31/10/2010 - 11:02

رئيس المحكمة العليا سابقا؛ أهارون باراك يصرح بدعمه لدولة المواطنين وفي الوقت نفسه لا يتنازل عن "دولة يهودية ديمقراطية"

المحامية سونيا بولس: لا يوجد مسافة كبيرة بين الدولة اليهودية والحفاظ على أغلبية يهودية، وبين دعوات ترحيل العرب من البلاد.. الدولة اليهودية لها إسقاط على حق العودة ولم الشمل وتبادل السكان..

رئيس المحكمة العليا سابقا؛ أهارون باراك يصرح بدعمه لدولة المواطنين وفي الوقت نفسه لا يتنازل عن
فيما وصفتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأنها "ضربة برق/ ضربة باراك"، كتبت أنها تصريحات لم يسبق لها مثيل من قبل من كان يشغل منصب رئيس المحكمة العليا. وكتبت في عنوان رئيسي "أهارون باراك: اليهود يريدون إلقاء العرب إلى البحر".

وتابعت الصحيفة أن باراك كشف عن مواقفه فيما يتصل بالعلاقات بين اليهود والعرب في البلاد، ونقلت عنه قوله "أنا أحد كبار المؤمنين بدولة جميع مواطنيها وبمساواة كاملة للجميع"، وفي الوقت نفسه يصرح بتمسكه بـ"الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة".

وفي التفاصيل كتبت الصحيفة أن رئيس المحكمة العليا المتقاعد أهارون باراك فاجأ، الخميس، الجهازين القضائي والسياسي، بتصريحاته، في محاضرة حول حقوق الإنسان، بشأن دولة المواطنين، وحق العرب في الحصول على حقوق متساوية مع اليهود.

وفي اجتماع في مركز "رابين" في تل أبيب عقد بمناسبة مرور 25 عاما على تشكيل برنامج "حقوقيين من أجل حقوق الإنسان"، نقل عنه قوله: "نحن دولة يهودية ديمقراطية من جهة، وأنا لا أتنازل عن ذلك، وإلا لمكثت في الولايات المتحدة. فلكل يهودي حق أولي في الهجرة إلى البلاد، ولكن في اللحظة التي يصل فيها إلى البلاد فإنه حقوقه يجب أن تكون مساوية لحقوق العرب".

وكتبت الصحيفة أنه من غير الواضح إذا كان موضوع الخطاب الذي طلب منه كتابته هو الذي أدى بباراك إلى الدخول في مجالات كان يمتنع عن خوضها في الماضي بشكل علني.

وقال باراك: "إذا سألت يهوديا عما إذا كان يؤيد المساواة مع العرب، فهو سيجيب بالتأكيد. وإذا سألته عما إذا كان يؤيد إلقاءهم في البحر، فهو سيجيب بالتأكيد أيضا".

وبحسبه فإن وضع حقوق الإنسان في إسرائيل غير مريح. وقال: "الأدوات الموجودة لدينا محدودة جدا، والوضع الحالي لا يكفي. عندما نفكر بحقوق الإنسان في إسرائيل يجب أن نفكر بحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة".

وفي نهاية حديثه، حذر باراك بالقول: "إذا لم نجد طريقة للعيش بسلام مع الأقلية العربية في البلاد، فلن نجد طريقة للعيش بسلام مع أنفسنا".

وأشارت الصحيفة إلى أن أقوال باراك قد أثارت ردود فعل كثيرة، وخاصة بسبب تأييده لـ"دولة المواطنين". ونقلت عن مسؤولين كبار في الجهاز القضائي قولهم إنه "أصيب بالجنون، وإنه يتصرف بشكل غير مسؤول، ولا يدرك مكانته. فهو يسبب الضرر على المستوى الدولي. باراك هو قضائي لامع، ولكنه يجب أن يتذكر أنه كان رئيسا للمحكمة العليا.. باراك يبصق في البئر الذي شرب منه".

وفي حديثها مع عــ48رب عقبت المحامية سونيا بولس على تصريحات باراك بالقول إنه لا يوجد أي تغيير أو جديد نوعي في خطاب باراك، كما لا يوجد أي تجديد في المعلومات بشأن التمييز ضد العرب، خاصة وأن كافة الأبحاث والوقائع تشير إلى استفحال العنصرية في المجتمع اليهودي.

