خلافاً للمتداول... اسرائيل بادرت الى استفزاز السوريين قبل عام 1967

-

خلافاً للمتداول... اسرائيل بادرت الى استفزاز السوريين قبل عام 1967
أكد تحقيق صحافي إسرائيلي أنه خلافاً لـ «الخرافة» المتداولة و «الذاكرة الجماعية» في إسرائيل التي تبدو كأنها اضطرت إلى احتلال الجولان السوري عام 1967 لحماية مستوطناتها وقراها الزراعية في الشمال من «الاستفزازات السورية» المتواصلة، فإن إسرائيل هي التي بادرت منذ اتفاق الهدنة عام 1949 «وفي غالبية الحالات» إلى استفزاز السوريين لتتوافر لها الحجة لرد عسكري عنيف «أضعاف المرات».

وذكّر التحقيق الذي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس بما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي إبان حرب 1967 موشيه ديان بعد تسع سنوات من احتلال الجولان ونشر قبل 12 عاماً، من أن «80 في المئة من حوادث إطلاق النار مع السوريين بدأت عندما كنا نرسل تراكتورا إلى داخل الأراضي السورية فيواصل تقدمه حتى يغضب السوريون ويطلقون النار عليه، وعندها كنا نشغّل المدفعية والطيران الحربي».

وكتب معد التحقيق اوري مسغاف أنه «خلافاً للأسطورة التي ما زالت سائدة بأن مزارعينا كانوا يتعرضون أثناء فلاحة حقولهم إلى نيران جنود سوريين بلا سبب، وبأن القصف السوري هرّب أولادنا الذين أرادوا اللعب في بيوتهم بهدوء إلى الملاجئ، فإن الواقع هو ان إسرائيل، ليس فقط لم تتعرض لقصف، إنما هي التي بادرت إلى استفزاز السوريين حين كان الجيش الإسرائيلي يرسل أعضاء القرى الزراعية (الكيبوتسات) المحاذية للحدود لحراثة أراض لا قيمة زراعية لها بغرض استفزاز السوريين ليطلقوا النار على المزارعين، ما يوفر الحجة لإسرائيل للرد بقوة هائلة أضعاف المرات».

ويشير معد التحقيق إلى حقيقة أنه رغم المؤلفات الإسرائيلية الكثيرة التي أكدت ما يقول وأثبتت الفارق الكبير بين الخرافة وحقيقة ما جرى على الحدود السورية قبل عام 1967، لكن في الذاكرة الجماعية للإسرائيليين محفور الانطباع بأن السوريين هم من استفزوا إسرائيل وهددوا سكانها في الشمال وفي غور الأردن، ما برر احتلال الجولان واعتبار هذا الاحتلال خطوة استراتيجية حتمية، «بينما الحقيقة هي أن إسرائيل الفتية هي التي رفضت قبول الوضع الناجم عن اتفاق الهدنة عام 1849 فكانت تقوم بإشعال المنطقة الحدودية».

وتطرق الصحافي إلى ما نشر عام 1997 من اعترافات لديّان عن الاستفزازات الإسرائيلية لسورية، وكتب أنه رغم هذه الاعترافات الدراماتيكية، فإن «الذاكرة الجماعية الإسرائيلية تجاه سورية لم تتزعزع».

وذكّر الصحافي بما جاء على لسان ديان عام 1976 ونشر عام 1997 من اعتراف بأن احتلال الجولان كان أحد حدثين «لم أقم فيهما بواجبي كوزير للدفاع، عندما لم أوقف أموراً كان واجباً وقفها... كان واجباً عليّ وقفهما (الحدث الثاني الشروع في المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية)». وعندما سئل ديان عما إذا كان احتلال الجولان زائداً لا لزوم له، أجاب: «بالتأكيد... يمكن قول ما نشاء عن السوريين بأنهم حقيرون ويجب ضربهم وأن اللحظة مواتية لذلك، لكن هذه ليست سياسية. لا يمكن ضرب العدو فقط لأنه حقير، إنما في حال شكل تهديداً لنا، والسوريون في اليوم الرابع من الحرب (عام 1967) لم يشكلوا أي تهديد علينا».

ورأى الصحافي أن أقوال ديان هذه «تأكيد لنظرية بديلة تقول إن غالبية العمليات العسكرية في مناطق الاحتكاك بين إسرائيل وسورية منذ اتفاق الهدنة عام 1967، كانت بمبادرة إسرائيل، إذ رجحت القوة العسكرية لمصلحتها بشكل كبير، والعداء السوري لإسرائيل قام أساسا على الرعب وخوف سورية على أمنها وفي غالبية حوادث التصعيد العسكري كان السوريون الطرف المنجرّ إلى الرد، بينما استغلت إسرائيل هذه الحوادث لدفع مصالحها في مجالات الأمن والاستيطان والمياه».


"الحياة"

التعليقات