ميت محكوم عليه بالمؤبد في "إعدامات الاخوان"

ذكرت وكالة الأناضول التركية للأنباء، مساء اليوم، أن من بين 491 قضت محكمة مصرية، في وقت سابق اليوم، بالسجن المؤبد، بحقهم، كان "إبراهيم محمود عبد الحميد"، لكن المفارقة ما كشفته أسرته بأنه توفي منذ 3 سنوات.

ميت محكوم عليه بالمؤبد في

ذكرت وكالة الأناضول التركية للأنباء، مساء اليوم، أن من بين 491 قضت محكمة مصرية، في وقت سابق اليوم، بالسجن المؤبد، بحقهم، كان "إبراهيم محمود عبد الحميد"،  لكن المفارقة ما كشفته أسرته بأنه توفي منذ 3 سنوات.

وبقدر ما جاء الحكم قاسيا لتلك الأسرة، التي وجدت نفسها محاصرة بأحكام مؤبدة لخمسة من أفرادها، لكن الأكثر قسوة كان حكم المؤبد بحق المتوفي، الذي رحل في ظروف طبيعية قبل سنوات.

بكلمات تجسد معاناة أم مكلومة، قالت "أم إبراهيم"، لوكالة الأناضو،: ابني الميت منذ ثلاث سنوات حكموا اليوم عليه بالمؤبد، بعدما أحالوا أوراقه للمفتي من قبل، وحينها سألت "هو اللي بيموت (الذي مات) مرة بيموت مرتين؟".

"أم إبراهيم"، التي بدت منهكة من كثرة البكاء والقسم بأغلظ الأيمان، أن ابنها مات، وليس بالسجن كما تقول المحكمة، تروى بداية المعاناة بقولها: حضروا (الشرطة) إلى منزلنا قبل أشهر وكسروا الباب وسألوني عن إبراهيم، قلت لهم مات .. فأخذوا (اقتادوا) شقيقيه الاثنين وأبناء أخي الاثنين وزوج ابنتي. وقضت محكمة مصرية، اليوم، على 37 بالإعدام و491 بالمؤبد وإحالة أوراق 683 للمفتي بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع. الحكم، الذي كان بمثابة "نكسة" للعائلة، تروي عنه "أم إبراهيم" قائلة: أخذوا (الشرطة) ولداي الاثنين في منتصف الليل بعدما أساءوا معاملة النساء لدرجة رفع السلاح على رقابنا.. لم يجدوا الميت فأخذوا إخوته (رضا وله من الأبناء 7 أطفال وعبد الهادي ولديه 5 أبناء)، وضموا زوج ابنتي ونجلي أخي الاثنين للقضية". واليوم حكم عليهم جميعا، بمن فيهم المتوفي، بالسجن المؤبد.

تصمت "أم إبراهيم" برهة، وكأنها تذكرت شيئا، قبل أن ترفع يدها ممسكة بشهادة الوفاة وتقول: "فكرت أن شهادة الوفاة هي الحل .. وبالفعل أحضرتها وحاولت تسليمها للمحام، لكن فى النهاية حكموا على إبني الميت بالمؤبد". وتشكو "أم إبراهيم" من ضيق الحال وشظف العيش، حيث تقطن في منزل بالإيجار، وكل ما لديهم عربة كارو (عربة خشبية تجرها الدواب) يسعون بها للرزق. ومعربة عن دهشتها من اتهام نجليها بالانتماء لماعة الإخوان المسلمين، وقالت: " أنا عيالي (ولداي) لايصليان ولا يعرفان شكل المسجد، لكنهم (الشرطة) وضعوهما مع اسم ولدى المتوفي بالقضية".

من جانبه قال خالد حنفي، رئيس هيئة الدفاع عن السجناء من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بالمنيا، لوكالة الأناضول: الحكم على إبراهيم - وهو متوفي - واحدة من غرائب هذه القضية، وبالفعل كنت بصدد تقديم شهادة الوفاة للمحكمة، لكن القاضي نفسه لم يسمح لنا بالحضور أو تبرئة الأحياء فكيف بتبرئة الميت؟. وفسّر حنفي، سبب إدراج اسم إبراهيم ضمن القضية، قائلاً: لا نعرف بدقة سبب إدراج اسم إبراهميم، لكن من المرجح أن الشرطة بحثت عن أسماء كانت تجرى عنها تحريات لالتزامها الديني واحتمال انتمائها لجماعة الإخوان المسلمين، فوجدت اسم إبراهيم، ووضعته من بين المتهمين من دون أن تعلم بوفاته.

