15 اتفاقية تعاون بين طهران والنظام السوري

لاشغري: المرحلة الجديدة من التعاون بين طهران ودمشق ستكون "بشكل رئيسي في المجال الاقتصادي رغم استمرار إيران تقديم المساعدة الأمنية والعسكرية".

15 اتفاقية تعاون بين طهران والنظام السوري

رئيسي وبشار الأسد في دمشق (Gettyimages)

في أول زيارة لرئيس إيراني إلى الدولة العربية التي مزقتها الحرب منذ 13 عاما، قاد إبراهيم رئيسي وفدا رفيع المستوى إلى سورية مؤخرا وعاد بعد توقيع مجموعة من اتفاقيات التعاون.

وفي 3 أيار/ مايو الجاري، رافق رئيسي وزراء الخارجية والنفط والدفاع والطرق والتنمية الحضرية والاتصالات، في الرحلة التي استغرقت يومين مع تركيز أساسي على الاقتصاد.

وقع الجانبان ما لا يقل عن 15 اتفاقية تعاون، بما في ذلك اتفاقية إستراتيجية شاملة طويلة الأمد، لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني، وفقًا لمسؤولين إيرانيين.

ولدى عودته إلى طهران، أشاد رئيسي بالرحلة بحماس شديد باعتبارها "نقطة تحول" في توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري والسياسي والأمني بين البلدين، حسب ما نقلت وسائل إعلام محلية.

وقال الرئيس الإيراني إن القضايا الاقتصادية والتجارية أصبحت الآن "على أجندة" سورية ودول المنطقة وسط تغيرات جيوسياسية، في إشارة إلى موجة التطبيع الأخيرة بين النظام السوري ودول عربية.

مرحلة جديدة

ودعمت إيران رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في قمع الثورة السورية عام 2011 التي تحولت إلى حرب شاملة استمرت عدة سنوات وخلفت وراءها آثارا من الموت والدمار.

ومع تحرك الدول العربية صوب النظام السوري بعد سنوات من العداء، ترى طهران أنه "انتصار شخصي" لأنها لعبت دورا رئيسيا في قلب الدفة لصالح الأسد.

وقال محسن لاشغري، محلل الشؤون الإستراتيجية في طهران، للأناضول إن "إيران دعمت الأسد عندما أدار الآخرون ظهرهم له، وهذا بالتحديد هو السبب الذي جعل طهران ترى موجة التطبيع الأخيرة انتصارا شخصيا".

كما ردد ما قاله مساعد الشؤون السياسية في مكتب الرئيس الإيراني، محمد جمشيدي، من أن زيارة رئيسي إلى سورية "علامة على انتصار إيران الإستراتيجي في المنطقة".

وقال لاشغري إن المرحلة الجديدة من التعاون بين طهران ودمشق ستكون "بشكل رئيسي في المجال الاقتصادي رغم استمرار إيران تقديم المساعدة الأمنية والعسكرية".

مستقبل اقتصادي

بعد إلقاء ثقلها لدعم الأسد خلال سنوات الحرب، تستعد إيران الآن للاستثمار في المستقبل الاقتصادي للنظام السوري، بما في ذلك أعمال إعادة الإعمار الجارية، كما صرح رئيسي ومسؤولون إيرانيون آخرون خلال الزيارة.

وناقش رئيسي والأسد خلال المحادثات الثنائية "سبل تطوير العلاقات الثنائية وتعزيزها"، و"التأكيد على التعاون القائم في مجال إعادة الإعمار"، حسب البيان المشترك.

كما أعرب الثنائي عن رغبتهما في "اتخاذ أي إجراء لازم لتطوير العلاقات الاقتصادية، وسط مساعي الدولة العربية إلى إنعاش اقتصادها الذي تدهور على خلفية الحرب والعقوبات".

وقال أمير علي دريوش، الخبير الاقتصادي المقيم في طهران، إن "زيارة رئيسي إلى سورية التي جاءت وسط تطبيع عربي مع دمشق، كانت تهدف في الأساس إلى إعادة تأكيد دعم إيران للأسد في مرحلة ما بعد الحرب، حيث يتحول التركيز تدريجيا نحو إعادة الإعمار والبناء".

وذكر دريوش للأناضول أن "العديد من دول المنطقة تقدمت لإعادة العلاقات مع سورية وتعهدت بالاستثمارات في إعادة إعمار البلاد، وبالتالي فمن الطبيعي أن إيران لا تريد أن تتخلف عن الركب".

