02/10/2016 - 21:55

أوباما بين بيرس ومانديلا: من اللهو بالهاتف لللهو بالتاريخ

لعل أبرز ما ميّز جنازة رئيس جنوب أفريقيا الراحل، نلسون مانديلا، في العام 2013، وما سرق الأضواء من مانديلا نفسه، هو لهو الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بهاتفه غير مبالٍ بمراسم التشييع، الأمر الذي دعا زوجته، ميشيل، إلى التدخل وزجره عن ذلك.

أوباما بين بيرس ومانديلا: من اللهو بالهاتف لللهو بالتاريخ

رصانة أوباما في تشييع بيرس مقابل "رعونته" في تشييع مانديلا

لعل أبرز ما ميّز جنازة رئيس جنوب أفريقيا الراحل، نلسون مانديلا، في العام 2013، وما سرق الأضواء من مانديلا نفسه، هو لهو الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بهاتفه غير مبالٍ بمراسم التشييع، الأمر الذي دعا زوجته، ميشيل، إلى التدخل وزجره عن ذلك، لكن أوباما، الذي كفّ عن اللهو بهاتفه، خلال مراسم تشييع الرئيس الإسرائيلي السابق، شمعون بيرس، يوم الجمعة الماضي، وقف يلهو بالتاريخ، ويكيل لبيرس المديح، ذاكرًا اسمي الرجلين (بيرِس ومانديلا) من ضمن 'قادة عظام' قابلهم في حياته.

ويدّل ذكر اسمي الرئيسين في جملة واحدة إما عن عدم إدراك من قبل الرئيس أوباما بالعلاقة بين بيرِس ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، الذي حاربه مانديلا، وهو أمر مستغرب من رئيس للدولة الأكبر في العالم، وإما عن محاولة لتعظيم بيرِس وطمس إرثه الإجرامي، بعد كل المدائح التي نالها منذ حصوله على جائزة نوبل 'للسلام'، ومنحه الوسام الأميركيّ الأرفع، قبل أكثر من عامين، من قبل أوباما نفسه.

أوباما خلال لهوه بالهاتف خلال مراسم تشييع مانديلا عام 2013 (abc news)
أوباما يلهو بالهاتف خلال مراسم تشييع مانديلا عام 2013 (abc news)

ولعل أهم ما في العلاقة بين بيرس ونظام الفصل العنصري الجنوب أفريقي، هو ما كشفته صحيفة 'ذا غارديان' البريطانيّة، في العام 2010، إذ إن بيرس، وخلال شغله منصبه وزيرًا لأمن إسرائيل في العام 1975، أجرى اتصالات مع نظيره الجنوب أفريقي، بي.بوتا، بشأن التعاون النووي بين البلدين.

بيريس (من اليمين) وقادة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا (أرشيف)
بيريس (من اليمين) وقادة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا (أرشيف)

وفي حينه، فقد طلب بوتا من بيرس تزويد جنوب أفريقيا برؤوس نووية متفجرة، وهو ما استقبله بيرس بحفاوة، عارضًا عليه 3 رؤوس نوويّة بأحجام مختلفة، ووقع الطرفان في حينه على اتفاقية تعاون أمني سري.

وبحسب الوثائق التي تم نشرها، فإن مذكرة أعدها رئيس هيئة أركان جيش جنوب أفريقيا تشرح بالتفصيل مزايا صواريخ 'يريحو' الإسرائيلية عندما تكون حاملة لرؤوس نووية متفجرة.

وفي تلخيص أحد اللقاءات بين وزيري الأمن في حينه، وفي سياق طلب جنوب أفريقيا الحصول على الرؤوس المتفجرة، كتب أن 'الوزير بيرس قال إن الشحنة المطلوبة متوفرة بثلاثة حجوم مختلفة'. وبحسب المحقق ساشا سورانسكي، الذي كشف عن هذه الوثائق، فإن هذا الملخص يتناول رؤوسا قتالية غير تقليدية، كيماوية ونووية.

وثيقة سرية موقعة بين جنوب افريقيا وإسرائيل، يظهر فيها توقيع بيرس (غارديان)
وثيقة سرية موقعة بين جنوب افريقيا وإسرائيل، يظهر فيها توقيع بيرس (غارديان)

وجاء، أيضًا، أنه لا يزال من غير الواضح لماذا لم تخرج الصفقة إلى حيز التنفيذ في نهاية المطاف. بيد أن تقديرات أشارت إلى جنوب أفريقيا قد تراجعت بسبب الكلفة الباهظة، أو أن بيرس لم يحصل مسبقا على مصادقة رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه، يتسحاك رابين، على الصفقة.

وبرزت أهميّة التسريبات، حينها، بأنها أول تصريح رسمي إسرائيلي بأنها تملك رؤوسًا نوويًا، حيث ما زالت إسرائيل تماطل في كشف ترسانتها النوويّة أمام العالم، وكل الأرقام التي يتم تداولها دوليًا، ليست إلا تقديرات وبناءً على تسريبات ليس إلا.

وبالطبع، لا يمكن أن 'ينطق بيرس عن هوى' في سياق المفاعلات النوويّة، بحكم موقعه، أولًا، وزيرًا لأمن إسرائيل، وبحكم أنه أبو المشروع النووي الإسرائيلي، وصاحب الفضل بإقناع فرنسا أن تبيعه لإسرائيل والتجهيزات اللازمة والمعدات ليصبح قادرًا على العمل، لكن الرئيس الأميركي، بالتأكيد، ينطق على هوىً في نفسه ألا وهو التملّق لإسرائيل.

التعليقات