06/05/2016 - 20:13

علاقة رئيس الشاباك بالسلطة الفلسطينية: تفكيك ألغام

وهو من اتّسم بشخصيّة لا تحبّذ الظّهور الإعلاميّ، وتقلّل من التّصريحات على الملأ، بينما تبنّى سياية سلفيه في رئاسة الشاباك، المتلخّصة بالمشي بين الألغام: القضاء على ما يسمّى 'الإرهاب' الفلسطيينيّ، بكلّ الطّرق والوسائل، في الوقت ذاته

علاقة رئيس الشاباك بالسلطة الفلسطينية: تفكيك ألغام

ستنتهي الأسبوع المقبل ولاية الرّجل الأوّل في جهاز الأمن الإسرائيليّ العامّ (الشاباك)، يورام كوهين، بعد 34 سنة من الخدمة في صفوفه، آخر خمس سنوات ترأّس خلالها جهاز الأمن العامّ. وهو من اتّسم بشخصيّة لا تحبّذ الظّهور الإعلاميّ، وتقلّل من التّصريحات على الملأ، بينما تبنّى سياية سلفيه في رئاسة الشاباك، المتلخّصة بالمشي بين الألغام: القضاء على ما يسمّى 'الإرهاب' الفلسطيينيّ، بكلّ الطّرق والوسائل، في الوقت ذاته الذي حرص فيه على المحافظة على علاقة جيّدة مع السّلطة الفلسطينيّة، منعًا لانهيار التّنسيق الأمنيّ معها، ومن باب تلقّي معلومات و'خدمات' منها، تتلخّص بالأساس بالعثور على ما تسمّيه إسرائيل 'خلايا إرهابيّة نائمة' في الضّفّة الغربيّة المحتلّة.

ويصف المحلّل العسكريّ في صحيفة 'هآرتس'، الصّادرة صباح اليوم الجمعة، الفترة التي ترأّس خلالها كوهين جهاز الشاباك، على أنّها قليلة 'الدّراما' مقارنة مع سابقيه من رؤساء الشاباك: كرمي غيلون، عامي أيلون، آفي ديخبر ويوفال ديسكين.

ويضيف هرئيل أنّ السّنوات الأخيرة في الضّفّة الغربيّة، التي تزامنت مع ترأّس كوهين جهاز الشّاباك، لم تشهد فوضى حقيقيّة كان من شأنها تهديد الثّبات الأمنيّ العامّ، مقارنة مع سنوات سابقة، خصوصًا سنوات الانتفاضتين الأولى والثّانية.

وأشار هرئيل إلى أنّ ولاية كوهين اتّسمت بـ'حضور إعلاميّ ضئيل'. وكان الشاباك قد باشر نشر أسماء من يقفون على رأسه، ابتداءً من ولاية يعكوف بيري،  'وتدريجيًّا قام التّنظيم (الشاباك) بعقد إرشادات للصحافيّين، وحتّى أنّ ديختر وديسكين ألقوا بعض الخطابات هنا وهناك.

إلّا أنّ كوهين فضّل أن يكون 'صاجب بروفايل جماهيريّ خفيف'، ويضيف هرئيل في هذا السّياق إلى أنّ خليفة كوهين ونائبه الآن، نداف أرغمان، 'من المتوقّع أيضًا بنفس النّهج'.

وتزامنت بداية خدمة كوهين كرئيس لجهاز الشاباك مع المفاوضات التي جرت حينها بين حركة حماس والحكومة الإسرائيليّة لإطلاق سراح غلعاد شاليط، وكان كوهين قد منح مصادقته على إتمام الصّفقة.

وخلال السّنة الأخيرة لولاية يورام كوهين جهاز الشّاباك، استطاعت ما تسمّى 'الوحدة اليهوديّة' التي تعنى بتقصّي الإرهاب اليهوديّ، المتواجد بالأساس بالضّفّة الغربيّة المحتلّة، بالتّوصّل إلى الجناة المجرمين الذين ارتكبوا جريمة قتل عائلة دوابشة في قرية دوما.

وكان الرّئيس السّابق لكوهين، يوفال ديسكين قد اعترض على تقديم 'تنازلات كانت قد طلبت من إسرائيل في مفاوضات صفقة شاليط'. وبعد شهرين من تولّي كوهين منصب رئاسة الشّاباك، عام 2011، جاءت الاحتجاج المدنيّ في إسرائيل، في الوقت الذي بحث فيه نتنياهو عن حبل نجاة يخرجه من الأزمة الاجتماعيّة السّياسيّة، ما حثّه وفق هرئيل للقبول بصفقة شاليط، بينما قام كوهين ومنسّق المفاوضات، دافيد ميدان، ببلورة الصّياغة التي تمّت الصّفقة بناءً عليها، حرّر فيها 1027 أسيرًا فلسطينيًّا.

