25 يناير: ثوار في السجون وأسرة مبارك خارجها

قبل أربع سنوات، كان زياد العليمي يهتف في ميدان التحرير "الشعب يريد إسقاط النظام"، أما اليوم، بعد أربع سنوات على الثورة، فأنه يتألم عندما يزور قادتها القابعين في السجون في حين برأ القضاء الرئيس الأسبق حسني مبارك.

25 يناير: ثوار في السجون وأسرة مبارك خارجها

قبل أربع سنوات، كان زياد العليمي يهتف في ميدان التحرير 'الشعب يريد إسقاط النظام'، أما اليوم، بعد أربع سنوات على الثورة، فأنه يتألم عندما يزور قادتها القابعين في السجون في حين برأ القضاء الرئيس الأسبق حسني مبارك.

مثل كثير من الشباب، حلم زياد العليمي الذي كان قياديا في “ائتلاف شباب الثورة” تشكل داخل ميدان التحرير بعد اندلاع التظاهرات ضد مبارك، بتحقيق أهداف ثورتهم التي طالبت بـ”عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية'.

ولكنه اليوم يرى في تبرئة مبارك من تهمة التواطؤ في قتل المتظاهرين أثناء الثورة ومن اتهامات اخرى بالفساد المالي 'رسالة موجهة إلينا مفادها أنه مهما ارتكبت السلطة من فساد ومهما قمعت ستفلت من العقاب. وهذا كان مؤلما للغاية'.

وقبل شهرين، برأت محكمة جنايات في القاهرة مبارك وسبعة من كبار المسؤولين الأمنيين في عهده من اتهامات بالتورط في قتل نحو 800 متظاهر إبان الثورة بسبب عدم كفاية الأدلة. كما ألغت محكمة النقض قبل نحو عشرة أيام حكما آخر بحبسه ثلاث سنوات وحبس نجليه أربع سنوات في قضية استيلاء على أموال عامة وأمرت بإعادة محاكمتهم. 

والجمعة، وقبل أيام من ذكرى الثورة الرابعة، اُطلق سراح علاء وجمال نجلي مبارك الذي قال محاميه فريد الديب أنه أصبح حرا طليقا ولكنه سيبقى في مستشفى عسكري في القاهرة لأنه يعاني من بعض المتاعب الصحية.

ويقول العليمي وهو محام أصبح بعد الثورة قياديا في الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي لوكالة فرانس برس: 'عندما كنا نجتمع لنخطط لتظاهرات 25 يناير (كانون الثاني) في العام 2011  كنا نتوقع أن نعدم لو فشلت الثورة... ونحن اليوم ندفع ثمن مواقفنا السياسية' في إشارة إلى احكام بالسجن صدرت بحق نشطاء من أبرز قادة ثورة 2011.

من بين هؤلاء علاء عبد الفتاح الذي صدر بحقه حكم بالسجن 15 عاما طعن به أمام محكمة الاستئناف التي ما زالت تنظر في القضية.

كما صدرت أحكام بالسجن ثلاث سنوات على أحمد ماهر ومحمد عادل القياديين في حركة 6 إبريل، أبرز حركة معارضة لمبارك والتي حظرها القضاء في نيسان (إبريل) الماضي.

وصدرت أحكام بالسجن على عشرات الشباب غير الإسلاميين بتهم التظاهر غير المشروع تطبيقا لقانون مثير للجدل صدر في نهاية 2013. 

يرى أحمد عبد ربه، استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن مصر تشهد 'تصفية حسابات سياسية ضد كل من عبر عن ثورة يناير… ما يحدث يعكس وجهة نظر الدولة في الثورة'. ويعتبر عبد ربه أن الهدف من الملاحقات القضائية لشباب الثورة هو “إخافة كل من يريد أن يقوم بالتغيير في الشارع'.

ومن حين لآخر، يزور العليمي رفاق الثورة في سجن طرة جنوب القاهرة، الذي غادره تباعا عدد من رموز حكومة وحزب مبارك مبرئين من تهم الفساد.

