صفقات الغاز والسلاح: تحقيقات بالفساد حتى رأس الهرم

اعتقال المسؤول السابق في المجلس للأمن القومي يتزامن مع الكشف عن إصرار نتنياهو على شراء غواصات رغم معارضة وزارة الأمن في صفقة كان لمحاميه الشخصي طرف فيها

صفقات الغاز والسلاح: تحقيقات بالفساد حتى رأس الهرم

نتنياهو في الغواصة (رويترز)

تزامن اعتقال المسؤول الإسرائيلي الكبير سابقا في المجلس للأمن القومي بتهمة تلقي الرشوة وخيانة الأمانة، مع الكشف عن إصرار رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على شراء غواصات وسفن لسلاح البحرية، رغم معارضة وزارة الأمن في صفقة كان لمحاميه الشخصي طرف فيها.

وأدى هذا التزامن إلى جملة من التساؤلات بشأن وجود علاقة بين اعتقال المسؤول الأمني وبين الصفقات التي عقدها نتنياهو خلافا لموقف وزارة الأمن، وتساؤلات أخرى بشأن إجراءات التعيين في مكتب رئيس الحكومة، حيث كان نتنياهو على وشك تعيين هذا المسؤول الأمني في منصب أمني كبير.

يشار إلى أنه بعد أسبوع من الكشف أن إسرائيل تنوي شراء 3 غواصات من ألمانيا بقيمة تزيد عن 1.5 مليار يورو، خلافا لموقف وزارة الأمن، تبين أن المحامي الشخصي لرئيس الحكومة، المحامي دافيد شمرون، هو الذي يمثل الشركة الألمانية التي تقف وراء الصفقة التي تم التوقيع عليها في نهاية المطاف رغم المعارضة.

(أ ف ب)
(أ ف ب)

كما تبين أن المحامي شمرون عمل مع رجل الأعمال ميكي غنور  على الإقناع بأن هذه القطع البحرية يجب أن تكون في صيانة شركة سوف يقيمها غنور، وليس حوض السفن الخاص بسلاح البحرية كما كان متبعا حتى اليوم.

وتبين أن نتنياهو أصر على شراء الغواصات الألمانية رغم معارضة وزير الأمن السابق، موشي يعالون، كما أصر على إلغاء مناقصة لشراء سفن حربية لحماية حقول التنقيب عن الغاز في المتوسط، لشراء القطع البحرية من ألمانيا.

ومع اعتقال المسؤول الأمني، سابقا، كتب المحلل العسكري لصحيفة 'هآرتس'، عاموس هرئيل أنه عندما أعلن نتنياهو، في مطلع العام الحالي، عن نيته تعيين من يجري التحقيق معه اليوم، بتهمة تلقي الرشوة، في منصب أمني كبير لم يرق ذلك لكبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية. وفي حينه لم تكن الشكوك تتصل باستقامة ذلك المسؤول الكبير سابقا في الهيئة للأمن القومي، الذي لم تكن هناك أية شبهات بشأنه، وإنما بمدى أهليته للمنصب.

وأشار إلى أنه في حينه اعتقد مسؤولون في الأجهزة الأمنية أن مرشح نتنياهو لا يتمتع بمرتبة مهنية كافية، وأنه سيجد صعوبة في تقديم وجهات نظر مستقلة لنتنياهو. ومن جهة ثانية، فمن الممكن أن تكون هذه الخصال هي بالضبط ما جعلته مقبولا على رئيس الحكومة.

وفي الفترة الزمنية بين إعلان نتنياهو عن التعيين وبين الجلسة التي كان يفترض أن تصوت الحكومة فيها على التعيين، وصلت شكوى خطيرة ضد المرشح إلى حركة 'أومتس'. وفي حينه قام رئيس الحركة، أريه أفنيري، الذي كان يرقد في المستشفى بعث برسالة عاجلة إلى المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت، وإلى مراقب الدولة يوسيف شابيرا، يطلب فيها بإجراء تحقيق بهذه الشبهات.

