وزير خارجية مصر الجديد: فاوض في «كامب ديفيد»، يرفض حصار غزة ويدعو لمراجعة الإتفاقيات

نشر السفير والخبير القانوني نبيل العربي، الذي تم تعيينه اليوم وزيراً لخارجية مصر، بعد ثورة 25 يناير مقالة قصيرة في صحيفة "الشروق" المصرية، استعرض فيها رؤيته للسياسة الخارجية المصرية، داعياً الى مراجعة الحصار المفروض على قطاع غزة، الذي قال إنه يتعارض والقانون الدولي الإنساني.

وزير خارجية مصر الجديد: فاوض في «كامب ديفيد»، يرفض حصار غزة ويدعو لمراجعة الإتفاقيات

 نشر السفير والخبير القانوني نبيل العربي، الذي تم تعيينه اليوم وزيراً لخارجية مصر، بعد ثورة 25 يناير مقالة قصيرة في صحيفة "الشروق" المصرية، استعرض فيها رؤيته للسياسة الخارجية المصرية، داعياً الى مراجعة الحصار المفروض على قطاع غزة، الذي قال إنه يتعارض والقانون الدولي الإنساني.

 

وتكشف المقالة ما طرحه العربي لإعادة بناء السياسة الخارجية المصرية في الفترة المقبلة، بعد ثورة 25 يناير، كأفكار أولية تهدف معالجة سلبيات الماضي التي أثرت على مكانة مصر وريادتها الإقليمية، ودورها الفاعل في مسار الأحداث دولياً.

 

وتستند المقالة على نتائج الثورة، التي دفعت باتجاه إعادة بناء الدولة المصرية من الداخل، تحترم القانون والمعاهدات الدولية المختلفة، التي اعتبرها بداية لبلورة سياسة خارجية مصرية قوية تحظى باحترام النظام الدولي، وتعيد لمصر مكانتها الإقليمية.

 

العربي ديبلوماسي مخضرم شارك في مفاوضات كامب ديفيد في العام 1978, التي 1979 بصفته رئيسا للإدارة القانونية بوزارة الخارجية المصرية في ذلك الحين.  وكان قاضيا في محكمة العدل الدولية في الفترة من 2001 إلى 2006، وهو من الشخصيات التي تحظى بالتقدير في مصر بشكل عام.  وكان اسم العربي ضمن قائمة الشخصيات التي اقترح "ائتلاف شباب 25 يناير" ضمها إلى حكومة رئيس الوزراء الجديد عصام شرف.

 

يعيد موقع عرب 48 نشر المقالة للتعرف على وزير خارجية مصر الجديد:

 


حان الوقت لمراجعة سياستنا الخارجية

  

كانت الثورة البيضاء العظيمة التي قادها شباب 25 يناير وشاركت فيها جميع فئات الشعب المصري لحظة تاريخية فارقة، وسوف تبقى دائما شعلة مضيئة تنير الطريق لجميع شعوب العالم.

 

هذه الثورة أفرزت العديد من الدروس المهمة التي يلزم دراستها بعناية، ولا شك أن المحللين السياسيين في أروقة الحكومات ومعاهد الدراسات سيعكفون على دراستها لسنوات طويلة.

 

نحن فى بداية مرحلة جديدة يرجو الجميع أن تنعم فيها مصر بحكم رشيد يحقق الديمقراطية السليمة واحترام حقوق الإنسان والمساواة للجميع بدون أى نوع من التفرقة أو التمييز.

 

المطلوب إقامة دولة عصرية علمانية يحكمها القانون الذي يطبق على الجميع وهذا يقتضى إلغاء الكم الهائل من القوانين التي قام ما يطلق عليهم بـ «ترزية» القوانين بصياغتها خلال السنوات الماضية. بمعنى أن الإطار الدستوري والقانوني الذي حكم مصر لما يزيد على خمسين عاما يجب إعادة النظر فيه بعمق وجدية وشفافية.

 

هذا الموضوع يطرح نفسه بشدة بعد نجاح ثورة 25 يناير في إبراز ضرورة مراجعة الأوضاع الداخلية وتعديل الدستور والقوانين واللوائح التي أعاقت التطبيق السليم لروح العدالة والحق الطبيعي في احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي تنادي بها المواثيق الدولية.

 

لم تكن سياسة مصر الخارجية في السنوات الأخيرة تعالج بأسلوب علمي عصري يؤدي إلى اتخاذ القرارات بعد دراسة متأنية لجميع أبعاد المسائل المطروحة بواسطة خبراء متخصصين. وكانت لا تعدو أن تكون ردود أفعال للأحداث وكانت القرارات تتخذ بأسلوب فردي وقد يكون أيضا أحيانا عشوائيا يتم من دون الدراسة المطلوبة.

