البنتاغون يدرس «كارثة حرب لبنان»

عشرات طواقم البحث الأمريكية وصلت إلى إسرائيل خلال السنوات الثلاث الأخيرة وقابلت ضباطا شاركوا في الحرب لتحديد مواطن الفشل ونقاط الضعف، لتقديم حلول على مستوى التدريب والتجهيز

البنتاغون يدرس «كارثة حرب لبنان»
انقضت ثلاث سنوات على حرب لبنان الثانية، إلا أن تداعياتها ما زالت قائمة، وما زالت إسرائيل والولايات المتحدة تدرسان مواطن وأسباب الفشل. وذكرت صحيفة "واشنطن بوسط" أن عشرات طواقم البحث الأمريكية وصلت إلى إسرائيل خلال السنوات الثلاث الأخيرة وقابلت ضباطا شاركوا في الحرب لتحديد مواطن الفشل ونقاط الضعف، من أجل العمل على تقديم حلول لها على مستوى التدريب والتجهيز. ويوضح التقرير الذي نشرته الصحيفة يوم أول أمس أن وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاغون)، تعرف نتيجة الحرب بأنها "كارثة أو مصيبة". وإلى حد بعيد تعتبر الفشل الإسرائيلي فشلا لها. كما يظهر التقرير عمق تبني الولايات المتحدة لأمن إسرائيل والإسرائيليين إذ يتم كسب التأييد للاستثمار في منظومة أسلحة متطورة بالقول أنها كان يمكن أن تنقذ أرواح جنود إسرائيليين في حرب لبنان.

ويقول التقرير أن نتائج حرب لبنان تحتل حيزا هاما من المداولات في وزارة الدفاع الأمريكية ومن الممكن يكون لها تأثير على عقيدة الحرب المستقبلية للجيش الأمريكي. وكان ضباط أمريكيون كبار قالوا بعد الحرب مباشرة أنهم أيضا يجب أن يستخلصوا العبر من حرب لبنان حول عقيدة الحرب المستقبلية للجيش الأمريكي.

ويشير التقرير أن سلاح البحرية الأمريكي استخدم المواد والمعلومات التي حصل عليها من إسرائيل حول حرب لبنان الثانية لتطوير قواعد تدريب بتكاليف ملايين الدولارات بهدف تأهيل الجيش لخوض حرب مماثلة. فيما يقوم معهد الأبحاث التابع لسلاح البحرية بإعداد ألعاب تحاكي حرب لبنان.

ويقول التقرير إن "خبراء في الجيش الأمريكي ذهلوا من قوة الضربات التي تلقاها الجيش الإسرائيلي على يد قوة صغيرة نسبيا ، مجهزة بصواريخ مضادة للدروع اخترقت الآليات المحصنة التابعة للجيش الإسرائيلي". ويضيف: "ينبع الاهتمام المتزايد بحرب لبنان في كون حزب الله لم يتبع استراتيجية مشابهة لتلك التي اتبعها المقاتلون في أفغانستان والعراق. ففي الوقت الذي تنتهج منظمات كطالبان استراتيجية تسمى في الولايات المتحدة باسم "أضرب واهرب"، والتي تتلخص في توجيه ضربات محددة ومحدودة، لم يتردد مقاتلو حزب الله في خوض معارك ضارية استمرت في بعض الحالات حوالي 12 ساعة – وهو وقت طويل جدا بالمقارنة مع المواجهات التي خاضتها الولايات المتحدة. كما أن حزب الله أدار شبكة استخبارات متطورة بالنسبة لحجمه، وتنصت على وسائل الاتصال للجيش الإسرائيلي، واستطاع توجيه ضربة لبارجة سلاح البحرية".


"معهد أبحاث الحرب" التابع لسلاح البرية الأمريكي قال في تقريره إن حزب الله تبنى بين عامي 2003 و2006 عقيدة جديدة في الحرب وتحول من تنظيم "غريلا" عادي إلى قوة مقاتلة شبيهة بالجيش التقليدي. في حين قال تقرير آخر لوزارة الدفاع إن مقاتلي حزب الله «تلقوا تأهيلا مثيرا للانطباع، وخاصة في كل ما يتعلق بمهاجمة الدبابات وإطلاق الصواريخ والقذائف صاروخية». واضاف التقرير: "هم(المقاتلون) خبروا وعرفوا جيدا نقاط ضعف الجيش الإسرائيلي في حرب لبنان".

وتصف مجموعة بارزة في وزارة الدفاع نتائج الحرب في لبنان بأنها "إشارة تحذير" لكل جيش يواجه حرب عصابات، كالتنظيمات المسلحة في العراق. ويشير الضباط إلى أن الجيش الإسرائيلي انشغل في السنوات التي سبقت الحرب في عمليات أمنية جارية في المناطق الفلسطينية لذلك لم يكن مستعدا كما ينبغي لمحاربة قوة عسكرية منظمة.

ويقول باحث رفيع في معهد البحوث التابع لسلاح البرية: الاستنتاج الرئيسي، على ألأقل بنظري، هو أن الجيش يجب أن يجد الوقت للتدريب على سيناريوهات حرب كبيرة أكثر من تلك التي نخوضها، حتى لو كنا منشغلين في الوقت الحالي بالحرب ضد تظيمات غريلا". لقد حالت المهمات في العراق وأفغانستان دون أن يتمكن الجيش من التدرب على سناريوهات من هذا النوع، تماما كما حصل للجيش الإسرائيلي قبل حرب لبنان.

ويشير التقرير إلى أن الجدل في وزارة الأمن لا يقتصر على الاستراتيجية وتحديد السياسات بل أيضا على ميزانيات تطوير منظومات السلاح المتطورة. وبات المسؤولون في الجيش في السنوات الأخيرة بات يستخدمون تجربة حرب لبنان لحشد تأييد لاستعادة العمل في مشاريع تطوير أمنية، بقيمة مليارات الدولارات، أهملت منذ سنوات طويلة بسبب كونها ليست ذات صلة لأساليب الحرب الحالية.
وييورد التقرير مثالا: "نشر مؤخرا تقرير جديد لوزارة الأمن يهدف إلى إقناع الإدارة الأمريكية بتمويل منظومة الحرب المستقبلية (إف. سي. اس)، والتي تبلغ تكلفتها 159 مليار دولار. والمنظومة المذكورة هي مركبة تحتوي على أجهزة استشعار عن بعد تعمل بشكل متناسق، وتهدف إلى خفض المخاطر التي تهدد حياة الجنود خلال الحرب. وجاؤ في التقرير أن المنظومة كان يمكنها منع مقتل جنود من الجيش الإسرائيلي لو كانت تستخدم في حرب 2006، إذ أن حزب الله يعتمد في حربه على الاختباء في مواقع ثابتة وتنفيذ عمليات سرية. ومنظومة "إف. سي. إس" قادرة على كشف المقاتلين عن طريق أجهزة الاستشعار وأجهزة آلية دون تعريض حياة الجنود للخطر".


التعليقات