02/07/2023 - 22:10

الخيام العسكرية في مزارع شبعا: الردع الإسرائيلي في مواجهة حزب الله... يتآكل

معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي يحذّر من الأضرار التي قد تلحق بتوازن الردع بين إسرائيل وحزب الله إذا ما اكتفت تل أبيب بالمسار الدبلوماسي للعمل على إخلاء الموقع العسكري الذي أقامه الحزب قبل نحو شهرين في مزارع شبعا.

الخيام العسكرية في مزارع شبعا: الردع الإسرائيلي في مواجهة حزب الله... يتآكل

(Getty Images)

أوصى معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، الحكومة الإسرائيلية، بعدم الاكتفاء بـ"النشاط الدبلوماسي" لدفع "حزب الله" إلى إخلاء موقع عسكري أقامه قبل نحو شهرين في منطقة حدودية تحتلها إسرائيل في مزارع شبعا التي تُعرف إسرائيليا بـ"هار دوف" (جبل روس)، وشدد على ضرورة العمل على إخلاء الخيام "حتى لو كلفها ذلك خطر التدهور لمواجهة ميدانية محدودة".

وفي حين تعمل إسرائيل على عدة مسارات من خلال قناة فرنسية وأخرى أميركية وثالثة أممية، للضغط على لبنان لدفع "حزب الله" لإخلاء الموقع، حددت إسرائيل في رسالة تهديدية نقلتها إلى لبنان، مهلة نهائية (لم يتم الإعلان عنها) لإزالة الخيام التي نصبها "حزب الله" في أراضٍ "سيادية لدولة إسرائيل"، على حد تعبير تل أبيب، "قبل أن تتحرك".

وكشف موقع "واينت"، اليوم الأحد، عن خطوات سرية للجيش الإسرائيلي الذي سعى للتواصل مع الجيش اللبناني، والضغط عليه عبر القنوات الدبلوماسية من خلال قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، لدفع حزب الله إلى إخلاء الموقع وتفكيك الخيام العسكرية.

تدريب عسكري لحزب الله (Getty Images)

وفي ورقة موقف نشرها صباح اليوم معهد البحوث الإستراتيجية في INSS، الذي يرأسه الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، تَمير هايمَن، توصل الخبراء إلى استنتاجات "مقلقة" حول ظروف وملابسات الواقعة وعواقبها على المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، وتآكل الردع لدى المنظمة التي "تتجرأ وتتصرف بشكل صارخ عن ذي قبل" بحسب باحثين أمنيين في المعهد.

وبحسب الباحثين، فإن "عملية بناء القوة المستمرة لدى حزب الله، وتفسير العمليات الإسرائيلية على أنها محاولة لتجنب الاحتكاك مع الحزب، يحدث وضعا إستراتيجيا خطيرا يمكن أن يؤدي إلى تصعيد"، واعتبروا أنه "سواء كان حزب الله يتصرف بسبب الضائقة التي يعاني منها في ظل الوضع الصعب في لبنان، بحيث يسعى إلى شرعنة وجوده، أو ما إذا كان يتصرف على هذا النحو من منطلق الغطرسة والثقة المفرطة بالنفس، فإن ذلك خطير ويجب العمل على وقفه".

واستعرضت الدراسة "الأحداث الاستثنائية التي تتجلى فيها ‘الجرأة المفرطة‘ من جانب حزب الله واستعداده للمخاطرة على نحو قد يتطور إلى اندلاع الحرب"؛ وأبرزها التهديدات التي أطلقها حزب الله في أوج النزاع على ترسيم الحدود البحرية وإنتاج الغاز من حقل "كاريش" والعملية التفجيرية على مفرق مجدو.

أنصار حزب الله قرب الشريط الحدودي (Getty Images)

كما أشار الباحثون إلى إطلاق فصائل فلسطينية قرابة 40 صاروخا من لبنان تجاه مواقع إسرائيلية خلال عيد الفصح اليهودي، في نيسان/ أبريل الماضي، مرجحا أن يكون حزب الله على علم بالعملية وسمح بالاستعداد لها وإقامة البنية التحتية اللازمة لتنفيذها؛ كما لفتوا إلى "زيادة في مدى تواجد عناصر حزب الله على طول الحدود، وفي استعدادهم للاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي".

ويرى الباحثون في مجال الأمن والإستراتيجية والسياسية والعسكرية في المعهد أن "محرك سلوك حزب الله هو ‘فهمه الخاطئ‘ أن الصعوبات الداخلية (في إسرائيل) منذ تشكيل الحكومة الحالية تعكس حالة من الضعف، وأن إسرائيل ليس لديها مصلحة في الوقت الحالي في شن حرب ضده".

