ترحيل قسري للاجئين سوريين من لبنان إلى مناطق سيطرة النظام

رحّلت السلطات في لبنان حوالي خمسين سوريًّا خلال أقل من أسبوعين وأعادتهم إلى مناطق سيطرة النظام السوري قسرا، وسط زيادة في عدد المداهمات التي تشنّهما أجهزة الاستخبارات التابعة للجيش والتي تستهدف مواطنين سوريين في بيروت ومنطقة جبل لبنان.

ترحيل قسري للاجئين سوريين من لبنان إلى مناطق سيطرة النظام

أرشيفية (Getty Images)

كثّفت السلطات في لبنان عمليات الترحيل القسري للاجئين السوريين خلال الأسبوعين الماضيين، وأعادت العشرات إلى مناطق سيطرة النظام في سورية، حسبما أفاد مسؤولون أمنيون ومصدر إنساني، اليوم الجمعة، وذلك وسط تصاعد المشاعر المعادية للسوريين في لبنان والتي تفاقمت بسبب الأزمة الاقتصادية.

وقال مسؤول عسكري تحدث لوكالة "فرانس برس" (لم تسمه)، إنّه "تم ترحيل أكثر من 50 سوريًا من قبل الجيش في حوالي أسبوعين". وأكد مصدر أمني هذه المعلومات. وقال المصدران إنّ "مديرية المخابرات في الجيش اللبناني تقوم بتسليم الموقوفين المخالفين إلى فوج الحدود البرية الذي يتولّى وضعهم خارج الحدود اللبنانية".

وبحسب المسؤول العسكري فإنّ "مراكز التوقيف امتلأت"، ورفضت الأجهزة الأمنية الأخرى استلام الموقوفين السوريين في لبنان؛ وأوضح المسؤولان الأمني والعسكري أنّ السلطات اللبنانية لم تنسّق جهودها مع النظام في دمشق. وأشارا إلى أنّ عددًا من اللاجئين الذين تمّ ترحيلهم عادوا إلى لبنان بمساعدة مهرّبين مقابل 100 دولار عن كلّ شخص.

وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إنّها "تراقب" الوضع، مضيفة أنّها "تواصل الدعوة إلى احترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الإعادة القسرية". وسبق للبنان أن قام بعدّة محاولات وُصفت بالعودة الطوعية للمواطنين السوريين إلى بلدهم. غير أنّ منظمات حقوق الإنسان تعتبر هذه العودة قسرية.

وقال مصدر إنساني إنّه لاحظ زيادة في عدد المداهمات التي تشنّهما أجهزة الاستخبارات التابعة للجيش والتي تستهدف مواطنين سوريين في بيروت ومنطقة جبل لبنان منذ بداية نيسان/ أبريل الجاري، وأوضح أنه "في العام 2023، شُنّت خمس مداهمات على الأقلّ". وأوضح أنّه تمّ توقيف حوالى 450 سوريًا، وتأكّد ترحيل 66 سوريًا على الأقل.

ومنذ استعادة النظام في دمشق السيطرة على غالبية الأراضي السورية، سعت بعض الدول المضيفة إلى طرد اللاجئين، متذرّعة بنهاية نسبية للأعمال العدائية. وتقول منظمات حقوق الإنسان إنّ بعض اللاجئين تعرّضوا للاضطهاد، رافضة فكرة أنّ عودتهم آمنة.

ومن السوريين الذين تمّ ترحيلهم، منشقّ عن جيش النظام السوري بعد انطلاق الثورة عام 2011، وكان قد حذّر من أنّ "حياته في خطر"، حسبما قال أحد أقربائه لوكالة "فرانس برس". وكان يعيش في لبنان منذ العام 2014، وقد تمّ ترحيله مع زوجته وولديه.

من جانبه، ندد "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، مساء الخميس، بقيام الحكومة اللبنانية بـ"اعتقال لاجئين سوريين وترحيلهم إلى مناطق سيطرة النظام". وانتقد الائتلاف، في بيان، "الانتهاكات المتواصلة من قبل الحكومة اللبنانية بحق اللاجئين السوريين".

وأوضح أن الانتهاكات متمثلة في "حوادث الاعتقال والترحيل التعسفي إلى مناطق سيطرة نظام الأسد دون أي التزام بحقوق اللاجئين المنصوص والمتعارف عليها دوليًا، ودون أي مبالاة بالخطر المحدق الذي يلحق بهم فور عودتهم". وأضاف أن "ما تقوم به الحكومة اللبنانية يمثل الخطوة الأولى لجريمة وشيكة، عبر تسليمها الضحية للجلاد".

وتابع أن "جميع اللاجئين فروا من بطش نظام الأسد ووحشية أجهزته الأمنية التي مارست وما تزال عمليات الاعتقال والتعذيب الذي يتسبب في الموت". وطالب الائتلاف "الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية بالسعي الجاد واتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ اللاجئين السوريين في لبنان الذين أصبحوا ضحية انتهاكات الحكومة اللبنانية".

وذكر أن "عددا كبيرا من اللاجئين الذين تم ترحيلهم قسريا في وقت سابق إلى مناطق سيطرة نظام الأسد تعرضوا للاعتقال المباشر وتم إلصاق تهم زائفة بحقهم لزجهم في السجون المعروفة بالمسالخ البشرية".

وفرّ مئات آلاف السوريين إلى لبنان بعد اندلاع الثورة العام 2011 وقمع الاحتجاجات ضدّ النظام، الأمر الذي سرعان ما تحول إلى مواجهات مسلحة في جميع أنحاء سورية؛ وبحسب السلطات، يوجد حوالي مليوني لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، نحو 830 ألفًا منهم مسجّلون لدى الأمم المتحدة.

التعليقات