12/01/2020 - 10:20

محكمة لاهاي: التحذير من أوامر اعتقال سرية ضد مسؤولين إسرائيليين

خبراء قانونيون إسرائيليون: "أوامر اعتقال كهذه لن تصدر فقط ضد مسؤولين شاركوا في عمليات عسكرية أو أصدروا أوامر بشنها، وإنما أيضا ضد جميع من شاركوا في دفع أعمال بناء استيطاني في القدس والضفة الغربية، والخطر الكبير يكمن في هذه الناحية"

محكمة لاهاي: التحذير من أوامر اعتقال سرية ضد مسؤولين إسرائيليين

نتنياهو ووزير الأمن، موشيه يعالون، ورئيس أركان الجيش، بيني غانتس، أثناء العدوان على غزة 2014 (مكتب الصحافة الحكومي)

حذرت جهات قانونية إسرائيلية من أن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي قد تصدر أوامر اعتقال دولية "سرية" ضد مسؤولين إسرائيليين مشتبهين بارتكاب جرائم حرب، في حال قررت المحكمة فتح تحقيق ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.

وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" اليوم، الأحد، أن تحذيرا كهذا استعرض خلال اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، يوم الأربعاء الماضي، إثر إعلان المدعية في محكمة لاهاي، فاتو بنسودا، عزمها فتح تحقيق بشبهة ارتكاب إسرائيل جرائم حرب ضد الفلسطينيين، إلى جانب التحقيق في عمليات نفذتها حماس، وبينها إطلاق صواريخ باتجاه مناطق مأهولة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الخبراء القانونيين استعرضوا أمام وزراء الكابينيت تاريخ المحكمة الجنائية الدولية، وقدروا أنه يوجد "احتمال كبير" أن يتبنى قضاة المحكمة الثلاثة موقف بنسودا، وسيقررون إجراء تحقيق ضد مسؤولين إسرائيليين.

وحسب الصحيفة، فإن الخبراء القانونيين شددوا على أن "المخاطر فورية"، لأن مجرد فتح تحقيق، وهذا متوقع خلال 90 يوما، ستكون له تبعات خطيرة على إسرائيل، وبضمن ذلك إصدار أوامر اعتقال سرية ضد مشتبهين إسرائيليين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.

وأوامر اعتقال كهذه، وفقا للخبراء، لن تصدر فقط ضد مسؤولين شاركوا في عمليات عسكرية أو أصدروا أوامر بشنها، وإنما أيضا ضد جميع الذين شاركوا في دفع أعمال بناء استيطاني في القدس والضفة الغربية، "والخطر الكبير يكمن في هذه الناحية"، حسب الخبراء.

وأضاف الخبراء أن قرارات اعتقال كهذه، تعني أن المسؤولين الإسرائيليين الذين يزورون دولا أعضاء في المحكمة الجنائية يمكن أن يتعرضوا للاعتقال من أجل تسليمهم للمحكمة، وذلك من دون علمهم بصدور أوامر اعتقال ضدهم، ويشمل ذلك قادة إسرائيل وضباط في جيشها شاركوا في العدوان على غزة عام 2014، ومن شاركوا في قمع مسيرات العودة عند السياج الأمني المحيط بالقطاع، حيث استشهد مئات الفلسطينيين.

وباستثناء الولايات المتحدة وروسيا، فإن الأغلبية الساحقة من الدول المهمة في العالم أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، وبينها دول أوروبا الغربية وكندا وأستراليا وجميع دول أميركا اللاتينية وأفريقيا.

كذلك تطرقت مداولات الكابينيت إلى "المس بصورة إسرائيل واقتصادها" في حال قررت المحكمة فتح تحقيق. وتوقعت المداولات في الكابينيت أن يطالب الفلسطينيون شركات ومؤسسات اقتصادية وتجارية في العالم بالامتناع عن القيام بأية أنشطة في إسرائيل كونها "دولة مشتبهة بارتكاب جرائم حرب"، إضافة إلى مطالبة فنانين ومثقفين في العالم بالامتناع عن زيارة إسرائيل.

ولفتت الصحيفة إلى أن إسرائيل حاولت القيام بحملة، في السنوات الأخيرة، من أجل إقناع المدعية في محكمة لاهاي بعدم فتح تحقيق، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل.

وتطرقت المداولات في الكابينيت إلى الصراع بين المحكمة الجنائية الدولية وإدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وبعد أن قررت المدعية في المحكمة الجنائية التحقيق ضد جنود أميركيين مشتبهين بارتكاب جرائم في أفغانستان، قررت إدارة ترامب سحب تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة من العاملين في محكمة لاهاي، وهددت بعقوبات أخرى ضد المحكمة. وإثر ذلك، أعلن قضاة محكمة لاهاي أنه لا مبرر لإجراء تحقيقات، إلا أن بنسودا استأنفت على القرار، ولا تزال المحكمة تنظر بالاستئناف.

وتسعى إسرائيل، في هذه الأثناء، إلى تجنيد دول في العالم من أجل ممارسة ضغوط على المحكمة الجنائية الدولية كي تمتنع عن فتح تحقيق. وقالت الصحيفة إن هنغاريا استجابت للدعوة الإسرائيلية، وأن وزير الخارجية الهنغاري، بيتر سيجرتو، بعث برسالة إلى نظيره الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، زعم فيها إن "المحكمة لا تملك صلاحية للنظر في الملف ضد إسرائيل. وهنغاريا تشارك إسرائيل في مخاوفها بشأن تسييس المحكمة".

ونقلت الصحيفة عن مصادر اطلعت على مضمون مداولات الكابينيت، قولها إنه تم التوضيح للوزراء أن "التهديد ليس في الأمد البعيد وإنما هو خطير جدا وداهم، والمطلوب التجند بقوة بالغة وخاصة". وأضاف أحد المصادر أن "مجرد فتح تحقيق سيضعنا إلى جانب الدول الأكثر استبدادا في أفريقية، التي جرى فيها تنفيذ جرائم حرب مروعة فعلا وقتل خلالها آلاف الأشخاص. وهذا أمر لا يحتمل. وهذه المحكمة لا تنظر في ما يحدث في سورية، إيران أو الصين، لكن المحكمة تستهدفنا. وهذا خطر يستوجب ردا سريعا وساحقا".

وقال مصدر آخر للصحيفة إنه "سيكون من الصعب جدا على إسرائيل أن تمنع وحدها فتح تحقيق، في الوضع الراهن، والمطلوب هو مساعدة كبيرة جدا من جانب الولايات المتحدة".

التعليقات