"الحرب بين تركيا واليونان ليست أمرًا مستبعدًا الآن"

التوتر يتزايد شرقي المتوسّط | تركيا مستمرّة في مسعين اثنين يثيران غضبًا أوروبيًا: التنقيب عن النفط وإلغاء اتفاقيّة لوزان | وهل تسعى أميركا لمحاربة إردوغان عبر دعم حفتر؟ | وماذا عن الدور الروسي؟

البحرية التركية في المتوسط (أ ب)

يتزايد التوتّر في شرقي البحر الأبيض المتوسّط، خصوصًا بين تركيا واليونان، الجارين اللدودين، اللذين تتناثر جزرهما قبالة سواحل الأخرى، الأمر الذي يزيد الاحتكاك البحري بين القطع العسكريّة بين البلدين، وهو ما حدث الأسبوع الماضي.

فذكرت صحيفة "بيلد" الألمانيّة أن المستشارة، أنغيلا ميركل، منعت حربًا بحريّة بين تركيا واليونان مساء الثلاثاء الماضي، عندما توجّهت سفن عسكريّة تركيّة للتنقيب عن الغاز بالقرب من جزيرة كاستيلوريزو اليونانيّة. وأضافت الصحيفة، نقلا عن مصادر في مقرّ المستشاريّة، أن ميركل أجرت اتصالين هاتفيين مع الرئيس التركي، رجب طيّب إردوغان، ورئيس الوزراء اليوناني، كيريكوس ميتسوتاكيس، "في اللحظة الأخيرة"، ومنعت حربًا.

ورغم نفي السلطات اليونانيّة التقرير الذي أوردته "بيلد"، إلا أنه لا يمكن تجاهل التصعيد المحتمل، خصوصًا مع سعي فرنسا إلى فرض عقوبات داخل الاتحاد الأوروبي على تركيا، "بسبب تنقيبها عن النفط".

بينما أعلنت اليونان، الخميس، أنها لا تستبعد الخيار العسكري "دفاعًا عن سيادتها ولوقف المخططات التركيّة"، بحسب ما نقلت "أسوشييتد برس".

وحشدت تركيا إقليميًا كلا من قبرص الشماليّة والحكومة الليبيّة المعترف بها دوليًا، وأعادت ترسيم الحدود البحريّة معها؛ بينما حشدت اليونان إلى جانبها إسرائيل ومصر وقبرص اليونانيّة. وبينما يبدو الدور الأميركيّ غائبًا، يبرز الدور الألماني للتهدئة بين البلدين، ومنع اندلاع حرب بين عضوين في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وتحت عنوان "حرب بين تركيا واليونان هي أمر حقيقي الآن"، أورد تقرير لمجلة "ذا ناشونال إنترست" الأميركيّة، أمس، الجمعة، حذّر من أن خطر الحرب هو الأعلى بين البلدين منذ 45 عامًا، ورغم أن البلدين صعّدتا منذ ذلك الحين أكثر من مرّة، إلا أن "السياسات التي بدأها إردوغان" قد تدفع البلدين إلى شفير الهاوية.

إردوغان افتتح "أيا صوفيا" في ذكرى اتفاقية لوزان (أ ب)
إردوغان افتتح "أيا صوفيا" في ذكرى اتفاقية لوزان (أ ب)

وعزا التقرير، الذي أعدّه الباحث المقيم في "معهد المؤسّسة الأميركيّة"، مايكل روبين، التصعيد إلى أمرين، هما الجهود التركيّة للانسحاب من معاهدة لوزان، والسعي لإيجاد مواد طبيعيّة "لإنقاذ الاقتصاد التركي".

