15/12/2019 - 21:30

طائرات إسرائيلية تحلق فوق سفينة تركية قبالة السواحل القبرصية

رغم الخشية الإسرائيلية غير المعلنة من تأثير الاتفاق الليبي التركي على خططها في البحر الأبيض المتوسط، فإن الرئيس التركي، أعلن بشكل صريح أن "إسرائيل لن تتمكن من نقل الغاز عبر البحر المتوسط دون موافقة أنقرة".

طائرات إسرائيلية تحلق فوق سفينة تركية قبالة السواحل القبرصية

(أرشيفية - أ ب)

حلّقت طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي فوق سفينة تركية مخصصة للتنقيب عن الغاز قبالة السواحل القبرصية، وذلك ردا على اعتراض خفر السواحل التركي سفينة أبحاث إسرائيلية كانت تبحر قبالة سواحل قبرص؛ ما يشكل تصعيدا في معركة السيطرة والنفوذ شرقي للبحر المتوسط، المتمثلة بالتنقيب عن حقول الغاز، والتي بدأت تتكشف مؤخرًا، في أعقاب توقيع أنقرة وطرابلس، أواخر الشهر الماضي، مذكرة تفاهم حول الحدود البحرية.

وذكرت القناة 12 الإسرائيلية، أن تحليق الطيران العسكري التابع لسلاح الجو الإسرائيلي، فوق السفينة التركية، جاء ردا على قيام سفن بحرية تركية باعتراض وطرد سفينة الأبحاث "بات غاليم" التابعة لمركز "أبحاث البحر والبحريات" التابع لوزارة الطاقة الإسرائيلية، حيث كانت تبحر قبالة شواطئ سواحل قبرص، قبل عدة أيام.

ولفت التقرير إلى أن مهمة السفينة الإسرائيلية كانت بحثية مشتركة مع الحكومة القبرصية، وأنها أبحرت ضمن المياه الإقليمية القبرصية قبل اعتراضها وطردها من قبل خفر السواحل التركي، وشددت القناة على أنه كان على متن سفينة الأبحاث الإسرائيلية باحثون من جامعة "بن غوريون" في بئر السبع، وذلك برفقة عالم جيولوجي قبرصي أجرى دراسة مشتركة بموافقة الحكومة القبرصية، دون الكشف عن تفاصيل هذه الدراسة ونوعها.

إردوغان: لاتفاق البحري مع ليبيا قلَب وضعاً فرضته معاهدة "سيفر"

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مساء اليوم، إن مذكرة التفاهم التي أبرمتها تركيا مع ليبيا حول مناطق الصلاحية البحرية، "قلبت وضعًا فرضته معاهدة سيفر (عام 1920)".

وأشار إردوغان خلال مقابلة تلفزيونية مساء اليوم، إلى أن الاتفاقيات المبرمة بين تركيا وليبيا تمت وفق أُطر القانون الدولي. وشدّد على أن تركيا وليبيا لديهما حقوق في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

وأضاف: "حوض شرق المتوسط يتمتع باحتياطيات كبيرة من الهيدروكربون وعلمنا باكتشافات توصلت إليها بعض الشركات هناك مؤخرا ومن الوارد أن نتعاون مع بعض الشركات العالمية القوية بهذا الخصوص".

وذكر إردوغان أن الاتفاقيات الموقعة بين ليبيا وتركيا "تضمن حماية حقوق البلدين" في البحر المتوسط. وشدّد على أن الخطوات التي تتخذها أنقرة "تزعج الأطراف التي تحاول تقاسم شرق المتوسط متجاهلين القانون الدولي وحقوق تركيا".  ولفت إردوغان إلى أن "هناك محاولات لفرض بعض الخطط في المتوسط، لكن أحبطنا هذا الأمر عبر خطوة مشروعة تتضمن قلب وضع فرضته معاهدة سيفر".

يأتي ذلك بعد توقيع أنقرة وطرابلس، أواخر الشهر الماضي اتفاقا أمنيا وعسكريا موسعا، كما وقعتا على نحو منفصل مذكرة تفاهم حول الحدود البحرية تعتبرها اليونان انتهاكا للقانون الدولي.

وفيما شدد إردوغان، بداية الشهر الجاري، على أن الاتفاق المبرم بين بلاده وليبيا حول تحديد النفوذ البحري في المتوسط، "حق سيادي" لكلا البلدين، تعتبره إسرائيل محاولة لـ"السيطرة التركية" على شرقي البحر المتوسط وتهديد على مخططها لتمرير أنبوب غاز من حقل "ليفياتان" إلى إيطاليا.

برلمان تركيا في طريقه لإقرار اتفاق مع حكومة الوفاق الليبية

وعلى صلة، اتخذت تركيا خطوة أخرى صوب تقديم دعم عسكري لحكومة الوفاق الوطني الليبية في ساعة متأخرة ليل أمس، السبت، عندما أحيل إلى البرلمان اتفاق ثنائي يشمل بنودا لإطلاق "قوة رد فعل سريع"، إذا طلبت طرابلس ذلك، وترسيم حدود بحرية مائية جديد بين البلدين.

