"أرشيف 67: التطورات الميدانية فتحت شهية الاحتلال"

بحسب الأرشيف: لم تكن هناك قرارات بدخول القدس واحتلال الضفة الغربية حتى النهر، ولم يكن هناك قرارات بالوصول إلى قناة السويس واحتلال الجولان، كما لم يكن هناك قرارات بدخول قطاع غزة، وإنما التطورات الميدانية هي التي قادت بهذا الاتجاه

"أرشيف 67: التطورات الميدانية فتحت شهية الاحتلال"

رئيس الاستخبارات العسكرية أهارون ياريف في الوسط (أرشيف الجيش الإسرائيلي)

مع اقتراب الذكرى الخمسين لحرب 1967، واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان، كشف أرشيف الجيش الإسرائيلي في وزارة الأمن مواد وشهادات جديدة تتصل بعملية اتخاذ القرار في الحرب، وبضمنها شهادة رئيس الاستخبارات العسكرية في حينه، الجنرال أهارون ياريف، أمام وحدة التاريخ التابعة للجيش، بعد 3 سنوات من الحرب، مع الإشارة إلى قوله إنه لا يذكر الكثير.

وبحسب أقوال ياريف فإن الجيش الإسرائيلي كان مستعدا للحرب في أيار/مايو 1967، وإنه لم تكن هناك قرارات بدخول القدس واحتلال الضفة الغربية حتى النهر، ولم يكن هناك قرارات بالوصول إلى قناة السويس واحتلال الجولان، كما لم يكن هناك قرارات بدخول قطاع غزة، وإنما التطورات الميدانية هي التي قادت بهذا الاتجاه.

وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن ياريف شدد أمام الباحثين في وحدة التاريخ على التقديرات الإسرائيلية عشية الحرب، والتي كانت تفيد بأن الاتحاد السوفييتي مصمم على الدفاع عن النظام السوري من إسرائيل، وذلك من خلال تغذية مصر بمعلومات مفادها أن إسرائيل تنوي مهاجمتها، ما يعني دفع مصر إلى إشغال إسرائيل بالجبهة الجنوبية.

ويدعي ياريف أن الروس فكروا بدفع مصر إلى ممارسة الضغوط على إسرائيل، حتى لا تشن الأخيرة الحرب على سورية، وذلك من خلال إدخال قوات مصرية إلى سيناء تحسبا من هجوم إسرائيلي.

ويقول في شهادته أيضا إنه كان لدى إسرائيل معلومات استخبارية مفادها أن مصر تنوي عزل النقب عن شمال البلاد، وإنه كانت هناك 'تقارير دقيقة' بشأن نية مصر إدخال قوات خاصة (كوماندو) إلى النقب، وإنه في ضوء ذلك، أدركت إسرائيل أن عليها أن تبادر إلى الحرب.

ويضيف أن إسرائيل، في ولاية ليفي أشكول في رئاسة الحكومة، كانت جاهزة لشن الهجوم في الخامس والعشرين من أيار/ مايو 1967. ويضيف في شهادته بشأن القرار حول موعد بداية الحرب أنه 'لم تكن هناك اعتبارات عسكرية، وإنما سياسية فقط'.

ولا يذكر ياريف، بحسب شهادته، ما الذي أدى إلى تغيير القرار باحتلال كل الضفة الغربية حتى نهر الأردن، ويعزو ذلك إلى 'أنهم بدأوا بالتفكير بأنه يمكن احتلال كل الضفة الغربية'. وردا على سؤال بشأن احتلال البلدة العتيقة في القدس، قال إن تعليمات وزير الأمن في حينه، موشي ديان، كانت تقضي بعدم الدخول إلى داخلها واحتلالها، وإنما تطويقها، بداعي أنها، بحسب ديان، 'تحوي أماكن مقدسة.. مشكلة مع كل العالم'. وعن ذلك يقول ياريف إنه يعتقد أن التغيير نجم عن التطورات الميدانية.

ويضيف أنه على الجبهة الشمالية أيضا كانت التطورات الميدانية هي التي حسمت باتجاه احتلال  هضبة الجولان السورية. وبحسب ياريف، فإن ديان اعترض على احتلال الجولان لثلاثة أسباب تتلخص في 'الروس والأمم المتحدة والخسائر'. ولكن ديان غير رأيه في الغداة.

