31/10/2010 - 11:02

حماية المعتقلين السياسيين أم حماية محققي الشاباك؟

ومع كل "فضيحة" جديدة يتورط فيها الشاباك وتتناقلها وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان وتصل المحافل الدولية، يجري سن قوانين جديدة وأنظمة جديدة وتشكيل لجان لضبط عمل الأجهزة الأمنية، غير أن النتيجة تقود دائماً إلى توفير الحماية القانونية للشاباك وشرعنة ممارسة

حماية المعتقلين السياسيين أم حماية محققي الشاباك؟

لا نبالغ إذا قلنا إن عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني (رغم استثناء المعتقلين والسجناء العرب غير الفلسطينيين) قد ذاقوا شتى صنوف التعذيب في زنازين وأقبية التحقيق التي يشرف عليها جهاز الأمن العام (الشاباك)، ولا يقتصر الحديث على سكان الضفة الغربية وقطاع غزة بل ينسحب أيضًا على فلسطينيي عام 48 وكذلك على المعتقلين من اللاجئين في الشتات.

ورغم أن الحديث لا يشمل الإعدام الميداني والاغتيالات حيث لا توجد قوانين، فنحن لا نبالغ أيضًا إذ نقول إن المئات قد استشهدوا في معتقلات وسجون "واحة الديمقراطية" المزعومة. ومن الواضح أن هذه الواحة المزعومة لم تعان من شح في الأسباب التي تصلح لتبرير "الوفاة" وفي توفير الغطاء القانوني وتوفير أكبر قسط من الحماية حتى لا يتعرض محققو الشاباك إلى طائلة القانون.

ومع كل "فضيحة" جديدة يتورط فيها الشاباك وتتناقلها وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان وتصل المحافل الدولية، يجري سن قوانين جديدة وأنظمة جديدة وتشكيل لجان لضبط عمل الأجهزة الأمنية، غير أن النتيجة تقود دائمًا إلى توفير الحماية القانونية للشاباك وشرعنة ممارسة الضغط الجسدي والنفسي على المعتقل، ليس إلا.

ولنبتدئ من البداية:

ألقي القبض على عواد عبد السلام حمدان من قرية رمان قضاء طولكرم بتاريخ 19/07/1987، وبعد يومين أعلنت قوات الاحتلال أن المعتقل قد توفي نتيجة نوبة قلبية، ثم ادّعت أنه توفي نتيجة لذعة أفعى وزعمت لاحقًا أنه توفي مختنقًا نتيجة لمرض رئوي!! وقد سمح في حينه لخمسة عشر فردًا من عائلته بحضور الجنازة ومراسم الدفن، وتبين لهم وجود جروح كبيرة في الجزء الخلفي للرأس وأخرى فوق إحدى عينيه وانتفاخ في منطقة الكلى والأمعاء ونزيف دموي تحت الجلد!! وتقدمت عائلة الشهيد بالتماس إلى المحكمة العليا لمعرفة أسباب الوفاة ضد وزيريّ الأمن والشرطة، وقبلت المحكمة العليا أقوال إسحاق رابين الذي كان وزيرًا للأمن، وفي المحكمة المذكورة أدلى بما يلي "تبعًا للصلاحيات المخولة في الفقرة 24 من قانون الشهود لسنة 1971، فإنني بموجب هذا القانون أوضح في ما يتعلق بتقديم الشهود أن عرض طرائق التحقيق التي تقوم بها المخابرات من المحتمل أن تؤدي إلى أضرار في قضية الأمن الوطني".

اعتقل إبراهيم المطور من بلدة سعير قضاء الخليل في 21/08/1988 واستشهد أثناء التحقيق معه بتاريخ 21/10/1988، وأثناء فترة اعتقاله سمعه رفاقه السجناء وهو يصرخ "اشهدوا يا معتقلين.. أنا إبراهيم المطور.. إنهم يضربونني ضربات قاتلة!!"، وفي الوقت الذي أشارت فيه التقارير الطبية، وأكد ذلك شهود عيان، إلى وجود جرح كبير في جمجمته وجرح كبير آخر في الجانب الأيسر من ظهره وكدمات على جسمه ناجمة عن استخدام مفرط للقوة والعنف من قبل الجنود في معتقل عوفر- بيتونيا وفي معتقل الظاهرية، ادّعت قوات الاحتلال أنه وجد مشنوقًا في زنزانته، وأن استخدام العنف معه كان معقولًا لأنه تصرف بشكل متهور وأثار ضجة وسلوكًا غير معقول وكان لا بد من استخدام القوة في حالته وحقنه بالفاليوم لتهدئته!

