"مصر هدف إستراتيجي عاجل ومهم، وردع مقابل غزة"

المحلل العسكري ليديعوت أحرونوت يعتبر هجمات إيلات على أنها "حدث أمني سياسي متدحرج لم ينته بعد، والضرر المادي والسياسي لإسرائيل أكبر مما جنته في اغتيال منفذي ومخططي الهجمات"

(تشييع جثمان أحد الجنود المصريين)
 
اعتبر المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، هجمات إيلات على أنها "حدث أمني سياسي متدحرج لم ينته بعد"، وأن الضرر المادي والسياسي الذي حصل لإسرائيل أكبر بكثير مما جنته في اغتيال منفذي ومخططي الهجمات، مشيرا إلى التصعيد الحاصل على الحدود مع قطاع غزة، والضرر السياسي الذي حصل في العلاقات الهشة بين إسرائيل والسلطات الجديدة في مصر.
 
وقال المحلل إنه على إسرائيل أن تقوم الآن بمبادرة سياسية عسكرية تخدم مصلحتين بعيدتي المدى وضروريتين؛ الأولى منع التآكل في العلاقات المكشوفة مع النظام المصري الجديد وذلك بهدف الحفاظ على اتفاقية السلام، وتعزيز التنسيق الأمني مع الجيش المصري في سيناء، أما الثانية فهي تعزيز الردع مقابل قطاع غزة وتحديد قواعد لعبة محتلنة تقلص النشاط الفلسطيني في سيناء، وذلك بهدف الوصول إلى فترة جديدة من التهدئة إلى ما بعد أيلول على الأقل.
 
واعتبر بن يشاي مصر على أنها الهدف الإستراتيجي العاجل والأهم. وأشار في هذا السياق إلى أن هناك من ينظر إلى المحاولة المصرية، الإعلان عن سحب السفير وطلب الاعتذار والتراجع، على أنها محاولة لتقليد النموذج التركي ومطالب رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان في أعقاب الهجوم الدموي على أسطول الحرية.
 
وبحسبه فإن الفحص المدقق يشير إلى أن مصر، وخلافا لتركيا، لا تسعى إلى إذلال إسرائيل وإنما إلى أبداء موقف قوي تجاهها وذلك بهدف تبديد الضغوط التي يمارسها "أعداء إسرائيل السياسيون" على السلطات المصرية الجديدة.
 
أما بشأن الاعتذار، فيقول الكاتب إن إسرائيل يجب ألا تجد صعوبة في الاستجابة لهذا الطلب، وأن تعبر عن أسفها للمس بشعور المصريين وكبريائهم كنتيجة لتصريحات شخصيات سياسية إسرائيلية. وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية تستطيع أن تقول إنه لا يمكن مصادرة حرية التعبير عن الرأي وأن ذلك لا يعبر عن الموقف الرسمي، خاصة وأن مصلحة مهمة مثل السلام مع مصر والتنسيق الأمني معها على كفة الميزان. وامتدح في هذا السياق بيان وزير الأمن إيهود باراك الذي عبر فيه عن الأسف ولكن بدون تحمل المسؤولية، وهذا هو المطلوب بالضبط. على حد تعبير الكاتب.
 
ويدعي بن يشاي أنه تم تسليم مصر معلومات مفادها أن ضابطا وجنديين مصريين قد قتلا نتيجة تفجير انتحاري لنفسه وتفجير عبوة ناسفة في الجانب المصري، إضافة إلى أن عددا من الجنود المصريين قد أصيبوا في تبادل إطلاق نار مع جنود الجيش الإسرائيلي بعد أن أطلق منفذو العمليات النار من موقع لا يبعد سوى أمتار معدودة عن الموقع المصري.
 
وأضاف الكاتب أن الكراهية لإسرائيل التي أطلقت بعد الثورة المصرية تؤثر على السلطات المصرية، ولكن العلاقات الوطيدة لإسرائيل ومصر مع واشنطن، والارتباط الاقتصادي والعسكري لمصر بالولايات المتحدة، والذي تزايد كثيرا بعد الثورة، يشكل ورقة مضادة تمنع مصر من "كسر قواعد اللعبة". وأشار إلى أن الدبلوماسية الأمريكية تجندت لمنع تدهور العلاقات مع مصر، ومن الجائز الافتراض أنها ستثمر في الأيام القادمة.
 
