21/10/2018 - 23:24

"ضغوطات داخلية دفعت الأردن لإنهاء تأجير الباقورة والغمر لإسرائيل"

*الملك عبد الله الثاني يحاول استرضاء الشارع الأردني، في ظل المطالبات لاستعادت المناطق المؤجرة لإسرائيل واعتبار استمرار السيطرة الإسرائيلية عليها هو تخلي سافر عن السيادة. *"القرار الأردني يعبر عن فشل في السياسة الخارجية لرئيس الحكومة" *جاء القرار الأردني في أعقاب ضغوط سياسية

(أرشيفية)

على الرغم من الإجراءات التي عبّرت ربما عن انتهاء الأزمة الدبلوماسية بين الأردن وإسرائيل وإعادة السفير الإسرائيلي إلى العاصمة الأردنية عمان، إثر حادثة السفارة التي وقعت في تموز/ يوليو العام الماضي، والتي أدت إلى تعكر أجواء العلاقات الثنائية بعد الجريمة التي ارتكبها حارس أمن السفارة الإسرائيلية في عمان، وفي ظل الاستنكار الشعبي الأردني لأي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل ورفض ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة والاعتداءات المتواصلة على المقدسات الدينية التي تخضع للسيادة الأردنية؛ استجابت السلطات الأردنية للحملة الشعبية التي أطلقها ناشطون أردنيون لاستعادة الباقورة الغمر وبسط السيادة الأردنية عليهما، وأعلن الملك عبد الله الثاني، الأحد، عن توقف العمل بشروط الملحقين اللذين وردا باتفاقية "وادي عربة" والمتعلقين بالمنطقتين.

وفي هذا السياق، شدد محلل "شركة الأخبار" (القناة الإسرائيلية الثانية سابقًا) للشؤون العربية، إيهود يعاري، اليوم الأحد، أن الحكومة الإسرائيلية لم تتفاجأ بالقرار الأردني القاضي بإلغاء ملحقين خاصين بمنطقتي الباقورة والغمر المؤجرتين لإسرائيل لمدة 25 عاما، بموجب اتفاقية السلام الموقعة عام 1994 (وادي عربة).

ورأى يعاري، أن الخطوة الأردنية تعبر عما وصفه بـ"العلاقة المعقدة جدا" بين الحكومة الإسرائيلية وملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين، والتي اعتبرها في "تراجع مستمر".

واعتبر محلل الشؤون العربية أن العلاقة بين عمان وتل أبيب تشهد "برودًا مثيرًا جدًا" على الرغم من أن العلاقات ظاهريًا تبدو واضحة المعالم ومستقرة.

وأشار إلى أن الملك عبد الله يحاول استرضاء الشارع الأردني، في ظل المطالبات لاستعادت المناطق المؤجرة لإسرائيل واعتبار استمرار السيطرة الإسرائيلية عليها هو تخلي سافر عن السيادة.

يأتي ذلك في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها الأردن والارتفاع الحاد في نسب الفقر وانطلاق احتجاجات شعبية رافضة لتعديل قانون ضريبة الدخل، وسط حاجة ملحة لمساعدات مالية من دول خليجية بالإضافة إلى الضغوطات التي تتمثل بتنفيذ شروط بنك النقد الدولي.

ولفت إلى أن الملك لم يحاول التدخل لتهدئة الأجواء الداخلية في الأردن خلال الاحتجاجات التي خاضتها اتحادات النقابات العمالية في مواجهة تعديل قانون ضريبة الدخل، وفضل تحميل الحكومة مسؤولية الانفجارات والمواجهات التي عمت الشارع الأردني، فيما استجاب سريعًا للمظاهرات التي قد تنفجر للمطالبة باستعادة الباقورة والغمر قبل دخول الاتفاق حيز التجديد التلقائي وهو الموعد الذي يحل بعد خمسة أيام.

فيما نقل التلفزيون الرسمي الإسرائيلي (كان)، عن مسؤول إسرائيلي (لم تحدد هويته)، قوله إن خيبة الأمل الإسرائيلية "كانت بسبب العلاقات الخاصة بين البلدين". وأضاف أنه وفقا للتقديرات الإسرائيلية، جاء القرار الأردني في أعقاب ضغوط سياسية داخلية كبيرة.

