20/02/2016 - 10:49

هل تتجسّس اليونان لصالح إسرائيل في الاتحاد الأوروبي؟

خلال الجلسة إيّاها، في الـ 15 من شهر كانون الثّاني/يناير، بينما بالكاد كانت تتواجد مسوّدة للقرار بشأن المستوطنات، تلقّى سفراء معيّنون رسائل هاتفيّة من زملاء إسرائيليّين ألحّوا عليهم أن يعترضوا على الصّياغة المشدّدة.

هل تتجسّس اليونان لصالح إسرائيل في الاتحاد الأوروبي؟

بنيامين نتنياهو، نيكوس أنستيادوس وأليكسيس تسيبراس

أثمر التّكتّل الجيو-سياسيّ الجديد الذي نشأ مؤخّرًا بين إسرائيل-اليونان-قبرص، والذي اشتمل على تعاون عسكريّ واقتصاديّ، معونات تكنولوجيّة وأمنيّة، عن سلسلة اتّفاقات بمجالات الطّيران، السّياحة والمياه، والأهمّ: التّعاون في مجال الطّاقة، بعدّة مستويات، ابتداءً من احتياطيّ الغاز الهائل الذي عثر عليه قبالة الشّواطئ الإسرائيليّة، وانتهاءً بالتّخطيط لأنبوب غاز طبيعيّ يمتدّ من إسرائيل، عبر قبرص، إلى اليونان.

إلاّ أنّ شكوكًا بدأت تساور الأوروبيّين قبل شهر تقريبًا بشأن هذه العلاقة الثّلاثيّة المفاجأة. في الـ 15 من كانون الثّاني/يناير الماضي، التقى سفراء الاتّحاد الأوربيّ في بريسيل، من أجل عقد جلسة خاصّة بشأن اللجنة للشؤون الأمنيّة والسّياسيّة. ومن بين الموضوعات التي طرحت على جدول أعمال السّفراء كانت صياغة قرار بشأن موقف الاتّحاد الأوروبيّ بشأن المستوطنات الإسرائيليّة في الأراضي الفلسطينيّة.

بعد ثلاثة أيّام من الاجتماع، أصدر مجلس وزراء الخارجيّة بيانًا، جاء فيه: 'الاتّحاد الأوروبيّ سيواصل مراقبة المستوطنات عن كثب. وسيأخذ بعين الاعتبار نشاطه من أجل الدّفاع عن حلّ الدّولتين، الذي يمرّ بعاصفة مستمرّة، على خلفيّة خلق وقائع ميدانيّة'، في إشارة للمستوطنات الإسرائيليّة المزروعة بقلب الأراضي الفلسطينيّة.

وأفادت مصادر في الاتّحاد الأوروبيّ، أنّه خلال الجلسة إيّاها، في الـ 15 من شهر كانون الثّاني/يناير، بينما بالكاد كانت تتواجد مسوّدة للقرار بشأن المستوطنات، تلقّى سفراء معيّنون رسائل هاتفيّة من زملاء إسرائيليّين ألحّوا عليهم أن يعترضوا على الصّياغة المشدّدة، من أجل أن يمحوا الجملة التي تحتوي على فصل بين إسرائيل وبين أراضي الضّفّة الغربيّة.

ووفق ما أورده موقع صحيفة معاريف الإلكترونيّ، بدأت الشّكوك تساور الأوروبيّين في تلك اللحظة، إذ طفى على السّطح السّؤال: كيف علم الإسرائيليّون، بالتّزامن مع كتابة المسوّدة، وقبل نشرها، ما مضمونها؟

ووفق المصادر الأوروبيّة فمن بين الدّول التي أصرّت على سياسة قرار صارم ضدّ الاستيطان كانت: السّويد، فرنسا وإيرلندا. بينما من الجانب الآخر، حاولت ألمانيا تقديم صياغة أكثر اعتدالاً. وصوّت على القرار 27 دولة، باستثناء اليونان.

وقد فاجأ الممثّل اليونانيّ المشاركين حينما أعلن اعتراضه على الصّياغة المقترحة، مطالبًا إقصاء النّصّ الذي يفصل بين إسرائيل وبين الضّفّة الغربيّة. ولم يكتف الممثّل اليونانيّ بذلك، بل طالب بتطرّق أوسع لما أسماه 'بعمليّات الإرهاب الفلسطينيّة'.

