07/11/2017 - 15:08

العليا تقبل التماسا ضد نقل مستوطني "عمونا" لأراضي سلواد

علاء محاجنة: مشكلة القرار الأساسية تكمن بتبنيه التام لتوجه المحكمة العليا بخصوص قضايا الاستيطان والتي امتنعت بشكل واضح منذ عام 1967، رغم فتح باب المحكمة أمام تقديم الالتماسات من قبل الفلسطينيين، بالبت بقانونية مشروع الاستيطان، واعتبرته مسألة سياسية بجوهرها

العليا تقبل التماسا ضد نقل مستوطني

(أ ف ب)

أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، قرارا بقبول التماس قدمته مجموعة من سكان بلدة سلواد، القريبة من رام الله في الضفة الغربية المحتلة، ومنظمة "ييش دين" الحقوقية الإسرائيلية، بخصوص منع إقامة مستوطنة على أراضيهم للمستوطنين الذين تم إخلاؤهم من البؤرة الاستيطانية العشوائية "عمونا".

ونظرت في الالتماس هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة، برئاسة القاضي سليم جبران والقاضي يورام دنتسيغر، اللذين أيدا القرار، والقاضي نوعام هندل، وهو مستوطن بنفسه، وكان في موقف الأقلية وعارض القرار.

واعتمد جبران في قراره على الإخلال بمبدأ "سلامة الإجراءات" القانونية والتي أثارها مقدمو الالتماس، لافتا إلى أنه بموجب القانون الدولي ووفق قرارات سابقة للمحكمة العليا فإن المواطنين الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال هم "سكان محميون"، وأن "القانون الدولي يحمّل القوة المسيطرة على الأرض واجبات خاصة تجاه هؤلاء السكان"، مثل تزويد السكان بالمواد الغذائية والعتاد الطبي، إضافة إلى الامتناع عن المس بكرامتهم وحقوقهم العائلية وحقهم بالملكية.

وفي مجمل قراره شدد جبران على أنه "في المقابل، فإن سكان المنطقة الإسرائيليين (أي المستوطنين)، لا يتمتعون بمكانة مشابهة لسكان محميين". لكنه أضاف، مستشهدا بقرارات سابقة صادرة عن المحكمة نفسها، أن المستوطنين هم "مجموعة مدنيون" في منطقة تقع تحت حكم عسكري وعليه لهم حقوق يوفرها لهم القائد العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبينها "الحماية".

رغم ذلك، وبما يتعلق بالقانون الدولي وقانونية وعدم شرعية الاستيطان بالمعيار القانوني الدولي وفق اتفاقية لاهاي من سنة 1907 واتفاقيات جنيف من سنة 1948، فإن القاضي جبران سلك الطريق التي سلكتها المحكمة العليا الإسرائيلية منذ العام 1967، والمتمثلة بقرارات رؤساء المحكمة، وخاصة رئيسها الأسبق أهرون باراك، بما يتعلق بالتناقض بين القانون الدولي والاستيطاني، وتجنبهم هذا التناقض، بادعاء أن البت في هذا الموضوع هو سياسي، وليس قانونيا أو قضائيا، وحولوا التدقيق في الالتماسات المقدمة أمام المحكمة من السؤال حول قانونية الاستيطان إلى فحص معايير وتوازنات وتجنب البت بالموضوع من الناحية المبدئية.

يشار إلى أن هذا الالتماس جاء كاعتراض على حل طرحته النيابة العامة ووزارة القضاء الإسرائيلية، وهو نقل مستوطني "عمونا" بعد إخلائهم من البؤرة الاستيطانية العشوائية، والتي أقيمت قبل 20 عاما على أراض فلسطينية بملكية خاصة لم تتم مصادرتها ونقلها إلى أراض أخرى قريبة بملكية خاصة أيضا لسكان من سلواد، تدعي إسرائيل أنها أملاك "غائبين" يمكنها السيطرة عليها وفق الأوامر العسكرية.

وبحثت النيابة العامة الإسرائيلية عن حلول عديدة، بينها سيطرة ما يسمى بـ"حارس أملاك الغائبين" على جزء من أراضي سكان سلواد من أجل تمهيدها لنقل المستوطنين إليها من خلال إجراء قانوني يعرف بـ"توحيد وتقسيم". والالتماس الحالي جاء للطعن في إمكانية "سيطرة حارس أملاك الغائبين" على الأراضي واستعمالها لمصلحة المستوطنين.

وبرز في سياق حيثيات قرار الحكم ومواقف القضاة، الاتفاق فيما بينهم على "أهمية" خطة الحكومة الإسرائيلية واتفاقها مع المستوطنين في "عمونا" على الإخلاء طواعية، رغم أن هذا الإخلاء جرى بعد سنتين من صدور قرار المحكمة، كما أن عملية الإخلاء لم تخل من مظاهر عنف من جانب المستوطنين.

تعليقه على القرار، أفادنا المحامي علاء محاجنة، وهو متخصص بقضايا الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة، بأن "ما أثير إعلاميا حول القرار، وخاصة مساواة مكانة المستوطنين مع مكانة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، هو غير دقيق، حيث أن القاضي جبران عاد وشدد على قرارات سابقة للمحكمة العليا، التي بموجبها أعطيت للفلسطينيين مكانة "سكان محميين" وفق القانون الدولي، بينما ابتكرت المحكمة مكانة جديدة لمستوطنين واعتبرت أنهم "سكان مدنيون"، وعليه يوجد لهم حقوق وواجبات مقابل القائد العسكري يتوجب عليه تلبيتها. ويذكر أن هذه المكانة التي تم منحها للمستوطنين جاءت في قرارات عديدة سابقة وخاصة تلك المتعلقة بجدار الفصل العنصري وهي طبعا تشكل التفافا على الاعتقاد العام أن مشروع المستوطنات، وبالتالي وجود المستوطنين في الأراضي المحتلة، هو غير شرعي لأنه لا يتماشى مع قانون الاحتلال الحربي، وعليه وجب إخلاءهم بالمقام الأول بعكس ما كان في القرار الذي أجرى توازنات ما بين حق الملكية للفلسطينيين وبين اعتبارات ومصالح ’شرعية’ للمستوطنين . وعلى الرغم من أن القرار قبل بنهاية المطاف الالتماس، فإن مشكلة القرار الأساسية تكمن بتبنيه التام لتوجه المحكمة العليا بخصوص قضايا الاستيطان والتي امتنعت بشكل واضح منذ عام 1967، رغم فتح باب المحكمة أمام تقديم الالتماسات من قبل الفلسطينيين، بالبت بقانونية مشروع الاستيطان، واعتبرته مسألة سياسية بجوهرها، ما حول المداولات بقضايا الاستيطان لمعايير تكافؤ ولموازنات بين اعتبارات مختلفة على حساب القرار المبدئي بشأن عدم قانونية المشروع من أصله تماما كما جاء في القرار".

التعليقات