إسرائيل توظف الهجمات في معركتها ضد النووي الإيراني

وادعى المعلق العسكري أنه "من الممكن أن يكون للإيرانيين دور مؤخرا في العمليات ومحاولة تنفيذ عمليات في نيودلهي وتبليسي وبانكوك وباكو، وأنهم ينتمون إلى فيلق القدس التابع لحرس الثورة". وأضاف أنه في ظل هذه التقديرات فمن الممكن توقع حصول عدة محاولات في الأيام القادمة لتنفيذ عمليات ضد إسرائيليين.

إسرائيل توظف الهجمات في معركتها  ضد النووي الإيراني

- الهجوم على السفارة الإسرائيلية في الهند الأسبوع الماضي -

رفعت إسرائيل حالة التأهب وكثفت من من إجراءاتها الأمنية في محيط سفاراتها وممثلياتها في جميع أنحاء العالم، وذلك بعد الهجوم على سفارتها في الهند، وإحباط أخرى في جورجيا، وكشف ثالثة في تايلاند. ورغم إخفاق  العمليات التي استهدفت الممثليات الإسرائيلة في تحقيق أهدافها على النحو الذي وضعه المخططون، إلا أنها ترسم بداية مرحلة جديدة عنوانها الأبرز معادلة الردع في حرب الظلال.
 
وتأتي هذه الهجمات بعد سلسلة تفجيرات واغتيالات استهدفت خبراء ذرة إيرانيين خلال العامين الماضيين. ورغم أن إسرائيل على عادتها لم تتبنَ الهجمات بشكل رسمي، غير أنها أشادت بتك العمليات بل وصدرت تلميحات على ألسنة عدد من المسؤولين الإسرائيليين تعزز ضلوع "الموساد" الإسرائيلي في تلك الهجمات التي وصفت على ألسنتهم بأنها "أحداث خفية تجري في إيران".
 
وكان آخر تلك العمليات اغتيال العالم النووي الإيراني مصطفى روشن في كانون الثاني (يناير) الماضي،  وفي أعقاب ذلك  ذكر مصدر أمني إيراني أنّ طهران على اعتاب الدخول في مرحلة جديدة من "العمليات الاستخباراتية الخاصة" خارج الحدود و”العمليات الانتقامية” ضد الغرب وإسرائيل.  
 
زمن الانتقام
ويقول المحلل الإسرائيلي رون برغمان، إنه بعد سلسلة عمليات اغتيال خبراء الذرة الإيرانيين، كان السؤال  الماثل أمام الإسرائيليين متى سيردون ويحاولون الانتقام، وها هو الأمر يحصل. 
 
ويستذكر برغمان في مقال نشره في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء الماضي، معادلة الردع التي كانت قائمة في حقبة ما بين إسرائيل وحزب الله، ويقول:  "في فبراير عام 1992 اغتالت إسرائيل الأمين العام لحزب الله عباس الموسوي،  ورغم أن العملية  تكللت بالنجاح غير أنها جرّت سلسلة ضربات قاسية تعرضت لها إسرالئيل ومن ضمنها تفجير سفارة إسرائيل في العاصمة الأرجنتينية، بوينوس آيريس".
 
ويرى برغمان أن تلك العملية أعادت تشكيل معادلة الردع وأدت إلى صياغة قواعد اللعبة من جديد بين حزب الله وإسرائيل، والتي يمكن  تلخيصها بتأكيد حزب الله على أن أي ضربة توجه لخاصرته الرخوة سيرد عليها بضربة للخاصرة الرخوة لإسرائيل- كالممثليات والسفارات والمؤسسات إسرائيلية في كافة أرجاء العالم. 
 
ويؤكد برغمان أن هذه المعادلة ردعت إسرائيل عن محاولات التعرض لقادة حزب الله، التي كسرت بعد اندلاع حرب لبنان الثانية، وما تبعها من اغتيال القائد العسكري عماد مغنية.
 
ويعتبر برغمان أن «عمليات هذا الأسبوع هي محاولات إيرانية  لإعادة صياغة قواعد اللعبة- تماما كما فعل مغنية في مطلع سنوات التسعين حينما أرسل جنوده لتفجير السفارة في العاصمة الأرجنتينية».
 
إنّها البداية فقط
وبينما يشير برغمان إلى تهديد حزب الله  بالانتقام لاغتيال مغنية مهما طال الزمن،  يرى أنه لا ينبغي فصل الهجمات  الأخيرة عما حصل في إيران مؤخرا، مشيرا إلى أنه «لا غرابة بأن يكون اغتيال العلماء لعرقلة المشروع النووي الإيراني  دفع إيران  للرد على تلك العمليات».
 