أما فيما يتعلق بحقوق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 67 فلا يستطيع أن ينكر أحد معاناة السكان وانتهاك حقوقهم في ظل الاحتلال. لقد تعاملت المحكمة العليا برئاسة باراك مع الاحتلال كاحتلال عسكري مؤقت كما هو حال الاحتلال الأمريكي في العراق أو أفغانستان، وتجاهلت أن هذا الاحتلال طال عمره إلى أكثر من 40 عاما وليس بالمؤقت، وتجاهلت نظام الفصل العنصري الذي خلقه هذا الاحتلال وأوجهه الاستعمارية وما ترتب عنه من نهب أراض ومحاصرة للسكان. ويبدو أن باراك ما زال متمسكا بهذا التوجه لأنه لا يسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية، ألا وهي خلق نظام فصل عنصري على أرض الواقع في الأراضي المحتلة عام 67.

كما أشارت إلى أن ما ميز باراك عندما كان قاضيا ورئيسا في المحكمة العليا هو مهارته في استخدام لغة حقوق إنسان في قضايا تتعلق بحقوق الفلسطينيين، وفي الوقت ذاته الوصول لقرارات أو نتائج غير منسجمة تماما مع اعتماده لغة حقوق إنسان. الفجوة بين الخطاب والنتيجة كانت هائلة. كانت قرارات باراك تستخدم من قبل إسرائيل، والخارجية الإسرائيلية خاصة، في المحافل القانونية الدولية كدليل على مدى ديمقراطية إسرائيل وكون احتلالها مستنيرا. باراك لا يكشف عن مواقف جديدة في تصريحاته الأخيرة تختلف جذريا عن ما كتبه كقاض في المحكمة العليا.

وأضافت أن خطاب باراك يندرج ضمن خطاب ما يسمى بـ"اليسار الصهيوني" ويعكس إجماع هذا اليسار. كما أشارت المحامية بولس إلى أن خطاب باراك ينطوي على تناقض. فمن جهة يطرح "دولة كل مواطنيها"، ومن جهة أخرى فهو يتشبث بالحفاظ على يهودية الدولة. ويستشف من كلامه بأنه لا يوجد تناقض بين دولة يهودية وبين دولة جميع المواطنين سوى في حق اليهودي في الهجرة إلى البلاد، فمتى يصل اليهودي إلى البلاد يجب أن يكون متساويا في الحقوق مع المواطن العربي. وفي هذا السياق لفتت إلى أن المشكلة أو التناقض لدى باراك ينكشف في ثلاثة مستويات: الأول التعامل مع الحاضر بمعزل عن التاريخ والماضي حيث لا يوجد أي اعتراف بنكبة الشعب الفلسطيني وبالغبن التاريخي الذي حصل للفلسطينيين مثل التهجير وسلب الأرض والممتلكات ومشكلة اللاجئين والمطالبة بتصحيح هذا الغبن. بل هنالك تغاض كلي عن ذلك.

أما المستوى الثاني فإن التشبث بيهودية الدولة يؤدي بالتأكيد إلى المس بحرية العمل السياسي للفلسطينيين في الداخل، حيث تكون المشاركة في الحياة السياسية في إسرائيل مشروطة بقوانين اللعبة التي تحددها إسرائيل، وأهمها القبول بيهودية الدولة، كما ينص عليه اليوم قانون أساس الكنيست، والذي تم استخدامه في محاولات شطب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يرفض القبول بيهودية الدولة، ويرفع شعار "دولة جميع مواطنيها" مع الاعتراف بالغبن التاريخي الذي وقع للفلسطينيين من تهجير وسلب أراض، والمطالبة بتصحيحه. فمن يسعى لتغير يهودية الدولة بأدوات ديمقراطية بحتة يصبح لاعبا غير شرعي أو مشككا في شرعيته في الحياة السياسية في دولة تتشبث بتعريف ذاتها كدولة اليهود.

وفي المستوى الثالث فإن التشبث بالحفاظ على يهودية الدولة، معناه الحفاظ على أغلبية يهودية من حيث عدد السكان، ما يعني أنه لا يمكن الحفاظ على الطابع اليهودي إذا لم يكن ديمغرافيا أغلبية يهودية بشكل دائم، الأمر الذي ينطوي على إسقاطات خطيرة تتصل بحق العودة للاجئين الفلسطينيين ولمّ شمل العائلات العربية، والحديث عن تبادل سكاني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وغيرها من المخططات التي تهدف الحفاظ على "توازن" ديموغرافي.

وخلصت إلى أنه بالنتيجة لا يوجد فرق كبير أو مسافة كبيرة بين الدولة اليهودية والحفاظ على أغلبية يهودية، وبين دعوات ترحيل العرب من البلاد.

التعليقات