في السنة التقويمية الإيرانية الأخيرة التي انتهت في 20 آذار/ مارس الماضي، نمت الصادرات الإيرانية إلى سورية بنسبة 11.4%، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية شبه الرسمية، ما يُظهر تحسن العلاقات التجارية بينهما.

وخلال لقاء رئيسي مع مجموعة من رجال الأعمال السوريين لمناقشة تعزيز التجارة الثنائية، قال إن الجانبان بحاجة إلى "اتخاذ خطوة إلى الأمام"، وفقا لوسائل الإعلام السورية.

كما التقى وزير المالية والشؤون الاقتصادية الإيراني، إحسان خاندوزي، مع نظيره السوري، كنان ياغي، واتفقا على تعزيز التعاون في البنوك والتأمين والجمارك، حسب التقارير الإعلامية ذاتها.

وتشمل الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين التجارة والنفط والطاقة والهندسة والإسكان والنقل بالسكك الحديدية والجوية والمناطق الحرة والاتصالات والتكنولوجيا والإغاثة بعد الزلزال، بحسب البيان المشترك.

قضايا أمنية

وبعد الرحلة، قال وزير الطاقة الإيراني، علي أكبر محرابيان، خلال لقائه في العراق مع وزير الموارد المائية في النظام السوري تمام رعد إن "بلاده مستعدة لتقديم التمويل والخبرة لإعادة تأهيل البنية التحتية السورية للمياه والكهرباء المدمرة".

وبينما كان البعد الاقتصادي هو السائد، ناقش الجانبان أيضا القضايا الأمنية، حيث أعرب وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي في لقاء مع نظيره السوري علي محمود عباس في دمشق عن استعداد طهران لتزويد جيش النظام السوري بالسلاح، وإقامة بنى تحتية دفاعية.

وجرى كذلك بحضور رئيسي والأسد توقيع عدد من اتفاقيات التعاون في مجال الزراعة والنفط والنقل والمناطق الحرة والاتصالات وعدد من المجالات الأخرى، دون ذكر مزيدا من التفاصيل.

والزيارة هي الأولى لرئيس إيراني إلى دمشق منذ أكثر من 12 عاما، رغم دعم طهران للنظام ضد المعارضة منذ انطلاق الثورة في سورية والحرب التي شنها النظام ضد المناطق التي خرجت عن سيطرته.

ومنذ عام 2011، جرت العديد من الزيارات لمسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى إلى سورية، كما زار الأسد إيران مرتين والتقى مرشدها الأعلى ورئيسها.

تغيير جيوسياسي

جاءت زيارة رئيسي إلى سورية، الأولى من نوعها لرئيس إيراني منذ جولة محمود أحمدي نجاد في تشرين أول/ أكتوبر 2010، وسط جهود دبلوماسية حثيثة في العالم العربي.

وقبل أيام من الزيارة، أعادت كل من إيران وسوريا العلاقات مع السعودية القوة العربية الكبرى، مع زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان دمشق للقاء الأسد في 18 نيسان/ أبريل الماضي.

وفي 7 أيار/ مايو الجاري، وافقت جامعة الدول العربية على إعادة قبول سورية بعد أكثر من عقد من التعليق.

وقال الباحث في شؤون الشرق الأوسط، أشكان حقيجي، في تصريح صحافي، إن "الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة تشير إلى أن إيران لديها الآن منافسة في سورية، مع وجود تقارير تفيد بأن السعودية ودول إقليمية أخرى تفكر في استثمارات كبيرة في المستقبل الاقتصادي للبلد الذي مزقته الحرب".

وبعد عودته إلى طهران، تحدث رئيسي عن اتفاقيات تعاون بين طهران ودمشق في مجالات مثل إنتاج وتوزيع الطاقة، وإنشاء بنوك وشركات تأمين مشتركة، وخفض التعريفات، وإحياء القطاع الزراعي السوري، من بين مجالات تعاون أخرى.

وأضاف أن تنفيذ الاتفاقيات "بدأت في سورية نفسها" خلال الزيارة.

استياء أميركي

في غضون ذلك، أبدت واشنطن استياءها الشديد من زيارة رئيسي إلى سورية، حيث حذر متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية من أن تعميق العلاقات بين الجانبين "يجب أن يكون مصدر قلق كبير للعالم".

وردا على ذلك، استخدم الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، المثل الفارسي لانتقاد نظيره الأميركي: "اغضب ومت من الغضب".

التعليقات