الضفة "حقل للتجارب التكنولوجية" وكاميرات المراقبة تلاحق المقدسيين

تحقيق يكشف أن نظام التعرف على البصمة البيومترية عبر تحديد ملامح الوجه التابع لشركة "أني فيجن" (AnyVision) الإسرائيلية، يستخدم في خدمة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لملاحقة الفلسطينيين، "داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي المناطق الخاضعة للقانون المدني الإسرائيلي".

الضفة

(أرشيفية - أ ب)

كشف تحقيق صحافي أن شركة مايكروسوفت الأميركية، تستثمر في شركة إسرائيلية ناشئة (ستارت آب) تستخدم تقنية التعرف على الوجوه لمراقبة الفلسطينيين في الضفة الغربية، رغم تعهد شركة البرمجيات العملاقة بتجنب استخدام التقنية إذا كانت تتعدى على الحريات الديمقراطية.

وبحسب التحقيق الذي أعدته الكاتبة أوبليفيا سولون، نشر في موقع "إن بي سي نيوز" الإخباري، فإن نظام التعرف على البصمة البيومترية عبر تحديد ملامح الوجه التابع لشركة "أني فيجن" (AnyVision) الإسرائيلية، يستخدم في خدمة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لملاحقة الفلسطينيين، "داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي المناطق الخاضعة للقانون المدني الإسرائيلي".

وأوضحت أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تستخدم برنامج الشركة الإسرائيلية لملاحقة "مطلوبين" فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة ومدينة القدس، خلافا للهدف المعلن في استخدامها لتوثيق وجوه الفلسطينيين وهوياتهم على الحواجز المؤدية إلى الضفة المحتلة.

وأفاد التحقيق بأن شركة "أني فيجن"، تبيع نظام برمجيات "مراقبة تكتيكية متقدم" يدعى "بتر تومورو"(Better Tomorrow)، يتح لعملاء الشركة تحديد الأفراد والأشياء في أي بث كاميرا حي، مثل كاميرات الأمن أو الهواتف الذكية، ثم تتبع الأهداف أثناء تحركها بين عمليات البث المختلفة.

وذكرت الكاتبة أن مشروع المراقبة هذا كان ناجحا جدا لدرجة أن "أني فيجن" فازت بأعلى جائزة تقدمها وزارة الأمن الإسرائيلية في عام 2018 الماضي، مقابل "إسهاماتها الأمنية"، وخلال عرضه أشاد وزير الأمن الإسرائيلي حينها بالشركة، دون شكر اسمها، لمنعها "مئات من الهجمات الإرهابية" باستخدام "كم كبير من البيانات".

وأكد التحقيق أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تستخدم البرنامج لملاحقة المقدسيين، وعرض موقع "إن بي سي نيوز" في تحقيقه صورًا ومقاطع فيديو توضح كيفية عمل نظام الشركة الإسرائيلية في منطقة باب العامود في البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "ذا ماركر" أنه "إذا ما تبين صحة ما ورد في التحقيق، فهذا يعني ارتكاب مخالفة قانونية" سافرة، وأوضح موقع الصحيفة الإسرائيلية أن "خلافا للقانون العسكري" الذي تخضع له الضفة الغربية المحتلة، فإنه من المفترض أن يخضع نظام الأمن السيادي في القدس للقانون الإسرائيلي، بما في ذلك قانون حماية الخصوصية، وقانون حماية البيانات، الذي يحدد قواعد تسجيل وحماية البيانات في إسرائيل، بالإضافة إلى قانون البيانات البيومترية.

وقانونيًا، بحسب "ذا ماركر"، يُمنع الجيش الإسرائيلي أو الوحدات الشرطية التابعة له من استخدام هذه البرمجيات التي تنتهك الخصوصية على المواطنين الذين يخضعون للقانون المدني الإسرائيلي، بما في ذلك المقدسيين، في حين يتيح القانون الإسرائيلي لجهاز الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك)، استخدام هذه الأنظمة.

الضفة "مختبر للتجارب التكنولوجية"

أشارت الكاتبة إلى أن الفلسطينيين في الضفة الغربية لا يملكون مواطنة إسرائيلية أو حق التصويت، لكن مع ذلك فإن الحكومة الإسرائيلية تفرض قيودا على تحركاتهم وتراقبهم.

ورفض كل من جهاز الشرطة الإسرائيلية ووزارة القضاء بالإضافة إلى شركة أني فيجن" طلبات للتعليق على ما أوردته سولون في تحقيقها، أو حتى على طلبات صحيفة "ذا ماركر" للتعليق على هذا الشأن.

وذكر أحد المصادر أن الاسم الرمزي للمشروع هو "غوغل أيوش"، حيث ترمز "أيوش" إلى المناطق الفلسطينية المحتلة، و"غوغل" إلى قدرة التقنية في البحث عن الأشخاص. ولا علاقة لشركة غوغل الأميركية بالمشروع.

