‫مصر: تخبط رسمي أمام غضب شعبي‬

بدا الموقف المصري الرسمي منذ يوم أمس السبت متخبطاً في تعامله مع استشهاد ٣ جنود مصريين برصاص إسرائيلي في سيناء، في مقابل موقف شعبي غضب، إذ أصدرت الحكومة المصرية ٣ بيانات متضاربة خلال ١٢ ساعة حول سحب السفير المصري من تل أبيب.

‫مصر: تخبط رسمي أمام غضب شعبي‬

بدا الموقف المصري الرسمي منذ يوم أمس السبت متخبطاً في تعامله مع استشهاد ٣ جنود مصريين برصاص إسرائيلي في سيناء، في مقابل موقف شعبي غضب، إذ أصدرت الحكومة المصرية ٣ بيانات متضاربة خلال ١٢ ساعة حول سحب السفير المصري من تل أبيب.

واليوم، وصفت مصر البيان الإسرائيلي حول مقتل الجنود المصريين في سيناء الخميس الماضي بالإيجابي لكنه لايتناسب مع جسامة الحادث. وقالت اللجنة الوزارية المشكلة لإدارة الأزمات "إن البيان الإسرائيلي حول الحادث الذي راح ضحيته الجنود المصريين وإن كان في ظاهره ايجابيا، إلا أنه لا يتناسب مع جسامة الحادث وحالة الغضب المصري من التصرفات الإسرائيلية".

وأدانت "الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة التي تزيد احتقان الرأي العام المصري والعربي". وطالبت "بتحديد دقيق للسقف الزمني للإنتهاء من التحقيقات"، وأكدت "حرص مصر على السلام مع إسرائيل".

وقال أسامة هيكل، وزير الإعلام في المؤتمر الصحافيـ عقب انتهاء الإجتماع فجر اليوم الأحد "إن اللجنة تؤكد رفض الحكومة المصرية لتصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين والغربيين حول الوضع الأمني في سيناء وتاريخ تعامل الحكومة المصرية معه، وتؤكد أن سيناء وأمنها القومي شأن مصري لا يجب التدخل فيه". وأضاف هيكل أن "الحكومة المصرية توافق على اجراء تحقيق مشترك للكشف عن ملابسات الحادث لمنع تكراره ولن تقبل الحكومة المصرية أن تضيع دماء مصرية هدراً".

وذكرت صحيفة "الشروق" المصرية المستقلة أنالحكومة سحبت قرار سحب السفير المصري من إسرائيل ثم تتراجع عن التراجع عن قرار استدعاء السفير ثم تعيد بيان عدم سحب السفير. وأوضحت الصحيفة أن "الجملة تبدو معقدة وعبثية لكنها على تعقيدها تلخص حالة التخبط التي أعقبت اجتماع اللجنة الوزارية الطارئة الخاصة ببحث أحداث سيناء أول أمس".

وقالت الصحيفة: فبعد أربعة ساعات من مناقشات استمرت حتى الثانية من فجر أمس (السبت) أصدرت حكومة عصام شرف بيانا قرأه وزير الإعلام أسامة هيكل ويطرح نقطتين أساسيتين أو قرارين صدرا عن الوزراء. أولهما استدعاء السفير الإسرائيلي لدى القاهرة لإبلاغه رسميا احتجاج مصر على إطلاق النار "داخل الجانب الإسرائيلي بشكل أدى إلى سقوط ضحايا وإراقة دماء داخل مصر". وثانيها مطالبة تل أبيب بإجراء "تحقيق رسمي مشترك" مع القاهرة "لكشف ملابسات الحادث وتحديد المسئولين عنه واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة على نحو يحفظ حقوق الضحايا والمصابين المصريين".

كانت الاحتجاجات تشتعل عند كوبري جامعة القاهرة، ومع اقتراب موعد أذان الفجر ازدادت أعداد المتظاهرين وهم يحاولون الاقتراب من المدخل المؤدي إلي البناية رقم (6 أ) المطلة على النيل والتي تستضيف في طوابقها الثلاث الأخيرة سفارة إسرائيل.

وكما كان لمجلس الوزراء قرارين كان لدى المتظاهرين طلبين يصران على أن تلبيهم الحكومة أو المجلس العسكري الحاكم الفعلي للبلاد منذ سقوط مبارك.. "نزل العلم.. نزل العلم".. "هو يمشي مش هانمشي"، هكذا لخصوا مطالبهم بتنكيس العلم ورحيل السفير الإسرائيلي إيتسحاق ليفانون اعتراضا على انتهاك السيادة المصرية ومقتل جنود الجيش وباعتبار أن بيان الحكومة الأول "ضعيف ولا يرقى لمستوى الحدث"
مر ما يقرب من ساعتين.. وبعد دقائق من انتهاء المتظاهرين من أداء صلاة الفجر أمام قوات الجيش التي تراصت أمامهم نشر مجلس الوزراء على موقعه الرسمي على الانترنت بيانا جديدا، يتبنى لهجة تصعيدية تجاه تل أبيب لمقارنة بالنص الأول، والأهم انه حمل قرارا جديدا.

وجاء في البيان أن اللجنة الوزارية قررت "ولحين موافاتنا بنتائج تحقيقات السلطات الإسرائيلية واعتذار قادتها عن تصريحاتهم المتعجلة والمؤسفة تجاه مصر سيتم سحب السفير المصري من إسرائيل". وهو نفس الخبر الذي أذاعه التليفزيون المصري على قناته الأولى عبر شريط الأخبار السريعة والعاجلة.

كما انتقد البيان ما وصفه بـ"التصريحات غير المسؤولة والمتسرعة لبعض القيادات في إسرائيل الأمر الذي يفتقر للحكمة والتروي قبل إصدار أحكام واستباق معرفة حقيقة ما حدث لاسيما فيما يتعلق بالعلاقات المصرية-الإسرائيلية وحساسيتها"، في إشارة ربما إلى تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، الذي اعتبر أن الحادث يعكس "ضعف السيطرة الأمنية" المصرية على سيناء، بينما اعتبرت القاهرة حادث الحدود "خرقا لبنود اتفاقية السلام" التي وقعها البلدان قبل أكثر من 30 عاما.

لم تكد تمضي ساعات أخرى حتى تم رفع الخبر من على موقع مجلس الوزراء وأشار الرابط إلى أن "الصفحة تم سحبها أو مسحها" واعتبر مسئولون في مجلس الوزراء أن البيان الثاني نشر عن طريق الخطأ باعتباره "مسودة" أو "نصا غير دقيق"، وأن النص الصحيح ببساطة لا يتضمن استدعاء السفير المصري لدى تل أبيب.

إلا أن تليفزيون الدولة الرسمي ظل على موقفه وتأكيده للخبر في نشرة الظهيرة واحتفظ به أيضا موقع أخبار مصر نقلا عن وكاله الأنباء الرسمية، ثم تراجع التليفزيون فقط بعد الساعة الثانية ظهرا في "أهم الأنباء" متحدثا عن انعقاد مستمر للجنة الوزارية وأعقبه بإعادة إذاعة البيان الأول ودون تحمل عناء توضيح مصير أو ملابسات النص الثاني.

التعليقات