هيرالد تربيون": جنرالات وقضاة عهد مبارك يلعبون لعبةً خطرة

استيلاء الجنرالات والمحاكم على السلطة- وهم جميعا من مخلفات نظام حسني مبارك القمعي. وهذا ليس ما احتشد المصريون وماتوا في سبيله في ميدان التحرير. وهذا التطور ضمانة لمزيد من الاضطرابات. ونظرا لأهمية مصر في العالم العربي، فهو يعطي مثالا مرعبا للدول العربية الاخرى التي تحاول التخلص من الحكم الدكتاتوري.

هيرالد تربيون

 


نشرت صحيفة "انترناشونال هيرالد تريبيون اليوم الاربعاء مقالاً افتتاحياً تحت عنوان "غليان مصر" تقول فيه ان "الجنرالات والقضاة من عهد مبارك القمعي يلعبون لعبةً خطرة بمحاولتهم التمسك بالسلطة".
"الانتقال الديموقراطي، الذي كان واعدا في مصر، مهدد بعد استيلاء الجنرالات والمحاكم على السلطة- وهم جميعا من مخلفات نظام حسني مبارك القمعي. وهذا ليس ما احتشد المصريون وماتوا في سبيله في ميدان التحرير. وهذا التطور ضمانة لمزيد من الاضطرابات. ونظرا لأهمية مصر في العالم العربي، فهو يعطي مثالا مرعبا للدول العربية الاخرى التي تحاول التخلص من الحكم الدكتاتوري.

بعد خلع مبارك قبل 16 شهرا وعد الجنرالات بنقل السلطة لحكومة مدنية بحلول الاول من تموز (يوليو). وكنا متشككين دائما، كما انهم الآن اظهروا ألوانهم الحقيقية. يوم الأربعاء أعادوا فرض احكام الطوارىء بعد أسبوعين من انقضاء مدتها. وفي اليوم التالي أمرت هيئة قضاة عينهم مبارك في حينه بحل البرلمان المنتخب حديثا، الذي يتمتع فيه الإخوان المسلمون الذين حظرت حركتهم ذات يوم، بالغالبية. ونفذ الجنرالات على الفور قرار المحكمة، واستولوا على كل الصلاحيات التشريعية.

ثم، في يوم الأحد، اصدر الجنرالات إعلانا دستوريا مكملا استبعدوا فيه الجيش ووزير الدفاع من إشراف رئيس الجمهورية، وعينوا جمعية تأسيسية من 100 عضو لإعداد دستور دائم، تحل محل الجمعية التي عينها البرلمان.

وحين أشارت نتائج غير رسمية يوم الاثنين إلى فوز مرشح الإخوان المسلمين للرئاسة، محمد مرسي، على أحمد شفيق، وهو جنرال سابق في سلاح الجو وآخر رئيس وزراء لمبارك، كان الجنرالات يحاولون تهدئة الامور ويصرون على أن المصريين "يجب أن يثقوا بالقوات المسلحة". وتتطلب عودة الديموقراطية إلى مسارها ما هو اكثر من الكلمات.

المصريون يريدون التغيير الحقيقي. وفي الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية حصل مرشحان معتدلان معا على معظم الاصوات، لكنهما فشلا في الوصول إلى جولة الإعادة. وهناك شكوك جدية حول التزام مرسي وشفيق بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تحتاج اليها مصر حاجةً ملحة. وبعد محاولة الإخوان إظهار صورة اعتدال، تحالفوا مع السلفيين المتشددين وانضموا الى دعوتهم لتنفيذ الشريعة الإسلامية. ولكن إن كان مرسي هو الفائز الحقيقي، فيجب ان تتاح له الفرصة للقيام بمهام منصبه.

المصريون هم الذين قاموا بثورتهم، ويجب أن تنجح هذه الثورة حتما. وسيعيد الإصلاحيون تجميع صفوفهم. وسيكونون اقوى إذا عملوا معا.

وسيكونون (المصريون) اقوى اذا حصلوا على دعم اقل التباساً من ادارة اوباما التي ظلت هادئة لمدة اطول من اللازم. وقد بعثت بالرسالة الخاطئة في آذار (مارس) عندما استأنفت المساعدة العسكرية لمصر -3،1 مليار دولار سنوياً – بعد انقطاع دام خمسة اشهر، مع ان الجنرالات لم يلغوا قانون الطواريء او يسقطوا الاتهامات الموجهة ضد موظفي اربع مجموعات ديموقراطية تمولها اميركا. وكان يجب ان تؤخر الادارة بعض المساعدة لتظهر دعمها الحازم للعملية الديموقراطية.

وكان المسؤولون الاميركيون مصيبين في تحذير الجنرالات الاثنين بانهم يجازفون بخسارة مليارات الدولارات اذا لم ينقلوا السلطة بسرعة الى الرئيس، ويضمنوا اجراء انتخابات لبرلمان جديد ويبدأوا كتابة دستور جديد بمساعدة طيف عريض من المصريين. وتحتاج الولايات المتحدة للعمل مع مصر للحفاظ على معاهدة السلام محدود مستقرة مع اسرائيل. ولكن مصر غير ديموقراطية في حالة غليان دائم لن تكون مساعِدةً لشعبها او لاسرائل او بقية العالم
 

التعليقات