‫وثائق القذافي تكشف تورط الغرب في انتهاكات حقوق الإنسان‬

‫كشفت وثائق مخابرات الزعيم الليبي المخلوع، معمر القذافي، تورط عدة دول أوروبية في خرق حقوق الإنسان وتعاونها معه في ملاحقة معارضين، كما تكشف تزويد الصين أسلحة لكتائب القذافي خلال الثورة.‬

‫وثائق القذافي تكشف تورط الغرب في انتهاكات حقوق الإنسان‬

‫كشفت وثائق مخابرات الزعيم الليبي المخلوع، معمر القذافي، تورط عدة دول أوروبية في خرق حقوق الإنسان وتعاونها معه في ملاحقة معارضين، كما تكشف تزويد الصين أسلحة لكتائب القذافي خلال الثورة.‬

‫وخصصت عدة صحف أوروبية وأميركية صفحاتها لاستعراض ما تكشفه الوثائق السرية من تورط لبلادها في جرائم نظام القذافي. ‬

‫وذكرت وكالة فرانس برس أنن تهديد معمر القذافي بملاحقة الثوار "بيت بيت, زنقة زنقة"، لم يكن تهديداً عبثيا بل كان يستند إلى جيش المخبرين والمسلحين الذين كانوا ينتشرون في كل زاوية من زوايا المدن، وخصوصاً طرابلس.‬

‫
ففي مكتب بمبنى يقع في شارع البلدية المتفرع من ساحة الشهداء التي كانت تعرف سابقاً بالساحة الخضراءـ عثر الثوار على حلقة من شبكة التجسس التابعة للنظام السابق. وقال عبد الكريم قادر وهو أحد الثوار: "هذه كانت غرفة التحكم بكل طرابلس"، مشيراً إلى ثلاث خرائط أخذت من الاقمار الاصطناعية وتحمل تفاصيل أصغر الشوارع في العاصمة وتحدد كل المناطق المهمة فيها.‬

‫
وتشير المسامير المثبتة على الخرائط إلى المداخل التي يمكن أن يستخدمها المخبرون لدخول الاحياء بحثاً عن معارضي النظام. وأوضح قادر أن "الحواجز وقنوات الاتصال تضاعفت بعد انطلاق المقاومة"، في إشارة إلى التظاهرات التي بدأت منتصف فبراير الماضي وأدت إلى اندلاع حركة احتجاج مسلحة دفعت عائلة القذافي إلى الاختباء.‬

‫
وأضاف قادر أن الصور المأخوذة من كاميرات المراقبة على شاشات عملاقة ساعدت أجهزة الاستخبارت والمخبرين في التعرف على الذين شاركوا في التظاهرات المناهضة للنظام, مؤكداً أن "الوشاية كانت تطال كل منزل، ونظام القذافي كان يعرف كل من يسكن في كل منزل، ومن معه ومن ضده".‬

‫
وتحدث قادر على سبيل المثال عن حي سوق الجمعة في جنوب طرابلس والذي كان من أول جيوب المقاومة ضد نظام القذافي بعد 17 فبراير الماضي، موضحاً أن "هذا الحي الصغير كانت فيه خمسة حواجز ثابتة و14 حاجزاً متحركاً و170 رجلاً مسلحاً و90 عنصر دعم جاهزين للتحرك والانقضاض على المعارضة".‬ ‫
وأشار إلى أن أجهزة الاستخبارات كانت تقوم على مزيج من العسكر والمدنيين.‬

‫
وأظهرت وثائق اضافية تعود الى ارشيف أجهزة استخبارات القذافي، التعاون الوثيق بين وكالتي الاستخبارات المركزية الاميركية وجهاز "إم آي 6" البريطاني والاستخبارات الليبية.
وتشمل الوثائق التي حصلت عليها منظمة "هيومن رايتس ووتش" من ارشيف استخباراتي ليبي تفاصيل عملية سرية لاعتقال الاسلامي عبدالله الصديق (الاسم الحركي لعبد الكريم بلحاج) في ماليزيا العام ,2004 الذي يقود حاليا الثوار في طرابلس.‬

‫
ويرد في الوثائق أن الاستخبارات الأميركية أبلغت السلطات الليبية أنها ستعتقل الصديق وزوجته وتسلمهما إلى النظام الليبي. ‬

‫
وفي مكتب شارع البلدية، تحمل عشرات الملفات ـسماء العملاء وغالبيتهم يملكون اسلحة، ويتبعون 15 مركزاً أمنياً ووزارة الداخلية والخارجية وأجهزة الاستخبارات والأمن الوطني والشرطة العسكرية وقوات طرابلس والمجالس الثورية.‬

‫
وكان هناك على الأقل 500 مخبر صغير بينهم سائقو سيارات الأجرة الذين كانوا يعملون في مركز المدينة خلال فترة نظام القذافي.‬
‫
ولم يكن يجني هؤلاء أكثر من 400 دينار ليبي (حوالي 300 دولار) في الشهر الواحد، إلا أن رواتبهم كانت تشمل أيضاً حوافز مادية، فيما كان الضباط الأعلى رتبة يتقاضون حوالي 1200 دينار.‬

