"سلاح الطيران سيقود الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية"

تحت عنوان "أيضا في السنة القادمة سيقود سلاح الطيران الإستراتيجية العسكرية"، كتب عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس" أن العام الحالي (2012) كان عام القوة الجوية في الجيش الإسرائيلي، وان الاحتمالات كبيرة بأنه يكون العام 2013 كذلك

تحت عنوان "أيضا في السنة القادمة سيقود سلاح الطيران الإستراتيجية العسكرية"، كتب عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس" أن العام الحالي (2012) كان عام القوة الجوية في الجيش الإسرائيلي، وان الاحتمالات كبيرة بأنه يكون العام 2013 كذلك.

ويشير إلى أنه لا جديد في ذلك، حيث أن القوة الجوية تبقى المدماك الأهم في القوة العسكرية لإسرائيل منذ عقود كثيرة، رغم أنه يبدو أنه حصل بعض التغيير في هذا التوجه، مثلما ينعكس ذلك في التصريحات العلنية للجيش، وذلك خلفية دروس الحرب العدوانية الثانية على لبنان في تموز/يوليو 2006.

كما يشير الكاتب إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي لعب مرة ثانية دورا مركزيا في الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة، التي أطلق عليها "عامود السحاب"، وفي الهجوم على قافلة السلاح في السودان، ويستعد لإيران، ويعمل على امتلاك طائرات حديثة (أف 35). ويضيف الكاتب أنه باستثناء حصول تصعيد حاد في لبنان أو قطاع غزة في العام 2013، بما يلزم بالقيام بحملة برية، فإن هذا هو الواقع الذي سيكون سائدا لاحقا على ما يبدو.

ويلفت الكاتب إلى أنه في تموز/يوليو من العام 2005 قام رئيس الحكومة في حينه أرئيل شارون بتعيين دان حالوتس رئيسا لهيئة أركان الجيش، بيد أن الأخير اضطر للاستقالة من منصبه، في أعقاب الحرب على لبنان، قبل أن ينهي نصف مدة ولايته في المنصب.

كما يلفت أن الجيش وحتى استقالة حالوتس امتدح كثيرا القوة العسكرية، بيد أن المشكلة كانت، مثلما يقول المثل العسكري القديم، من "يحمل مطرقة تزن 5 كيلوغرامات فإن كل مشكلة يراها مسمارا"، حيث أن حالوتس استخف بأهمية القوات البرية ووحدات الاحتياط بوجه خاص. وعندما اندلعت الحرب مع حزب الله كان يأمل أن يحسم سلاح الجو المعركة.

ويشير أيضا إلى أن حالوتس رفض بشكل متواصل تفعيل القوات البرية، وتمسك بالحل الجوي، ولم يتغير موقفه حتى بعد أن تبين أن سلاح الطيران قادر على ضرب الصواريخ المتوسطة المدى فقط في حال توفر معلومات استخبارية دقيقة، في حين أن القوة الجوية ليست ذات صلة مقابل آلاف الصواريخ القصيرة المدى التي أطلقت على البلدات الإسرائيلية في الشمال.

ويتابع أنه فقط بعد تأكيد الجنرالين عاموس يدلين وعيدو نحوشتان، خلال المشاورات، على أن إستراتيجية حالوتس غير مجدية،  وبعد ضغوط سياسية من المستوى السياسي، إيهود أولمرت وعمير بيرتس، وافق حالوتس مرغما على البدء بعملية برية يائسة وبشكل متأخر ما أدى إلى تورط آخر في لبنان.

ولاحقا، وبعد استقالة حالوتس، عمد خلفه في المنصب، غابي أشكنازين إلى العودة إلى الأسس، حيث بدأت القوات البرية بإجراء تدريبات، وجرى تنظيم مسارات التأهيل مجددا للوحدات بعد أن فقدت الكثير من قدراتها في سنوات وقف التدريبات والانتفاضة الثانية (2000-2006).

ويضيف أنه خلال الحرب العدوانية على القطاع في كانوني 2008-2009 (الرصاص المصبوب) اعتمد الجيش القصف الجوي المكثف، ولكنه قام بعملية برية محدودة حاصر خلالها مدينة غزة، وذلك بهدف استعادة الردع، وإيصال رسالة مفادها أن الجيش لن يتردد في إدخال وحدات برية رغم مخاطر سقوط ضحايا.