وكتب أيضا أنه على إسرائيل أن تواصل البحث عن طرق تمكن مصر من فرض سيطرتها الأمنية على سيناء، وخاصة على المنطقة الحدودية مع إسرائيل. وأنه من الممكن أن تضطر إسرائيل إلى الموافقة على تعزيز القوات المصرية في سيناء بقوات برية بدون مدفعية أو أسلحة ثقيلة أخرى.
 
كما كتب أنه على إسرائيل أن تبحث عن طرق إبداعية، لا مجال لنشرها في وسائل الإعلام، لمتابعة "الإرهاب والتهريب" في المناطق الحدودية بموافقة مصرية وبالتنسيق مع مصر بدون المس بالسيادة المصرية.
 
وعلى مستوى قطاع غزة قال بن يشاي إن إسرائيل بادرت إلى هجوم موضعي اعتبره ناجحا قام به الجيش والشاباك، بناء على أوامر رئيس الحكومة ووزير الأمن، بعد ساعات معدودة من هجمات إيلات، وأن الهدف منها لم يكن الانتقام للقتلى الإسرائيليين، وإنما "استغلال فرصة عملانية في توقيت مناسب كما حصل في السابق، وإبلاغ المنظمات الفلسطينية بأن قواعد اللعبة قد تغيرت".
 
وأضاف أنه خلافا لما كان عليه في السابق، فإن الجيش الإسرائيلي سوف يرد على عمليات أو إطلاق صواريخ تطلق من الأراضي المصرية في سيناء بالضبط مثلما كان يفعل عندما تطلق مباشرة من قطاع غزة. وبحسبه فإن عدم الرد العسكري الإسرائيلي الصارم على النشاطات في سيناء أدى في الماضي إلى جعل حركة حماس والمنظمات الفلسطينية تعتقد أن "الإرهاب" من سيناء شرعي وحصين، إلا أن هذا الوضع انتهى، ومن الجائز الافتراض بأنه في الأيام القريبة سيتم تطبيق القاعدة الجديدة.
 
ويضيف أن السياسية الجديدة لا تضمن وقف العمليات من سيناء، ذلك لأن تطبيقها مرتبط بمعلومات استخبارية نوعية عما يتم طبخه في قطاع غزة، مع الإشارة إلى أن مجموعات جهادية أخرى تنشط في سيناء لا توجد لغزة سيطرة عليها.
 
ويحمل المحلل العسكري حركة حماس المسؤولية عن العمليات التي تنطلق من قطاع غزة، ويعتبرها مسؤولة بشكل غير مباشر عن هجمات إيلات، ليس فقط لكونها الممسكة بزمام السلطة في قطاع غزة، وإنما أيضا لكونها تجري لقاءات تنسيق وحوارات دورية مع قيادات لجان المقاومة الشعبية والجهاد الإسلامي.
 
ويفترض الكاتب أيضا أن لحماس رقابة شديدة ومكثفة على كل ما يدخل أو يخرج عن طريق الأنفاق، وبالتالي يمكن الافتراض أنه كان لديها معلومات عامة على الأقل، بشأن العملية المنوي تنفيذها، ولكنها لم تقم بمنعها، وربما قدمت المساعدة في تنفيذها.
 
ويخلص بن يشاي إلى أن كافة الجهات ذات الصلة بالتصعيد العسكري والسياسي الحالي؛ إسرائيل ومصر وحماس، لديهم مصلحة في إعادة التهدئة. وتوقع أن يعود الهدوء إلى الجبهة الجنوبية في الأيام القريبة، ليندلع بعده نقاش حاد بين وزارة المالية وبين الأجهزة الأمنية بشأن زيادة الميزانية المطلوبة لمشروعين هدفهما تغيير الوضع في الجنوب؛ الأول استكمال السياج الحدودي على طول الحدود مصر، والثاني شراء بطارية "القبة الحديدة" في السنة القريبة.

التعليقات