بدورها، صرّحت عضو الكنيست إيليت نحمياس فيربين (المعسكر الصهيوني)، التي عملت في مكتب رئيس الحكومة الأسبق، يتسحاك رابين، خلال الفترة التي تم فيها توقيع الاتفاق، وكانت مطلعة على تفاصيل التفاوض: "القرار الأردني يعبر عن فشل في السياسة الخارجية لرئيس الحكومة (نتنياهو)"، وأضافت: "لسوء الحظ، يبدو أن ذلك نتيجة طبيعية للصراع الذي يخوضه نتنياهو على السلطة بدلاً من الحوار بين البلدين واستهتار نتنياهو المستمر بالقضية الفلسطينية".

نتنياهو: سنبحث مع الأردن تمديد تأجير منطقتي الباقورة والغمر

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب ستبحث مع الأردن إمكانية "تجديد تأجير منطقتي الباقورة والغمر في معاهدة السلام بين البلدين"، وذلك بعد ساعات من إعلان الأردن أنه أبلغ إسرائيل برغبته في استعادة المنطقتين.

وأكد نتنياهو، في خطاب ألقاه في ذكرى اغتيال رئيس الوزراء السابق يتسحاك رابين، اليوم الأحد، أنه "سوف ندخل معهم في مفاوضات على إمكانية تمديد الاتفاق الحالي".

واعتبر أن إسرائيل "تسعى إلى روابط مع دول عربية أخرى، ليست على علاقة عداء معها".

وفي وقت سابق اليوم، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن بلاده أبلغت إسرائيل برغبتها في استعادة أراضي الباقورة والغمر.

وقال الملك عبد الله، في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، "أبلغنا إسرائيل بإنهاء العمل بملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام".

وأضاف أن "الباقورة والغمر أراض أردنية وستبقى أردنية، ونحن نمارس سيادتنا بالكامل على أراضينا".

انتهاء مدة الانتفاع الإسرائيلي

وبحسب ملاحق اتفاقية السلام الموقعة في 26 تشرين الأول/أكتوبر 1994، تم إعطاء حق التصرف لإسرائيل بهذه الأراضي لمدة 25 عاما، على أن يتجدد ذلك تلقائيا في حال لم تبلغ الحكومة الأردنية برغبتها استعادة هذه الأراضي قبل عام من انتهاء المدة، وهو الموعد الذي يحل بعد خمسة أيام.

والباقورة منطقة حدودية أردنية تقع شرق نهر الأردن في محافظة إربد (شمال)، تقدر مساحتها الإجمالية بحوالي ستة آلاف دونم. أما الغمر فمنطقة حدودية أردنية تقع ضمن محافظة العقبة (جنوب) وتبلغ مساحتها حوالي أربعة كيلومترات مربعة.

وتنص ملاحق اتفاق وادي عربة للسلام، الموقع بين الأردن وإسرائيل، على أن "لا يطبق الأردن تشريعاته الجمركية أو المتعلقة بالهجرة على المتصرفين بالأرض أو ضيوفهم أو مستخدميهم الذين يعبرون من إسرائيل إلى المنطقة بهدف الوصول إلى الأرض لغرضي الزراعة أو السياحة أو أي غرض آخر يتفق عليه".

في المقابل، تعترف إسرائيل "بالسيادة الأردنية على المنطقة، تتعهد إسرائيل بعدم القيام أو السماح بقيام أية نشاطات في المنطقة من شأنها الإضرار بأمن الأردن أو سلامته".

واحتلّ الجيش الإسرائيلي بعد حرب 1967 أراضي أردنيّة بينها الغمر. أما الباقورة (نهاريم كما يسمّيها الإسرائيليون)، فقد احتلتها اسرائيل في عملية توغلّ داخل الأراضي الأردنية العام 1950.

وخلال مفاوضات السلام بين إسرائيل والأردن، وافق الأردن على إبقاء هذه الأراضي لمدة 25 سنة تحت سيطرة الإسرائيليين مع اعتراف اسرائيل بسيادة الأردن عليها، بذريعة أن الإسرائيليين أقاموا فيها بنى تحتية، ومنشآت زراعية.

ومنذ أيام يتصاعد الجدل في الأردن حول هذا الموضوع حيث طالبت نواب وناشطون الحكومة بالإسراع بمخاطبة إسرائيل بعدم تجديد بقاء هذه الأراضي في تصرف إسرائيل.

التعليقات