وأوضح هرئيل في سياق الأسرى الفلسطينيّين المحرّرين وتشكيلهم خطرًا مجدّدًا على إسرائيل 'تقييم الشاباك بأنّه يستطيع أن يحتوي التّهديد الكامن في المحرّرين، لم تفنّد حتّى الآن'.

وتبنّى كوهين النّهج الذي صاغه سلفيه، ديختر وديسكين، في سياسة الاعتقالات الليليّة، التي تمّ جزء منها في مناطق A التّابعة لسيادة السّلطة الفلسطينيّة وفقًا لاتّفاقيّات أوسلو، التي تلتها تحقيقات ومحاكمات. وأشار هرئيل إلى أنّ السّياسة التي أطلق عليها الشّاباك لقب 'كاسحة النّجيل'، في إشارة لسياسة القمع والاعتقالات والمحكمات القاسية، قد 'أثبتت نجاعتها'.

إلّا أنّ الشاباك، وفق الصّحافة الإسرائيليّة، قد تلقّى ضربة في 'قدرته الخارقة' في عام 2014، حينما اختطف وقتل ثلاثة مستوطنين إسرائيليّين في الضّفّة الغربيّة، إذ أنّه استغرق الشاباك ثلاثة أسابيع لحين عثورع على جثث المستوطنين الثّلاثة، وأكثر من شهرين لحين عثر على الفلسطينيّين الذي ادّعوا أنّه نفّذوا عمليّة الاختطاف والقتل. وجاءت هذه الحادثة قبيل اندلاع الحرب العدوان الإسرائيليّ على غزّة، الذي أدّى إلى تبادل تهم متبادل بين جهاز الأمن العامّ وبين شعبة الاستخبارات العسكريّة.

وأوضح هرئيل أنّ الشاباك كان قد أدرك الجهوزيّة العسكريّة لحماس لحماس، بينما ظلّت شعبة الاستخبارات العسكريّة تدّعي أنّ حماس انجرّ للمواجهة العسكريّة نتيجة حسابات وتقديرات خاطئة من قبل الطّرفين.

وادّعى صحافيّون إسرائيليّون، أثناء التّحقيق في قضيّة حرق عائلة دوابشة بقرية دوما الفلسطينيّة، أنّ يورام كوهين غير قادر ولا معنيّ بحلّ لغزد جريمة دوما، 'إلّا أنّ كوهين والشاباك نجحا في الامتحان'، إذ تمّ استثمار مجهود هائل، وفق هرئيل، في الجهد الاستخباراتيّ من أجل التّوصل للجناة المجرمين، وبينما تمّ لأوّل مرّة، وفق الإعلام الإسرائيليّ، استخدام وسائل تعذيب ضدّ مواطنين يهودًا وليسوا فلسطينيّين.

وذكر هرئيل إلى أنّ قمع الهبّة الشّعبيّة الفلسطينيّة وخفض عدد العمليّات جاء بفضل وحدة مراقبة شبكات التّواصل الاجتماعيّ التي أنشأها الشاباك وشعبة الاستخبارات العسكريّة، في عهد كوهين. إضافة إلى تعاون 'ناجح ومثمر' مع السّلطة' في تقدير يشير إلى أنّ السّلطة الفلسطينيّة تحبط 10% من العمليّات الفلسطينيّة، مع بداية الهبّة، ليزداد تعاونها فيصل الآن إلى نحو 40%.

اقرأ أيضا: 'شبيبة التلال': بالضفة الغربية... وبالحكومة الإسرائيلية
وأشارت هرئيل إلى أنّ كوهين حافظ على 'علاقات طيّبة' مع الجانب الفلسطينيّ. ففي عام 2014، بعد أن اكتشف الشاباك خليّة موسّعة لحماس في الضّفّة  الغربيّة، كانت تخطّط لتنفيذ عمليّات داخل إسرائيل، ولانقلاب ضدّ السّلطة، وفق ادّعاءات الشّاباك، قام يورام كوهين بنفسه بزيارة الرّئيس الفلسطينيّ في رام الله لإطلاعه على نتائج القبض على خليّة حماس. واشتمل اللقاء على تقديم تسجيلات لإحدى موقوفي الخليّة، 'شتم فيها الرّئيس'، كان من شأنها، وفق هرئيل أن تقنع محمود عبّاس باتّخاذ موقف أكثر حزمًا وصرامة ضدّ حماس، أثناء العدوان الإسرائيليّ الاخير على غزّة.

التعليقات