وأضاف هرئيل أن مندلبليت وشابيرا لم يسارعا إلى الاستجابة للطلب. وفي نهاية المطاف، وقبل أن يتوفى بعد أسابيع معدودة، بدأ أفنيري حملة ضغوطات كي تجري الشرطة التحقيقات المطلوبة ويتم تجميد التعيين. وفي مرحلة متأخرة أبلغ المشتبه المركزي نتنياهو أنه يسحب ترشيحه للمنصب.

وأعلنت الشرطة، يوم أمس الثلاثاء، أن المسؤول الأمني مشتبه بأنه عمل، خلال إشغاله لمنصبه، على الدفع بمصالح رجل أعمال خاص يعيش خارج البلاد، تجمعه به علاقة صداقة. وحصل المسؤول المشتبه به، في المقابل، على امتيازات مالية.

وبحسب هرئيل، فإنه 'على المستوى المبدئي فإن التقدم في التحقيق يطرح علامات استفهام بشأن إجراءات التعيين في محيط نتنياهو: لماذا كان هذا الشخص على وشك أن يتعين في منصب كبير كهذا رغم التحفظات التي كانت بشأن مدى ملاءمته للمنصب، إلى جانب الشبهات التي ثارت ضده؟ علما أنه في تعيينات كهذه تكون الحكومة بمثابة ختم مطاطي، وأنه لا شك كانت ستتم المصادقة على تعيينه لو جرى التصويت على ذلك. ولولا تدخل أفنيري وحركة أومتس في اللحظة الأخيرة، فمن الجائز الافتراض أنه سينكشف ذلك لاحقا. هذا خلل ينضاف إلى أجواء محطة القطار وغزارة التبديلات المتلاحقة والاستقالات المفاجئة، في أعلى مكتب في الدولة'.

ويضيف أن تحقيقات الشرطة تتصل بمصالح ومفترقات حساسة للقيادة الأمنية والاقتصادية في الدولة. ومن الممكن أن تمس التحقيقات بمحاولات الدفع بصفقات بمبالغ كبيرة تتصل باكتشاف الغاز في البحر المتوسط، وشراء غواصات، وحتى سفن سوف يشتريها سلاح البحرية مستقبلا، إلى جانب تأمين المياه الاقتصادية التي تقع حقول الغاز داخلها.

ويشير في  هذا السياق إلى أن عددا من الأسماء المذكورة، وهي من معارف المسؤول المشتبه به، مرتبطة بشكل وثيق بكبار المسؤولين في الدولة وفي وظائف رسمية وبعلاقات مهنية أخرى.

كما لفت إلى أن هذه القضية قد تتطور إلى وضع تطرح فيه أسئلة أخرى بعيدة المدى، مثل 'هل هناك علاقة بين وجهة النظر المهنية التي تلقاها وتبناها رئيس الحكومة في قضية الغاز وبين مصالح مشتبهين؟ من كان يأمل بتحقيق أرباح غير مباشرة من صفقات الغاز؟ وهل كانت محاولة بيع سلاح البحرية أدوات معينة دون غيرها مرتبطة بالشبهات التي يجري التحقيق بها؟'.

ويخلص المحلل إلى أن تطور التحقيق مرتبط بالطبع بنوعية الأدلة التي تستطيع الشرطة جمعها، حيث انتقلت التحقيقات إلى مرحلة جديدة، يوم أمس، مع توقيف المسؤول الكبير بشبهة ارتكاب مخالفات رشوة وتبييض أموال واحتيال وخيانة الأمانة. ويضيف أنه 'نظريا فإن الشرطة قد رفعت حجرا كبيرا من الممكن أن يتشعب تحته قضايا أخرى بمبالغ مالية كبيرة وبقرارات اتخذت على أعلى المستويات بشأن مشاريع اقتصادية وأمنية'.

التعليقات