بعد ثلاثة أيّام من اعتراض اليونان، انضمتّ كلّ من قبرص، رومانيا، هنغاريا، بلغاريا وبولندا للموقف المعارض للصياغة الصّارمة ضدّ إسرائيل، بعد 'ثلاثة أيّام من العمل الميدانيّ الإسرائيليّ المكثّف' كما أورد موقع صحيفة 'معاريف'، في إشارة للعمل الميدانيّ الذي قام به الدّبلوماسيّون الإسرائيليّون بحملة الإقناع التي مارسوها لأجل أن تنضمّ لليونان المزيد من الدّول المعارضة للصياغة الحادّة والصّارمة ضدّ إسرائيل.

وبالفعل، فقد تمّ تغيير النّصّ الأصليّ بآخر أكثر اعتدالاً، جاء فيه: 'يتوجّب على كلّ الاتّفاقات بين إسرائيل والاتّحاد الأوروبيّ أن تفصل بشكل واضح وغير قابل للتأويل، بين إسرائيل والأراضي المحتلّة من قبلها'.

يمكن مناقشة مدى 'نجاح أو عدم نجاح' هذه الصّياغة، التي لم تتحمّس منها السّلطات الإسرائيليّة، إلاّ أنّ مسؤولين ومحلّلين لا يزالون ينظرون لنتائج العمل الميدانيّ الإسرائيليّ على أنّها ناجحة، لأنّه وفّر على إسرائيل صياغة أكثر حدّة وصرامة، إذ أنّ الصّياغة فيها من الضّبابيّة ما يجعلها قابلة لأكثر من تأويل.

إلا أنّ الشّكوك التي ساورت بعض أعضاء الاتّحاد الأوروبيّ، بعد الاعتراض المفاجئ على صياغة المسوّدة، ما أدّى إلى أن يطالب بعض السّفراء، في جلسة لمجلس الخارجيّة للاتّحاد الأوروبيّ، بعد ثلاثة أيّام من الجلسة الأولى، بإبقاء هواتفهم الخليويّة بالخارج، وبنقل المداولات إلى 'غرفة آمنة'.

وذكر موقع معارف أنّ 'طيف الشّكوك تحرّك ما بين إمكانيّة أنّ أحد السّفراء، أي اليونانيّ، نقل معلومات بهاتف خليويّ أو صوّر أجزاءً من الوثيقة خلال الجلسة، وبين إمكانيّة أنّ إسرائيل دسّت في القاعة أجهزة تصنّت'.

وسبق أن عثر محقّقون بلجيكيّون، عام 2003، أجهزة تصنّت، قالوا حينها إنّ الموساد هو من قام بزراعتها.

ووفق مصادر دبلوماسيّة أوروبيّة، على الرّغم من كون وثائق اللجنة 'سريّة'، إلاّ أنّها تُرسل بالشّبكة الدّاخليّة للاتّحاد الأوروبيّ، من أجل أن يتمكّن السّفراء والوزراء من التّطرّق إلى مضامينها خلال المداولات. هذه المعلومة تفضي إلى شكّ آخر، يكمن باختراق الشّبكة. إلاّ أنّ مصدرًا أوروبيًّا رفيع المستوى علّق على هذا الشأن: 'الشّكوك على ما يبدو بديل سهل للتعامل المباشر مع اليونانيّين، بالقضيّة الحسّاسة المتلخّصة بتعاونهم الجديد والجريء مع إسرائيل'.

ويستند التّكتّل الإقليميّ الجديد: إسرائيل، اليونان وقبرص على معونات أمنيّة واقتصاديّة تقدّمها إسرائيل لليونان وقبرص، مقابل دعم الدّولتين بمؤسّسات وأروقة الاتّحاد الأوروبيّ.

اقرأ أيضا: التقارب الإسرائيلي - اليوناني - القبرصي: كتلة جيو-سياسية جديدة

وعلقّ المسؤول الأوروبيّ رفيع المستوى على التّحالف: 'يدور الحديث عن عمليّة غير متوقّعة بين نتنياهو، الذي يعتبر في الاتّحاد الأوروبيّ للشخصيّة الأكثر إلحاحًا بتاريخها، وبين رئيس الحكومة اليونانيّة، ألكسيس تسيبراس، الذي يعتبر الطّفل السّيء للاتّحاد الأوروبيّ، على مرّ تاريخه. نوعًا ما، نشأت علاقة مودّة غير متوقّعة بين الإسرائيليّ المحافظ الجديد واليونانيّ الشّيوعيّ'.

التعليقات