اليمن... مفتاح الحلّ لتطبيع العلاقات بين طهران والرياض؟

توقّفت المباحثات بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين لأكثر من 7 أشهر، لأسباب تتعلق بعدم الاستقرار السياسي في العراق، بعد انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

اليمن... مفتاح الحلّ لتطبيع العلاقات بين طهران والرياض؟

أطفال يمنيون (Getty Images)

توقّفت المباحثات بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين، لأكثر من 7 أشهر، لأسباب تتعلق بعدم الاستقرار السياسي في العراق، بعد انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

واستؤنفت في العاصمة العراقية بغداد، مؤخرا، الجولة الخامسة من هذه المباحثات، في إطار مساعي العراق لإعادة تطبيع العلاقات بين جارتيه، في ظل قطيعة مستمرة منذ مطلع عام 2016، حين أعدمت الرياض رجل دين شيعي سعودي بتهمة "الإرهاب".

وفي 21 نيسان/ أبريل الجاري، التقى رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في بغداد، كلا من مساعد الشؤون الدولية للأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، سعيد عرفاني، ورئيس الاستخبارات العامة السعودية، خالد الحميدان.

ووفق مصدر في الأمن القومي الإيراني تحدث لصحيفة "الجريدة" الكويتية، فإن لقاء بغداد كان بحضور مسؤولين كبار من مجلس الأمن القومي ومن "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، بجانب مسؤولين كبار من جهاز أمن الدولة السعودي.

واتفق الجانبان على سلسلة من الخطوات العملية لمواصلة المباحثات في بغداد بهدف تحسين العلاقات بين البلدين، وكذلك جولة سادسة من المباحثات متوقع عقدها قريبا في سلطنة عمان على مستوى وزاري، وفق المصدر.

وتوجه المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، محمود عباس زادة مشكيني، بالشكر إلى سلطنة عمان لجهودها المبكرة في خلق منصة مناسبة لبدء المحادثات بين إيران والسعودية.

ووفق وسائل إعلام إيرانية، استضافت سلطنة عمان اجتماعات عديدة بين وفود أمنية رفيعة المستوى من إيران والسعودية، قبل الإعلان عن الجولة الخامسة من المباحثات.

وخلال جولة المباحثات الرابعة، في أيلول/ سبتمبر 2021، اتفق وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودية، عادل الجبير وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني على خارطة طريق لتطبيع العلاقات بين البلدين، وتذليل الصعوبات أمام التوصل إلى السلام في اليمن.

ووصف مسؤولون إيرانيون ووسائل إعلام محلية أجواء الجولة الخامسة من المباحثات، بأنها "إيجابية" وتزيد الأمل باستئناف العلاقات بين البلدين بعد قطيعة ست سنوات.

ففي أوائل كانون الثاني/ سبتمبر 2016، قطعت السعودية ودول خليجية أخرى علاقاتها مع إيران، التي لم تتخذ حكومتها آنذاك أي إجراءات لمنع اعتداء إيرانيين على مبان دبلوماسية سعودية في طهران، خلال احتجاجهم على إعدام الرياض رجل الدين الشيعي المعارض، نمر باقر النمر بتهمة "الإرهاب".

ويزيد من أهمية استئناف مباحثات بغداد بين الرياض وطهران، أنها جاءت في أجواء نجاح جهود الأمم المتحدة في إقرار هدنة بين جماعة الحوثي المدعومة إيرانيا، والحكومة اليمنية المدعومة من جارتها السعودية، التي تتحمل معظم أعباء الحرب منذ قيادتها التحالف العربي لدعم الشرعية عام 2015.

ومنذ جولة المباحثات الأولى، ببغداد في 9 نيسان/ أبريل 2021، واصل العراق مساعيه من أجل إنجاح هذه المباحثات وعودة العلاقات بين السعودية وإيران إلى طبيعتها.

وتؤمن بغداد بأن الاستقرار في المنطقة سيساهم في تحقيق الاستقرار بالعراق، وإبعاده عن تصفية الحسابات الدولية والإقليمية التي عانى منها طويلا، سواء جراء التوترات بين السعودية وإيران، أو بين الولايات المتحدة وإيران التي تخوض جماعات شيعية حليفة لها، حروبا بالوكالة عنها في اليمن ضد الرياض، وفي العراق ضد واشنطن.

ومن المتوقع أن تخرج مباحثات البلدين من التشاور واستكشاف المواقف إلى خطوات عملية، مثل تبادل الزيارات تمهيدا للتحضير من أجل إعادة فتح مكاتب تمثيلية دبلوماسية، قد تبدأ بالملحقيات التجارية أو الثقافية، بما يمهد لإعادة فتح القنصليات والسفارات، بحسب وسائل إعلام إيرانية.

ومنذ جولة مباحثات أيلول/ سبتمبر 2021، سمحت الرياض لمسؤولين إيرانيين بالدخول إلى السعودية، لأغراض تتعلق بتمثيل بلدهم في منظمة التعاون الإسلامية، ومقرها جدة، كما جرى اتفاق على منح حصة أكبر لحجاج إيران في موسم حج هذا العام.

وعلى العكس من أجواء التفاؤل التي يمكن ملاحظتها في تصريحات المسؤولين الإيرانيين، لا يزال نظراؤهم من الجانب السعودي، يعبرون عن خيبة أملهم، إزاء ما يرون أنه دور تلعبه طهران في اليمن، مشيرين إلى عدم ممارستها ما يكفي من الضغوط على الحوثيين لوقف الحرب وإحلال السلام، عبر مفاوضات تشرف عليها الأمم المتحدة بين أطراف الصراع المحلية.

لكن مسؤولين إيرانيين رحبوا بالهدنة التي أعلنت جماعة الحوثي موافقتها عليها في الأول من نيسان/ أبريل الجاري، ودعوا إلى أن تقود هذه الهدنة إلى وقف شامل لإطلاق النار وإحلال السلام الدائم.

وتولي إيران، في ظل رئاسة إبراهيم رئيسي، اهتماما متزايدا بالعلاقات مع دول الجوار العربي والإقليمي وتطويرها في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية كافة، مع تراجع الاهتمام بالعلاقات مع الولايات المتحدة والغرب.

وهي سياسة مناقضة تماما لسياسات الحكومة السابقة المحسوبة على التيار الإصلاحي.

وفي أيلول/ سبتمبر 2019، تعرضت منشآت لشركة "أرامكو" النفطية في السعودية لهجمات، وتخلت إدارة الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب عن دعم الرياض في الرد على إيران المتهمة بالوقوف خلف الهجمات.

حينها، اتجهت السعودية نحو الانفتاح أكثر على دول الجوار العربي والإقليمي وتطبيع أو إعادة العلاقات مع كل من قطر وإيران، وتحسين علاقاتها مع دول أخرى منها العراق وتركيا التي زار رئيسها، رجب طيب إردوغان، الرياض، أمس الخميس.

وتواجه السعودية تحديات وتهديدات في اليمن والخليج العربي والبحر الأحمر، وهي تهديدات مصدرها جماعات مسلحة حليفة لإيران ومدعومة منها.

وتخشى طهران من التطبيع مع تل أبيب، رغم إعلان الرياض أن التطبيع مرهون بحل القضية الفلسطينية. لذلك فإن إيران ترى أن لها مصلحة في إعادة تطبيع العلاقات مع الدول الخليجية عموما، والسعودية تحديدا.

التعليقات