 

مصر لها وزن كبير ولها دور تاريخي مهم ولها إسهامات في جميع المجالات الدولية وليس فقط في العالم العربي ومحيطها الأفريقي. ولا يليق بمصر أن تتسم سياساتها الخارجية والمواقف التي تتخذها بالارتجالية أو بمخالفات جسيمة لقواعد أساسية في القانون الدولي مثل الموقف الذي تتبناه مصر تجاه الحصار المفروض على قطاع غزة والذي يتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني، التي تحرم حصار المدنيين حتى في أوقات الحروب. هذا الأسلوب في اتخاذ قرارات تتعلق بالأمن القومي لا يتفق مع مكانة مصر وتاريخها.

 

لذلك أتمنى أن تقرر الدولة إنشاء مجلس أمن قومي دائم يشرف على اتخاذ القرارات التي تتعلق بالسياسة الخارجية. وهذا التوجه لا يمس اختصاص وزارة الخارجية الأصيل في معالجة الشؤون الخارجية، ولكن العديد من المسائل طبيعتها متشعبة متشابكة وتحوى جوانب تخرج من اختصاص وزارة الخارجية، بحيث يلزم رأى أكثر من جهة فى الدولة.

 

جميع الدول المتقدمة في عالمنا المعاصر أنشأت مجالس أمن قومي منذ سنوات، وقد أزف الوقت لأن تقدم مصر على اتخاذ هذه الخطوة الإستراتيجية المهمة.

 

يهمني على وجه الخصوص الإشارة إلى بعض الجوانب القانونية التي تحدد الإطار العام للسياسة الخارجية:

 

أولا: إن القانون الدولي يقضى بأن الدول حديثة النشأة مثل حالات الاستقلال من الاستعمار أو حالات انفصال دولة، فيحق للدولة الحديثة طبقا لقواعد التوارث الدولي أن تعلن عدم التزامها ببعض تعهداتها الدولية وهو ما يطلق عليه في القانون الدولي مبدأ .Doctrine of Clean Slate وهذا المبدأ لا ينطبق على الاتفاقيات التي تتعلق بالحدود. فاستقرار

الحدود الدولية له قدسية في القانون الدولي ولا يجوز المساس بها.

 

ثانيا: أما الدول التي يتغير نظامها الداخلي فقط وهذه هي الحالة التي تنطبق على مصر اليوم، فعليها الاستمرار فى احترام التزاماتها التعاقدية وهو ما أكده البيان الدستوري الذي صدر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ولكن من حق مصر التحقق من أن الأطراف الأخرى في هذه المعاهدات تحترم هذه الالتزامات ولا تخالفها.

 

فالقانون الدولي يسمح للدول بإعادة النظر في التزاماتها الدولية في حالتين:

 

1- إذا كان هناك تغير جوهري في الظروف Fundamental Change of Circumstances.

وهو ما أقدمت عليه مصر مرتين فى تاريخها الحديث:

 

الأولى: عندما قامت حكومة النحاس باشا في أكتوبر 1951 بإلغاء معاهدة 1936. والثانية: فى مارس 1976 عندما قرر الرئيس السادات إلغاء معاهدة الصداقة التي أبرمت مع الاتحاد السوفييتي عام 1971 .

 

2- أما إذا كان هناك إخلال جوهري Material Breach بأحد أحكام معاهدة، فإنه يحق للطرف الآخر وقف Suspend أو إنهاء Terminate المعاهدة طبقا لجسامة مخالفة الطرف الآخر لأحكامها وهو ما ينطبق على جميع التزامات مصر الدولية بما في ذلك التزاماتها النابعة من معاهدة السلام مع إسرائيل إذا تبين أن هناك إخلالا بأحكام هذه المعاهدة من جانبها.

 

ثالثاً: وفي إطار العلاقات الدولية وحتى تدخل مصر القرن الواحد والعشرين، لا بد من الإقدام على عدة خطوات حتى تصبح مصر دولة تحترم وتلتزم بقواعد القانون الدولي الإنساني ومن أهم هذه الخطوات:

 

ـ قبول الإختصاص الإلزامي العام لمحكمة العدل الدولية. مصر تقبل منذ عام 1957 الاختصاص الإلزامي في ما يتعلق بإدارة قناة السويس طبقا لاتفاقية القسطنطينية لعام 1888.

 

ـ التصديق على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ICC.

 

ـ الدخول في البروتوكولات الإضافية لجميع اتفاقيات حقوق الإنسان بما في ذلك بروتوكولات جينيف.

 

هذه بعض مقترحات أسوقها بإيجاز وكلها تصب في سعى الارتقاء بمصر دوليا ورفع شأنها بين الدول. لابد من الإقدام على مراجعة شاملة لسياسة مصر الخارجية بهدف التحقق من أن معاهدات مصر مع الدول الأخرى تحترم من الجانبين على قدم المساواة وتطبق تطبيقا سليما ليس فيه إجحاف بحقوق مصر السيادية.

التعليقات