24/01/2023 - 12:31

ما فرص وساطة هرتسوغ للتوصل إلى توافق حول خطة لإصلاح قضائي؟

هرتسوغ يسعى للتوصل إلى توافق بين الائتلاف والمعارضة حول خطة للإصلاح القضائي؛ الخيارات الماثلة أمامه محدودة، وتحركه المحتمل لن يتم قبل مصادقة الحكومة على بعض بنود خطتها لإضعاف جهاز القضاء. في ظل مبادرة لبيد، ما فرص وساطة هرتسوغ؟

ما فرص وساطة هرتسوغ للتوصل إلى توافق حول خطة لإصلاح قضائي؟

(Getty Images)

عرض رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، على الرئيس الإسرائيلي، يتحساق هرتسوغ، "تشكيل لجنة رئاسية مستقلة، لبلورة اقتراح حقيقي، متوازن ومدروس، لإصلاح وتحسين الجهاز القضائي، وتنظيم العلاقة بين السلطة القضائية والسلطة التشريعية"، في مبادرة رفضتها كتل الائتلاف والمعارضة على حد سواء.

وتحدث الرئيس الإسرائيلي، في كلمة ألقاها اليوم خلال مشاركته في مؤتمر تعليمي، عن ما وصفه بـ"بوادر حسن نية أولية" لدى الأطراف المعنية، في إطار جهود الوساطة التي يبذلها "منذ عدة أسابيع"، لمنع ما وصفه بـ"أزمة دستورية تاريخية، ومزيد من الانقسام" في المجتمع الإسرائيلي، معتبرا أن المقر الرسمي لإقامة الرئيس الإسرائيلي بات "المكان الوحيد اليوم الذي ينجح في الحفاظ على ثقة جميع الأطراف وأن يكون بمثابة نزل محمي لإجراء مناقشات جوهرية في خضم هذا الجدل" حول الخطة القضائية.

وذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، نقلا عن مصادر في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، أن مبادرة لبيد "لن تؤخر العملية التشريعية" المقررة لاستكمال خطة الحكومة لإضعاف جهاز القضاء. وفيما اعتبرت المصادر أن "جميع المحادثات إيجابية" في هذا الإطار، شددت المصادر على أنه "لن يتم تجاوز (سلطة) الكنيست".

وبحسب الإذاعة العامة الإسرائيلية، فإن الرئيس الإسرائيلي، هرتسوغ، يعتزم تشكيل "منتدى حوار مناسب، ولكن ليس في محاولة للتوصل إلى تسوية" على تفاصيل ما تصفه الحكومة بـ"الإصلاح القضائي"، وترى به المعارضة محاولة للحد من نفوذ المحكمة العليا، وتقوض أسس النظام الديمقراطي في إسرائيل.

وكان لبيد قد أفاد بأن هرتسوغ يفحص فكرة إقامة هذه اللجنة، مشيرا إلى أن تشكيلها سيمنع "شرخا عميقا في صفوف الشعب وهدم النظام الديمقراطي"، مشددا على أن الحومكة تدفع باتجاه "تفكيك وسحق النظام القضائي"، معتبرا أن "الإصلاح الذي يقوده رئيس حكومة متهم بارتكاب جرائم جنائية، ووزراء مدانون بارتكاب جرائم، هو إصلاح لا يمكن تصديقه".

واعتبر لبيد أن "اللجنة الرئاسية ستكون قادرة على سماع جميع الأطراف: المحكمة، والحكومة، والمعارضة، والجهات الأكاديمية"، في ما وصفه بـ"الإجراء المنظم سيتم في نهايته طرح مقترح متوازن على الطاولة القومية"، بهدف "التحسين والإصلاح وليس التدمير والتحطيم"، على حد تعبيره.