أُلقي القبض على عبد الصمد حريزات، وهو خبير كمبيوتر من الخليل يبلغ من العمر 30 عامًا، قرابة منتصف ليل 21 نيسان/أبريل 1995 وسرعان ما دخل في غيبوبة بعد الساعة الرابعة من بعد ظهر 22 الشّهر ذاته. وتوفي بعد ثلاثة أيام من دون أن يسترد وعيه. وبعثت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان بخبير هو البروفيسور دريك باوندر لمراقبة عملية التشريح التي أجراها اثنان من الأطباء الشرعيين الإسرائيليين. وأظهر التشريح أن عبد الصمد حريزات توفي جراء "الهز العنيف" الذي تسبب بنـزيف داخل الجمجمة. ونتيجة الضغط الذي مارسه محامي العائلة فيما بعد، حصل على معلومات حول استجوابه، مفادها: تم هزه 12 مرة بين الساعة 4:45 صباحًا والساعة 4:10 بعد الظهر بإمساكه من ملابسه ومرّتين بإمساكه من كتفيه.

اعتقل إبراهيم الراعي من قرية كفر راعي قضاء نابلس بتاريخ 29/01/1986، وبقي في المعتقل حتى استشهاده بتاريخ 11/04/1988. وخلال فترة اعتقاله هذه، مكث في أقبية التحقيق ما يقارب تسعة شهور وقضى الفترة المتبقية في الزنازين الانفرادية. ادّعت قوات الاحتلال أن الراعي قد أقدم على الانتحار بواسطة شنق نفسه بحبل صنعه من ملابسه، ولكن أفراد عائلته الذين أشرفوا على دفنه لاحظوا وجود ضربة بالرأس زرقاء ومتورمة مع وجود كسر في الفك ودماء نازفة في الأذن، ولاحظوا كذلك وجود ضربة في الخاصرة بطول 6 سم، كما لاحظوا وجود علامة في أسفل الرقبة تبدو كأنها آثار جنازير، ولم يكن وجهه مزرقًّا أو أسود وإنما ذا لون طبيعي واللسان في وضع سليم ما يؤكد أنه لم يمت شنقًا. ولمّا كان أهله على ثقة بأنه لن يقدم على الانتحار نظرًا لمعنويّاته العالية، ونظرًا لوضع الجثة الذي يثبت عكس ذلك، فقد طلبوا إجراء تشريح للجثة مرة ثانية بحضور طبيب تختاره العائلة ولكن القضاء الإسرائيلي لم يستجب للطلب.