وعلى الجبهة الجنوبية، يتضح، بحسب الأرشيف، أن تعليمات ديان كانت تقضي بعدم الوصول إلى قناة السويس والتوقف قبل الوصول إليها، دون أن يشرح الأسباب لذلك. ويعتقد ياريف أن ديان لم يشأ التورط في 'شأن دولي'.

كما يشير ياريف إلى أنه كانت هناك تعليمات بعدم الدخول إلى قطاع  غزة، وذلك لأن القطاع، بحسب ياريف، 'عش دبابير'.

وفي الثاني عشر من حزيران/ يونيو 1967، يومين بعد انتهاء الحرب واحتلال إسرائيل ما يعادل 3 أضعاف مساحتها، يتحدث ياريف عن 'مباحثات تاريخية' جرت في مكتب ديان بشأن 'كيف ننظم الأمور الآن'.

يقول ياريف إن 'ديان كان يريد أن يدير الجيش الأمور. وعندها قلنا أنه لن يكون هناك سلام'. ويتابع أن الأسس التي وضعت هي 'زيادة مساحة الدولة، ضمان مكانة القدس العبرية، الأمن الجاري، حماية مصادر المياه ومناطق معيشية أخرى قدر الإمكان، بدون زيادة عرب، أو زيادة الحد الأدنى منهم'. وهنا يضيف ياريف أنه جرى الحديث عن مبدأ آخر وهو 'سلام ومفاوضات مباشرة'، ولكنه يضيف أن ذلك كان 'خدعة وليس هدفا'.

وبحسب الأرشيف، فإن ياريف شارك في جلسة أخرى، فور انتهاء الحرب، مع ضباط الاستخبارات الذي شاركوا في الحرب، التي اعتبرها 'الاختبار الحقيقي'. وضمن الشهادات التي وردت في التحقيق شهادة الضابط أريك أخمون، الذي كانت ضابط الاستخبارات لـ'لواء 55'، لواء الاحتياط من المظليين الذين احتلوا البلدة العتيقة في القدس.

وجاء أن الدور الأصلي للواء كان الإنزال في العريش في سيناء، ولكن تبين في النهاية أنه لم يكن أي داع لذلك. وينتقد أخمون 'التعقيدات في نقل المعلومات بشأن مهمة الإنزال، الأمر الذي أدى استنزاف الجهود والتنقل بين هيئة الأركان وبين قيادة الجنوب'، وفي أعقاب ذلك نقل اللواء إلى منطقة القدس. ويشير في هذا السياق إلى النقص في المعلومات الاستخبارية وعدم معرفة المنطقة.

ويتناول في شهادت مواقع المعارك، ويصف ما اعتبره 'الأمر التاريخي بالتوجه إلى البلدة العتيقة'. ويضيف أخمون أنه 'كان من الواضح أن الحديث عن لحظة تاريخية. وأعطى قائد اللواء موطي غور الأمر التاريخي. ونظرا لأنه لم يكن هناك أي قتال، فقد كان هناك متسع من الوقت للتاريخ، حيث أبلغت جميع الكتائب عبر أجهزة الاتصال بأنه يتم التوجه إلى البلدة العتيقة'.

وبحسب أخمون فإنه لم يكن لديهم معلومات استخبارية عن الأهداف أو بشأن 'العدو'. ويمتدح في هذا السياق 'الجندي الأردني'، ويقول إنه في القتال على 'غفعات هتحموشت' المقامة على أراضي قرية ليفتا، خاض الجنود الأردنيون قتالا شديدا. كما يدعي أنه لم تحصل عمليات قتل أو تنكيل أو انتقام، وتم التعامل معهم كأسرى حرب.

وبحسب الأرشيف، يتحدث ضابط الاستخبارات في حينه أوري سمحوني عن لواء 'غولاني'، الذي طلب منه في اليوم الثالث للحرب التوجه ليلا باتجاه نهر الأردن، وفي صباح اليوم الرابع طلب منه التوجه إلى الجولان، واحتلال موقعي تل الفخار وتل العزيزيات. ويشير في شهادته إلى أن القتال كان عنيفا ودمويا، قتل فيها أحد قادة لوءا 12، ويدعى موشي كلاين، وقائدات لكتيبتين.

التعليقات