‫الصين…‬

‫هدد ناطق باسم الثوار الليبيين بمحاسبة الصين عبر القنوات الدولية بعد نشر تقارير تضم وثائق تكشف عن تزويد بيجينغ نظام العقيد معمر القذافي بالأسلحة بالرغم من الحظر المفروض والعقوبات الدولية. وقال المتحدث باسم الثوار الليبيين عبد الرحمن بوسين في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن الحكومة الانتقالية في ليبيا ستسعى لمحاسبة الصين عبر القنوات الدولية المناسبة.‬

‫وأضاف بوسين إن "احتمالات عمل أي بلد انتهك العقوبات في ليبيا، الغنية بالنفط، ستكون قليلة". وتابع "لدينا دليل على صفقات بين الصين والقذافي، وبحوزتنا وثائق تثبت ذلك"، مشيراً إلى أن لدى الثوار دليلا آخر بما في ذلك وثائق وأسلحة عثر عليها في ساحات المعارك ما يظهر ان عددا من الحكومات الأخرى أو الشركات كانت تزود قوات القذافي بالأسلحة بطريقة غير شرعية. ‬
‫وقال: "تدور في بالي 10 أسماء كبيرة".‬

‫وكانت صحيفة "غلوب أند ميل" الكندية نشرت وثائق عثر عليها أحد صحافييها، غرايم سميث، في النفايات في حي ليبي يقيم فيه العديد من مسؤولي النظام الليبي، تظهر أنه في الأسابيع الأخيرة لمعركة القذافي مع الثوار عرضت شركات صينية بيع حكومته أسلحة وذخائر في انتهاك للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على النظام الليبي.‬

‫وتتضمن الوثائق مذكرة تشير إلى رحلة قام بها مسؤولون ليبيون إلى بيجينغ في 16 تموز/ يوليو وعرضت خلالها شركات تملكها الحكومة الصينية بيع أسلحة بقيمة 200 مليون دولار إلى القذافي على أن تنقل عبر الجزائر وجنوب إفريقيا.‬

‫وقال مسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية " البنتاغون" ووزارة الخارجية الأميركية وأجهزة الاستخبارات إن لا علم لديهم بهذه التعاملات ويحتاجون وقتاً لتحليل الوثائق.‬

‫التجسس على صحافيي ليبيا‬

‫على صلة، كشفت الباحثة في هيومن رايتس ووتش، هبة مرايف (في الصورة)، أن 12 شركة أوروبية وأميركية تجسست على الصحافيين والنشطاء الليبيين على شبكة الإنترنت خلال عهد العقيد معمر القذافي.‬

‫وقال مرايف بحديث لموقع الجزيرة نت خلال زيارتها مدينة بنغازي أمس إن وثائق ومعلومات تؤكد قيام شركات بدور كبير في هذا الصدد وسماحها بالتجسس على الاتصالات والبريد الإلكتروني وخدمة السكاي بي عبر توفيرها سيرفرات المراقبة، مؤكدة أنها خلقت بيئة "قمعية" بدعمها هذه التوجهات التي اعتبرتها انتهاكات حقوقية "جسيمة". وحملت الشركات وحكومات الغرب المسؤولية، مضيفة أنها ساهمت في حرمان الليبيين من التحرك بحرية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مرجحة علم الشركات مسبقا بقيام النظام الليبي بعمليات التجسس.

وأكدت مرايف أن الحكومات الأوروبية والأميركية كانت على علم بهذه الأنشطة التجسسية، لكنها قالت إن شجاعة الصحافيين والنشطاء السياسيين في الداخل كان لها دور في استمرار تدفق الأخبار والمعلومات والحراك على الشبكة العنكبوتية.‬

‫ولفتت إلى أنهم قبل الثورة كانوا يعلمون عن تقديم أجهزة الأمن للمعتقلين مستنداتهم واتصالاتهم بالجهات الأجنبية والمعارضين، دون علمهم بهذا النشاط التجسسي الواسع الذي كشفت عنه الثورة.

وأكدت أنهم بصدد حفظ المستندات والوثائق والتدقيق في المعلومات التي تحتويها لمحاسبة المتورطين في هذه الأعمال، قائلة إن القذافي والمسؤولين معه يتحملون المسؤولية الكاملة، وذلك بهدف منع وقوع مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.‬

‫يشار إلى أن قناة "الليبية" التابعة لسيف الإسلام نجل معمر القذافي أعلنت في بداية الانتفاضة أنها بصدد نشر 3000 وثيقة إلكترونية عن نشاطات قناة الجزيرة وموقعها الإلكتروني.‬ ‫وعبرت الباحثة عن خشيتها من ضياع أدلة الاتهام بحق القذافي وأعوانه، مؤكدة أن الأدلة تساعد في محاكمة القذافي عن فترة حكمه، داعية المجلس الانتقالي إلى التحرك لحفظ وثائق الأجهزة الأمنية التي توثق ممارسات أجهزة الأمن ضد الصحفيين والنشطاء الحقوقيين والمعارضين، وما تعرضوا له من اعتقالات وتعذيب وإعدامات.