هذا وأعرب رئيس حزب "يسرائيل بيتينو"، أفيغدور ليبرمان، عن معارضته لمحاولات زعيم المعارضة التسوية مع الحكومة حول خطة للإصلاح القضائي، وذلك في مقابلة إذاعية، أجراها صباح اليوم، الثلاثاء، واعتبر أن الحديث عن تشكيل لجنة هو "إضفاء الشرعية على تحرك (وزير القضاء، ياريف) ليفين ونتنياهو" لإضعاف الجهاز القضائي.

كما انتقدت رئيسة حزب العمل، ميراف ميخائيلي، اقتراح لبيد، وقالت إنه "لا يجوز السعي إلى بلورة حلول وسط مع من يحاول تصفية النظام الديمقراطي". وأضافت خلال جلسة كتلة حزبها في الكنيست، أمس، أن عرض مثل هذا الاقتراح على رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ولو كان ذلك عبر وسيط، "يعني الرضوخ له".

لبيد يهدف إلى إحراج نتنياهو

من جانبها، ذكرت هيئة البث الإسرائيلي العام ("كان 11") أن لبيد يسعى من خلال مبادرته إلى الضغط على نتنياهو وإحراجه، وأشارت إلى أن لبيد يرى أن نتنياهو يدعى أنه يهدف إلى الدفع بإصلاح قضائي يحظى بتوافق واسع، وبالتالي فإن عليه الموافقة على المبادرة، ما يصب في مصلحة المعارضة ويساهم في التوصل إلى تسويات بهذا الشأن.

وفي حال رفض نتنياهو مبادرة لبيد، فإن الأخير يعتقد أن رفض نتنياهو لتشكيل لجنة رئاسية للتفاوض حول خطة توافقية للإصلاح القضائي، فإن هذا سيكرس الادعاء بأن دوافع نتنياهو شخصية وأن هناك علاقة بين خطة ليفين، ومحاكمات نتنياهو بتهم فساد، الأمر الذي سيقوض شرعية إجراءات الحكومة.

في المقابل، أشارت القناة، نقلا عن مصادر مطلعة على "جهود الوساطة" التي يقدمها الرئيس الإسرائيلي، أن هرتسوغ أجرى العديد من اللقاءات لبحث هذه المسألة، خلال الأسبوع الماضي، وأوضحت أنه سيعقد عددا من الاجتماعات كذلك خلال الأسبوع الجاري، وأفادت بأنه ينظر بـ"إيجابية" إلى مبادرة لبيد.

ونقلت "كان 11" عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة" بأن هناك ما يشكل أساسا للمحادثات محتملة بين الائتلاف والمعارضة حول خطة للإصلاح القضائي، وأشارت القناة أن الأيام المقبلة ستكشف إذا ما كان هرتسوغ قادرًا على التوصل لآلية تسمح بإطلاق حوار والتوصل إلى تسوية في هذا الشأن، معتبرة أن الأطراف قد تكون "مستعدة" لمثل هذا التحرك.

ما الخيارات الماثلة أمام هرتسوغ؟

من جانبها، استبعدت القناة 13 أن يكون هناك فرصة معقولة للتسوية بين الائتلاف والمعارضة بشأن الخطة الرامية لإحداث تغييرات جذرية في الجهاز القضائي، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن "الإمكانية الأفضل" لخلق أجواء سانحة للتسوية هي من خلال وساطة هرتسوغ.

وذكرت القناة أن الخيارين المتاحين أمام الرئيس الإسرائيلي يتمثلان إما بإطلاق حوار بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة والجهاز القضائي، في محاولة للتوصل إلى صيغة توافقية للإصلاح، أو بالعمل على وضع وطرح "مخططه الخاص" للإصلاح القضائي، عبر الاستعانة بخبراء من جانبي الخارطة السياسية الإسرائيلية.

ومع ذلك، لفتت القناة إلى أنه على جميع الأحوال، فإن هرتسوغ لن يتحرك قبل تمرير جزء من بنود مخطط الحكومة، وأوضحت أن الرئيس الإسرائيلي لم يقرر بعد كيف سيتصرف بالتحديد، وهو الآن في مرحلة المحادثات مع الشخصيات الرئيسية من كلا الجانبين، في محاولة لمعرفة ما هو الخيار الأكثر فاعلية.

