الانتخابات المصرية: عودة العسكر للأنظمة… ممهوراً بختم "الديمقراطية" الاستئصالية

تحليل إخباري: عـ٤٨ـرب || هذه المنافسة عدا عن كونها غير متكافئة، فهي أيضًا استئصالية، لا تستثني فقط فئة واسعة من الشعب، وهم الاخوان، لكنها بالوقت ذاته فاسدة وتعيد شريحة واسعة من فساد النظام السابق إلى المقدمة من خلال مسميات كثيرة مثل محاربة أسلمة المجتمع ودفاعاً عن علمانية الدولة.

الانتخابات المصرية: عودة العسكر للأنظمة… ممهوراً بختم

انطلقت صباح اليوم الانتخابات الرئاسية المصرية الثانية منذ ثورة ٢٥ يناير المجيدة، بين مرشحين وهما وزير الدفاع الأسبق عبد الفتاح السياسي وحمدين صباحي، فيما يعتبر كثير من المتتبعين للمشهد أن الانتخابات محسومة لصالح ممثل الجيش، السيسي، وذلك نتيجة التقاء ثلاثة عوامل وهي: فلول نظام مبارك؛ المؤسسة العسكرية؛ والعداء المستشري لدى قطاعات واسعة من المجتمع المصري لحكم الإخوان المسلمين.

وجاءت الانتخابات المصرية في الخارج لتعزيز الادعاء بأن الانتخابات محسومة لصالح السيسي الذي حصل على 95 في المئة من أصوات المصريين في الخارج لكن استطلاعا للرأي أجراه مركز "بيو للأبحاث"، ومقره واشنطن، يشير إلى صورة أكثر تباينا داخل مصر، إذ قدر أن 54 في المئة من المصريين يؤيدون السيسي، مقابل 45 في المئة لا يؤيدونه.

ومهما تكن نسبة "الفوز"، تمثل مشاركة السيسي القوية في الانتخابات عودة العسكر إلى مجتمعاتنا العربية لكن بإضافة جديدة وهي ادعاء الديمقراطية ومحاربة الارهاب، وهي (قوى العسكر) هذه المرة أكثر ارتباطًا بالغرب وأوعى لاستحقاقات الديمقراطية مقارنة بالانقلابات الوطنية السابقة في أوطاننا. وهذا كله، ارتباطها بالغرب الديمقراطي ووعيها لاستحقاقات الديمقراطية، يدفعها إلى المشاركة في اللعبة الديمقراطية ودفع ثمن ما يتطلبه ذلك من اتقان قواعد اللعبة الانتخابية التنافسية، مثل مخاطبة الجمهور عبر مهرجانات انتخابية (حتى لو عبر الفيديو عن بعد كما فعل السيسي) والقبول بالمشاركة ببرامج حوارية طويلة في قنوات خاصة موالية لكنها غير حكومية.

وهذه المنافسة عدا عن كونها غير متكافئة، فهي أيضًا استئصالية، لا تستثني فقط فئة واسعة من الشعب، وهم الاخوان، لكنها بالوقت ذاته  فاسدة وتعيد شريحة واسعة من فساد النظام السابق إلى المقدمة من خلال مسميات كثيرة مثل محاربة أسلمة المجتمع ودفاعاً عن علمانية الدولة.

وهذه العودة للعسكر في وجهه الفاسد الاستئصالي المرتبط بالغرب أخطر من حكم الإسلاميين (نتيجة انتخابات ديمقراطية) في مجتمعاتنا العربية، ليس لأن الإسلاميين أنقياء من كل ذنب، بل لأنها تناقض ما سعت إليه الثورة، وهو التخلص من الفساد والهيمنة على الدولة والمجتمع. والأخطر هذه المرة في مصر أن العسكر ليسوا "ضباطًا أحرارا" معادين للإمبريالية الغربية، بل العكس تمامًا، فهم مربوطون بحبل السرة ببعض دول الغرب وعلى رأسها أميركا.

قد يجوز للإخوان "الارتباط" بمشاريع خارجية، لأنهم ليسوا دولة، وأن يكون تمويلهم خارجيًا في بعضه، لكن أن تكون أهم مؤسسة في الدولة تخوض الانتخابات وتعيش على الأوكسجين من الخارج وخوض تحالفات في الداخل مع رموز الفساد يعني فشل الدولة العربية الحديثة والمزيد من الاستبداد والفساد والدم.

وهنا لا بد للتذكير، أن أحد مطالب واستنتاجات ثورة يناير كان التخلص مما يسمى "مؤسسة الرئاسة" على اعتبار أنها رأس الاستبداد والفساد، لكن يبدو أن الواقع يتجه إلى نحو مختلف.

مهما تكن النتائج، نأمل أن تكون في صالح الشعب المصري الذي دفع بملايينه لميادين مدنه لاسقاط الفساد والاستبداد.

التعليقات