ويقول الباحث بمركز سياسات الشرق الاوسط في معهد بروكنغز اتش اية هيللر إنه “من المثير أن نرى الأمور تدور دورة كاملة” في إشارة إلى ما يعتبره عودة لنظام مبارك. ويضيف أنه رغم 'وجود اختلافات' في تركيبة النظامين وفي طريقة أدائهما إلا أن 'العديدين في (مؤسسات) الدولة كانوا يعارضون بقوة الانتفاضة الثورية في 2011 ' وبالتالي فمن المتوقع أن 'نرى الآن نوعا من الثأر ممن كانوا بارزين فيها'. 

وفيما يواجه النشطاء محاكمات وأحكاما بالسجن لمجرد التظاهر، برأ القضاء جميع أفراد الشرطة المتهمين بقتل المتظاهرين في 2011.

معايير قضائية مزدوجة

وقالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في بيان الجمعة الماضي إن 'القضاء المصري أظهر معايير قضائية مزدوجة بتبرئة مسؤولين بالدولة من ارتكاب انتهاكات حقوق إنسان في الوقت الذي أنزل عقوبات قاسية على المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء المدافعين عن الديموقراطية'.

وجاء قمع الناشطين غير الإسلاميين عقب حملة قمع شنتها السلطات على أنصار الرئيس الإسلامي محمد مرسي الذي أطاحه الجيش في تموز (يوليو) 2013 وأسفرت عن مقتل اكثر من 1400 منهم وتوقيف أكثر من 15 ألفا.

ويتهم ناشطون نظام قائد الجيش السابق الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي بأنه امتداد لنظام مبارك. 

العليمي الذي انتخب نائبا في أول برلمان بعد إسقاط مبارك يقول إن 'شيئا لم يتغير… نحن نواجه  طريقة إدارة البلاد نفسها من استبداد وفساد وتضييق على الحق في التعبير والتنظيم وتقليص الحريات'.

ورغم ذلك فإن العليمي يقول بتحد واضح أنه 'بالقياس على قدرتنا على الإنجاز في 2011 فان هناك دوما آملا'.

ميدان التحرير

ميدان التحرير نفسه، أيقونة الثورة، أصبح التظاهر فيه حكرا على أنصار السلطة الحالية، كما توجد بوابة حديدية خضراء كبيرة على أحد مداخله تغلق عند اندلاع تظاهرات مناهضة للسلطة.

لكن رغم إلغاء الاحتفالات بثورة يناير بسبب وفاة الملك السعودي الملك عبد الله جرت أمس السبت تظاهرة رمزية في هذا الميدان قتلت خلالها متظاهرة شابة بطلقات خرطوش يقول متظاهرون إن مصدرها قوات الأمن التي كانت تحاول تفريقهم.

جماعة الإخوان المسلمين التي كانت أكثر القوى السياسية تنظيما والتي صنفها القضاء 'جماعة إرهابية' عقب اطاحة مرسي باتت تواجه، إضافة إلى قمع السلطة، غضبا في أوساط معينة.   

عضو الاخوان الشاب عمار مطاوع الذي تم توقيف شقيقته لثلاثة أشهر ووالده لأيام قبل اطلاق سراحهما يقول باسى 'بعد أربع سنوات، أصبحنا نخوض معركة أصعب أمام نظام أعنف في ظل رأي عام يتقبل التنكيل بالمعارضة”.

وأمرت محكمة النقض، أمس السبت، بإعادة محاكمة 152 إخوانيا من أنصار الرئيس المعزول بينهم 37 محكوما عليهم بالإعدام في قضية أحداث المنيا، جنوب مصر، التي شملت 545 متهما ما أثار انتقادات دولية شديدة.

فقد قررت المحكمة قبول الطعن المقدم من هيئة الدفاع عن المتهمين وإلغاء أحكام الإعدام والمؤبد الصادرة ضدهم وإعادة محاكمتهم أمام محكمة الجنايات. كما أكدت براءة 17 متهما اخر.

يلخص أحمد عبد ربه أن 'الثورة لم تنتصر' لكنه يرى أن إسقاط مبارك ثم مرسي “إنجاز' في ذاته يعني أنه 'لن يكون بمقدور أحد أن يكون رئيسا فرعونا'.

التعليقات