وشددت على أنه "في الوقت الحالي، من غير المتوقع أن يتخذ هرتسوغ أي إجراء بعد"؛ في المقابل، نقلت القناة 12 عن مسؤول رفيع قالت إنه "منخرط في محاولات بدء عملية وساطة لصياغة إصلاح قضائي، قوله إنه "أكثر تفاؤلا اليوم" مما كان عليه خلال المرحلة السابق، ولم يوضح أساس هذا "التفاؤل".

الرئيس الإسرائيلي يحذر من تصاعد حدة الانقسام

وفي خطابه اليوم، حذّر هرتسوغ من "برميل متفجرات على وشك الانفجار" في ظل غياب "الحوار"، الأمر الذي اعتبر أنه "يمزق" المجتمع الإسرائيلي من الداخل، مشيرا إلى ما وصفه بـ"الحالة الطارئة والمسؤولية التي تقع على عاتق الجميع"، مشددا على ضرورة بذل المزيد من الجهود بهدف التوصل "تفاهمات واسعة".

وأضاف هرتسوغ "إنني أراقب المجتمع الإسرائيلي، والمواطنين، والنظام العام والسياسي. أرى المعسكرات مهيأة وجاهزة على طول الجبهة بأكملها لمواجهة شاملة على هوية دولة إسرائيل، وأنا قلق من أننا على شفا صراع داخلي يمكن أن ينهينا"، وقال إن "إسرائيل يجب أن تبلغ عامها الثمانين وهي أكثر اتحادًا وأقل انقسامًا".

وتابع أنه "علينا معرفة كيفية إدارة الخلافات، حتى بين السلطات الحكومية"، وشدد على أن "الخطاب الأكثر إلحاحًا في هذه المرحلة يتعلق بالإصلاح القضائي الذي تروج له الحكومة، والذي يثير جدلًا خطيرًا ومخاوف جدية بين قطاعات كبيرة من الجمهور".

ووصف الخطة الحكومية بأنها "دراماتيكية"، وقال إنه "عندما يتم تنفيذها بسرعة كبيرة وفي غياب للحوار بين الأطراف المجتمعية وبين ممثلي السلطات، فإنها تثير معارضة كبيرة وقلقًا شديدًا بين الجماهير العريضة بشأن مستقبل ديمقراطيتنا، الأمر الذي يقودنا إلى وضع خطير".

وأشار إلى "شرعية إجراء مناقشة عملية حول حدود العلاقة بين السلطات؛ تمامًا مثل ما يحدث في العديد من الديمقراطيات حول العالم. لكن عبر الحديث والحوار والإصغاء (للطرف الآخر)، الاستماع بدون تفكيك الأساسيات التي يقوم عليها مجتمعنا أو تقويض البنية التحتية التي بنيناها بجهد كبير".

وقال إن ديوان الرئاسة الإسرائيلية يشهد "اليوم، وفي كل يوم من أيام الأسبوع الماضي وذلك الذي سبقه، المحاولات الرئيسية وربما الوحيدة التي تُبذل لاستبدال المواجهة العنيفة، بإنشاء آلية تجعل الحوار ممكنًا وتسمح بإدارة الخلافات، بطريقة تحافظ على وحدة الشعب ودولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية"، على حد تعبيره.

وأضاف أنه رصد بوادر "حسن النية"، وتابع "إنني أكرس كل قوتي لهذه الجهود ولا أنوي الاستسلام"، مستدركا بالقول: "لست متأكدًا من نجاح هذه الخطوة، لكنني أبذل قصارى جهدي وأكثر؛ آمل أن نتوصل إلى نتائج مبنية على حوار موضوعي ومحترم بين السلطات وعلى الإصغاء إلى الجمهور ومخاوفه".

التعليقات