من هو رئيس الموساد القادم؟

في كانون الأول (يناير) من العام القادم، 2016، ينهي رئيس الموساد الحالي تمير باردو مهام منصبه بعد توليه المنصب مدة 5 سنوات. وبالتالي فإن هجمات ما بعد هجمات باريس ستكون على طاولة رئيس الموساد القادم

من هو رئيس الموساد القادم؟

 (رئيس الموساد تمير باردو ورئيس الشاباك  يورام كوهن)

في كانون الأول (يناير) من العام القادم، 2016، ينهي رئيس الموساد الحالي تمير باردو مهام منصبه بعد توليه المنصب مدة 5 سنوات. وبالتالي فإن 'هجمات ما بعد هجمات باريس' ستكون على طاولة رئيس الموساد القادم، خاصة وأن الوثائق السرية للموساد ولجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست تشير إلى وجود ما أسمته 'إنذارات ساخنة'، وصلت الموساد، مفادها أن 'أهدافا إسرائيلية ويهودية أخرى وضعت في دائرة استهدافات المنظمات الإرهابية'.

المهمات

وبحسب تقرير أعده رونين بيرغمان، لصحيفة 'يديعوت أحرونوت' نشر الجمعة، فإن هناك مهمات أخرى أمام رئيس الموساد القادم لا تقل تعقيدا، أولها البرنامج النووي الإيراني، والذي يقبع منذ 10 سنوات على رأس قائمة المهمات المركزية، وباتت المهمة أكثر تعقيدا اليوم، حيث أن إيران تدرك جيدا مدى قدرات الموساد، في أعقاب عمليات نسبت لإسرائيل، مثل زرع الفيروسات واغتيال علماء الذرة، وبالتالي فإنها تبدي المزيد من اليقظة، كما أن رئيس الحكومة يميل أقل إلى المصادقة على عمليات خطيرة مقارنة بالفترة السابقة التي سبقت عملية اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في دبي، علاوة على ذلك فإن الولايات المتحدة في حالة مفاوضات مع إيران ومن الممكن ألا تتعاون مع إسرائيل.

أما ثاني هذه المهمات فهي في 'الجبهة القريبة'، وهو ما أسمته الصحيفة بـ'الإرهاب الإقليمي'، والتي يحصل فيها تغير عميق، بحسب الموساد. وتنظيم 'داعش' بالطبع هو لاعب إقليمي جديد و'يجب تلقينه درسا'، علما أن 'التنظيمات القديمة' لم تعد كما كانت من قبل. وبحسب التقرير فحزب الله المتورط من رأسه حتى أخمص قدميه في داخل الفوضى في سورية قد ينكشف على أسلحة جديدة ويصبح 'أقل توقعا'، وبات من الصعب تقدير رد فعل حزب الله على العملية التي نفذت هذا الأسبوع ونسبت لإسرائيل.

صراع على من يخلف باردو

ويضيف التقرير أنه في هذا المرجل الذي يغلي يدور الصراع في داخل الموساد على منصب الرئيس في المكتب الذي يقع في مكان ما في 'غليلوت'، بحسب وسائل إعلام أجنبية، والذي يعتبر أحد المناصب المهمة والمركزية في إسرائيل، ويعتبر المنصب الذي يقود صاحبه إلى قمة القيادة في إسرائيل. وللدلالة على ذلك، بحسب بيرغمان، تكفي الإشارة إلى  التأثير الكبير الذي كان لمئير دغان في منصب رئيس الموساد، وإلى أي مدى وصلت شعبيته في وسط الجمهور، ولولا مرضه لكان بسهولة يرتقي إلى منصب عال. وبحسب التقرير فإن رئيس الموساد القادم بات مرتبطا برئاسة الحكومة، حيث أن من يشكل الحكومة القادمة هو الذي سيختار الرئيس القادم للموساد.

ويشير التقرير إلى أنه في هذه المرة هناك ثلاثة مرشحين من 'دائرة تفعيل العملاء' في داخل الموساد مرشحون لرئاسة الموساد، رغم أن غالبية رؤساء مكاتب رئاسة الموساد جاؤوا، بشكل تقليدي من هذه الدائرة.

بشكل عام فإن الولاية في منصب رئيس الموساد تستمر لخمس سنوات، علما أن ولاية دغان، في رئاسة الموساد بدأت في العام 2002، وتم تجديدها تباعا، بسبب تقدير رؤساء الحكومة الإسرائيلية لعمله، إيهود أولمرت وبنيامين نتانياهو. وينظر إليه كمن أعاد بناء القدرات الهجومية للموساد. وأشغل باردو منصب القائم بأعمال رئيس الموساد، أثناء ولاية دغان، ولكنه عندما أدرك أن الأخير لا ينوي التوجه إلى منصب آخر، استقال في العام 2009، وعين بدلا منه رامي بن براك، الذي يعتبر اليوم أحد المرشحين للرئاسة.

