نضال اليهود الشرقيين في إسرائيل 1948-2003 / د. سامي شطريت

يستعرض الكاتب سامي شالوم شطريت في كتابه هذا قصة النضال الاجتماعي والثقافي لليهود الشرقيين، أو لليهود-العرب كما يعرفهم الكاتب، منذ عام 1948 وحتى عام 2003، من وجهة نظر نقدية. والكتاب هو نتاج بحث اكاديمي عميق يحاول الكاتب عبره اعادة صياغة رواية اليهود الشرقيين المغيبة عن التاريخ الرسمي. ويقول الكاتب ان دولة إسرائيل تتنكر  لهذا التاريخ وتغييبه عن كتب التاريخ الرسمية، كما يتم تغييب رواية اليهود-العرب اكاديميا، الأمر الذي يؤسس ويفرض حالة من الجهل المطبق لدى الجمهور الإسرائيلي، الاشكنازي والشرقي، بكل ما يتعلق بتاريخ هذه المجموعة، وبتاريخ الصدام الثقافي بينها وبين الحركة الصهيونية، وبينهما وبين دولة إسرائيل، وأبعاد ذلك سياسيا واجتماعيا. ويمنع هذا الجهل من الجميع امكانية النظر بشجاعة الى المرآة، نحو الوعي والتفكير والعمل من أجل تغيير الواقع، كما يقول المؤلف في مقدمة كتابه هذا.

ويحاول الكتاب استعراض تطور الخطاب اليهودي الشرقي الراديكالي وتأثيره على الخطاب الاكاديمي النقدي. ويحاول في الإساس توصيف وتحليل ردود الفعل السياسية لليهود الشرقيين تجاه سياسة الاضطهاد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي التي تمارسها الدولة ضدهم منذ هجرتهم الى هذه البلاد. كما يكرس الكاتب جزءا كبيرا من الكتاب لتحليل العلاقات بين حركات الاحتجاج الشرقية الشعبية والقيادات الشرقية التي عملت تحت كنف الاحزاب الاشكنازية، حيث تحتل مسألة الصراع بين التوجهات الراديكالية وتلك الوسطية حيزا أساسيا في هذا الكتاب.

يتألف الكتاب من مقدمة وخمسة فصول. تكرس مقدمة الكتاب لمناقشة مسألة المواجهة بين اليهود الشرقيين والحركة الصهيونية أو دولة إسرائيل، وهل هذه المواجهة هي مواجهة ثقافية أم اجتماعية. ويعتمد الكاتب في نقاشه هذا على نموذج نضال السود في الولايات المتحدة. كما يحاول هذا الفصل مناقشة العلاقة والفوارق بين نموذجين من النضال اليهودي الشرقي: التوجه التوفيقي المتماثل والمتعاون مع الهيمنة السياسية الصهيونية والاشكنازية من جهة، والتوجه الراديكالي الذي يقود نضالا بديلا يعتمد على التفكير والعمل النقدي.

الفصل الأول يستعرض تاريخ اللقاء بين الصهيونية الاشكنازية واليهود الشرقيين. وتناول هذا الفصل مسألة تعريف هوية اليهود الشرقيين من قبل الصهيونية الاشكنازية وعملية تشكل هوية ثقافية وسياسية مستقلة.

في الفصل الثاني يستعرض الكاتب بدايات النضال الشرقي في سنواته الأولى منذ تمرد وادي الصليب والشخصيات التي قادت هذا النضال، ثم يقدم تلخيصا لهذا النضال خلال عقده الأول وخاصة الجناب الراديكالي منه.

الفصل الثالث مخصص لحركة الفهود السود، تركيبتها، طرق نشاطاتها وكيفة اتخاذ القرار داخلها. ثم يستعرض تعامل الاعلام مع هذه الحركة. كما يستعرض هذا الفصل التأثيرات الاجتماعية لنضال "الفهود السود" لينتقل الى حركة الاحتجاج الاجتماعية المسماة حركة "الخيام".

في الفصل الرابع يتناول الكاتب تصويت اليهود الشرقيين للأحزاب السياسية، وخاصة في أواسط السبعينيات (1977) حيث انتقلت الأغلبية العظمى من اليهود الشرقيين من التصويت التاريخي والتقليدي لحزب "مباي-العمل" للتصويت الى حزب الليكود، وهو التصويت الذي اطاح بحزب العمل عن سدة الحكم ليحل محله حزب الليكود بقيادة مناحم بيغين. ويستعرض هذا الفصل الأحزاب اليهودية الشرقية مثل حزب تامي بقيادة ابو حصيرة، وحركة شاس. ويخصص هذا الفصل الكثير من النقاش للخطاب السياسي لليهود الشرقيين على محور الراديكالية والوعي.

أما الفصل الخامس فيلخص حركة النضال الشرقية: نجاحاتها واخفاقاتها، التوجهات الجديدة وتشكل الهوية الشرقية الجماعية، كما يطرح هذا الفصل العديد من الأسئلة حول مستقبل سياسة الصراع الشرقي، وحول نزعات الانصهار، وحول علاقة مسألة نضال اليهود الشرقيين واضطهادهم ثقافيا واجتماعيا وسياسيا بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

سوف نستعرض هذا الكتاب بالتفصيل في الاسبوع القادم اضافة الى مقابلة مع مؤلف الكتاب.

* سامي شالوم شطريت شاعر ومعلم، اديب وكاتب مقالة. ولد في سنة 1960 في بلدة قصر السوق في المغرب، وتربى في حي مهاجرين في اسدود. من مؤسسى البديل التربوي "كيدماه" (تقدم) ومديرا لمدرسة "كدماه" في حي "هتكفاه" في جنوب تل ابيب. نشر العديد من المقالات حول الاحتلال، مسألة اليهود الشرقيين. ألف كتاب "موت الثورة الاشكنازية" (1999)؛ "أشعار بالاسدودية" (2003).

درس في الجامعة العبرية في القدس وجامعة كولومبيا في نيويورك. كتب رسالة الدكتوراة عن نضال الشرقيين في اسرائيل. يعمل باحثا زميلا في جامعة UCLA في الولايات المتحدة، ويحرر الموقع الشرقي "كدماه – بوابة الشرق الى اسرائيل".