‫وذكرت أن الوثائق لا تعني فقط تاريخ القذافي، بل تاريخ شخصيات تورطت في إصدار أوامر التعذيب والقتل والاعتقالات، ومحاسبتهم لا تأتي إلا عن طريق توفير الأدلة. كما دعت إلى حماية المستندات من التدخلات الشخصية سواء من الصحافيين أو الأفراد، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في خلق نظام أرشفة من أجل التعامل الرسمي معها خلال الفترة الانتقالية، وتوقعت قيام أعوان القذافي بإخفائها.‬
‫وأوضحت أن نقابة محامي طرابلس عليها أيضا حماية الوثائق من الضياع في الوقت الحالي لأهميتها القانونية، مؤكدة أنه في ليبيا ما زالت هناك فرصة كبيرة لاتخاذ إجراءات الحماية، موضحة أن بعض الوثائق ضاعت في أيام الثورة الأولى، دون توضيحها إن كانت العملية مقصودة أم لا.‬

‫وأضافت أنها زارت مقر الأمن الداخلي في بنغازي خلال شهر فبراير/شباط الماضي ولم تجد أي وثائق، مشيرة إلى أن بعض المعتقلين السابقين حصلوا على ملفاتهم الشخصية، ورفضوا الإفصاح عنها لاحتوائها على أسرار عائلاتهم.

ونبهت إلى أن محاسبة بعض القيادات المتورطة في التعذيب والاعتقالات التعسفية، ناهيك عن التدخل في حرية التعبير، تؤكد للقيادة السياسية المقبلة أنها ليست بمنأى عن العقاب في حال ارتكابها نفس الأفعال.‬

‫وفي ملف آخر، قالت إن منظمتها لم تتوصل إلى الحقيقة الكاملة في مذبحة سجن بوسليم عام 1996 التي راح ضحيتها 1200 سجين أغلبهم من ذوي التوجهات الإسلامية، مشيرة إلى أنه حتى الآن "لا نعرف من أصدر أمر القتل أو المشاركين في المذبحة"، ودعت الحكومة المقبلة لأن تضع في أولوياتها فتح تحقيق في هذه القضية وقضايا الاعتقالات التعسفية ومداهمات البيوت والتعذيب.‬

اغتيال سيف الإسلام‬

‫كشفت صحيفة "اندبندانت" البريطانية اليوم أن جهاز الأمن الخارجي البريطاني "إم آي 6" وشرطة سكوتلند يارد أنقذتا سيف الإسلام، نجل العقيد الليبي معمر القذافي، من مؤامرة اغتيال خططت لها جماعة إسلامية على الأراضي البريطانية. وقالت الصحيفة إن الكشف جاء في وثائق سرية عثرت عليها في ليبيا، وأظهرت أيضاً أن الاستخبارات البريطانية تشتبه في وجود صلة بين مؤامرة اغتيال سيف الإسلام وقطر.‬

‫وأضافت إن جهاز "آم آي 6" اتصل بنظيره الفرنسي بعدما أبلغته السلطات الليبية أن خلية إرهابية زُعم أنها على علاقة بقطر كانت تخطط لتصفية سيف الإسلام في باريس، وأبلغ الفرنسيون المسؤولين البريطانيين وقتها أن وزير الداخلية القطري الشيخ عبد الله بن خالد آل ثاني زعم بأنه "كان يُعرف بتعاطفه مع الجماعات الإسلامية المتطرفة".‬

‫
وأشارت الصحيفة إلى أن الفرنسيين لم يقدموا أي أدلة تدعم هذا الاتهام، لكن مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الأميركية كانوا يعتقدون في عام 2003 أن الوزير القطري نفسه كانت له صلات بتنظيم القاعدة.‬

‫
وتابعت الصحيفة إن ليبيا طلبت مساعدة بريطانيا لإنقاذ حياة سيف الإسلام القذافي، ووردت تفاصيل ذلك في رسالة وجهها مسؤول بارز في جهاز "أم آي 6" إلى مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الليبية، وعُثر عليها بين وثائق عديدة تتعلق بسيف الإسلام في مكتب وزير الخارجية الليبي السابق موسى كوسا، الذي انشق عن النظام في الأيام الأولى للثورة.‬

‫
ونقلت الصحيفة عن الرسالة أن "الطلب الليبي جرى إمراره إلى الفرع الخاص بشرطة العاصمة لندن، الذي وضع سيف الإسلام على لائحته للأشخاص المعرضين للخطر، وزاره حين أقام في لندن لمناقشة التهديد معه وبدا مقتنعاً بالتدابير التي جرى اتخاذها لحمايته"، مضيفةً أنّ الحكومة البريطانية نظرت إلى سيف الإسلام كشخصية رئيسية لإخراج ليبيا من العزلة، وإنهاء سعيها إلى بناء ترسانة نووية، فيما أشاد مسؤول بريطاني في مذكرة كتبها في أيلول/سبتمبر 2004 بمساهماته في الحوار المستمر بين لندن وطرابلس، وعدّها بناءة للغاية.‬

التعليقات