أمريكا ضاقت ذرعًا من «فزّاعة» إيران

ورغم الضغط الإسرائيلي، لا زالت الولايات المتحدة تدفع باتجاه استنفاذ الوسائل الديبلوماسية في حربها ضدة المشروع النووي الإيراني، وأشار وزير الدفاع الأمريكي، ليون بانيتا، الأربعاء، إلى إنه ما زال هناك وقت لمواصلة الجهود الدبلوماسية لتسوية مسألة الملف النووي الايراني على الرغم من حديث اسرائيل المتزايد عن الخيار العسكري.

أمريكا ضاقت ذرعًا من «فزّاعة» إيران

وجّهت الولايات المتحدة، صفحة قوية لإسرائيل، بعد أن ضاقت ذرعا من لهجة التهديد  المتواصلة في الشأن الإيراني، حيث حسم رئيس الاركان المشتركة الأمريكية، الجنرال مارتين دمبسي، النقاش المحتدم في إسرائيل حول توجيه ضربة لإيران بالتصريح بأن إسرائيل لا تمتلك القدرة على تدمير المشروع النووي الإيراني. ويعني ذلك أن التلويح بالضربة لا يعدو كونه  زوبعة في فنجان. وساقت تصريحات دمبسي ردود فعل صاخبة، وهجوما من وسائل الإعلام  على الحكومة الإسرائيلية واتهمتها بالـ "الصبيانية"، وبـ "استفزاز الحليف الرئيسي لإسرائيل


ورغم الضغط الإسرائيلي، لا زالت الولايات المتحدة تدفع باتجاه استنفاذ الوسائل الديبلوماسية في حربها ضدة المشروع النووي الإيراني، وأشار وزير الدفاع الأمريكي، ليون بانيتا، الأربعاء، إلى إنه ما زال هناك وقت لمواصلة الجهود الدبلوماسية لتسوية مسألة الملف النووي الايراني على الرغم من حديث اسرائيل المتزايد عن الخيار العسكري.


وقال بانيتا في حديث للصحفيين، في مبنى وزارة الدفاع "البنتاغون" وإلى جانبه رئيس هيئة الأركان الأمريكية العامة، الجنرال مارتين دمبسي: " إن إسرائيل لم تتخذ قرارا حتى الآن حول الهجوم، وهم يتخذون القرارات على أساس أمنهم القومي". مضيفا أنه ما زالت هناك "نافذة" لاستراتيجية الضغط التي يتبعها عبر فرض عقوبات. وأكد بانيتا: "ما زلنا نعتقد ان هناك مجال ومتسع من الوقت للدبلوماسية والفرصة قائمة لإيران لتستفيد من هذه العملية".
من جانبه، جزم دمبسي أن إسرائيل غير قادرة على وقف النووي الإيراني، وقال: "قد أكون لا أعرف كل القدرات الإسرائيلية، لكن أعتقد أنه من الصواب القول، أن بمقدورهم تأجيل، لا تدمير، الخطط النووية الإيرانية".
يتحدثون عن الأضرار الجانبية لهذا التوجّه على مستوى العلاقات مع الولايات المتحدة، وعلى مستوى العلاقات داخل المنظومة الأمنية.

وقد عزز نتنياهو معسكره الذي يجاهر بضرورة توجيه ضربة لإيران،   برئيس الشاباك السابق، أفي ديختر،  وقلده بعد أن انسحب من "كاديما" منصب وزير الأمن الداخلي، في خطوة رآها البعض تعزز الخيار العسكري،  في حين أعلن المراقب العام أنه على ضوء ازدياد  احتمال شن الهجوم سيبدأ بفحص جهوزية الجبهة الداخلية للحرب.

