات.

التعليقات