هذه أمثلة فقط على مئات حالات الاستشهاد في التحقيق، ناهيك عن عشرات آلاف السجناء، كما أسلفنا، حاليًا وسابقًا والذين عاشوا مسلسل التعذيب. وغني عن البيان أن سلطات الاحتلال في المعتقلات تستعمل كل أساليب الضغط الجسدي والنفسي وفي معظم الأحيان وفقًا لترتيب معين وبرمجة محددة، كالضرب على الوجه والرأس والقبضات المغلقة على جميع أجزاء الجسم، والرش بالماء البارد والتعرض للهواء البارد من المكيفات شتاءً والرش بالماء الساخن صيفًا، ورش الملح على الجراح ووضع المعتقل في زنزانة مع غاز يسبب آلاما في الرأس والعينين، والتغطيس في الماء لفترة زمنية يفترض أنها مدروسة علميًا أو تغطية الرأس بقطعة قماش وصب الماء عليه لمنع وصول الهواء للمعتقل، ووضع كيس ذي رائحة كريهة على الرأس مع الشبح، والكي بالنار والسجائر، الضرب المتواصل وتكسير الأظافر أو الأيدي أو الأرجل، والتجويع لمدة طويلة والحرمان من الماء لمدة طويلة والحرمان من دخول دورة المياه لمدة طويلة، الشبح والمعتقل مربوط إلى الحائط من يديه المقيدتين إلى الخلف وإبقاء المعتقل لعدة أيام في هذا الوضع، وحرمان المعتقل من النوم لعدة أيام وحرمانه كذلك من الأغطية والفراش أثناء النوم ليعاني من البرد وقسوة الأرض، وتعصيب العينين لعدة أيام، ووضع المعتقل في أوضاع صحية قاسية لمدة طويلة قد تصل لعدة أيام، وإذا كان جريحًا توسيع جراحه أو عدم معالجته، وإذا كان معالجًا بعملية جراحية تزال القطب ويجرح ثانية، واستخدام أسلوب الهز العنيف، وتأخير تقديم العلاج خاصة في الحالات التي تقتضي علاجًا سريعًا كالنوبات القلبية مثلًا.

وتم إضفاء الصبغة الشرعية الفعلية على التعذيب نتيجة تقرير أعدته لجنة تحقيق ترأسها كبير قضاة المحكمة العليا السابق موشيه لانداو (لجنة لانداو) التي شُكِّلت في العام 1987 عقب افتضاح قضية تضمنت عمليات إعدام خارج نطاق القضاء نفذها جهاز الأمن العام. وفي الجزء العلني من تقريرها الذي نُشر في تشرين الأول 1987 وصادقت عليه الحكومة في الشهر التالي، ذكرت اللجنة أنه في العقدين الأخيرين دأب المحققون التابعون لجهاز الأمن العام على الكذب عندما واجهوا "مأزق" كشف طرق الاستجواب التي يمكن أن تدفع المحكمة إلى رفض الاعترافات، أو أداء يمين كاذبة لضمان إدانة المتهمين الذين يعتقدون على ما يظهر بأنهم مذنبون، استنادًا إلى أدلة أخرى سرية. وذكر التقرير أنّ "الشهادات الكاذبة في المحكمة سرعان ما أصبحت معيارًا غير قابل للطعن وباتت القاعدة السائدة طوال 16 عامًا".

وأوصت لجنة لانداو بوجوب السماح لجهاز الأمن العام باستخدام الضغط النفسي و"درجة معتدلة من الضغط الجسدي" في استجواب المعتقلين "الأمنيين". واعتمدت اللجنة على أن "التعذيب الفعلي… ربما يمكن تبريره لاكتشاف قنبلة على وشك الانفجار في مبنى يغص بالناس"، ورغم أن التقرير أشار إلى أن "الضغط لا يجوز أن يصل إلى مستوى التعذيب أو إساءة المعاملة البدنية للمتهم أو إلحاق أذى شديد بشرفه يجرده من كرامته الإنسانية"، إلا أنه تم استخدام صورة "القنبلة الموقوتة" بشكل متكرر لتبرير أساليب شكَّلت تعذيبًا، كما ترك للمحقق أن يقرر مدى "اعتدال" الضغط الجسدي أو النفسي.

وقد صادقت الكنيست في شباط 2002 على قانون جهاز الأمن العام (قانون الشاباك)، وقبل يومين أتمت لجنة الخارجية والأمن بالتعاون مع وزارة القضاء والشاباك استكمال قواعد وأنظمة عمل لتنفيذ هذا القانون.

وصرح رئيس لجنة الخارجية والأمن، يوفال شطاينتس، "لقد صادقت الكنيست في السابق على قانون (قانون الشاباك) هو عبارة عن إطار بحاجة إلى مضمون أكبر. وهذه الأنظمة هي التي ستحدد الممنوع والمسموح للسنوات القادمة".

في حين صرح المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، "توجد في ذلك رسالة ذات مغزى مهم، فإسرائيل هي دولة قانون حتى في المواضيع الأمنية السرية والحساسة. لقد انتهت الفترة التي كانت النزوات وغمزة العين تسيطر على عمل الشاباك".