وبحسب الكاتب، فإنه بعد 4 سنوات جاءت حملة "عامود السحاب"، ولكن، ولمفاجأة الكاتب، فإن الجيش عمل بطريقة 2006 بدلا من 2008، حيث شكك مسبقا بجدوى العملية البرية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك في القيادة من اعتقد أنه يمكن إنهاء الحملة في الساعة الأولى مع اغتيال قائد القسام أحمد الجعبري وقصف الصواريخ المتوسطة المدى. وأشار في هذا السياق إلى أن ذلك اعتمد على فهم آخر للحرب على لبنان، من جهة أن تفعيل القوة الجوية الهائلة في العام 2006 أكدت "للعدو بعضا من القدرات الحقيقية لإسرائيل، وهي لا تزال تردع حزب الله حتى اليوم من جولة قتالية أخرى".

ويدعي الكاتب أن ذلك يعود في بعضه إلى شخصية قائد سلاح الجو الجديد الجنرال أمير إيشيل الذي كان قائد القوات الجوية في الحرب في 2006. ويشير في الوقت نفسه إلى أنه على الجيش أن يعرض حلولا في عدة مجالات: الحفاظ على التفوق الجوي الإسرائيلي مقابل تسلح الدول العربية بأنظمة دفاعات جوية متطورة، وخاصة في سورية ولبنان، ومواجهة الزيادة الهائلة في القدرات الصاروخية للدول العربية، والحاجة للدفاع عن الأجواء الإسرائيلية من تهديدات جديدة مختلفة، مثل الصواريخ الموجهة والطائرات بدون طيار. وهنا يشير الكاتب إلى أنه في حال اندلاع حرب، فإنه، بحسب إيشيل، سيتم الاعتماد على توجيه ضربات جوية أقوى بكثير مما كانت عليه في السابق.

ويتابع أنه على الجيش أن يواصل الاستثمار في المنظومات الدفاعية، مثل "القبة الحديدية" و"حيتس"، أكثر من السابق. ويضيف أنه في كل الحالات سيكون الانتصار مختلفا، حيث أنه لن يكون حسما "يترك فيه العدو حذاءه أو يرفع العلم الأبيض"، وإنما من خلال تفعيل قوة هائلة تخلق ردا وهدوءا مستمرا، حتى لو أطلق الطرف الثاني الصاروخ الأخير في الحرب. و"يجب أن تكون الحرب قصيرة قدر الإمكان، حيث أن الجبهة الداخلية ستجد صعوبة في الصمود لأسابيع كثيرة تحت الهجمات الصاروخية الثقيلة التي يطلقها العدو".

وكتب أيضا أن سلاح الجو يعتمد في فرضياتها على التحسن الكبير الذي أنجز في السنوات الأخيرة في القدرة على جمع المعلومات الاستخبارية، والربط السريع بين المعلومات الاستخبارية وبين إطلاق النار، وحقق قفزة ملموسة بدأت بشدة إطلاق النيران الجوية وبمدى دقتها. كل هذه التطورات ذات صلة بالطبع ليس في المواجهة القادمة مع حزب الله أو حماس فحسب، ,إنما مع الإمكانية المركزية التي يستعد لها سلاح الجو في السنوات الأخيرة، وهي قصف المنشآت النووية الإيرانية.

إلى ذلك، يضيف الكاتب أنه في الخطط البعيدة المدى لسلاح الجو تحتل طائرات "أف 35" مكانا مركزيا. ولكن الطائرات الأولى من هذا الطراز لن تصل إسرائيل قبل نهاية العام 2016، وبعد سنتين من ذلك سيتم تشكيل أول سرب جوي. وتتركز المباحثات حاليا حول السرب الجوي الثاني، حيث يعتقد سلاح الجو أنه حيوي، خاصة بعد أن حصل على موافقة رئيس أركان الجيش بني غنتس، لشملها في خطة لعدة سنوات، بيد أن ذلك يتطلب مصادقة وزارة الأمن أيضا، وبعد ذلك مصادقة الحكومة.

ويلفت الكاتب في المقابل إلى التكلفة المادية للمشروع، حيث أن تكلفة 19 طائرة في السرب الجوي الأول تصل إلى 2.75 مليار دولار. ومع ذلك يشير إلى أنه من الصعب تجاهل الادعاءات الأساسية الداعمة للمضي في المشروع، حيث أنه في الشرق الأوسط اليوم، وإلى جانب الدعم الأمريكي الذي يمول فعلا شراء الطائرات من أموال المساعدات الأمنية السنوية لإسرائيل، فإن "سلاح جو إسرائيلي قوي هو الضمان الأفضل لبقاء إسرائيل".

التعليقات