ويضيف برغمان: "الولايات المتحدة تنصلت من تلك العمليات كي لا تضع مواطنيها وممثلياتها في دائرة الاستهداف، لكن إسرائيل التي لم تنف صلتها بل صدر عن عدد من المسؤولين غمز ولمز بربطها بالعمليات مما عزز الدافع لدى إيران للرد".
 
وينهي مقالته بالقول: "تتواصل الحرب السرية بين إسرائيل وإيران وحزب الله بكامل القوة. ورغم أن إسرائيل هي الفائزة في القوت الراهن، لا ينبغي الاستخفاف بقدرة وتصميم الطرف الآخر. وما حصل هذا الأسبوع هو بداية فقط".
 
جباية ثمن من نوع آخر
من  جانبه، اتهم المعلق العسكري لـ"يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، حزب الله بالوقوف خلف العمليات بدافع الرد على اغتيال القيادي في حزب الله عماد مغنية قبل 4 سنوات، غير أنه توقع أن تكون الهجمات رد إيران على اتهام إسرائيل باغتيال علماء الذرة والصواريخ الإيرانيين.
 وادعى المعلق العسكري أنه "من الممكن أن يكون للإيرانيين دور مؤخرا في العمليات ومحاولة تنفيذ عمليات في نيودلهي وتبليسي وبانكوك وباكو، وأنهم ينتمون إلى فيلق القدس التابع لحرس الثورة". وأضاف أنه في ظل هذه التقديرات فمن الممكن توقع حصول عدة محاولات في الأيام القادمة لتنفيذ عمليات ضد إسرائيليين. 
 
حلقة في سلسلة تفجيرات؟
من جانبها ذكرت صحيفة "هآرتس"أنّ ثمة تخوف إسرائيلي بأن تكون تفجيرات دلهي وتبليسي، حلقة في سلسلة ستشمل عواصم إضافية في الايام القريبة القادمة".
 
وذكرت الصحيفة أنّ المشاورات التي جرت مساء الاثنين، وشملت قيادات الجيش الإسرائيلي والشاباك والموساد، رجحت وقوع عمليات أخرى في الآونة القريبة ودعت إلى أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع ذلك، بينما أعربت هذه المصادر عن امتناع اسرائيل عن الرد العنيف على هذه الهجمات، علمًا أنّ رئيس الوزراء الاسرائيلي قد اتهم ايران بالوقوف وراء هذه الهجمات.
 
وأشارت الصحيفة إلى اسرائيل تتوقع استمرار حالة التوتر لعدة أيام، مشيرة إلى أن ذلك «لا ينذر بمواجهة مباشرة لا مع ايران ولا مع حزب الله وان المناوشات لم تخرج عن حدود الملعب التي رسمت مسبقًا»، في إشارة إلى توقع ردّ إيراني مباشر أو غير مباشر، على عمليات الاغتيال والتفجير التي وقعت داخل إيران واتهمت إسرائيل بتنفيذها. 
 
ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية قولها إن عمليتي التفجير لا تعتبران ردًا على اغتيال عماد مغنية فحسب بل ايضًا على خمس هجمات استهدفت علماء ذرة ايرانيين. وأشارت إلى أنّ الرد يعكس ما اعتبرته «محدودية قدرات ايران وحزب الله، لان العمليتين استهدفتا أهدافًا تقع في أطراف حماية الشاباك في الخارج أي سيارات الدبلوماسيين، لا السفارات نفسها- التي تقع تحت هذه الحماية». لكنها لم تستبعد أن يكون اختيار أهداف هامشية تم عمدًا. 
 
 الحكومة الأمنية الإسرائيلية تعقد اجتماعًا لبحث التفجيرات ضد سفاراتها
إسرائيل كعادتها، لا تعتبر إرهابها مدانا، بل تعتبر الرد عليها إرهابًا، وفي جلسة للحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون السياسية والأمنية اعتبرت العمليات "عدوانًا إيرانيًا" ساعية لتوظيفها ضد المشروع النووي الإيراني.  
 
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن "إيران هي أكبر مصدّر للإرهاب في العالم ويتم إكتشاف عملياتها الإرهابية على الملأ في هذه الأيام"، وأردف أن "إيران تزعزع الاستقرار في العالم وتضرب دبلوماسيين أبرياء في كل أنحائه".
 
القناة الثانية: محاولة لاغتيال باراك في سنغافورة
من جانبها ذكرت القناة الثانية الإسرائيلية الخميس أنّ وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك تعرض لمحاولة اغتيال في سنغافورة. وقالت القناة في نبأ عاجل اوردته ان اجهزة الأمن في سنغافورة استطاعت احباط محاولة لاغتيال باراك، موضحًا أنّ الامن السنغافوري استطاع تفكيك عبوة ناسفة كانت تستهدف موكب باراك.
 
