19/01/2022 - 11:03

تجسس الشرطة على المواطنين: القضاة لا يعرفون وسائل التنصت

قاض سابق في محكمة مركزية: "يأتي ضابط الشرطة ويقول "نطلب إجراء تنصت’، وهذا كل شيء. من دون التطرق إلى أي نوع من التنصت، وبأي برنامج وأي نظام. ولم يكشفوا أمامنا هذه الأمور أبدا". والقضاة يصادقون على أغلبية الطلبات

تجسس الشرطة على المواطنين: القضاة لا يعرفون وسائل التنصت

مقر NSO في هرتسيليا (أرشيفية - أ.ف.ب.)

قال ضباط في الشرطة الإسرائيلية إن القضاة يوقعون أمرا للتنصت على مواطنين بناء على طلب الشرطة لا يعلمون أية وسائل ستستخدم في عملية التنصت، وفق ما نقلت عنهم صحيفة "هآرتس" اليوم، الأربعاء. وتأتي أقوال الضباط إثر كشف صحيفة "كلكليست"، أمس، عن استخدام الشرطة برنامج "بيغاسوس" الذي طورته شركة السايبر الهجومي الإسرائيلية NSO من أجل اختراق هواتف نقالة لمواطنين غير مشتبهين بمخالفات جنائية والتجسس عليهم، من دون استصدار أمر من المحكمة، وفي إطار عملية تحقيق غير معلنة.

ووفقا لضباط الشرطة، فإن الشرطة تذكر في الطلب الذي تقدمه إلى قاض، من أجل استصدار أمر بالتنصت السري على مواطن، الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها بواسطة التنصت والشبهات ضد مواطنين. ولا تقدم الشرطة تفاصيل بشأن البرنامج أو النظام الذي تنفذ التنصت بواسطته.

وبحسب الشرطة، فإن الغالبية العظمى من طلبات التنصت يوافق عليها القضاة. وفي العام 2020 قدمت الشرطة 3692 طلبا للتنصت، ورفض القضاة 26 منها فقط.

وأكد ذلك قاضيان متقاعدان طولبا بالمصادقة على طلبات تنصت في السنوات الماضية. ووصف أحدهما إجراءات إصدار أمر تنصت، وكان يتولى منصب قاض في محكمة مركزية، أنه "يأتي ضابط الشرطة ويقول "نطلب إجراء تنصت’، وهذا كل شيء. من دون التطرق إلى أي نوع من التنصت، وبأي برنامج وأي نظام. ولم يكشفوا أمامنا هذه الأمور أبدا. ودورنا هو التيقن من أن الطلب مبرر ويوجد أدلة كافية تسند شبهة تبرر استهداف خصوصية المشتبه. وإذا استخدمت الشرطة المواد غير المرتبطة بالمخالفة لأمور أخرى، فإن هذا مخالف للقانون بالتأكيد ويتجاوز التصريح الذي منح لها".

وبين الأمور التي بإمكان برنامج "بيغاسوس" تنفيذها، تشغيل عن بعد لميكروفون الهاتف النقال الذي زُرع فيه البرنامج وبذلك التنصت على حامله والمحيطين به. وادعت الشرطة في أعقاب تقرير "كلكليست" أن أي تشغيل لأداة تنصت سري تتم بعد حصولها على أمر من رئيس محكمة مركزية أو نائبه يصادق من خلاله على التنصت.

قمع الاحتجاجات ضد نتنياهو، العام الماضي (أ.ب.)

وقال ضباط شرطة كبار سابقون وحاليون، وبينهم قائد سابق لشعبة المباحث وقائد سابق لشعبة التحقيقات للصحيفة، إنهم لم يعلموا بتاتا باستخدام شعبة التحقيقات ببرنامج "بيغاسوس". وأضافوا أن وحدة "استخبارات الإشارات"، التي تكون على اتصال مباشر مع رؤساء الشُعب والمفتش العام للشرطة، هي التي أدارت استخدام هذا البرنامج، وتم إقصاء الضباط عن استخدام االشرطة للبرنامج والمعلومات التي جُمعت بواسطته.

واشترت الشرطة "بيغاسوس" لأول مرة في نهاية العام 2013، وفقا لـ"كلكليست"، واستخدمته الشرطة في العام 2014 بشكل مقلص، لكن اتسع استخدامه بعد تولي روني ألشيخ منصب المفتش العام للشرطة، في العام 2015.

وقال رئيس شعبة المباحث أثناء شراء "بيغاسوس"، غاي نير، إنه لم يكن يعلم أن الشرطة اشترت البرنامج واستخدمته. وكان نير، بحسب "هآرتس"، قد حذر في الماضي من استخدام غير قانوني من جانب الشرطة لمعلومات استخباراتية تجمعها عن مواطنين، كما حذر من فصل مجال السايبر عن شعبة المباحث.

وأضاف نير في أعقاب النشر حول الموضوع، أمس، أنه "لم أفاجأ فقط من استخدام أمور ممنوعة بالأنظمة الموجودة، وإنما من أنهم اشتروا أيضا برامج مثل بيغاسوس واستخدموها بشكل غير قانوني ضد مواطنين".

وقال رئيس شعبة التحقيقات السابق في الشرطة، أوري مخلوف، إنه لم يكن يعرف برنامج "بيغاسوس". وبحسبه، فإنه "لم أعرف هذا البرنامج، ولم يحدث أن عملنا من دون أمر من المحكمة. وكرئيس لشعبة التحقيقات، عملت في تحقيقات كثيرة، وليس فقط أني لم أعرف هذا البرنامج، وإنما لا أعرف أحدا يتنصت على أحد ما ليس بموجب أمر محكمة. وفي جميع الأحوال، فإنه إذا استخرجت مواد من هاتف أحد ما ليس بكوجب أمر المحكمة، فهذا مخالف للقانون".

وقال مسؤولون سابقون في جهاز إنفاذ القانون للصحيفة إن المستشار القضائي للشرطة والنيابة العامة صادقوا على استخدام الشرطة لـ"بيغاسوس"، بادعاء القبض على مجرمين ضالعين في جرائم خطيرة. وأضافوا أنه لم يسمح أبدا باستخدام البرنامج من دون أمر محكمة.

وأثار تقرير "كلكليست" ضجة واسعة وتناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية بتوسع، ونُشرت مقالات تنتقد التجسس على المواطنين، وتعتبر أن "الديمقراطية في أزمة" رغم أن هذه الممارسات جارية منذ عقود، وخاصة ضد مواطنين عرب ينشطون في المجال السياسي. إلا أن الصحافية في "هآرتس"، نوعا لانداو، لفتت إلى أن "إسرائيل هي ديمقراطية – ليبرالية حريصة على حقوق الإنسان وحكم القانون فقط عندما يتعلق الأمر بالإسرائيليين، وليس بالساحة الخلفية الفلسطينية".

وأشارت لانداو في هذا السياق إلى استخدام "بيغاسوس" في التجسس على ناشطين في ستة مؤسسات حقوقية فلسطينية، الذي تم الكشف عنه بعد إخراج سلطات الاحتلال هذه المؤسسات عن القانون، مستخدمة مزاعم واهية. وكان تقرير "كلكليست" قد أشار أمس إلى أن استخدام برامج مثل "بيغاسوس" من جانب الوحدة 8200، التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وأن هذا أمر واضح وجيد لأنه يمارس ضد الفلسطينيين، "في إطار تحقيقات وعمليات توجد لحقوق الفرد أهمية ضئيلة، إذا كانت لها أهمية أصلا".

التعليقات