ليفني وباراك

وبحسب التقرير فإن بن براك تجند لـ'سييريت متكال' عام 1977، وكان يعتبر 'مقاتلا بارعا، وطور أسلوبا بارعا في استخدام المسدسات'. وبعد تسريحه من الجيش تجند للموساد، من خلال الدورة التي تعتبر الأصعب في الدائرة المسماة 'كيشيت'، والتي تعمل أساسا في الملاحقة والمتابعة والتسلل إلى داخل المباني. وكانت زميلته في الدورة في حينه رئيسة 'هتنوعاه' تسيبي ليفني. وبحسب التقرير فقد أنهى الاثنان الدورة بامتياز، وبقيت ليفني في 'كيشيت' لفترة زمنية قصيرة، وتركت بعد أن رفضت التوقيع على تعهد بألا تحبل، في حين واصل بن براك نشاطه المكثف في الدائرة.

كما لفت التقرير إلى أنه في ليلة 23 – 24 من نيسان (أبريل) من العام 1991، تم ضبط أربعة من 'كيشيت' وهم يحاولون تركيب أجهزة تنصت في خزانة في مبنى في دولة أجنبية، وكان بن براك ضمن الأربعة، ويحمل جواز سفر إسرائيليا باسم 'ران سوف'. ورغم أنه أطلق سراحهم بعد عدة أيام، إلا أن الحادثة تسببت بأضرار للموساد ولإسرائيل، بيد أن بن براك لم يتضرر منها، واستمر لسنوات أخرى في 'كيشيت' جعلت من الدائرة 'رائدة' في داخل الموساد. وفي آخر سنوات التسعينيات توقف الموساد عن العمل في داخل 'دول الهدف'، وذلك بسبب مخاوف رئيس الموساد في حينه، أفرايم هليفي، من التورط مثلما حصل في محاولة اغتيال رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس خالد مشعل في عمان. كما أشغل بن براك منصب القائم بأعمال دغان أثناء تورط الموساد في عملية اغتيال المبحوح في دبي، والذي يعتبر 'خللا عملانيا خطيرا'.

نتنياهو وداغان

في نهاية ولاية دغان في منصبه، تعكرت العلاقات بينه وبين نتانياهو، لدرجة أن الأخير لم يتشاور معه عند تعيين باردو رئيسا للموساد. في هذه الأثناء كان بن براك في عطلة دراسة خارج البلاد، وتم تعيينه لاحقا في منصب 'المدير العام لمكتب الاستخبارات'، وكانت الطريق إلى رئاسة الموساد مغلقة أمامه.

كما أصدر نتانياهو تعليمات بتعيين يوسي كوهين، رئيس دائرة 'تسومت'، قائما بأعمال باردو، وكان ذلك أول تعيين لم يقرر فيه باردو نفسه، وإنما لكون نتانياهو استجاب لنصيحة مقربين منه، وربما نصيحة 'مقربة جدا' منه على صلة بعائلة كوهين فقام بفرض التعيين فرضا على باردو.

يشار إلى أن 'يديعوت أحرونوت' أطلقت على كوهين لقب 'عارض الأزياء'، وذلك بسبب مظهره وثيابه المنتقاة بعناية، وكان الوحيد الذي تجرأ على لبس اللون الزهري في الموساد. وقد تجند للموساد في مطلع عام 1982، وتلقى دورة 'ضابط جمع معلومات'، التي تعتبر إحدى أهم 3 دورات في الموساد، والتي يتدربون فيها على تجنيد وتفعيل العملاء. أمضى كوهين عمله في الموساد في دائرة 'تسومت'، وترأس لاحقا بعثة إلى إحدى الدول الأوروبية. في العام 2000 استقال من الموساد بعد أن اكتشف أن طريق التقدم مسدودة أمامه، إضافة إلى كون ابنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي العام 2002 تجند مرة أخرى للموساد كرئيس لـ'المركز للعمليات الخاصة لـ تسومت'. وفي العام 2006، وبعد أن عين رئيس 'تسومت' نفتالي غرانوت، قائما بأعمال رئيس الموساد، عين كوهين خليفة له.

وبين التقرير أن العلاقات بين باردو وكوهين لم تكن جيدة، خاصة وأن نتانياهو هو الذي فرض تعيين كوهين. كما تجدر الإشارة إلى أن أنظمة الموساد تتضمن أن يكون القائم بأعمال رئيس الموساد مطلعا على كل المعلومات الموجودة لدى رئيس الموساد، وذلك بهدف الحفاظ على تواصل القيادة في حال تعذر على الرئيس القيام بمهام منصبه، ولكن ذلك لم يحصل في حالة باردو وكوهين. وفي العام 2013 قام نتانياهو بتعيين كوهين في منصب المستشار للأمن القومي، وذلك بادعاء 'مؤهلاته الخاصة'.

المرشحون لخلافة باردو

ويوصف كوهين أحد المرشحين لرئاسة الموساد، بحسب التقرير، بأنه رجل استخبارات ممتاز، ولكن هناك من يدعي أنه 'ينقصه القدرات البحثية والقراءة الشاملة للخريطة'.

وإلى جانب هذين المرشحين، هناك مرشح ثالث يدعى دافيد ميدان، والذي اكتسب الشهرة أثناء إدارته لصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، التي أطلق فيها سراح الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط.