وربما سعت القناة الإسرائيلية من خلال سردها للمعطيات الاولية للحادثة إلى الإيحاء بشبه ما بين هذه المحاولة وما جد قبل يومين في ثلاث دول أخرى هي جورجيا والهند وتايلاند، من هجمات على سفارات إسرائلية قيل إن إيران ضالعة فيها.
 
تقرير أميركي: إسرائيل تتعاون مع «مجاهدي خلق» لاستهداف علماء إيرانيّين
ونقلت شبكة « إن بي سي» الأميركية في تقرير عن مسؤولين أميركيين أن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية التي تصنفها واشنطن أنها منظمة إرهابية، تنفذ الهجمات التي استهدفت علماء نوويين إيرانيين، بتمويل وتدريب وتسليح من الاستخبارات الإسرائيلية.
 
ونقلت الشبكة عن المسؤولين الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم، أن إدارة الرئيس باراك أوباما على علم بحملة الاغتيالات، لكن لا علاقة مباشرة لها فيها.
 
وقال محمد جواد لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي للشبكة الأميركية إن العلاقة بين مجاهدي خلق وإسرائيل «قريبة جدًا»، مشيرًا إلى أن الإسرائيليين «يدفعون لمجاهدي خلق»، وأن «بعض عملاء هؤلاء يزودون إسرائيل بالمعلومات، ويجندون ويديرون الدعم اللوجستي».
 
وقال إن الموساد الإسرائيلي يدرّب عناصر من مجاهدي خلق في إسرائيل على استخدام الدراجات النارية والعبوات الصغيرة، وقال إن جهاز الموساد بنى في إحدى المرات مجسماً لمنزل عالم نووي إيراني ليتعرف القتلة إلى المكان قبل تنفيذ العملية.
 
وأشار لاريجاني إلى أن معظم المعلومات التي تملكها طهران عن الهجمات والعلاقات بين إسرائيل ومجاهدي خلق هي نتيجة استجواب قاتل فشل في هجوم حاول تنفيذه في نهاية عام 2010 والمواد التي عثر عليها معه.
 
ونقلت الشبكة عن مسؤولَين أميركيَّين رفيعَي المستوى تأكيدهما ضلوع مجاهدي خلق بالهجمات، وقال مسؤول إن كل المزاعم «صحيحة»، فيما رفض مسؤول ثالث تأكيد العلاقة، وقال: «لم تؤكَّد بوضوح بعد»، غير أن ثلاثتهم نفوا أي ضلوع أميركي بالاغتيالات.
 
غير أن وزارة الخارجية الإسرائيلية رفضت التعليق على التقرير، وقال متحدث باسمها: «ما دمنا لا نستطيع رؤية كافة الأدلة التي تزعمها «أن بي سي»، فإن وزارة الخارجية لن ترد على كل ثرثرة وتقرير ينشر حول العالم».
 
كذلك، قالت منظمة مجاهدي خلق إن المعلومات «خاطئة تماماً».
 
لكن قال خبراء إن نوع الهجمات المعقدة يدعم الاتهامات الأميركية بأن جهاز استخبارات خبير على صلة بها.
 
وقال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتعامل مع مجاهدي خلق عسكرياً أو استخبارياً، مبرراً ذلك بأنه «لا يمكننا التعامل معها بسبب إدراجها» على لائحة الإرهاب الأميركية.
 
إيران تنفي 
إيران، من جانبها،  نفت على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست الاربعاء اي علاقة لها بانفجار بانكوك وحمل عناصر مرتبطة "بالنظام الصهيوني" مسؤوليتها. ونقل موقع التلفزيون الإيراني الحكومي ان مهمانبرست "رفض اتهامات النظام الصهيوني (لإيران) بمشاركة في انفجار بانكوك واتهم هذا النظام بالسعي للمساس بالعلاقات الودية والتاريخية بين إيران وتايلاند".
 
من جانبه قال وزير الأمن الاسرائيلي ايهود باراك ان "محاولة الهجوم في بانكوك تثبت مرة اخرى ان إيران وعملاءها يواصلون التحرك عبر الوسائل الارهابية، والاعتداءات الاخيرة مثال على ذلك". ودانت وزارة الخارجية الاميركية الهجمات وعبرت عن قلقها ازاء "تزايد" اعمال العنف في العالم. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند ان "هذه الاحداث وقعت في سياق محاولات الاعتداء التي احبطت وكانت تستهدف اسرائيل والمصالح الغربية" في اشارة الى تفجيرات الهند وجورجيا التي اصيبت خلالها دبلوماسية اسرائيلية في نيودلهي.

التعليقات