مصر: مليونيّة في جمعة "وحدة الصف ولمّ الشمل" تأكيدا على مطالب الثورة

احتشد مئات الآلاف المصريين يوم الجمعة، في ميدان التحرير بوسط القاهرة، للتأكيد على وحدة الصف للمطالبة بالتغيير، لكن الانقسامات ما زالت موجودة حول طريقة الضغط على المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد، بشأن وتيرة ومدى الاصلاحات، وفي موازاة ذلك خرج عشرات الالاف في مدن رئيسية أخرى، منها الاسكندرية.

مصر: مليونيّة في جمعة

 

احتشد مئات الآلاف المصريين يوم الجمعة، في ميدان التحرير بوسط القاهرة، للتأكيد على وحدة الصف للمطالبة بالتغيير، لكن الانقسامات ما زالت موجودة حول طريقة الضغط على المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد، بشأن وتيرة ومدى الاصلاحات، وفي موازاة ذلك خرج عشرات الالاف في مدن رئيسية أخرى، منها الاسكندرية.

وردد المتظاهرون المظاهرة التي أطلق عليها "الوحدة ولمّ الشمل"، والذين ناهز عددهم المليون، هتافات "الشعب والجيش إيد واحدة"، وهو المعنى نفسه الذي أكد عليه خطيب الجمعة، الشيخ حازم شومان، لتحقيق أهداف الثورة، لافتًإ لى أن استمرار الاعتصام بميدان التحرير هو بمثابة جهاد في سبيل الله.

"مليونية الإرداة الشعبية" أو "جمعة الوحدة"

هذا وأعرب عدد من ممثلي القوى السياسية في مصر، عن آمالهم في أن تتمكن "مليونية الإرادة الشعبية"، أو جمعة الوحدة، من القضاء على الاستقطاب الحاد الذي لاحت نذره في الآونة الأخيرة بين شركاء الثورة.

وكان المتظاهرون من كافة الأطياف السياسية قد توافدوا إلى ميدان التحرير، شملت القوى القومية، واليسارية، وجماعة الإخوان المسلمين، والسلفيين، وأفراد الشعب غير المنتمين لأي تيارات سياسية.

واتفق عدد من ممثلي التيارات السياسية المدنية والدينية، على التخلي عن الشعارات الخلافية بهذه الجمعة، بغية استعادة التوافق الوطني وإحياء أهداف الثورة، لكن وكالة رويترز نقلت أن الهتافات الاسلامية غلبت على الميدان مثل "لا إله إلا الله" و"إسلامية إسلامية"، ووصف قيادي كبير من جماعة الإخوان المسلمين مظاهرة اليوم بأنها جمعة وحدة كل القوى السياسية.

 وكانت حركة شباب 6 أبريل قد شدّدت على ضرورة الارتقاء فوق أي اختلافات آيديولوجية، مؤكدة أن الثورة تمر بمرحلة تاريخية هي أحوج ما تكون فيها إلى الوحدة ولمّ الشمل، خاصة مع استقبال شهر رمضان المبارك.

وعبر محمد عادل، المتحدث باسم 6 أبريل، عن سعادته قبل مظاهرة الجمعة، لأن القوى السياسية أظهرت جبهة موحدة في هذا المنعطف المهم في الثورة.

وقال القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، إن الجمعة تستهدف لمّ الشمل واستعادة الوفاق الوطني وتحقيق وحدة الصف، مشددا على أن الاحتشاد الأساسي حول استكمال تنفيذ مطالب الثورة.

العريان يرفض أن تكون المظاهرات بهدف ردّ الاعتبار لاستفتاء 19 آذار

ورفض الدكتور عصام العريان، في تصريح نشرته الجزيرة، وصف جمعة اليوم بأنها رد اعتبار لاستفتاء 19 مارس/ آذار، مشددا على أن الثورة لن تحقق أهدافها إلا بتكاتف أبنائها ومواصلة ضغوطهم.

ولم يستبعد أن تكون هناك مليونيات في شهر رمضان إذا اقتضت الظروف ذلك، مشيرا إلى أن الإخوان المسلمين سيكتفون بالبقاء في الميدان حتى ساعة معينة، ولن يشاركوا في الاعتصام.