وأشارت الكاتبة إلى أن "جميع موظفي الشركة الذين توجهت إليهم قالوا إنهم غادروا الشركة مؤكدين أن الشركة لم تف بوعودها فيما يتعلق بالأجور والمكافآت".

كما أكد الموظفون أن الميثاق الأخلاقي الذي تتبعه الشركة فضفاض للغاية، مشددين على أجوبة الشركة غير الواضحة "حول الأسئلة الأخلاقية التي تتعلق بالمواقع التي يتم فيها تسويق التكنولوجيا وتنفيذها، ومتى قانونية ذلك".

ونقل موقع "إن بي س" عن موظف سابق لدى الشركة الإسرائيلية قوله: "مفهومهم (في الشركة) عن الحقيقة فضفاض وأوسع من مفهومي".

ونقل التحقيق عن خمسة مصادر على اطلاع بهذا الشأن أن تقنية "أني فيجن" تُشغِّل مشروع مراقبة سري للجيش عبر أرجاء الضفة الغربية، كما شدد على الأهمية التي توليها الشركة لاستخدام التكنولوجيا الخاصة بها في أرجاء الضفة المحتلة.

وجاء في التحقيق أنه "تعتبر الضفة الغربية حقلا للتجارب لتكنولوجيا المراقبة التابع للشركة"، دون موافقة المواطنين الفلسطينيين، موضحة أن الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي، النظام الذي طورته "إني فيجن"، يعتمد على تخزين أكبر قدر ممكن من المعلومات، والتي تتمثل بـ"وجوه الفلسطينيين"، في هذه الحالة.

وردا على ذلك قال متحدث باسم مايكروسوفت لموقع "إن بي س" إن "مايكروسوفت تأخذ مزاعم المراقبة الجماعية هذه على محمل الجد لأنها تنتهك مبادئ التعرف على الوجه لدينا". وأضاف "إذا اكتشفنا أي انتهاك لمبادئنا فسننهي علاقتنا" بالشركة الإسرائيلية.

وأكد أن شركة مايكروسوفت "تجري عملية تدقيق من طرف ثالث، وطلبنا إجراء مراجعة قوية على مستوى مجلس الإدارة للتأكد من الالتزام، وقد وافقت أني فيجن على كليهما".

وتعتبر شركة "أني فيجن" "أكبر الشركات البيومترية في إسرائيل"، وتعمل في 43 دولةً، ويرأسها رئيس دائرة "المسؤول عن الأمن في جهاز الأمن العام" السابق، أمير كين؛ كما أنها تلّقت استشارات من رئيس الموساد السابق، تمير بوردو.

وبحسب "ذا ماركر"، فإنّ التقنيّة التي طوّرتها "أني فيجن" يمكن أن تعمل على كاميرات من كافة الأنواع والشركات، وبشكل فوري وباستهلاك معدات محوسبة قليلة.

وتعمل إضافة تقنية التعرف على الوجه على تحويل كاميرات المراقبة السلبية إلى جانب قائمة المشتبه فيهم إلى أداة أكثر قوة؛ وتدّعي الشركة أن كاميراتها دقيقة بنسبة 99.9%.

والشركة ضالعة في مشروعين لتوطيد الحكم العسكريّ في الضفّة الغربيّة، الأول: هو تركيب كاميرات رصد يمكنها تحديد الأوجه في الحواجز والمعابر، التي يمرّ منها، يوميًا، آلاف الفلسطينيين، بذريعة أن هذه الكاميرات يمكنها رصد أصحاب تصاريح العمل، ما سيؤدي إلى سرعة في اجتيازهم الحواجز.

أما المشروع الآخر في الضفّة الغربيّة، بحسب "ذا ماركر"، وهو "سريّ أكثر بكثير، ويشمل رصدًا للوجوه خارج الحواجز، استنادًا إلى شبكة كاميرات في عمق الضفّة الغربيّة، هدفها "ملاحقة منفّذي العمليات وتحديدهم".

ثلاثة منتجات رئيسيّة

وتسوّق الشركة ثلاثة منتجات رئيسيّة، هي Better Tomorrow (غدًا أفضل)، وهي منظومة لتعقّب مشتبهين أو "تصرّفاتٍ مشكوكٍ فيها"، تستخدم عادةً في المطارات وفي الكازينوهات.

أما المنتج الثاني فهو تقنية SesaMe، المستخدمة في رصد الوجوه في الهواتف المحمولة، بغرض التفاعل مع المستخدم، وهي تقنيّة يستخدمها بنك "هبوعليم" في تطبيقه للسماح للمستخدمين بالدخول إلى الحساب البنكي عبر رصد وجوههم.

أما المنتج الثالث، فهو Insights، التي يمكن من خلالها رصد مجالات اهتمام الزبائن في المتاجر والحوانيت حسب تمعّنهم بالرفوف والمنتجات المختلفة.

 

التعليقات