بروفيسور يهودا شنهاف: الاحتجاجات في إسرائيل حراك داخل الإجماع الصهيوني

الاحتجاجات هي وطنية إسرائيلية وصهيونية، ومع كلّ يوم يمرّ هناك أعلام إسرائيلية أكثر وأكثر على الخيام، فالاحتجاجات المعادية للصهيونية لا تنجح في إسرائيل،

بروفيسور يهودا شنهاف: الاحتجاجات في إسرائيل حراك داخل الإجماع الصهيوني


"الاحتجاجات هي وطنية إسرائيلية وصهيونية، ومع كلّ يوم يمرّ هناك أعلام إسرائيلية أكثر وأكثر على الخيام، فالاحتجاجات المعادية للصهيونية لا تنجح في إسرائيل"


حاوره إياد البرغوثي

يشعر عالم الاجتماع والمحاضر بروفيسور يهودا شنهاف بالقلق تجاه حركة الاحتجاج التي يشهدها المركز الاجتماعي الإسرائيلي، "كونه احتجاج "أبيض" لأبناء الناس "الجيدين" لإسرائيل اليهودية والإشكنازية، لقد حاولت مجموعات مختلفة في السابق أن تحتج (مثل فيكي كنافو في احتجاجات الشرقيين، واحتجاجات العمّال المهاجرين، أو احتجاجات الفلسطينيين)، لقد قُمعت كلّ هذه الاحتجاجات بيدٍ من حديد.
ويرى شنهاف أنه لم يكن من السهل قمع هذه "الشلّة" ويذكّر في حقيقة أنّه في "هذه الاحتجاجات أيضًا إلى حقيقة تفكيك الشرطة للخيام التي أقيمت في سوق "ليفينسكي" جنوبي تل أبيب، لكنها بالمقابل لم تمس في خيم جادة "روتشيلد" أو جادة "نوردو"، كونها أحياء أكثر فخامة، يوجد هنا وبوضوح انحياز قومي وطبقي وجندري".
التشريعات الفاشية أبقت الناس في البيوت
ما يقلق شنهاف أيضًا هو أنّ "هناك قضايا لا تقلّ أهمية لكنها لم تنجح في إخراج المحتجين إلى الشوارع، أقصد على وجه الخصوص التشريعات غير الديمقراطية في السنة الأخيرة، والتي كان آخرها إقرار قانون المقاطعة الذي يميّز مجتمعات فاشية وشمولية، لم تزعج هذه التشريعات الجماهير الواسعة لسبب ما، لهذا أنا متخبّط تجاه هذا الاحتجاج".
يذكّرنا شنهاف، خلال الحوار أنّ "أغلب الاحتجاجات التي نجحت هي احتجاجات الطبقة الوسطى، لأنّ السلطة تمتنع عن قمعها بقسوة، ولأنّ الطبقة تملك الأدوات أيضًا، فالفقراء لا يستطيعون أن يجلسوا في الخيام شهرًا وألا يعملوا، "أبناء الجيدين" يستطيعون ذلك".
ويضيف بعد ملاحظاته النقدية "مع كلّ التخبطات يجب أن ندرك أن هذه أيضًا فرصة، لكل ظاهرة هناك ما نسميه في علم الاجتماع "النتائج غير المتوقعة من النشاط الإنساني"، فقد تنتج أحيانًا أشياءً لم نقصدها في البداية".

هستيريا المستوطنين
يشير شنهاف إلى أسلوب تعامل المستوطنين مع الاحتجاجات ويعتبرها "إحدى الظواهر المثيرة هي الهستيريا التي دخل فيها المستوطنون، فهم يهاجمون في صحفهم هذه الاحتجاجات ويطلقون عليها تسمية "اليسارية"، واضح أن هناك علاقة بين الاحتجاجات وبين الساحة السياسية، فبينما بدأت الطبقة الوسطى (البيضاء) تدرك أن إسرائيل داخل الخط الأخضر هي دولة نيوليبرالية بشكل واضح (إحدى الدول المتطرفة في العالم الغربي اليوم من ناحية السياسة الاقتصادية) أما إسرائيل في مناطق الضفة الغربية فهي دولة رفاه اجتماعي (لليهود فقط)، وفجأة تندرج هذه الفجوة على الأجندة، وتشكّل أحد أسباب الاحتجاج، حتى لو لم يدرك المحتجون ذلك".
تصفية قانون التسويات
حاول شنهاف خلال حواره مع قيادة الاحتجاجات أن يقنعهم بأنّ يكون أحد مطالبهم هو إلغاء قانون التسويات، إنّه "قانون شمولي توسّع الحكومة ضمنه قوتها وتعطي لنفسها قوة كبيرة لإلغاء قوانين اجتماعية سنّت في السابق، وللقيام بإصلاحات سلطوية وخصوصًا الخصخصة المكثّفة. مثلا، في سنة 1988 سنّت الكنيست قانون التعليم الإلزامي للطفولة المبكرة، من جيل ثلاث سنوات، وهو لا يطبّق بسبب قانون التسويات، فهذا القانون يعطي المجال لتجميد قوانين، وفي حال ألغي تضعف قدرة الحكومة على تحويل الميزانيات، آمل أن بالفعل أن يطالبوا بإلغائه".

تخبّط: الاحتجاجات صهيونية لكن هنالك فرصة لصياغة المصالح المشتركة
عندما سألناه حول رأيه بمشاركة الفلسطينيين في هذه الاحتجاجات تردّد قليلاً، "هذا سؤال معقّد، من جهة هذه الاحتجاجات هي وطنية إسرائيلية وصهيونية، ومع كلّ يوم يمرّ هناك أعلام إسرائيلية أكثر وأكثر على الخيام، فالاحتجاجات المعادية للصهيونية لا تنجح في إسرائيل، وعندما "احتفل" العالم في سنة 1968 في ثورات الطلاب انشغلوا هنا في تعظيم الجنرالات. لكن من ناحية أخرى، وكما ذكرت سابقًا، هناك نتائج غير متوقعة، هذه فرصة للفلسطينيين أيضًا، بأن يخرجوا للشارع، وبأن يصيغوا مصالحهم ضمن مصالح المجموعات الأخرى، وحتى أن "يتدربوا" على الاحتجاج، لهذا برأي يجب على الفلسطينيين مواطني إسرائيل المشاركة في هذه الاحتجاجات.
آمل فقط أن لا تقوم هذه الحكومة الرهيبة بمجازر ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية في شهر أيلول، بهدف قمع الاحتجاجات داخل الخط الأخضر أيضًا".

 

التعليقات