هذا الموقف التوافقي عبر عنه أيضا شباب الثورة المعتصمون بالميدان، فيقول عمرو عبد الرحمن، أحد المعتصمين والمتحدث باسم المجلس التنفيذي للدفاع عن شرعية الثورة، إن الجمعة سيكون يوما عظيما بالمشاركة التامة بين رفاق الوطن.

وأضاف: "ننزل بالتوافق مع القوى الوطنية الثورية، مهما كانت الخلافات بيننا، فهذه جمعة طي الخلافات"، وأكد أن مصر لن تستكمل ثورتها إلا بقواها جميعا، ودون استبعاد أي فصيل سياسي.

وأشار إلى أنهم يحترمون وجهة نظر القوى الإسلامية في عدم الاعتصام بالميدان، لكنهم سيواصلون الاعتصام، لأنهم يؤمنون بأن المجلس العسكري يمثل النظام وليس الجيش، وأنه لم يستجب لمطالب إعادة تشكيل الحكومة، وتنظيفها من ممثلي أمانة السياسات بالحزب الوطني المنحل، وصدور قرار وزير الداخلية بنقل الضباط قتلة الثوار لم يتم إلا بعد استمرار الاعتصام، باعتبار أنه ورقة الضغط التي ينبغي عدم التخلي عنها.

وكان الإخوان المسلمون قد انضموا إلى مظاهرة حاشدة مع التيارات الأخرى في الثامن من يوليو/ تموز، للمطالبة بتطهير أكبر في مؤسسات الدولة، والتخلص من المسؤولين الذين عملوا مع نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وإجراء محاكمات عاجلة للمتهمين بالفساد، لكنهم تراجعوا منذ ذلك الحين.

وقال إسلاميون إنهم يريدون إعطاء الجيش فرصة الاستجابة للمطالب، لكن جماعات أخرى مثل حركة شباب 6 أبريل، قررت الاستمرار في الضغط مع بعض المعتصمين في الميدان.

وشدّد القائمون على تأمين مداخل ميدان التحرير إجراءاتهم للحيلولة دون دخول عناصر خارجة على القانون، أو عناصر تتبع النظام السابق لإحداث فوضى، بينما جهزت وزارة الصحة عيادة طبية متنقلة تمركزت على مقربة من ميدان التحرير.

وتمركزت نحو خمسين سيارة إسعاف بمحيط الميدان في ظل غياب تام لأي عناصر من الشرطة أو الجيش، الذي فضّل نشر آلياته الخفيفة بمحيط مجالس الشعب والشورى والوزراء، ووزارات الداخلية، والعدل، والبترول، والمالية، إلى جانب اتحاد الإذاعة والتليفزيون والبنك المركزي.

الإخوان و6 أبريل يرفضون الشعارات الاسلامية التي رفعت

وفي هذة الأثناء، رفض عصام العريان، الشعارات الاسلامية التي رفعت في ميدان التحرير من بعض التيارات الاسلامية، مشيرا إلى أنه ومنذ بداية الثورة، وعلى مدار الـ 18 يوما من الثورة، لم تقم جماعة الاخوان المسلمين برفع مثل هذه الشعارات على الإطلاق، ويجب على الميدان الآن أن يرجع لهذه الأيام ويسلك السلوك نفسه .

وردا على اتهام بسيطرة التيار الاسلامى والاخوان المسلمين على الميدان، قال العريان فى حديث له في برنامج "صباح الخير يا مصر"، صباح الجمعة، إن المنصة الموجودة في الميدان مفتوحة لجميع الالوان السياسية، وليست مقتصرة على تيارات محددة، لافتا إلى أن الاخوان المسلمين ليس لهم سوى كلمة واحدة على المنصة، وأن هذة الحشود الموجودة تتواجد بصفتهم مصريون فقط .

كما اعترضت حركة 6 أبريل على الهتافات التي رفعاتها التيارات الاسلامية في ميدان التحرير، ومنها "إسلامية إسلامية"، مستنكرة رفض هذة التيارات للدولة المدنية ومطالبتهم بدولة اسلامية، وقال كريم الفولي، أحد أعضاء الحركة، إنهم أبلغوا هذه التيارات الاسلامية بأنهم ارتكبوا أخطاء، ومنها رفع رايات اسلامية، مؤكدا أن هذه التيارات اعترفت بهذة الأخطاء واعتذرت عنها .