ورحب أيضًا رئيس جهاز الشاباك، آفي ديختر، بالقانون فقال "لقد شق طريق هذا القانون ثلاثة من رؤساء الشاباك سابقًا، ولحسن حظي فقد أنجز الآن وسأحظى بشرف التوقيع على صيغته النهائية. هذا القانون هو مرتبة شرف بالنسبة للشاباك".

ومن الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن القانون يحتوي على بنود تتصل بعمل جهاز الشاباك وبالتالي ستبقى سرية!! وهناك بنود أخرى يسمح بنشرها، وبذلك تكون الكنيست قد صادقت للمرة الأولى في تاريخها على قانون لن يعلن أبدًا للجمهور.

ومن الأنظمة التي سمح بنشرها:

- من حق من قدّم طلبًا للعمل في جهاز الشاباك ورفض طلبه لأسباب أمنية أن يعطى له تفسيرٌ لماذا رفض طلبه وبإمكانه أن يعترض على ذلك. وفي السابق لم يكن بالإمكان معرفة سبب الرفض.

- يُحدد القانون الشكل الذي يجب على الشاباك التعاون بموجبه مع المخابرات العسكرية (أمان) والموساد وأجهزة الأمن الموازية في الخارج. وتم أيضًا تحديد القواعد التي تتصل بالتعامل مع العملاء وطرق نقل المعلومات.

- يحدد القانون متى يسمح بمصادرة أغراض معينة من متهم معين، مثل جهاز الحاسوب لضرورات التحقيق، وأعطيت لرئيس الشاباك صلاحية السماح بإجراء تفتيش سري لسيارة معيّنة أو في ساحة أحد البيوت في حال كون هذا التفتيش ضروريًا وعاجلًا.

ومع ذلك، لا يتطرق القانون إلى إمكانية استخدام القوة في التحقيق. وهذه الإمكانيّة مُعرّفة فقط في قانون العقوبات في بند "دفاع الضرورة"، وبموجب هذا البند يمكن ممارسة الضغط الجسدي والنفسي بشكل عنيف فقط في حال تعريف المعتقل على أنه "قنبلة موقوتة"، بمعنى إذا كان محقق الشاباك واثقًا من أنّ انتزاع المعلومات من المعتقل ضروري لإحباط عملية أو لإنقاذ حياة بشكل فوري.

وتجدر الإشارة إلى أن عضو الكنيست إيهود ياتوم قد شارك في صياغة هذه التعليمات، ولمن لا يعرف فإن ياتوم هو الذي ارتبط اسمه بفضيحة "باص 300"، حيث قام بضرب إثنين من المعتقلين الفلسطينيين حتى الموت، وتلقى، في حينه، عفوا من رئيس الدولة ولم يقدم للمحاكمة. وفي تبريره مؤخرًا لما حدث قال "لقد عملت في تلك الفترة في إطار المُتّبع عمله في جهاز الشاباك!! أما اليوم فالوضع مختلف، فلو كانت هذه القوانين موجودة لما حدث ما قد حدث"، وهنا نترك للقارئ تخيّل المتبع عمله.

أما رئيس جهاز الشاباك سابقًا، يعكوف بيري، فقال "لقد جن جنوني عندما سمعت أقوال المستشار القضائي للحكومة وسياسيين آخرين، إذ يتضح من حديثهم أن الشاباك لم يعمل حتى اليوم بموجب القانون وإنما في المنطقة الرمادية التي يلتقي فيها الأبيض القانوني مع الأسود غير القانوني. فأقوال كهذه تسيء إلى آلاف العاملين في الشاباك".