وعلى الرغم من أن الاتفاق البحري أرسل إلى الأمم المتحدة للموافقة عليه، فإن الاتفاق العسكري أحيل إلى البرلمان التركي. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأحد، إن "البرلمان سيدخله حيز التنفيذ بعد الموافقة عليه"، ولم يتضح متى سيتم التصويت في البرلمان الذي يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب إردوغان.

ويمثل الاتفاق الذي سيسمح لتركيا بمساندة الجيش والشرطة في ليبيا أحدث خطوة تركية في شرق المتوسط تثير التوتر مع اليونان ومصر وقبرص وإسرائيل، التي آثرت وحدها أن تلتزم الصمت الرسمي في هذا الخصوص.

ورغم الخشية الإسرائيلية غير المعلنة من تأثير الاتفاق الليبي التركي على خططها في البحر الأبيض المتوسط، فإن الرئيس التركي، أعلن بشكل صريح أن "إسرائيل لن تتمكن من نقل الغاز عبر البحر المتوسط دون موافقة أنقرة".

وقال إردوغان في حوار مع قناة "تي آر تي" إن "أنقرة لن تسمح بأي خطوات أحادية الجانب في البحر المتوسط، ولن تتمكن اليونان ومصر وإسرائيل وقبرص من اتخاذ أي خطوة دون موافقتنا، بعد توقيعنا على مذكرة التفاهم مع ليبيا".

وكان "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي قد دعا، في آب/ أغسطس الماضي، لمراقبة الدور التركي في ليبيا، على اعتبار أن أنقرة ترى في تكريس نفوذها هناك وسيلة لمواجهة التعاون الإسرائيلي المصري اليوناني القبرصي، في مجال استخراج الغاز واقتصاديات الطاقة، وأن التحولات التي قد تشهدها ليبيا يمكن أن تؤثر سلبا على مصالح تل أبيب الإستراتيجية.

وتنص الاتفاقية التي أرسلت إلى النواب الأتراك على أن طرابلس قد تطلب مركبات وعتادا وأسلحة لاستخدامها في العمليات البرية والبحرية والجوية. وتنص أيضا على تبادل جديد لمعلومات المخابرات.

والتقى جاويش أوغلو برئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا، فائز السراج، في الدوحة، يوم أمس، وناقش معه التعاون في منطقة شرق المتوسط.

وكان وزير الطاقة التركي، فاتح دونميز، قد صرّح بأن سفن الحفر التركية ستبدأ الحفر بحثا عن النفط والغاز جنوب غربي قبرص في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في تحرك تسبب في تصاعد التوترات بين البلدين.

وأثار اكتشاف احتياطي هائل من الغاز شرقي المتوسط خلافا بين قبرص وتركيا التي أرسلت ثلاث سفن للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة. حيث تعتبر أنقرة أن الموارد الغازية لا بد أن تتوزع بشكل عادل بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك، الأمر الذي ترفضه نيقوسيا بشدة.

وعبَّرت كل من مصر واليونان وقبرص وإسرائيل وبرلمان طبرق عن رفضها للاتفاقيات بين تركيا وحكومة الوفاق، وطردت اليونان السفير الليبي وزار وزير خارجيتها القاهرة لإجراء محادثات مع نظيره المصري لتسريع المناقشات بين اليونان ومصر حول تعيين حدود المناطق الاقتصادية الخالصة بين البلدين، كما قدمت إسرائيل دعمها لليونان.

هل تقدم تركيا على قطع خط "ليفياتان"؟

وتطرق محلل الشؤون العربية في القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية، إيهود يَعري، إلى هذا الموضوع، بداية كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وقال إنه فيما "تحافظ إسرائيل على الصمت، إلا أن مصر وقبرص واليونان، شريكاتنا في خطط تصدير الغاز من ’ليفياتان’ تغليان غضبا، وبحق"، بادعاء أن إردوغان "قام بخدعة جديدة، وهذه المرة بهدف السيطرة على الحوض الشرقي للبحر المتوسط".  

وأضاف يعري أن الاتفاق بين تركيا وحكومة السراج "هو محاولة ضم إلى ’المنطقة الاقتصادية الحصرية’ للدولتين كل المنطقة البحرية الواقعة غربي قبرص وشرقي كريت. وذلك من خلال تجاهل المطالب القانونية لباقي الدول بـ"منطقة اقتصادية’ لها. وإردوغان يتصرف كأنه لا يوجد للجزر اليونانية، مثل رودوس وكريت، أي حقوق وذلك بخلاف كامل للقانون الدولي".

وتابع يعري أن "النتيجة هي أن تركيا تهدد، عمليا، على شركات النفط الدولية بمنعها من التنقيب في مياه  اليونان وقبرص أو مقابل الصحراء الغربية في مصر... وإردوغان قد يرسل سفن تنقيب، ترافقها سفن حربية، من أجل تطبيق مطالبه".

وحسب يعري، فإنه "يوجد هنا تهديد بالنسبة لإسرائيل: كيف سيمر أنبوب غاز من ’ليفياتان’ إلى إيطاليا، فيما يدعي الأتراك ملكية على قسم من مسار الأنبوب؟".

التعليقات