المطالب التي أعلنها المتظاهرون

ومن جهة أخرى، اتفقت القوى السياسية على مطالب جمعة اليوم أبرزها: وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين وإعادة محاكمتهم أمام المحاكم الطبيعية، والإسراع نحو محاكمة قتلة الثوار، وتعويض أسر الشهداء، وتخصيص دوائر بعينها لمحاكمة رءوس الفساد.

كما تتضمن المطالب رفع مستوى وتحديد حديْن أدنى وأقصى للأجور، وسرعة محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك وأركان نظامه، وفتح التحقيق في ملف القناصة، وتحديد جدول زمني للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وتحديد صلاحيات المجلس العسكري.

"جمعة تظهير الميدان من العلمانيين"

وكان حزب "المصريون الأحرار"، الذي يتزعمه نجيب ساويرس، أعلن عدم مشاركته في المظاهرة، لكنه تراجع عن موقفه، في حين أن قوى ليبرالية أعلنت استمرار مقاطعتها احتجاجا على وصف البعض لجمعة اليوم بأنها "جمعة تطهير الميدان من العلمانيين".

وأما الجمعية الوطنية للتغيير، فأعلنت رفضها المشاركة، وقال عضو الجمعية محمد موسى وفقا للجزيرة، إن سبب الرفض يعود لإصرار السلفيين على رفع شعارات خلافية، مثل رفضهم وثيقة المواد الحاكمة (فوق الدستورية)، التي من شأنها برأيه الحفاظ على الحريات والحقوق.

وبالمقابل، قال المتحدث باسم حزب النور السلفي، إنهم مصرون على رفع شعارات رفض الوثيقة الحاكمة، ورفض إصدار أي إعلان دستوري قبل الانتخابات، مشيرا إلى أن بعض الأطراف خرجت يوم 28 يونيو/ حزيران فيما سُمي بثورة الغضب الثانية، ورفع شعارات "الدستور أولا"، وغيرها من الشعارات الخلافية، بدون توافق وطني، ولم يتعرض لهم أحد أو يتهمهم بشق الصف.

وأضاف الدكتور محمد يسري، أن التوافق ليس معناه التطابق، مشيرا إلى أن هذه الجمعة تبعث برسالة لكل من تسول له نفسه سلوك الطرق الملتوية للالتفاف على استفتاء 19 مارس/ آذار.

وكان المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، د. حازم صلاح أبو إسماعيل، دعا المصريين للنزول إلى الجمعة للتعبير عن رفضهم للوثيقة الحاكمة للدستور.

وفي ميدان التحرير، اتفق على قيام الإخوان بالحماية، وتعدد المنصات مع تدوير ممثلي القوى السياسية عليها، بينما اختُلف على تسمية خطيب الجمعة، هل يكون محمد حسان أم مظهر شاهين.

القرضاوي يطالب القوى السياسية بالحفاظ على روح ميدان التحرير والوحدة

من جهة أخرى، طالب القرضاوي المجلس العسكري بتحقيق الأهداف الأساسية التي طالبت بها جموع الشعب المصري وفق جدول زمني محدد، وألا يحيد عنها تحت أي ضغوط، ويظل منحازا وراعيا لها، وعلى رأسها صرف مستحقات "أسر الشهداء"، والإسراع في محاكمة المتهمين بقتل المتظاهرين، و"ملاحقة الفاسدين والعلاج الكامل على نفقة الدولة لمصابي الثورة".

ووجه القرضاوي رسالة إلى قوى الثورة التي طالبها بالتوحد، والوقوف معا في صف واحد؛ كما دعا شباب الثورة إلى الحفاظ على روح ميدان التحرير، وعدم السماح بتشويه صورته، وطالب القرضاوي الحكومة المصرية بالاستجابة لإرادة الشعب، وأن تكون معبرة عن آمالها لتحقيق أهداف الثورة، وفقا لوسائل إعلام مصرية.

وطالب القرضاوي القوى السياسية بـ"وضع المصلحة الوطنية قبل أي مصالح فئوية، وللوقوف معا لتحقيق أهداف الثورة".

التعليقات