"الحريديم" وطريق التصالح مع الصهيونية ورموزها

رصد الإعلام الإسرائيلي تحولا تدريجيا كبيرا في موقف اليهود الحريديم من يوم "استقلال إسرائيل" من حيث المشاركة في الاحتفالات والتعامل مع الرموز، والذي يعكس بالتالي تحولا في موقفهم من الصهيونية ومن الدولة.

(أ ف ب)

رصد الإعلام الإسرائيلي تحولا تدريجيا كبيرا في موقف اليهود الحريديم من يوم "استقلال إسرائيل" من حيث المشاركة في الاحتفالات والتعامل مع الرموز، والذي يعكس بالتالي تحولا في موقفهم من الصهيونية ومن الدولة.

وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى مشاركة وزير الصحة يعكوف ليتسمان، كممثل عن الحكومة الإسرائيلية في احتفال ذكرى قتلى جنود إسرائيل، الذي جرى في كريات غات، حيث وضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري وقرأ نصوصا من التوراة، وذلك وسط حضور جنود من الجيش الإسرائيلي، كما قام بتعزية العائلات الثكلى وتحدث عما أسماه بالمصير المشترك، وهو ما اعتبرته الصحيفة، رغم حدوثه للسنة التالية على التوالي، تحولا بالمستوى الرسمي في موقف وسلوك الحريديم وتعاطيهم الصيرورة الصهيونية.

التيار "الحريدي"، الذي نشأ أصلا بموازاة نشوء الحركة الصهيونية بين يهود أوروبا، وعارضها منذ نشوئها، عارض قيام دولة يهودية، مر بالكثير من التحولات ومع ذلك بقيت مجموعتين، هما "الطائفة الحريدية" و"حسيدية ساتمار"، واللتان تعارضان وجود إسرائيل حتى اليوم. كما عارضت أوساط حريدية أخرى إقامة دولة يهودية علمانية بوصفه كفرا، وتحسبا من استخدام دولة كهذه قوتها من أجل فرض العلمانية على مواطنيها اليهود، وبالمجمل فإن التحفظ على المشروع الصهيوني والدولة ورموزها ما زال قائما، حتى لدى الفئات التي تشارك بالحكومة مثل "أغودات يسرائيل" وشاس.

ورغم تراجع  حزب "أغودات يسرائيل"، الذي يشكل الذراع السياسية للحريديم الليتوانيين، عن الموقف من الدولة، وتوقيع مندوبه على "وثيقة استقلال إسرائيل"، وتوليه منصب وزير ومشاركته اللاحقة في حكومات إسرائيل فإن ليتسمان يعتبر أول وزير من "أغودات يسرائيل" في الحكومة الإسرائيلية، خلا استثناء واحد في سنوات الخمسين، حيث كانت الحركة تحظر المشاركة في الحكومة بمرتبة وزير، إلى أن تقدم حزب "يش عتيد" بالتماس للعليا ضد هذا الإجراء، عندها فقط شرعن مجلس الحاخامات المشاركة بمرتبة وزير.

كذلك لا يخفي الإعلام الحريدي الرسمي، عشية ذكرى "استقلال إسرائيل"، موقفه المتحفظ من المشروع الصهيوني والدولة، حيث نشرت جريدة "ييتد نئمان"، مقالة رأي بهذا الخصوص، أرفقت معه كاريكاتير ينتقد استبدال نهج التوراة بنهج الصهيونية. هذا في حين يزخر الإعلام غير الرسمي ووسائل التواصل الاجتماعي بالمقالات والبوستات المتعاطفة مع ذكرى قتلى حروب إسرائيل ويوم استقلال إسرائيل، ما يعكس التناقض والتباين وربما الاختراق في صفوف الحريديم وحركتهم السياسية الاجتماعية التي نشأت كرد فعل على نشوء الصهيونية وموازية لها.

والغريب أن مشاركة ليتسمان، المحاط بضباط سلاح الجو، لن تواجه باستنكار الأوساط الحريدية، إلا أنها لن تحظى أيضا بتغطية الإعلام الحريدي الرسمي أيضا، علما أنها تعكس تحولات عميقة في صفوف هذا التيار. وتشير "هآرتس" في هذا الصدد، إلى أن يوم استقلال إسرائيل الذي يعتبر عيدا رسميا يشمل كافة مؤسسات الدولة العبرية، ما زال يعتبر يوم تعليم رسمي في المدارس الدينية وشبكات التعليمية التابعة للحريديم، كما أن العائلات اليهودية الحريدية لا تقوم برفع علم إسرائيل على بيوتها بهذه المناسبة، ولا يقف أفراد هذه المجموعات حدادا خلال إطلاق صافرة الحداد على قتلى جنود إسرائيل.

من جهتها رصدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" احتفالات لعائلات وأفراد من الوسط الحريدي بـ"يوم الاستقلال" ونقلت تصريحات للعديد منهم ممن لا يخجلون بتعريف أنفسهم كـ"صهاينة".

الصحيفة نقلت بعض نتائج استطلاع المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، الذي يعكس تحولات عميقة في أوساط الحريديم، حيث يفيد بأن 69% من الحريديم يفخرون بكونهم إسرائيليون، و63% منهم يرون بنفسهم جزء لا يتجزأ من الدولة وتحدياتها، بينما أعرب 75% منهم عن تفاؤلهم بالنسبة لمستقبل إسرائيل.  

التعليقات