وصدرت في الأسبوع الأخير تصريحات على لسان مسؤولين إسرائيليين تؤكد نظرية «الفزاعة»، من ضمنها تصريحات نائب رئيس هيئة الأركان العامة، السابق، عوزي دايان، الذي التقى بنتنياهو قبل أيام، وكان مرشحا لتولي منصب وزير الجبهة الداخلية، وتعزز تصريحات دايان نظرية الفزّاعة،  حيث قال في حديث لإذاعة الجيش، الثلاثاء، إن التلويح بضربة عسكرية  ضروري من أجل نجاح العقوبات على إيران.  مضيفا أن «التصريحات العلنية التي تعترض على توجيه الضربة تمس بالمصالح الأمنية الإسرائيلية». وكشف دايان أن نتنياهو يشاركه الرأي بأنه من ينبغي أن يوجه الضربة لإيران هي الولايات المتحدة.

رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، وجهت انتقادات حادة لحكومة نتنياهو، الأربعاء،   واتهمته باستخدام مسألة التهديد الإيراني لإلهاء الرأي العام الإسرائيلي عن القضايا الداخلية كالعدالة الإجتماعية.

ونقلت صحيفة " جيروزاليم بوست" عن يحيموفيتش قولها "الشعب الإسرائيلي اذكي بكثير من ذلك" .. واصفة سياسة نتنياهو الاقتصادية بـ "الرأسمالية المتطرفة التي لا توجد في أي مكان آخر في العالم ".

كما انتقدت يحيموفيتش نتنياهو لتزويد المؤسسة العسكرية بأموال إضافية ، قائلة "لدينا المال الذي يمكننا من تزويد المؤسسة العسكرية وتعزيز المجتمع إيضا ".

ويجمع الإ سرائيليون على أن النووي الإيراني خطر وجودي وينبغي التخلص منه، لكنهم ينقسمون حول التنسيق مع الولايات المتحدة. وفي هذا السياق قال الوزير السابق بنيامين بن إلعيزير: "السؤال هو، هل إسرائيل يمكن أن تسمح لنفسها بتنفيذ الهجوم دون التنسيق مع الولايات المتحدة، لأننا يجب أن نتوقع الرد من الجانب الآخر، وقد يكون ردا مؤلما"، مشيرا إلى أنه لا ينبغي التعجل ولدى إسرائيل وقتا كافيا لدراسة خطواتها.

ديماغوغية خطيرة

صحيفة «هآرتس» اختلفت مع التحليلات السابقة،  واعتبرت سياسة نتنياهو «ديماغوجيا خطيرة»،  وربطت الصحيفة في افتتاحيتها، بين عدم نجاح نتنياهو، ووزير الأمن، إيهود باراك، في تجنيد أغلبية لصالح موقفهما داخل هيئة الثمانية الوزارية وبين سعيهما إلى تجنيد الجمهور «بحيث يمكنهما أن ينقلا إلى جانبهما وزراء مترددين والادّعاء أن خطهما يعكس إرادة شعبية».

ورأت الصحيفة أن «الهدف قد يكون ديموقراطياً، إلا أن النهج ديماغوجي، إذ ليس في الجمهور والقيادة خلاف حقيقي حول التصميم على ألا نعيش في ظل سلاح نووي إيراني، بل إن السؤال المطروح على النقاش هو ما إذا كانت كل المحاولات قد استنفدت ولا مفر من المبادرة إلى الهجوم في أقرب وقت ممكن عشية الانتخابات في الولايات المتحدة». واتهمت «هآرتس» نتنياهو وباراك بذر الرماد في العيون من خلال المعطيات التي يطلقانها، «فلن يكون هناك سلاح نووي لدى إيران في العام المقبل، والعملية ضدها ليس في اضطرار عاجل». وخلصت إلى أن «الديماغوجيا خطيرة على إسرائيل مثل النووي الإيراني».