ولد دافيد ميدان في مصر عام 1955، وهاجر بعد سنتين إلى إسرائيل مع عائلته، ونشأ في تل أبيب، وتجند للجيش عام 1973 في الوحدة '8200'. وفي العام 1977 تجند للموساد، وعمل عدة سنوات في وحدة التنصت، وانتقل من هناك إلى 'تسومت'، وأطلق عليه لقب 'بريمو' (الأول أو الرائد). وبسبب تمكنه المطلق من اللغة العربية عين في منصب 'ضابط جمع المعلومات الذي يقوم بتجنيد عملاء تحت غطاء عربي'. وعمل لسنوات طويلة في بعثة الموساد إلى أوروبا، واعتبر ضابطا متميزا. ولاحقا وقع في مواجهة مع المسؤولين عنه، الأول رئيس 'تسومت' شوكي ديغوفر، والثاني رئيس الموساد إفرايم هليفي، وذلك في أعقاب 'خلل عملاني ما'. وبعد إجراء فحص نسب الخلل إلى ميدان، وتقرر لاحقا إبعاده عن النشاط العملاني في 'تسومت'، ليعين لاحقا ضابطا في وحدة الموساد التي تعمل على الحماية الجسدية للمنشآت، الأمر الذي اعتبر بمثابة إبعاد عن الموساد. وظل ميدان في المنصب إلى حين إعادته إلى 'تسومت'، وأشغل منصب 'رئيس الدائرة في الشرق الأقصى'، حيث ينسب له تحقيق نجاحات كثيرة.

داغان وميدان

ونظرا لتقدير دغان لميدان، فقد أمل الأخير أن يعين رئيسا لـ'تسومت'، بيد أنه تم تعيينه في منصب رئيس 'تيفيل'، الدائرة المسؤولة عن العلاقات مع الأجهزة الاستخبارية الأجنبية. وينسب له أنه بفضلة دبت الحياة في عروق 'تيفيل'، حيث عمل على تحقيق إستراتيجية دغان، وهي تطوير العلاقات مع أجهزة الدول التي 'ترى  ما يحصل في الشرق الأوسط مثلما تراه إسرائيل'، وذلك بفضل تمكنه من اللغة العربية.

وفي نيسان (أبريل) من العام 2011 قام نتانياهو بتعيين ميدان مسؤولا عن محاولات إطلاق سراح الجندي شاليط، وأنجز الصفقة مع حركة حماس بمساعدة الاستخبارات المصرية.

وبعد استقالته من الموساد، واهتمامه بقضايا 'الأسرى والمفقودين' عمل في مجال تزويد التكنولوجيا الاستخبارية لدول أجنبية. ومع انتهاء ولايته في المنصب تسلم رسالة من نتانياهو تتضمن أنه يرى فيه مرشحا لمنصب رئيس الموساد القادم.

وبحسب تقرير برغمان، فإن القائم الحالي بأعمال رئيس الموساد تامير باردو، المدعو 'ن'، يعتبر أحد المرشحين لمنصب رئيس الموساد.

خدم 'ن' في وحدة 'المظليين' تحت إمرة غيورا آيلاند، رئيس المجلس للأمن القومي سابقا، وأشغل منصب قائدة الكتيبة '50' في المظليين. كما أشغل منصب 'قائد خلية' في دائرة 'كيشيت'، ثم نائبا لرئيس الدائرة، ثم أشغل لعدة سنوات منصب ضابط دائرة التكنولوجيا في الموساد. ووصف بأنه يتمتع بقدرات عالية، وينقصه التجربة في قيادة دائرة عملانية، وغير متمكن من السياسة الداخلية للموساد.

كما ينسب له 'الربط غير العادي ما بين العمليات وبين التكنولوجيا، وهذا الربط يصبح ذا صلة في مواجهة البرنامج النووي الإيراني، والحرب على الإرهاب'.

ويشير التقرير أيضا إلى مرشح آخر لرئاسة الموساد، وهو المدعو 'أ'، الذي يشغل منصب رئيس دائرة 'قيساريا'، وهو أحد خريجي 'كيشيت'، ويكون بذلك أول خريج يتعين في هذا المنصب، علما أن 'قيساريا' هي الوحدة التي تشتمل في داخلها على وحدة الاغتيال المسماة 'كيدون/ الحربة'.

أما بشأن رئيس الموساد القادم، فإن التقرير يشير من جهة إلى أن دافيد ميدان بحوزته تصريح مكتوب من نتانياهو، ولكن المقرب من الأخير هو يوسي كوهين. ويعتقد مطلعون أنه في حال ترأس نتانياهو الحكومة القادمة فإن رئيس الموساد سيكون أحد الاثنين، ويرجح أن يكون كوهين.

في المقابل، يقول بن براك إن ليفني سبق وأن صرحت بأنها ترى فيه مرشحا لرئاسة الموساد، ونقل عن يتسحاك هرتسوغ أقوال مماثلة.

ولم يستبعد التقرير أن يتم اختيار أحد الاثنين 'ن' و'أ' رئيسا للموساد رغم بعدهما عن عين الجمهور، وربما يتم اختيار شخصية أخرى. 

 

التعليقات