مصر: تداعياتُ مقتل الأنبا إبيفانيوس تدفع راهبيْن لمحاولة الانتحار

حاول الراهب المصري، أشعياء المقاري، الانتحار بتناول مادة سامة، أمس الإثنين، ردًا على قرار الكنيسة الأورثوذكسية بتجريده من صفته الدّينيّة (الرّهبنة)، واحتُجِز بمقر العيادات الطبية في دير الأنبا مقار بوادي النطرون، حتى صدر قرار بإخلاء سبيله من النيابة العامة

مصر: تداعياتُ مقتل الأنبا إبيفانيوس تدفع راهبيْن لمحاولة الانتحار

الراهبان أشعياء وفلتاؤوس المقاري حاولا الانتحار (تويتر)

حاول الراهب المصري، أشعياء المقاري، الانتحار بتناول مادة سامة، أمس الإثنين، ردًا على قرار الكنيسة الأورثوذكسية بتجريده من صفته الدّينيّة (الرّهبنة)، واحتُجِز بمقر العيادات الطبية في دير الأنبا مقار بوادي النطرون، حتى صدر قرار بإخلاء سبيله من النيابة العامة، بحسب ما أعلنت أسرته.

وتتولى النّيابة العامّة، التحقيق حاليًا، في محاولة انتحار راهبٍ آخر في الدير، يُدعى فلتاؤوس المقاري، والذي شرع في تنفيذ محاولتين للانتحار هو الآخر.

ونُقل فلتاؤوس إلى العيادة الطبية بالدير لإنقاذه، إثر محاولة الانتحار، بعد أن قطع شرايين يديه أولا، قبل أن يُغافل مرافقه، ويصعد أعلى العيادة، حيث ألقى بنفسه من فوقها، ليتم نقله إلى مستشفى "أنغلو أميركان" بضاحية الزمالك في حالة حرجة، بعدما أصيب بكسور في العمود الفقري والحوض.

وسعت الأجهزة الأمنية، لفرض سياج من السرية حول ملابسات الانتحار، إذ منعت مندوبي الصحف ووسائل الإعلام من التواجُد بمحيط المستشفى.

وكان بطريرك الكرازة المرقسية، البابا تواضروس الثاني، قد أصدر قرارا رسميا بتجريد أشعياء المقاري من رهبنته، وعودته إلى اسمه العلماني، وائل سعد تواضروس، أمس الأحد، في تمهيد لتقديم الراهب إلى المحاكمة الجنائية، على خلفية حادثة قتل رئيس دير الأنبا مقار، داخل مقر الدير الكائن بمحافظة البحيرة، في التاسع والعشرين من تموز الماضي.

 الأنبا إبيفانيوس

واستقبل مستشفى "أنغلو أميركان"، الراهب المُصاب الذي حاول الانتحار، بعد أن كثّفت الشرطة تواجدها، إذ حاصرت ساحة المشفى، بعد وصول الراهب برفقة خمسة من آباء دير الأنبا مقار بوادي النطرون، وبعض أفراد أسرته.

وصرّحت مصادر طبية، أن فلتاؤوس يعالج داخل قسم الرعاية المركزة، بعد تعرضه لإصابة في الرأس، وكسور بالساقين، نتيجة محاولته القفز من علُو، علاوة على محاولته قطع شريان في يديه اليمنى واليسرى.

وأصدر البابا تواضروس، بحسب مصادر كنسية، تعليمات للآباء في دير الأنبا مقار بعدم التصريح نهائيا لأي من وسائل الإعلام في ما يخص محاولتَي الانتحار، في الوقت الذي اكتفى فيه ضباط الشرطة، والمحققون، بالإشارة إلى استجواب فلتاؤوس فور أن تسمح حالته الصحية، مستندين إلى أقوال الأطباء بشأن استقرار حالته الصحية، وخروجه من الرعاية المركزة إلى الرعاية العادية خلال ساعات قليلة.

وخضع الراهب فلتاؤوس، لتحقيقات مكثفة في قضية مقتل الأنبا إبيفانيوس، كونه من الفريق المعارض لرئيس الدير، وترهبن في عام 2010 ضمن مجموعة أدخلها للدير البابا الراحل، شنودة الثالث، عقب وفاة الأب متى، في محاولة منه لتعديل التركيبة الفكرية لآباء الدير، وإحكام السيطرة عليه، وكان معه الراهب أشعياء المقاري الذي حاول الانتحار أيضا.

ولطالما مثّل دير الأنبا مقار صداعا في رأس الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، على وقع الخلاف بين البابا شنودة ومتى المسكين على كرسي الباباوية في عام 1971، والذي وصل ذروته في عام 1981، عندما حدد الرئيس الراحل، أنور السادات، إقامة شنودة في دير اﻷنبا بيشوي، ضمن ما عُرف بـ"اعتقالات سبتمبر"، وتكليفه آنذاك اﻷب متى بإدارة أمور الكنيسة، والذي كان بمثابة اﻷب الروحي لدير اﻷنبا مقار.

وكان الراهبان المصريان اللذان حاولا الانتحار من بين الآباء الذين يرتدون "القلنسوة المشقوقة"، التي ألبسها البابا شنودة لآباء الدير التابعين له، في محاولة لتمييزهم عن تلاميذ متى المسكين، وسبق أن وقع فلتاؤوس المقاري تضامنا مع زميله أشعياء المقاري، حين صدر قرار باباوي بإبعاد الأخير عن الدير، ونقله إلى دير آخر في شباط 2017، ما دفع البابا تواضروس للتراجع عن قراره أملا في منحه فرصة لتعديل سلوكه.

الدير الذي قُتِل فيه الأسقف (أ ب)
الدير الذي قُتِل فيه الأسقف (أ ب)

ولم تُصدِر الكنيسة الأرثوذكسية، بيانات للتعليق على حادثتَي الانتحار، إلا أن المتحدث الرسمي باسمها، القس بولس حليم، ادعى أن تجريد الراهب أشعياء المقاري جاء لأسباب رهبانية بحتة، ولا علاقة للقرار بالتحقيقات التي تجريها نيابة وادي النطرون في واقعة قتل الأنبا إبيفانيوس، والتي ترجح اشتراك أكثر من شخص في واقعة قتله، بحسب ما سُرب من التحقيقات.

يُذكرُ أنه عُثر على جثمان رئيس الدير بعد تعرضه لاعتداء بآلة حادة، عندمت خرج من قلايته (سكن الراهب) نحو أداء القداس الإلهي، في وقت ترجح مصادر متطابقة أن المعتدي على إبيفانيوس هو أحد قاطني الدير، نظرا للمنطقة المنعزلة التي تحيط بالدير، وإحاطته بأسوار عالية، علاوة على أن مكان الاعتداء يشير إلى معرفة القاتل بتفاصيل الدير، وأماكن وجود كاميرات المراقبة به، وخط سير اﻷنبا الراحل.

وكانت مديرية أمن محافظة البحيرة، قد أعلنت، في بيان، الأحد الماضي، أن جثة إبيفانيوس بها إصابة وتهشم بمؤخرة الرأس ووجود شبهة جنائية، كما كشفت المعاينة الأولية استخدام مرتكب الجريمة أداة حادة لقتل المجني عليه أثناء خروجه من حجرته.

 

التعليقات