وأضاف حنفي، الذي لم يتمكن من الحضور اليوم، نتيجة رفض هيئة المحكمة، بحسب قوله: بالتأكيد في حالة الميت يكون الحكم هو والعدم سواء، وكأنه لم يكن، لكن تبقى تبرئته مهمة لانقاذ سيرته وسمعة أسرته البسيطة.

في سياق متصل، قلل الكاتب والمفكر المصري، فهمي هويدي من احتمال حدوث انفراجة في الوضع المصري قبيل الانتخابات الرئاسية، أو إمكان توصل الحكومة الحالية إلى حل وسط مع جماعة الإخوان المسلمين، مشيرا أنه "إذا كان هناك أي أمل، أو أي مجهود سياسي، فذلك سيكون بعد الانتخابات البرلمانية وليست الرئاسية، الأمر الذي يعني أن جمود الوضع الراهن سيستمر إلى نهاية العام الجاري".

وقال هويدي لمراسل الأناضول على هامش مشاركته في منتدى فلسطين الدولي للإعلام والإتصال، الذي عقد في اسطنبول مؤخراً:  "من الصعب للغاية تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق 528 شخصا من مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي، لا سيما في ظل ردود الأفعال المستنكرة على المستويين المحلي والدولي"، مرجحا أن "يتم تقليل هذه الأحكام أمام محكمة النقض".

ورأى هويدي أن "وجود الإدارة الحالية في مصر، كان له أثر سلبي على الدعم المصري للقضية الفلسطينية، رغم أن التصريحات الرسمية تنفي ذلك"، مشيرا أن "هذه التأثيرات انعكست بشكل أوضح فيما يخص قطاع غزة،نظرا لوجود حماس فيها، لاسيما في ظل الاشتباك الراهن بين السلطة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين".

ونفى المفكر المصري أن يكون "وجود حركة حماس قد انتهى نهائيا في مصر، في أعقاب حظر القضاء المصري نشاطاتها على الأراضي المصرية"، مستشهدا بـ "استمرار وجود موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، في مصر مع بعض أعضاء الحركة"، وأضاف "لا نستطيع أن نقول أنهم انتهوا في مصر، لكن العلاقات يشوبها غيوم، نرجو ألا يطول أجلها".

وأشاد هويدي بالموقف التركي من كسر الحصار على غزة، قائلا: "من الناحية السياسية، موقف تركيا أشرف من مواقف الدول الأخرى، خصوصا تلك التي تشترك في الحصار على غزة"، معتبرا أن "الظروف لم تساعد تركيا لتحقيق ما تصبوا إليه في إطار كسر الحصار".

وفي ما إذ اكان الموقف المصري قد تغير من الثورة السورية في ظل الإدارة الحالية، أوضح هويدي أن "هناك تغيرا أقرب إلى الاقتناع بفكرة الحل السياسي"، مضيفًا: "أظن أن ممثلي الائتلاف السوري المعارض، الذين كانوا يقيمون في مصر، قد غادروا القاهرة، وبالتالي هناك تغير سياسي واضح".

وعبر هويدي عن اعتقاده بأن "الثورة السورية لا تستطيع أن تتوقف، ولا يمكن للنظام السوري أن يستمر، ومن المستحيل بعد كل هذه الدماء التي سالت، والقتلى، والخراب الذي حدث، أن تعود العلاقات بين السلطة والمجتمع، وكأن شيئا لم يكن"، مشيرا أنه "لا مفر ولا بديل أمام الثورة السورية، سوى الاستمرار، رغم فداحة الثمن الذي يدفعه السوريون".

وحول مآل الربيع العربي في ظل التطورات الأخيرة، اعتبر الكاتب المصري أن "الوقت مبكر للحكم على الربيع العربي"، وأن "الأمة ما زالت تتحرك، كما هو في الحالة السورية منذ نحو 3 سنوات، رغم الثمن الباهظ"، كما رأى أن "الربيع العربي لا يعبر عن نفسه فقط، بتغير بعض الأنظمة العربية، بل يعبر عن نفسه بشكل أوسع، من خلال استمرار جرأة المواطن العربي، وإصراره على التحدي، ورغبته العارمة في إحداث التغيير".

التعليقات