ويدّعي التقرير أن إردوغان يسعي لإلغاء الاتفاقيّة لأسباب أيدلوجيّة واقتصاديّة وأخرى شخصية، وأنه طرح ذلك في كانون أول/ديسمبر 2017 في زيارة لليونان، وهو ما ردّ عليه الرئيس اليوناني حينها بالقول إنّها "المعاهدة التي وضعت حدود دولتينا (تركيا واليونان)، ولم تترك فراغًا أو نقصًا ولا نعتقد أننا بحاجةٍ إلى إعادة النظر فيها أو إصلاحها".

وللتأكيد على انتقاده لاتفاقيّة لوزان، التي يدّعي القوميون الأتراك أنها حرمت تركيا من أراضي شاسعة في أوروبا ومنحتها لليونان وبلغاريا، افتتح إردوغان الصلاة في "آيا صوفيا"، أمس، الجمعة، بعد تحويله مسجدًا في ذكرى توقيع الاتفاقيّة.

أمّا بخصوص التصعيد الأخير، فتتمسّك اليونان "بحقّها" في المياه الإقليميّة المحيطة بجزرها بموجب شروط اتفاقيّة الأمم المتحدة لقانون البحار، لكنّ تركيا لم توقّع على هذه الاتفاقيّة (والولايات المتحدة كذلك)، وترفض أن يتمّ العمل بموجبها في مياهها الإقليميّة.

وإن تكرّرت هذه النزاعات من قبل، تذكر المجلّة أن القادة الأوروبيين يدركون أنه "هذا ليس مجرّد نزاع حول بحر إيجه". خصوصًا بعد توقيع إردوغان اتفاقيًا مع الحكومة الليبيّة المعترف بها دوليًا لإنشاء حدود بحرية مشتركة بين البلدين، "وهو أمر ممكن إذا تجاهلت تركيا الجزر اليونانيّة وصولا إلى كريت" إحدى أكبر الجزر اليونانيّة.

في حين ذكرت الكاتبة الفرنسيّة، سيلفيا كاوفمان، في مقال بصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركيّة، الجمعة، أن شرقي المتوسط من الممكن أن تكون نقطة المواجهة المقبلة لأوروبا والناتو.

هكذا غيرت الاتفاقية التركية الليبيّة خريطة المياه في المتوسط
هكذا غيرت الاتفاقية التركية الليبيّة خريطة المياه في المتوسط

وأضافت إلى النزاع التركي – اليوناني، ازدياد النفوذ البحري الروسي في شرقي المتوسّط، بينما الغرب متردّد جدًا في الانخراط بما يجري، "هذه الأوضاع تبدو وكأنها توضيح ممتاز كيف سيبدو النظام العالمي الجديد".

وتنقل الباحثة عن المجلس الأوروبي للشؤون الخارجيّة أن ما يحدث في شرقي المتوسط "لم يعد أمرًا هامشيًا لأوروبا".

وبينما يطرح التحالف مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، المدعوم مصريًا وإماراتيًا، لمواجهة الدور التركي في ليبيا، تنقل الكاتبة عن مصدر دبلوماسي فرنسي إن ذلك "خيار خاطئ"، وأضاف أن حفتر ارتكب خطأ فادحًا عندما قرّر شنّ هجومٍ على طرابلس"، وزعمت أن الفرنسيّين لم يتمكنوا من إيقافه، والأميركيين لم يحاولوا ذلك، بينما دعمه الرّوس.

وادّعت الباحثة أن فرنسا "تجد نفسها معزولة في مواجهة تركيا شرقيّ المتوسّط".

وبخصوص الدورين التركي والروسي شرقيّ المتوسطّ، تختم الكاتبة بالقول "لكن بالنسبة لواشنطن، فإن الوجود الروسي أكثر إقلاقًا من تركيا. لا يريد ترامب اللعب مع إردوغان، وهو سعيد بأن يلعب ماكرون دور الشرطي السيّئ. أما بالنسبة لأصدقاء فرنسا الأوروبيين، فمن المرجّح أن ينتظروا، بهدوء، حتى 3 تشرين ثانٍ/نوفمبر المقبل" موعد الانتخابات الأميركيّة.

التعليقات