من جانبه أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أضرار حملة نتنياهو على العلاقات مع الولايات المتحدة، وكتب المحلل السياسي شمعون شيفر  أن «الفشل الأكبر لبنيامين نتنياهو في الولاية الحالية يكمن في عملية صناعة القرار في شأن الهجوم على إيران: فهكذا فقدنا أميركا في الطريق إلى ناتنز». وتحت عنوان «خطئية الغرور»، رأى شيفر أن التباين بين الموقفين الإسرائيلي، الذي يبدو مصمماً على الخيار العسكري ضد إيران، والأميركي، الذي يرى أن الوسائل الدبلوماسية لم تستنفد بعد، هو نتيجة شعور نتنياهو بأنه يعرف عن السياسة الأميركية ما يكفيه لكي يستغني عن تقديرات الآخرين في هذا الشأن. وبناءً على ذلك، قدر الكاتب أن «لجان التحقيق التي من المتوقع أن تؤلف في المستقبل ستسأل بعد الاطلاع على محاضر المداولات السرية: لماذا بُحث فقط في بديلين: القنبلة أم القصف؟ لماذا لم يطرح بديل الهجوم الأميركي مع مساعدة إسرائيلية مثلاً، أو الهجوم الإسرائيلي الذي يسند بموافقة ودعم أميركيين؟».

وفي يديعوت أيضاً، وصف إيتان هابر القرار بمهاجمة إيران بأنه «قرار بن غوريوني»، في إشارة إلى دلالاته المصيرية على إسرائيل. وكتب هابر «إن القرار بمهاجمة إيران مقامرة ضخمة على حياتنا جميعاً، وقد لا يكون نتنياهو وباراك وآخرون معنا حينما يأكل أحفادنا الثمرات العفنة لهذا القرار وربما لا يفعلون». وأضاف «هنا بالضبط المشكلة: نحن محتاجون إلى بن غوريون كي يقرر، وليس عندنا اليوم مع كل الاحترام بن غوريون كهذا».

وعلى الوتر النقدي كتب بن كسبيت في «معاريف»، مضفيا مسحة تهكمية على «التصميم الدائم» لنتنياهو وباراك على ضرب إيران. وكتب بن كسبيت «بربكم... ليفعلاها وننته من الأمر. انتبهوا كم من الصخب والضجيج الذي يصم آذاننا وآذان العالم بأسره بشأن هذا «التصميم» من نتنياهو وباراك». وأضاف «كان منذ زمن غير بعيد مفاعل نووي نشيط في سوريا. إسرائيل شطبت هذا المفاعل بهدوء، بدون أقوال، بدون ترهات، بدون أحابيل، تهديدات، دق طبول وشقاق». ومضى يقول «صحيح، القصة الإيرانية أكثر تعقيداً بكثير، ولكن الضرر الذي لحق في هذه الأثناء بجهاز الأمن، بالثقة بين قيادة الجيش الاسرائيلي والقيادة السياسية، وكذا بالإحساس بالحياة العادية النادرة في هذا المكان، هو ضرر لا مرد له». وخلص الكاتب إلى أن تصميم باراك ونتنياهو يتلخص في هذه الأثناء بالثرثرة، «وعند النظر في المحيط، يخيل أنه ليس هنا فقط لا يأخذهما الناس على محمل الجد، بل وفي العالم أيضاً لم يعد أحد يتأثر بهما. اذهبوا لتعرفوا لعلهما في النهاية سيقصفان فقط كي يثبتا أنهما جديّان».

إيران تستخف بالتهديدات

إيران من جانبها استخفت بالتهديدات الإسرائيلية معتبرة أنها مؤشر ضعف، وقال  وزير الدفاع الإيرانيـ أحمد وحيدي إن «التصريحات الإسرائيلية التي تحدثت عن احتمال مهاجمة المواقع النووية الإيرانية مؤشر على الضعف والخوف، وليست دليلًا على القوة».  وأضاف المسؤول الإيراني أن «النظام الصهيوني الضعيف الآيل إلى الزوال، لا يملك بالتأكيد القوة ولا الإرادة للصمود أمام إيران»، واصفا القادة الإسرائيليين بأنهم «بلا عقل ودعاة حروب». واعتبر وحيدي أن "التوجه الحربي الإسرائيلي يقربها خطوة أخرى في مسار إبادة جيشها وماكينة حربها".  فيما استبعدت وزارة الخارجية الإيرانية وقوع «هجوم إسرائيلي غبي» على منشآتها النووية، رغم تزايد الأحاديث في الأوساط الإسرائيلية عن هذا الاحتمال مؤخرًا.

التعليقات