وقال الباحثون إنه "حسب فهمنا، فإن حزب الله أيضًا ليس معنيًا بمواجهة عسكرية واسعة، لكنه يرى بالتطورات فرصة له لتحسين توازن الردع في مواجهة الجيش الإسرائيلي، وتعزيز وجوده في جنوب لبنان وسيطرته على الحدود، معتبرين أن "حزب الله يراهن على المصلحة الإسرائيلية في احتواء الأحداث ومنع تدهور واسع، وبالتالي فإنه لا يخشى الاحتكاك".

وقال الباحثون إن على إسرائيل اتخاذ خطوات عملية حتى إذا بدأت عملية إقامة الموقع العسكري التابع لحزب الله بخطأ ناشطين ميدانين في الحزب "لم يكونوا على دراية بموقع الخط الأزرق (الخط الحدودي بين إسرائيل ولبنان)، وقد استغرق الأمر عدة أيام حتى يثبت الجيش الإسرائيلي على وجه اليقين أن مقاتلي التنظيم المسلح قد توغلوا في الأراضي الخاضعة لسيادة إسرائيل".

(أ.ب.)

وقالوا إن "استمرار وجودهم (عناصر حزب الله في الموقع المذكور) وتوسعهم (من خيمة واحدة إلى خيمتين) يخدم حزب الله لتحسين مكانته وصورته أمام الجمهور اللبناني كـ'مدافع عن لبنان'، وإثبات أهميته بالنسبة لإيران ودورها المركزي في 'محور مقاومة إسرائيل'".

وجاء في ورقة الموقف أن "إسرائيل كانت على صواب في اللجوء أولاً إلى القنوات الدبلوماسية لفضح تحركات حزب الله التي تنتهك بشكل صارخ وباستمرار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701"، واعتبر الباحثون أن على الحكومة الإسرائيلية "استنفاد الخطوات السياسية، ولكن يجب أن تكون محددة بوقت وتركز على تأكيد شرعية تحرك إسرائيلي محتمل لإزالة الخيام".

ومع ذلك، شددت الدراسة على أنه "يتوجب على إسرائيل أن تستخدم الخداع والتصميم على إزالة الخيام حتى بتكلفة التدهور إلى مواجهة ميدانية محدودة"، مفترضا "عدم إحراز أي تقدم ملحوظ عبر المسار الدبلوماسي" منذ الإعلان عن إقامة الموقع العسكري التابعة لحزب الله منذ نحو أسبوعين.

نقل خيمة إلى الجانب اللبناني

وعلى صلة، كشفت القناة 12 الإسرائيلية، مساء الأحد، أن احتمالية "التصعيد" في ظل امتناع حزب الله عن إزالة الخيام؛ وذكرت أن مسؤولين إسرائيليين أوضحوا لـ"حزب الله" أن عليهم تفكيك الخيام خلال مدة زمنية محددة وأن إسرائيل ستزيل "الخيام ولو على حساب اندلاع معركة قد تستمر لأيام".

وأشارت القناة إلى "نقاشي داخلي" في الجيش وإلى خلاف في الرأي بين القيادات حول الطريقة الأمثل للتعامل مع الموقع العسكري لحزب الله، إذ رأى بعض المسؤولين أن من الصواب التعامل مع فورا مع الواقعة، دون تأخير، فيما كان هناك من حذر من أن ذلك قد يعقد الأمور.

في المقابل، قال موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، إن حزب الله فكك إحدى الخيمتين ونقلها إلى الجانب اللبناني من الحدود. وأوضح أنه "لا تزال هناك خيمة واحدة في المنطقة الخاضعة لسيادة إسرائيل يتواجد فيها ناشطون من حزب الله".

وتقدر الأجهزة الأمنية الإسرئيلية، بحسب "والا"، أن حزب الله "يبحث عن وسيلة لمنع مواجهة مباشرة وسيعمل على نقل الخيمة الثانية إلى الأراضي اللبنانية".

وفي إحاطة لوسائل إعلام إسرائيلي أكد مصدر وصف بـ"المطلع" أن حزب الله أخلى إحدى الخيمتين، ونقلها إلى الجانب اللبناني، في حين أشارت تقارير إلى أن عدد عناصر حزب الله في المنطقة (التي تدعي إسرائيل سيادتها عليها) لم يتغير، إذ أن حزب الله أخلى خيمة واحدة لكنه نقل عناصر الخيمة المخلاة إلى الخيمة الأخرى.

التعليقات