وفي حديث لـ"عرب ٤٨" مع المحامي حسين أبو حسين أشار إلى أن محققي الشاباك "أولا، لا يأخذون الإفادات من المعتقلين، وما يحصل هو أنه بجانب كل مركز تحقيق للشاباك توجد وحدة شرطة خاصة مكلفة بجباية إفادات من المتهمين بعد أن ينتهي رجال المخابرات من التحقيق معهم. ويتم عرض المعتقل على شرطي من الوحدة المكلفة بذلك ويتم تزويده بمذكرة التحقيق وأحيانًا بإفادة خطية تكتب بيد المتهم. لذلك فإن تحقيق الشرطة هو إجراء شكلي ويحضر الشرطي فقط لتدوين اعتراف المتهم أمام رجال المخابرات بصيغة اعتراف أمام رجل شرطة. ولا يتم تحذير المتهم من أن أقواله قد تستخدم كدليل ضدهم قبل المخابرات. وعمليًا إفادة الشرطة تعطي شرعية لكل وسائل الضغط والعنف اللفظي والجسدي والنفسي الذي يمارس ضد المعتقل، فالاعتراف أمام الشرطة هو تحصيل حاصل لوسائل الشاباك. وبتأخير سنتين وستة شهور من سن قانون الشاباك تمت المصادقة على أنظمة عمل محققي الشاباك وقانون الشاباك، وبالإضافة إلى الأنظمة فقد صرح المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز عن لوائح داخلية تمت المصادقة عليها وبموجبها ينظم عمل رجال المخابرات".

وأضاف أبو حسين أن كان يفترض أن تقوم الحكومة والكنيست بإنجاز المصادقة على أنظمة عمل المخابرات لغاية 8/2003، ولكنّ الأمر استغرق ما يقارب ثلاث سنوات.

وقال "بحسب ما جاء في وسائل الإعلام، فإن رئيس جهاز الشاباك، آفي ديختر، رحّب بالأنظمة الجديدة وباللوائح الداخلية، وهذا الترحيب يثير تخوفات كبيرة من أن تكون هذه الأنظمة غطاء شرعيًا لممارسة وسائل الإكراه والتعذيب التي طالما مورست في الماضي ضد المعتقلين السياسيين. وعمليًا فإنه خلال فترة الصراع الطويلة منذ قيام إسرائيل ومنذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة مارست المخابرات التحقيق دون وجود أرضية قانونية لعملها ونشاطها".

وتابع أبو حسين أنه من الجدير ذكره أن هذا القانون بدأ العمل بصياغته على خلفية تقرير "لجنة لانداو"، التي أكدت وجود "ثقافة" عنف وكذب لدى محققي الجهاز، وتؤكد على وجود ثقافة كهذه آلاف القضايا التي تم تقديمها للمحاكم العسكرية والمدنية في القضايا الأمنية.

وقال "اليوم فإن الدولة التي تدعي حماية الحقوق الأساسية للإنسان تجد إطارًا وغلافًا قانونيًا لممارسة التحقيق في مراكز التحقيق التابعة للمخابرات. كما إن عدم نشر الأنظمة واللوائح الداخلية والتي لن تنشر أبدًا تثير تخوفًا كبيرًا من شرعنة ممارسة العنف والإكراه، إذ لا يوجد أي ضمان لوجود رقابة على عمل المحققين وتبقى هذه المنطقة رمادية، وسواء فإن المحامي أو المتهم لن يتمكنا من معرفة مدى التزام المحقق بالأنظمة الداخلية السرية. أي أنه لا يمكن للمعتقل أو المحامي معرفة تجاوز المحققين للخطوط الحمراء الواردة في اللوائح الداخلية ويبقى الأمر تحت ’رحمة ونزاهة’ المحققين".

لم يمنع القانون العنف والضغط النفسي والجسدي وإنما شرعن هذه الممارسات. فالقانون عمليًا أعطى الضوء الأخضر للاستمرار في هذه الممارسات التي اعتاد الشاباك على ممارستها حتى الآن، ومنها عدم السماح بالنوم لأيام وممارسة العنف الجسدي واللفظي والنفسي على المعتقلين لإخضاعهم أو إجبارهم على الجلوس أو الشبح لساعات طويلة، في حين أعطى للجهاز صلاحية تحديد إذا كان المتهم " قنبلة موقوتة" أم لا، وعندها يستطيع المحقق أن يدعي أنه مارس الضغط الجسدي والنفسي لاعتقاده بأن المعتقل هو فعلًا بمثابة "قنبلة موقوتة".

التعليقات